«أيام القاهرة للدراما العربية» يمنح جوائزه لنجوم دراما رمضان

بشرى ودرة وحنان مطاوع وروجينا وخدوجة صبري من بينهم

«أيام القاهرة للدراما العربية» يمنح جوائزه لنجوم دراما رمضان
TT

«أيام القاهرة للدراما العربية» يمنح جوائزه لنجوم دراما رمضان

«أيام القاهرة للدراما العربية» يمنح جوائزه لنجوم دراما رمضان

اختتم مهرجان «أيام القاهرة للدراما العربية» دورته الثانية بحفل أقيم بالمسرح الكبير بدار الأوبرا المصرية، حيث أُعلن الجوائز وتكريم عدد من الشخصيات الفنية، بحضور د. عبلة الأسود مؤسسة ورئيس المهرجان والفنانة إلهام شاهين رئيس شرف الدورة الثانية، كما حضره محمد بن يوسف السفير التونسي بالقاهرة.
كانت اللجنة العليا للمهرجان قد اختارت 22 مسلسلاً مصرياً وعربياً، لتنافس على الجوائز، وتمثل كلاً من مصر ولبنان والسعودية والإمارات والجزائر والكويت وليبيا، بجانب تونس التي تم اختيارها لتكون ضيفة شرف دورة هذا العام بمناسبة «احتفالات عام الثقافة المصري التونسي»، وعبر السفير التونسي في كلمته عن سعادته بمواكبة الدورة الثانية لمهرجان أيام القاهرة، في إطار عام الثقافة بين مصر وتونس الذي تم الاتفاق عليه بين الرئيسين المصري والتونسي.
فيما أشارت الفنانة إلهام شاهين، خلال الحفل، إلى أن المهرجان يحمل هدفاً نبيلاً، إذ يسعى لأن يكون جسراً للتواصل بيننا وبين الجاليات العربية في أوروبا، لأن الفنون هي التي تربطهم بالأوطان العربية من خلال مشاهدة أعمال درامية تنقل له أجواء العالم العربي وتقاليده، ويقوم المهرجان بترجمة الأعمال الفائزة بالجوائز بلغة كل بلد أوروبي.
وفازت 8 ممثلات عربيات بجوائز أفضل ممثلة عن أعمال متباينة، ففازت كل من بشرى وإنجي المقدم بجائزتي «أفضل ممثلة في عمل وطني» عن دوريهما في مسلسل «الاختيار 2»، وقالت بشري وهي تتسلم الجائزة، «رغم ظهوري في مشاهد قليلة، فإنني عبرت عن معاناة أسر الشهداء، لذلك أهدي جائزتي لأبطال المعركة الحقيقيين».
فيما حصلت الفنانة درة على جائزة أحسن ممثلة عن دورها في مسلسل «بين السماء والأرض»، وأكدت سعادتها بالجائزة التي تحصل عليها في مصر، ومن بلدها تونس، وبتصويت الجاليات العربية، وقالت: «لقد استمتعت بهذا العمل وأهدي الجائزة لكل زملائي، كما حصل مخرج المسلسل ماندو العدل على جائزة أفضل مخرج».
وفازت مواطنتها الفنانة عائشة بن أحمد، بجائزة أفضل ممثلة عن المسلسل التونسي «حرقة» الذي تناول قضية الهجرة غير الشرعية، والمسلسل المصري «لعبة نيوتن»، وحصلت حنان مطاوع على جائزة «أفضل ممثلة في أدوار إنسانية» عن مسلسل «القاهرة كابول»، وقالت حنان إن الفنان لا يقل دوره عن الجندي، فهو يحارب الجهل والتطرف، ومنحت لجنة التحكيم جائزة للفنانة أروى جودة عن دورها في مسلسل «حرب أهلية».
ومنح المهرجان الفنانة روجينا جائزة أول بطولة درامية عن مسلسل «بنت السلطان» التي أكدت إهداءها لزوجها وابنتيها، وحصلت الفنانة خدوجة صبري على جائزة أفضل ممثلة ليبية عن مسلسل «عشق»، الذي تناول سيطرة «الدواعش» على مدينة سرت الليبية، وفاز الجزائري حسن كشاش بجائزة أفضل ممثل عن مسلسل «مشاعر2»، كما فاز المطرب حمادة هلال بجائزة أفضل ممثل عن مسلسل «المداح»، والمخرج ياسر سامي على جائزة أفضل مخرج عن المسلسل الإماراتي «المنصة 2».

جائزة سمير غانم ودلال عبد العزيز
واستحدث المهرجان «جائزة فن الحب» التي تمنح باسم النجمين الراحلين سمير غانم ودلال عبد العزيز، وقررت إدارة المهرجان منحها للفنانة الكبيرة ميرفت أمين، التي غابت عن الحفل، كما لم يحضر أحد من أسرة غانم، ونوهت إلهام شاهين إلى أن دنيا سمير غانم لم تستطع الحضور رغم سعادتها بتكريم والديها، فالجائزة تعبر عن قصة حب سمير ودلال التي سنظل نتذكرها، والفنان لا يموت، وأقول لدنيا وإيمي أنتما ستكملان مسيرتهما الفنية.
ومنح المهرجان جائزة «سفير فن الحضارة الإنسانية» للمطرب الكبير هاني شاكر وسلمها له السفير التونسي، وأشاد شاكر بالمهرجان الذي يعمل على توصيل ثقافتنا للمهاجرين العرب، وجائزتها عبارة عن المسلة المصرية التي تم اتخاذها شعاراً للمهرجان، وأدى الفنان مقطعاً من أغنية قدمها للشعب التونسي بعنوان «يا جنة الأحلام تونس يا حرية».
بدورها، قالت د. عبلة الأسود رئيس المهرجان والأستاذة بجامعة السوربون، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إن «الدورة الأولى للمهرجان انطلقت العام الماضي من معهد العالم العربي بباريس، وحضرها عدد كبير من نجوم الفن المصري والعربي، واستقبلهم جاك لانج رئيس المعهد ووزير ثقافة فرنسا الأسبق، وكانت بمثابة تدشين رائع لانطلاق دورته الأولى التي ترأستها الفنانة يسرا، وتم الاحتفال بمئوية الفنان الراحل فريد شوقي بحضور ابنته الفنانة رانيا فريد شوقي»، مؤكدة: «اخترت القاهرة كعنوان للمهرجان، لأنها (هوليوود الشرق) والأكبر تاريخاً وغزارة بإنتاجها الفني على مستوى الدراما والسينما والغناء، وأنه سيتم عقد كل دورة في بلد عربي مختلف».
ولأهمية نشر الفن العربي أوروبياً، دعت رئيسة المهرجان، 6 قنوات فرنسية لنقل الحدث كما تم بثه بشكل مباشر على قناة «فرنسا 24»، ونوهت إلى أن المهرجان يسعى لدعم الفن العربي والدراما بشكل خاص، وربط الجاليات العربية ببلادهم، ومشاركتهم في اختيار الأعمال المتميزة في كل بلد على حدة، وأنها تتطلع لزيادة حجم المشاركات والجوائز في الدورات المقبلة.



100 عامٍ من عاصي الرحباني

عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
TT

100 عامٍ من عاصي الرحباني

عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)

في الرابع من شهر الخِصب وبراعم اللوز والورد، وُلد عاصي الرحباني. كانت البلادُ فكرةً فَتيّة لم تبلغ بعد عامها الثالث. وكانت أنطلياس، مسقط الرأس، قريةً لبنانيةً ساحليّة تتعطّر بزهر الليمون، وتَطربُ لارتطام الموج بصخور شاطئها.
لو قُدّر له أن يبلغ عامه المائة اليوم، لأَبصر عاصي التحوّلات التي أصابت البلاد وقُراها. تلاشت الأحلام، لكنّ «الرحباني الكبير» ثابتٌ كحقيقةٍ مُطلَقة وعَصي على الغياب؛ مقيمٌ في الأمس، متجذّر في الحاضر وممتدّةٌ جذوره إلى كل الآتي من الزمان.


عاصي الرحباني خلال جلسة تمرين ويبدو شقيقه الياس على البيانو (أرشيف Rahbani Productions)

«مهما قلنا عن عاصي قليل، ومهما فعلت الدولة لتكريمه قليل، وهذا يشمل كذلك منصور وفيروز»، يقول المؤلّف والمنتج الموسيقي أسامة الرحباني لـ«الشرق الأوسط» بمناسبة مئويّة عمّه. أما الصحافي والباحث محمود الزيباوي، الذي تعمّق كثيراً في إرث الرحابنة، فيرى أن التكريم الحقيقي يكون بتأليف لجنة تصنّف ما لم يُنشر من لوحاته الغنائية الموجودة في إذاعتَي دمشق ولبنان، وتعمل على نشره.
يقرّ أسامة الرحباني بتقصير العائلة تجاه «الريبرتوار الرحباني الضخم الذي يحتاج إلى تضافر جهود من أجل جَمعه»، متأسفاً على «الأعمال الكثيرة التي راحت في إذاعة الشرق الأدنى». غير أنّ ما انتشر من أغانٍ ومسرحيات وأفلام، على مدى أربعة عقود من عمل الثلاثي الرحباني عاصي ومنصور وفيروز، أصبح ذخيرةً للقرون المقبلة، وليس للقرن الرحباني الأول فحسب.

«فوتي احفظي، قومي سجّلي»
«كان بركاناً يغلي بالعمل... يكتب بسرعة ولا يتوقف عند هاجس صناعة ما هو أجمل، بل يترك السرد يمشي كي لا ينقطع الدفق»، هكذا يتذكّر أسامة عمّه عاصي. وفي بال الزيباوي كذلك، «عاصي هو تجسيدٌ للشغف وللإنسان المهووس بعمله». لم يكن مستغرباً أن يرنّ الهاتف عند أحد أصدقائه الساعة الثالثة فجراً، ليخرج صوت عاصي من السمّاعة قارئاً له ما كتب أو آخذاً رأيه في لحنٍ أنهاه للتوّ.
ووفق ما سمعه الزيباوي، فإن «بعض تمارين السيدة فيروز وتسجيلاتها كان من الممكن أن يمتدّ لـ40 ساعة متواصلة. يعيد التسجيل إذا لم يعجبه تفصيل، وهذا كان يرهقها»، رغم أنه الزوج وأب الأولاد الأربعة، إلا أن «عاصي بقي الأستاذ الذي تزوّج تلميذته»، على حدّ وصف الزيباوي. ومن أكثر الجمل التي تتذكّرها التلميذة عن أستاذها: «فوتي احفظي، قومي سَجّلي». أضنى الأمر فيروز وغالباً ما اعترفت به في الحوارات معها قبل أن تُطلقَ تنهيدةً صامتة: «كان ديكتاتوراً ومتطلّباً وقاسياً ومش سهل الرِضا أبداً... كان صعب كتير بالفن. لمّا يقرر شي يمشي فيه، ما يهمّه مواقفي».


عاصي وفيروز (تويتر)
نعم، كان عاصي الرحباني ديكتاتوراً في الفن وفق كل مَن عاصروه وعملوا معه. «كل العباقرة ديكتاتوريين، وهذا ضروري في الفن»، يقول أسامة الرحباني. ثم إن تلك القسوة لم تأتِ من عدم، فعاصي ومنصور ابنا الوَعر والحرمان.
أثقلت كتفَي عاصي منذ الصغر همومٌ أكبر من سنّه، فتحمّلَ وأخوه مسؤولية العائلة بعد وفاة الوالد. كان السند المعنوي والمادّي لأهل بيته. كمعطفٍ ردّ البردَ عنهم، كما في تلك الليلة العاصفة التي استقل فيها دراجة هوائية وقادها تحت حبال المطر من أنطلياس إلى الدورة، بحثاً عن منصور الذي تأخّر بالعودة من الوظيفة في بيروت. يروي أسامة الرحباني أنها «كانت لحظة مؤثرة جداً بين الأخوين، أبصرا خلالها وضعهما المادي المُذري... لم ينسيا ذلك المشهد أبداً، ومن مواقفَ كتلك استمدّا قوّتهما».
وكما في الصِبا كذلك في الطفولة، عندما كانت تمطر فتدخل المياه إلى المدرسة، كان يظنّ منصور أن الطوفان المذكور في الكتاب المقدّس قد بدأ. يُصاب بالهلَع ويصرخ مطالباً المدرّسين بالذهاب إلى أخيه، فيلاقيه عاصي ويحتضنه مهدّئاً من رَوعه.

«سهرة حبّ»... بالدَين
تعاقبت مواسم العزّ على سنوات عاصي الرحباني. فبعد بدايةٍ متعثّرة وحربٍ شرسة ضد أسلوبه الموسيقي الثائر على القديم، سلك دروب المجد. متسلّحاً بخياله المطرّز بحكايا جدّته غيتا و«عنتريّات» الوالد حنّا عاصي، اخترع قصصاً خفتت بفعلِ سحرِها الأصواتُ المُعترضة. أما لحناً، فابتدعَ نغمات غير مطابقة للنظريات السائدة، و«أوجد تركيبة جديدة لتوزيع الموسيقى العربية»، على ما يشرح أسامة الرحباني.


صورة تجمع عاصي ومنصور الرحباني وفيروز بالموسيقار محمد عبد الوهاب وفريد الأطرش، بحضور بديعة مصابني وفيلمون وهبي ونجيب حنكش (أرشيف Rahbani Productions)
كان عاصي مستعداً للخسارة المادية من أجل الربح الفني. يحكي محمود الزيباوي أنه، ولشدّة مثاليته، «سجّل مسرحية (سهرة حب) مرتَين ولم تعجبه النتيجة، فاقترض مبلغاً من المال ليسجّلها مرة ثالثة». ويضيف أن «أساطير كثيرة نُسجت حول الرحابنة، لكن الأسطورة الحقيقية الوحيدة هي جمال عملهم».
ما كانت لتكتمل أسطورة عاصي، لولا صوت تلك الصبية التي دخلت قفصَه الذهبي نهاد حدّاد، وطارت منه «فيروز».
«أدهشته»، يؤكّد الزيباوي؛ ويستطرد: «لكنّ أحداً منهما لم يعرف كيف يميّز بين نهاد حداد وفيروز»... «هي طبعاً المُلهِمة»، يقول أسامة الرحباني؛ «لمح فيها الشخصية التي لطالما أراد رسمَها، ورأى امرأةً تتجاوب مع تلك الشخصية»، ويضيف أن «عاصي دفع بصوت فيروز إلى الأعلى، فهو في الفن كان عنيفاً ويؤمن بالعصَب. كان يكره الارتخاء الموسيقي ويربط النجاح بالطبع الفني القوي، وهذا موجود عند فيروز».


زفاف عاصي الرحباني ونهاد حداد (فيروز) عام 1955 (تويتر)

دماغٌ بحجم وطن
من عزّ المجد، سرقت جلطة دماغيّة عاصي الرحباني عام 1972. «أكثر ما يثير الحزن أن عاصي مرض وهو في ذروة عطائه وإبداعه، وقد زادت الحرب اللبنانية من مرضه وصعّبت العمل كثيراً»، وفق الزيباوي. لم يكن القلق من الغد الغامض غريباً عليه. فهو ومنذ أودى انفجارٌ في إحدى الكسّارات بحياة زوج خالته يوسف الزيناتي، الذي كان يعتبره صياداً خارقاً واستوحى منه شخصيات لمسرحه، سكنته الأسئلة الحائرة حول الموت وما بعدَه.
الدماغ الذي وصفه الطبيب الفرنسي المعالج بأنه من أكبر ما رأى، عاد ليضيء كقمرٍ ليالي الحصّادين والعاشقين والوطن المشلّع. نهض عاصي ورجع إلى البزُق الذي ورثه عن والده، وإلى نُبله وكرمه الذي يسرد أسامة الرحباني عنهما الكثير.
بعد المرض، لانت قسوة عاصي في العمل وتَضاعفَ كرَمُه المعهود. يقول أسامة الرحباني إن «أقصى لحظات فرحه كانت لحظة العطاء». أعطى من ماله ومن فِكرِه، وعُرف بيدِه الموضوعة دائماً في جيبِه استعداداً لتوزيع النقود على المحتاجين في الشارع. أما داخل البيت، فتجسّد الكرَم عاداتٍ لطيفة وطريفة، كأن يشتري 20 كنزة متشابهة ويوزّعها على رجال العائلة وشبّانها.
خلال سنواته الأخيرة ومع احتدام الحرب، زاد قلق عاصي الرحباني على أفراد العائلة. ما كان يوفّر مزحة أو حكاية ليهدّئ بها خوف الأطفال، كما في ذلك اليوم من صيف 1975 الذي استُهدفت فيه بلدة بكفيا، مصيَف العائلة. يذكر أسامة الرحباني كيف دخل عاصي إلى الغرفة التي تجمّع فيها أولاد العائلة مرتعدين، فبدأ يقلّد الممثلين الأميركيين وهم يُطلقون النار في الأفلام الإيطالية، ليُنسيَهم ما في الخارج من أزيز رصاص حقيقي. وسط الدمار، بنى لهم وطناً من خيالٍ جميل، تماماً كما فعل وما زال يفعل في عامِه المائة، مع اللبنانيين.


عاصي الرحباني (غيتي)