«من سيربح المليون» يحتفل بعيد «إم بي سي»

التسابق على البهجة

نجوم «إم بي سي» في الحلقة الاحتفالية
نجوم «إم بي سي» في الحلقة الاحتفالية
TT

«من سيربح المليون» يحتفل بعيد «إم بي سي»

نجوم «إم بي سي» في الحلقة الاحتفالية
نجوم «إم بي سي» في الحلقة الاحتفالية

يعود جورج قرداحي، وزير الإعلام اللبناني، إلى حضن الحبيب الأول. «لا يصح إلا الصحيح»، يختم حلقة الاحتفاء بولادة صرح الـ«إم بي سي». برامج توهّجت وبرامج انطفأت، ويبقى «من سيربح المليون» سيد الفرادة التلفزيونية.
هبّات لفحت علاقة قرداحي بالشاشة العملاقة، فأبعدته؛ وحين عاد، تحدث عن «قصة حب جميلة» بينهما، وعن أنها جزء كبير منه وهو جزء كبير منها. بدا سعيداً بتقديم الحلقة الاحتفالية من البرنامج الذي صنع مجده، يبارك للحبيبة تألّقها منذ عام 1991 إلى اليوم. خاطبها بشعور الوفاء: «لم نكن قد سمعنا بالفضائيات. كنتِ الأولى ولا تزالين»؛ وبعدها رحّب بقادة الرحلة نحو المليون: أربع ثنائيات من النجوم العرب يُحلّون المناسبة بالتسابق على البهجة.
جمهور الحلقة، وجوه شاشة العائلة وأعمدتها، تفصل بينهم مسافات التباعد الاجتماعي ويجمعهم فخر العطاء تحت هذا السقف. وإن عددنا، سنتوه في العد، كما غنّى جورج وسوف عن أخطاء الحبيب كثير العتاب: ريا أبي راشد، جويل ماردنيان، نيشان، سلوى سويد، أماني موسى، رزان مغربي، أنابيلا هلال، رانيا برغوث، داود الشريان... وقافلة الأسماء. يشكلون مع ثلاث وسائل مساعدة أخرى، فرصة إضافية لثنائيات المنافسة لبلوغ الجائزة الكبرى، المقدَّمة إلى جمعيات خيرية، كما يحرص قرداحي على التأكيد والتكرار.
رحبوا بأول المشاركين: يسرا وباسل خياط. اجتمعا في رمضان الماضي، ويجتمعان مجدداً أمام قرداحي العتيق في إدارة اللعبة. «عمري ما توقعت أبقى هنا»، تُعرب يسرا عن مفاجآت الحياة. يشعرها خياط بشيء من الأمان، فيشكّلان حلفاً مخطّطه الربح. لكل سؤال أربعة احتمالات، فاحزر إن لحقتَ ألبوم إلى أين سيدلّك؟ على الوادي؟ لا. على البيت؟ لا. على الحقيقة؟ لا. ألبوم دليلكُ إلى الخراب! الطرافة نجمة الحلقة، فالأجواء عيد، والمناسبة عزيزة، والكل فرحٌ بولادة الصرح؛ لا مكان للتجهّم، إلا أمام أسئلة عذبة: «أي من شعراء الجاهلية اسمه الحقيقي ثابت بن جابر؟»، ففكّر يا ناصر القصبي، وفكّري يا سمية الخشاب، بالإجابة الصحيحة على سؤال المليون. إنه «تأبّط شراً»! مبروك للواصلَيْن الوحيدين إلى النهاية الأسعد، ودامت الأفراح في الديار. بعض الأسئلة للتسلية، بعضها للجد، وبعض ثالث لتكريم نجوم جالسين على مقاعد الجمهور. لأنه عيد «إم بي سي»، ولأنها حلقة الاحتفال، يخجل التعجيز من الحلول كضيف ثقيل. أسئلة قليلة «تكسّر الرأس»، فيمتعض المتنافسون مع ضحكة. ومن أقصى الصعوبة، يهوّن قرداحي الطريق: «استخدموا وسائل المساعدة. اتصال بصديق؟ حذف إجابتين؟ رأي الجمهور؟ أو الوسيلة الرابعة، سؤال نجم من النجوم الضيوف بعد رفعهم الأيدي». وحين تنفد الوسائل؛ الشرف بالانسحاب. ريالات للخير ولا مغامرة خاسرة.
يختار نجم تونس ظافر العابدين الاستعانة بصديقته اللبنانية تقلا شمعون، وهو في المنافسة مع السعودية ريم عبد الله. ثلاثون ثانية ليقرأ عليها ما هو محض تراث لبناني: «وجيب... عَ الجوانح لهالراعي خطَي يا هالحجل»، سائلاً إياها ملء الفراغ في أغنية فيروز. ظنّ وعبد الله أنّ الإجابة الصحيحة هي «شربة ميْ». على القافية مع «خطَيْ» (مسكين)، إلا أنّ تقلا ارتأت: «خصلة فيْ» (ظل). «كما تقول اللبنانية»، تدفع ريم عبد الله ظافر العابدين إلى حسم التردّد. يتوكّلان على الله، فيمارس قرداحي لعبة حرق الأعصاب، مع جملته الأشهر على وَقْع موسيقى خطف النَفَس: «جواب نهائي». يعلو التصفيق...
عفوية الحضور أمينة خليل، تأتي إلى المنافسة مع آسر ياسين. الثنائيات الأربع، لكل مكانته في القلوب، يمتعون الناس بحلقة هي جمال خليط الثقافة والترفيه. ليت برامج المعلومات لا تنطفئ على الشاشات ولا تستريح في صفحات «الزمن الجميل». عندها ستكتشف بساطة المعلومة: «العيد الثلاثون هو دلالة على أي يوبيل؟»، «اللؤلؤي» يا عزيزي، لا القطني وهو يوبيل السنة، ولا القشي وهو يوبيل السنتين. لؤلؤ كـ«إم بي سي».
كم دقّة دقّ قلب المغني أبو؟ فتتحمّس يسرا: «لما شفتها قلبي دق تلات دقات». وما بين المزاح والغناء، سؤال من الذاكرة، مع تحية لنيكول تنوري بين الحضور: «أي حدث عربي حصل بالتزامن مع انطلاقة (إم بي سي) من لندن عام 1991؟». «حرب الخليج». كيف قرأتِ الخبر؟ يسأل قرداحي تنوري. «دم وقتل وموت»، لكن الأمل هو الغد. الذكرى للعبرة، والمستقبل للبناء.
يتعهد باسل خياط بشراء «الفهرست»، وهو كتاب وضعه ابن النديم، رداً على سؤال الـ250 ألف ريال سعودي. يكشف الفخ: «لا بد أنّ احتمال (كتاب الندماء) هو للإيقاع بنا»، فتوافقه يسرا. وبعد استبعاد «الجاسوس على القاموس» و«معجم ما استعجم»، يتجاوزان القطوع. وتحتار أمينة خليل بين جبران خليل جبران ونجيب محفوظ، ومَن القائل «الخوف لا يمنع الموت لكنه يمنع الحياة»، إلى أن تحسم الجواب الصح: أديب بلدها صاحب «نوبل». «إم بي سي» شاشة كل العرب.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».