برنامج حكومة ميقاتي: إجراءات استثنائية اجتماعية ومالية

رئيس الحكومة نجيب ميقاتي (الوكالة الوطنية)
رئيس الحكومة نجيب ميقاتي (الوكالة الوطنية)
TT

برنامج حكومة ميقاتي: إجراءات استثنائية اجتماعية ومالية

رئيس الحكومة نجيب ميقاتي (الوكالة الوطنية)
رئيس الحكومة نجيب ميقاتي (الوكالة الوطنية)

تحت عنوان «معاً للإنقاذ»، قدم رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي البيان الوزاري الذي حصلت على أساسه ثقة البرلمان اللبناني أمس (الاثنين)، واعداً بإجراءات استثنائية اقتصادية واجتماعية ومالية مع التأكيد على الثوابت الوطنية وعلى رأسها الالتزام بالدستور.
وفي كلمة له في افتتاح جلسة الثقة أمس، توجه ميقاتي إلى رئيس البرلمان نبيه بري والنواب بالقول: «تمثل حكومتنا أمامكم اليوم لنيل الثقة، في ظرف يحتم مقاربات استثنائية للمعالجة المطلوبة في خضم أزمة اقتصادية واجتماعية ومالية ومعيشية خانقة بلغ الوطن فيها مشارف الانهيار الكامل، ولم يشهد لها مثيلاً في تاريخه الحديث». وتحدث عن الثوابت الوطنية التي ستحكم عمل الحكومة، أهمها «التزام أحكام الدستور ووثيقة الوفاق الوطني، واحترام الشرائع والمواثيق الدولية التي وقع لبنان عليها وقرارات الشرعية الدولية كافة، وتأكيد التزام تطبيق قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1701، واستمرار دعم قوات الأمم المتحدة العاملة في جنوب لبنان، ومطالبتها المجتمع الدولي وضع حد للانتهاكات والتهديدات الإسرائيلية الدائمة للسيادة اللبنانية، براً وبحراً وجواً».
وأكد «الدعم المطلق للجيش والقوى الأمنية كافة في ضبط الأمن على الحدود وفي الداخل». وفي بند «المقاومة وحزب الله» أعاد ميقاتي، كما الحكومات السابقة، «التمسك باتفاقية الهدنة والسعي لاستكمال تحرير الأراضي اللبنانية المحتلة، والدفاع عن لبنان في مواجهة أي اعتداء والتمسك بحقه في مياهه وثرواته، مع التأكيد على حق المواطنين اللبنانيين في المقاومة للاحتلال الإسرائيلي ورد اعتداءاته واسترجاع الأراضي المحتلة». وشدد على «استئناف المفاوضات من أجل حماية الحدود البحرية اللبنانية وصونها من جهاتها كافة»، إضافة إلى «متابعة مسار المحكمة الخاصة بلبنان بجريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري ورفاقه تمهيداً لإقفال هذا الملف في مهلة أقصاها 30 يوليو (تموز) 2022»، و«الاهتمام اللازم بقضية تغييب الإمام موسى الصدر ورفيقيه في ليبيا ودعم اللجنة الرسمية للمتابعة بهدف جلاء ملابسات هذه القضية».
وفي قضية اللاجئين الفلسطينيين والسوريين، أكد البيان على «حق العودة للاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم وعدم توطينهم في لبنان»، و«متابعة العمل على عودة النازحين السوريين الآمنة إلى بلدهم ورفض أي شكل من أشكال إدماجهم أو توطينهم».
وعن العلاقات مع الدول العربية والدولية لفت إلى «تعزيز علاقات لبنان مع الدول العربية الشقيقة والحرص على تفعيل التعاون التاريخي بين بلداننا العربية، ودعوة الأشقاء العرب إلى الوقوف إلى جانب لبنان»، إضافة إلى «تفعيل انخراطه مع المجتمع الدولي وشريكه الأوروبي بما يخدم المصالح العليا للبنان». وأكدت الحكومة «التزامها إجراء الانتخابات النيابية في موعدها كما إجراء الانتخابات البلدية والاختيارية».
وعن الوضع الاقتصادي والمالي تعهدت الحكومة بـ«استئناف التفاوض الفوري مع صندوق النقد الدولي للوصول إلى اتفاق على خطة دعم من الصندوق، واعتماد برنامج إنقاذي قصير ومتوسط الأمد... والعمل على إنجاز الخطة الاقتصادية والالتزام بتنفيذها مع مصرف لبنان بعد إقرارها من قبل الحكومة». كذلك «وضع خطة لإصلاح القطاع المصرفي وإعادة هيكلته حيث يلزم، وتنشيط الدورة الاقتصادية بما يساهم في تمويل القطاع الخاص مع إعطاء الأولوية لضمان حقوق وأموال المودعين والسعي لإقرار قانون حول الكابيتال كونترول كما معاودة المفاوضات مع الدائنين للاتفاق على آلية لإعادة هيكلة الدين العام».
ومع تأكيده على الالتزام ببنود المبادرة الفرنسية وبتوصيات الإصلاح والتعافي وإعادة الإعمار أعلن العزم على تصحيح الرواتب والأجور في القطاع العام والخاص، إضافة إلى إقفال المعابر غير الشرعية وتعزيز مراقبة الشرعية منها من خلال تزويدها بأجهزة الكشف والمسح الحديثة والمتطورة والحد من التهرب الضريبي وتعديل قانون المحاسبة العمومية»، متعهداً كذلك بـ«إنجاز الموازنة العامة لعام 2022 مع التشديد على تضمينها بنوداً إصلاحية تتناول المالية العامة»، مع «توجيه سياسة الدعم الحالي وحصره بمستحقيه من المواطنين اللبنانيين المقيمين».
وتحدث ميقاتي عن استقلالية القضاء واستكمال التعيينات. وتعهد في ملف الطاقة زيادة ساعات التغذية والعمل على تنويع مصادر الطاقة وصولاً لإعطاء الأولوية للغاز الطبيعي والطاقة المتجددة، واستكمال تنفيذ خطة قطاع الكهرباء والإصلاحات المتعلقة به مع تحديثها وإنشاء ما تحتاجه البلاد من معامل لتوليد الطاقة الكهربائية بمشاركة القطاع الخاص». وفيما يتعلق بالتنقيب عن النفط، لفت إلى «إطلاق دورة التراخيص الثانية في المياه البحرية اللبنانية المؤجلة والعمل على متابعة عمليات الاستكشاف في المياه البحرية اللبنانية».
وفي الشأن الاجتماعي، شدد «السعي لتأمين شبكة أمان اقتصادي - اجتماعي - صحي لاستعادة القدرة الشرائية وتفعيل المؤسسات الاجتماعية الضامنة ووضع مشروع البطاقة التمويلية حيز التنفيذ... وإعادة العمل بالقروض التي تقدمها المؤسسة العامة للإسكان، إضافة إلى إقرار قانون ضمان الشيخوخة».
وفي الصحة، لفت إلى «متابعة الإجراءات الهادفة للحد من وباء كورونا ومعالجة الأزمات التي طرأت على هذا القطاع والحد من عدم المساواة الصحية وصولاً إلى التغطية الصحية الشاملة».
وفي النقل، شدد على السعي لإنجاز خطة شاملة للنقل واعتماد آلية الشراكة بين القطاعين العام والخاص واتخاذ التدابير اللازمة لمعالجة الإشغال غير القانوني للأملاك البحرية.
إضافة إلى إعادة ترتيب أوضاع مرفأ بيروت وتأهيله وإصلاح ما تضرر فيه ليستعيد دوره كاملاً ويساهم من جديد في نمو الاقتصاد اللبناني.
وفي تحقيقات المرفأ، تؤكد الحكومة حرصها على استكمالها لكشف الحقيقة ومعاقبة المرتكبين. كما تعتزم العمل مع البرلمان لإجراء كل ما يلزم بشأن الحصانات والامتيازات وصولاً إلى تذليل كل العقبات التي تحول دون إحقاق الحق وإرساء العدالة، وتلتزم «الإسراع في استكمال مساعدة المتضررين وتأمين التعويضات اللازمة لهم ووضع خطة لإعادة إعمار هذا الجزء من العاصمة».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.