مصادر ميقاتي تؤكد «متانة علاقته» مع الحريري

TT

مصادر ميقاتي تؤكد «متانة علاقته» مع الحريري

منذ تأليف حكومة الرئيس نجيب ميقاتي وصولاً إلى نيلها الثقة، تطرح علامات استفهام حول علاقته بنادي رؤساء الحكومة السابقين بشكل عام ورئيس تيار «المستقبل» سعد الحريري بشكل خاص، لا سيما أن الأخير كما رئيس الحكومة السابق النائب تمام سلام لم يحضرا جلسة الثقة لوجودهما خارج لبنان، ومنحت كتلة «المستقبل» الحكومة الثقة، فيما أعلن سلام أنه اتصل بميقاتي متمنياً له التوفيق في مهمته.
وإضافة إلى هذا الغياب وإعلان النائبة بهية الحريري باسم كتلة «المستقبل» منح الثقة لحكومة ميقاتي «من أجل خلاص لبنان»، كان لافتاً انتقاد النائبة في «المستقبل» رلى الطبش صمت الدولة على انتهاك السيادة والشرعية مع دخول صهاريج المازوت الإيراني، وقالت عن منح الثقة للحكومة: «ثقة تعيد السيادة فلا تبقى معابر خارج الشرعية؟ ثقة تنزع الشرعية عن صهاريج عابرة للحدود تملأ خزانات دويلة حرقت أنفاس الدولة؟»، وانتقدت صمت الدولة قائلة: «نسأل مع الناس: لماذا لم نسمع موقفاً سريعاً من الدولة تجاه الصور المنفرة واحتفالات النصر بعبور الصهاريج؟ صمتكم كان دليلاً على موافقتكم على هذا الانتهاك للسيادة والشرعية والكرامة الوطنية».
وفيما ظهر كلام النائبة في «المستقبل» على أنه موجه لميقاتي في جلسة التصويت على البيان الوزاري لحكومته، كما لرئيس الجمهورية، قالت الطبش لـ«الشرق الأوسط»: «إنها تحدثت عن مسؤولية رأس الدولة أي الرئيس ميشال عون بالدرجة الأولى وهو الذي خسر لبنان في عهده الوجود والدعم العربي فيما تكرس الوجود الإيراني»، وفي رد على سؤال عن تبرئتها لميقاتي الذي سبق أن عبر عن حزنه لخرق سيادة لبنان، تقول: «الجميع مسؤول ولنا ثقة بميقاتي وببعض الوزراء وليس جميعهم مع معرفتنا أن هناك ضغوطاً على الحكومة لتسيير البلد ووقف الانهيار بأقل خسائر ممكنة».
وعن العلاقة بين الحريري وتيار «المستقبل» من جهة وميقاتي من جهة أخرى، تؤكد الطبش على متانتها وتشدد على أن التنسيق بين رؤساء الحكومة مستمر بشكل متواصل و«المستقبل» يقدم كل الدعم لحكومة «معاً للإنقاذ»، وغياب الحريري عن الجلسة كان بسبب وجوده خارج لبنان وليس أكثر.
وتعلق الطبش على الحديث عن تسهيل مهمة ميقاتي لتشكيل الحكومة وعرقلة مهمة رئيس تيار «المستقبل»، وتقول: «في قضية تقديم التسهيلات لميقاتي التي لم تقدم للحريري الأسباب معروفة فهي كانت شخصية ورئيس الجمهورية لم يكن يريد وصول الحريري وهذا ما دفعه للاعتذار لما يرى فيه مصلحة البلد»، مضيفة «أما زعامة الحريري في الطائفة السنية فلا أحد ينافسه عليها ولولا رغبته بتكليف ميقاتي لم يكن ليحصل هذا الأمر وهو الذي كان الداعم الأول له».
في المقابل، ردت مصادر ميقاتي على ما اعتبر انتقاداً من الطبش لحكومته وقالت لـ«الشرق الأوسط»: «هي نائبة في البرلمان ويحق لها أن تعبر عن رأيها إنما موقف «المستقبل» في جلسة الثقة هو الذي عبرت عنه النائبة بهية الحريري والرئيس ميقاتي كان قد عبر عن رأيه حول انتهاك السيادة الوطنية وهو يعالج الأمور من موقعه كرئيس للحكومة بعيداً عن الاستعراض. وعن المنافسة مع الحريري على الزعامة السنية تقول مصادر ميقاتي: «هدف ميقاتي ومهمته إنقاذية من دون الدخول في منافسة مع أحد وعلاقته مع الحريري متينة وهناك تنسيق دائم فيما بينهما».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.