لماذا يتغلب الأطفال على «كوفيد» بشكل أفضل من البالغين؟

قد يتمتعون باستجابة مناعية ذاتية «سريعة» ضد الفيروس

لماذا يتغلب الأطفال على «كوفيد» بشكل أفضل من البالغين؟
TT

لماذا يتغلب الأطفال على «كوفيد» بشكل أفضل من البالغين؟

لماذا يتغلب الأطفال على «كوفيد» بشكل أفضل من البالغين؟

يعد مرض فيروس «كورونا المستجد» أو «كوفيد - 19» أكثر اعتدالاً عند الأطفال مقارنة بالبالغين لأسباب ما زالت غير معروفة تماماً، وهو ما يتناقض مع معظم فيروسات الجهاز التنفسي الأخرى، حيث تكون مظاهر المرض غالباً أكثر حدة عند الأطفال. وقد يكون الأطفال الذين لا يعانون من أعراض أو أعراض خفيفة من «كوفيد - 19» حاملين كميات كبيرة من فيروسات المرض، ما يؤدي إلى تضاعفها وخلق مستودع محتمل لانتقال وتطور المتغيرات الجينية للفيروس.
ونظراً لتطور الإرشادات حول التباعد الاجتماعي وارتداء الكمامات حتى بعد أخذ اللقاح لدى الناس الأكبر سناً، فإن الفهم الواضح لديناميكيات عدوى المرض لدى الأطفال أمر بالغ الأهمية من أجل التطوير الصحيح لسياسات الصحة العامة واستراتيجيات التطعيم للتخفيف من تأثير المرض.

الفيروس والأطفال
في بحثها المنشور في 7 سبتمبر (أيلول) 2021 بمجلة «نتشر» (Nature)، تقول بيتسي هيرولد طبيبة الأمراض المعدية للأطفال التي ترأس مختبراً لعلم الفيروسات في كلية ألبرت آينشتاين للطب في الولايات المتحدة، إن البيانات التي جمعتها المراكز الأميركية لمكافحة الأمراض والوقاية منها من المستشفيات في جميع أنحاء البلاد، تشير إلى أن الأشخاص الذين تقل أعمارهم عن 18 عاماً يمثلون أقل من 2 في المائة من حالات دخول المستشفى بسبب «كوفيد - 19»، أي ما مجموعه 3649 طفلاً بين مارس (آذار) 2020 وأواخر أغسطس ( آب) 2021، وهو ما يجعل هذا الفيروس شاذاً إلى حد ما بالنسبة لمعظم الفيروسات الأخرى من الإنفلونزا إلى الفيروس المخلوي التنفسي (RSV)، إذ عادة ما يكون الأطفال الصغار وكبار السن هم الأكثر عرضة للإصابة.
بدأت الأبحاث في الكشف عن أن السبب الذي يجعل الأطفال يتمتعون بأداء جيد ضد «كوفيد - 19» قد يكمن في الاستجابة المناعية الذاتية (innate immunity(K، وهي رد فعل جسم الطفل السريع لمسببات الأمراض، حيث يبدو أن الأطفال لديهم استجابة ذاتية «سريعة وجاهزة للانطلاق»، كما تقول هيرولد. لكنها تضيف أن هناك حاجة إلى مزيد من الدراسات لدعم هذه الفرضية بشكل كامل، فقد جعل ظهور متغير «دلتا» للفيروس، العثور على إجابات أكثر إلحاحاً، وتشير التقارير إلى أنه في الولايات المتحدة وأماكن أخرى بدأ الأطفال يشكلون نسبة أكبر من الإصابات المبلغ عنها. وربما تكون هذه الاتجاهات بسبب ارتفاع معدل انتقال الفيروس بسبب متحور «دلتا»، وحقيقة أن كثيراً من البالغين محميون الآن باللقاحات.
في الوقت الحالي لا يوجد دليل واضح على أن الأطفال أكثر عرضة أو أكثر تأثراً بمتحور «دلتا»، مقارنة بالمتغيرات السابقة، لكن «سارس - كوف 2» مثله مثل جميع الفيروسات يتحول باستمرار ويصبح أفضل في التهرب من دفاعات المضيف. وهذا قد يجعل فهم الفوائد الوقائية للطفولة أكثر أهمية، كما يقول لايل يونكر اختصاصي أمراض الرئة للأطفال في مستشفى ماساتشوستس العام في ولاية بوسطن بالولايات المتحدة في ورقة ما قبل النشر على موقع «medRxiv» في 17 أغسطس (آب) 2021.

تضارب الأفكار
يتساءل عمر عرفان من مركز صحة الطفل العالمية في مستشفى الأطفال تورنتو بكندا في بحثه المنشور في يوليو (تموز) 2021 في «Journal of Global Health»: «لماذا يكون الأطفال أفضل من البالغين في السيطرة على سارس - كوف 2؟»، لقد اعتقد الباحثون في البداية أن الأطفال لا يصابون بالعدوى في كثير من الأحيان، لكن البيانات تظهر أنهم على الأقل، خصوصاً الأطفال دون سن العاشرة، قد يكونون أقل عرضة للإصابة. وقد وجدت الأكاديمية الأميركية لطب الأطفال حتى أواخر الشهر الماضي، أن نحو 15 في المائة من جميع حالات «كوفيد - 19» في الولايات المتحدة كانت لأفراد تقل أعمارهم عن 21 عاماً، أي أكثر من 4.8 مليون شاب. ووجدت دراسة استقصائية أخرى في الهند اختبرت الأشخاص بحثاً عن أجسام مضادة ضد «سارس - كوف 2» التي عادة ما يتم إنتاجها بعد الإصابة أو بعد التطعيم، أن أكثر من نصف الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 6 و17 عاماً، وثلثي السكان بشكل عام لديهم أجسام مضادة يمكن اكتشافها. وكان من الواضح أن الأطفال يصابون أيضاً، لذلك ربما لا يمكن للفيروس أن يتكاثر في أجسامهم كما يفعل عند البالغين.
وبناءً على ذلك، اقترح بعض الباحثين أن الأطفال قد يكون لديهم عدد أقل من مستقبلات الإنزيم المحول للأنجيوتنسين2 (ACE2) التي يستخدمها الفيروس لدخول الخلايا وإصابتها، وأن هناك أدلة متضاربة حول الاختلافات المرتبطة بالعمر في تعبير هذا الإنزيم داخل الأنف والرئتين.
لكن العلماء الذين قاسوا تركيز الجزيئات الفيروسية أو ما يسمى «الحمل الفيروسي» في الشعب الهوائية العليا للأشخاص لم يروا فرقاً واضحاً بين الأطفال والبالغين، كما يقول كارل بيرس من قسم الأحياء الدقيقة والمناعة في كلية ألبرت آينشتاين للطب برونكس نيويورك في الولايات المتحدة الأميركية وفريقه المنشور في 6 أبريل (نيسان) 2021 في مجلة «JCI Insight». ويضيف يونكر أن الرضع وحتى عمر المراهقة يمكن أن تكون لديهم حمولات فيروسية عالية خاصة بعد فترة وجيزة من الإصابة. وهناك افتراض آخر هو أن الأطفال الذين يبدو أنهم معرضون على مدار السنة لكثير من الفيروسات التنفسية قد يكونون أكثر عرضة لفيروسات كورونا الأخرى التي تسبب نزلات البرد، وبالتالي لديهم مجموعة من الأجسام المضادة جاهزة مع بعض القدرة على الالتصاق بفيروس كورونا الوبائي، لكن كثيراً من الأدلة يشير إلى أن البالغين لديهم أيضاً هذه المناعة.

«ذكريات سيئة»
رصدت إيمي تشونغ عالمة المناعة في معهد بيتر دوهرتي للعدوى والمناعة بملبورن أستراليا وزملاؤها في البحث المنشور في أبريل 2021 بمجلة «Nature Communications»، بعض الأدلة في دراسة موسعة للأجسام المضادة في دم بضع مئات من الأطفال والبالغين، بما في ذلك 50 مصاباً بفيروس «سارس - كوف 2». ووجدت أن البالغين لديهم أجسام مضادة تفاعلية استهدفت أجزاء من الفيروس تشبه أجزاء من فيروسات كورونا الأخرى، بينما يميل الأطفال إلى إنتاج مجموعة أوسع من الأجسام المضادة ضد جميع أقسام الفيروس. ويبحث المختصون أيضاً في عوامل أخرى من المعروف أنها تزداد سوءاً مع تقدم العمر مثل القدرة على التحكم في الالتهاب وشفاء الأنسجة التالفة، أضف إلى ذلك أن الأطفال أقل عرضة لتكوين الجلطات في الأوعية الدموية، وهو ما يمكن أن يوفر بعض الحماية، كما تقول فيرا إجناتوفيتش عالمة الكيمياء الحيوية التي تدرس أمراض الدم لدى الأطفال في معهد مردوخ لبحوث الأطفال (MCRI) ملبورن أستراليا.
من جهة أخرى، يعتقد مايكل ليفين طبيب الأطفال وطبيب الأمراض المعدية في إمبريال كوليدج لندن ببحثه المنشور في 11 أغسطس (آب) 2021 بمجلة «(NEJM) New England Journal of Medicine»، بأنه مع استمرار انتشار الوباء يشعر الباحثون بالقلق من أن الفيروس يمكن أن يتطور بطرق تحبط جزءاً من الحماية الذاتية للأطفال، حيث وجد بعض الباحثين أن متغير «ألفا» الذي كان سائداً في بعض أجزاء العالم لبعض الوقت طور حيلاً سمحت له بقمع الاستجابة المناعية الذاتية للجسم. وهم الآن قلقون من أن المتحور دلتا يمكن أن يفعل الشيء نفسه في الوقت الحالي، إذ يبدو أن زيادة دخول الأطفال إلى المستشفيات في المناطق التي تنتشر فيها دلتا ناتجة عن عدواه عبر جميع الأعمار، إلى جانب حقيقة أن كثيراً من البالغين قد تم تطعيمهم أو أصيبوا بالفعل بفيروس «كوفيد - 19»، لكن الباحثين يراقبون تلك التطورات بعناية. أما هيرولد فتقول: «لقد طورت جميع الفيروسات تقريباً طرقاً للتهرب من الجهاز المناعي الذاتي ولا يُعد (كوفيد - 19) استثناءً لهذه القاعدة». «ولحد الآن لا يزال الأطفال يفوزون بحصانتهم الذاتية»، ولكن إلى أي مدى؟، وهذا ما لا نعرفه.



الخفافيش تتكيف مع فقدان السمع بخطة بديلة

الخفافيش تعتمد على حاسة السمع للتنقل والتواصل (رويترز)
الخفافيش تعتمد على حاسة السمع للتنقل والتواصل (رويترز)
TT

الخفافيش تتكيف مع فقدان السمع بخطة بديلة

الخفافيش تعتمد على حاسة السمع للتنقل والتواصل (رويترز)
الخفافيش تعتمد على حاسة السمع للتنقل والتواصل (رويترز)

كشفت دراسة أميركية عن استراتيجية بديلة تلجأ إليها الخفافيش عندما تفقد قدرتها على السمع، وهي حاسة أساسية تستخدمها للتوجيه عبر تقنية الصدى الصوتي.

وأوضح الباحثون من جامعة جونز هوبكنز أن النتائج تثير تساؤلات في إمكانية وجود استجابات مشابهة لدى البشر أو الحيوانات الأخرى، مما يستدعي إجراء مزيد من الدراسات المستقبلية، ونُشرت النتائج، الاثنين، في دورية (Current Biology).

وتعتمد الخفافيش بشكل أساسي على حاسة السمع للتنقل والتواصل عبر نظام تحديد المواقع بالصدى (Echolocation)، إذ تُصدر إشارات صوتية عالية التّردد وتستمع إلى صدى ارتدادها عن الأشياء المحيطة لتحديد موقعها واتجاهها. وتعد هذه القدرة إحدى الحواس الأساسية لها.

وشملت الدراسة تدريب الخفافيش على الطيران في مسار محدد للحصول على مكافأة، ومن ثم تكرار التجربة بعد تعطيل مسار سمعي مهمٍّ في الدماغ باستخدام تقنية قابلة للعكس لمدة 90 دقيقة.

وعلى الرغم من تعطيل السمع، تمكنت الخفافيش من إتمام المسار، لكنها واجهت بعض الصعوبات مثل التصادم بالأشياء.

وأوضح الفريق البحثي أن الخفافيش تكيفت بسرعة بتغيير مسار طيرانها وزيادة عدد وطول إشاراتها الصوتية، مما عزّز قوة الإشارات الصدوية التي تعتمد عليها. كما وسّعت الخفافيش نطاق الترددات الصوتية لهذه الإشارات، وهي استجابة عادةً ما تحدث للتعويض عن الضوضاء الخارجية، لكنها في هذه الحالة كانت لمعالجة نقص داخلي في الدماغ.

وأظهرت النتائج أن هذه الاستجابات لم تكن مكتسبة، بل كانت فطرية ومبرمجة في دوائر الدماغ العصبية للخفافيش.

وأشار الباحثون إلى أن هذه المرونة «المذهلة» قد تعكس وجود مسارات غير معروفة مسبقاً تعزّز معالجة السمع في الدماغ.

وقالت الباحثة الرئيسية للدراسة، الدكتورة سينثيا موس، من جامعة جونز هوبكنز: «هذا السلوك التكيفي المذهل يعكس مدى مرونة دماغ الخفافيش في مواجهة التحديات».

وأضافت عبر موقع الجامعة، أن النتائج قد تفتح آفاقاً جديدة لفهم استجابات البشر والحيوانات الأخرى لفقدان السمع أو ضعف الإدراك الحسي.

ويخطط الفريق لإجراء مزيد من الأبحاث لمعرفة مدى تطبيق هذه النتائج على الحيوانات الأخرى والبشر، واستكشاف احتمال وجود مسارات سمعية غير معروفة في الدماغ يمكن أن تُستخدم في تطوير علاجات مبتكرة لمشكلات السمع لدى البشر.