«الفينيق»... عشق لبنان في أطباقه

تحدى الجائحة وفتح أبوابه في لندن خلال أزمة «كورونا»

TT

«الفينيق»... عشق لبنان في أطباقه

أجمل وأفضل المطاعم هي تلك التي تملكها العائلات، فلا أحد سيعمل على نجاح المطعم إلا أصحابه، ولا عامل يمكنه أن يضع كل حبه وشغفه في الأطباق إلا إذا كان غيوراً على المصلحة. الطهي مهنة صعبة ولا يستمر فيها إلا من يعشقها، الأكل اللذيذ ليس فقط طريقة ومنتج إنما هو حب وإحساس لا يفهمه إلا الطهاة.
على الرغم من أزمة جائحة كورونا المشرِفة على عامها الثاني، تجرأ البعض في لندن على افتتاح مطاعم جديدة في أحلك الظروف، في وقت كان الإغلاق الكلي مفروضاً على المرافق العامة والمطاعم، وفي وقت أصبحت العاصمة شبه خالية بعد «بريكست» وعودة الكثير من العمال في مجال المطاعم إلى ديارهم.
من الطهاة الذين تحدوا أنفسهم ووقفوا بوجه الأزمة، الشيف اللبناني طوني إسبر الذي قرر بأن يمضي قدماً بمشروعه ليبصر مطعمه الأنيق «الفينيق» Al Phoenic في منطقة «باتيرسي» النور في فبراير (شباط) الماضي. افتتح المطعم في وقت لم يكن مسموحاً للمطاعم بفتح أبوابها أمام الزبائن، فمشى الشيف طوني مع موجة التوصيل إلى المنازل وبدأ العمل بهذه الصيغة إلى أن رفعت الحكومة البريطانية قوانين الإغلاق، وجاء اليوم الذي يستطيع فيه أن يشارك الذواقة مستوى جديداً من الطهي اللبناني التقليدي والمعاصر بالوقت نفسه.
في مقابلة مع «الشرق الأوسط»، قال الشيف طوني إسبر، الذي يحمل في جعبته 31 عاماً من الخبرة في مجال الطهي وإدارة المطابخ، إنه سعيد جداً بافتتاح مطعمه الأول في لندن ليضع فيه كل شغفه للمطبخ اللبناني، فحبه للطبخ بدأ منذ نعومة أظافره عندما كان يعمل في كازينو لبنان عام 1987، ومن هناك بدأت قصة غرامه مع المطبخ اللبناني الذي يرى أنه عن طريق فهم واستيعاب ثقافته وتاريخه يمكن خلق الأطباق لأيامنا هذه وللمستقبل. الشيف طوني انتقل للعيش في لندن وتولى إدارة المطبخ المركزي لسلسلة مطاعم مروش الشهيرة، كما تولى منصب الطاهي التنفيذي للخطوط الاكرانية.
بابتسامة عريضة استقبلتنا في المطعم جينا زوجة الشيف طوني التي تعمل معه في المطعم وتتولى مهمة تحضير الحلوى، وأخبرتنا عن الحلم الطويل الذي لطالما انتظرته مع زوجها، بأن يكون لديهما مطعمهما الخاص، ووعدتنا بأطباق حلوى غير عادية بعد العشاء.
قبل ذلك كان لا بد من تذوق المازة اللبنانية والأطباق الرئيسية، فوعدنا الشيف طوني بأكلات لم يسبق لنا تناولها من قبل، وشدد على البطاطس المقلية، طبقي المفضل، فقال لي «ستأكلين بطاطا مقلية مش آكلة مثلها»، وبالفعل جاء طبق البطاطس الطازج والمقلي أكثر من مرة مما يجعله مقرمشاً وعليه رشة زعتر، بالفعل المذاق رائع.
اللافت في الأطباق هو عنصر العصرية الذي أضيف عليها، فجرّبنا أقراص الكبة، فهي مزينة برشة من الفستق ومحشوة بالرمان، أما الباذنجان فهو حكاية بحد ذاتها، فتأتيك أصناف عدة منها، فلا تفوت النوع المخلوط بالتين فهو بالفعل مميز.
وعن التبولة والفتوش فحدث ولا حرج، فمذاقه أشبه بما تأكله في المنزل، كيف لا والعائلة المؤلفة من طوني وشقيقه وهو طاه أيضاً وزوجته وأولاده يعملون في المطعم الأنيق الذي يضم جلسات مريحة وبعيدة عن بعضها بعضاً، أرضية من البلاط الأسود والأبيض، والكراسي بلون الزيتون مما يضفي أجواء متوسطية مريحة.
وبما أن المطعم افتتح في وقت كان مسموحاً به بتوصيل الطعام إلى المنازل فقط، فلا تزال هناك زاوية مخصصة للأكل السريع أو «التيك أواي»، وقال الشيف إسبر، إنه ينوي إبقاء هذه الزاوية مع الاستفادة من الفرن التقليدي في المطبخ في صنع الخبز الطازج بنكهات عديدة يختاره الزبون ويختار ما يضع داخله.
مطعم «الفينيق» وتوقيت افتتاحه أشبه بقصة طائر الفينيق الذي نهض من الرماد، فهو تحدى الظروف وفتح أبوابه في ظروف صعبة جداً، وها هو اليوم يحصد نجاح جهد العائلة.
وبعد تذوق أطباق غير عادية مثل الحمص البيروتي والسمك البزري والباذنجان والمازة التقليدية كان قد حان الوقت الذي ستوفي جينا بوعدها لنا، فقدمت لنا طبقاً مبتكراً مصنوعاً من الكريما الشرقية والشعيرية، بالإضافة إلى طبق غزل البنات مع البوظة، ولكن لا تفوّتوا على معدتكم تذوق المهلبية الفريدة من نوعها.
ما يميز الحلوى هو عدم المبالغة في استخدام السكر فيها، كما أنها تشبه الحلوى منزلية الصنع.


مقالات ذات صلة

البطاطا الحلوة... وصفات جديدة لمواجهة برودة الطقس

مذاقات غلاش محشو بالبطاطا الحلوة من الشيف أميرة حسن (الشرق الأوسط)

البطاطا الحلوة... وصفات جديدة لمواجهة برودة الطقس

البطاطا الحلوة بلونها البرتقالي، تُمثِّل إضافةً حقيقيةً لأي وصفة، لا سيما في المناسبات المختلفة. إذ يمكنك الاستمتاع بهذا الطبق في جميع الأوقات

نادية عبد الحليم (القاهرة)
مذاقات برغر دجاج لشيف أحمد إسماعيل (الشرق الأوسط)

كيف تحصل على برغر صحي ولذيذ في المنزل؟

عندما نفكر في الوجبات السريعة، تكون تلك الشريحة اللذيذة من اللحم التي تضمّها قطعتان من الخبز، والممتزجة بالقليل من الخضراوات والصلصات، أول ما يتبادر إلى أذهاننا

نادية عبد الحليم (القاهرة)
مذاقات فطور مصري (إنستغرام)

«ألذ»... أكل بيت مصري في مطعم

ألذ الأطباق هي تلك التي تذكرك بمذاق الأكل المنزلي، فهناك إجماع على أن النَفَس في الطهي بالمنزل يزيد من نكهة الطبق

جوسلين إيليا (لندن)
مذاقات 
شوكولاته مع الفراولة (الشرق الأوسط)

ودّع العام بوصفات مبتكرة للشوكولاته البيضاء

تُعرف الشوكولاته البيضاء بقوامها الحريري الكريمي، ونكهتها الحلوة، وعلى الرغم من أن البعض يُطلِق عليها اسم الشوكولاته «المزيفة»

نادية عبد الحليم (القاهرة)
مذاقات طاولة العيد مزينة بالشموع (إنستغرام)

5 أفكار لأطباق جديدة وسريعة لرأس السنة

تحتار ربّات المنزل ماذا يحضّرن من أطباق بمناسبة أعياد الميلاد ورأس السنة؛ فهي مائدة يجب أن تتفوّق بأفكارها وكيفية تقديمها عن بقية أيام السنة.

فيفيان حداد (بيروت)

«ألذ»... أكل بيت مصري في مطعم

فطور مصري (إنستغرام)
فطور مصري (إنستغرام)
TT

«ألذ»... أكل بيت مصري في مطعم

فطور مصري (إنستغرام)
فطور مصري (إنستغرام)

ألذ الأطباق هي تلك التي تذكرك بمذاق الأكل المنزلي، فهناك إجماع على أن النَفَس في الطهي بالمنزل يزيد من نكهة الطبق لعدة أسباب؛ على رأسها الشغف والحب والسخاء.

شوربة الفطر (الشرق الأوسط)

ألذ الأطباق المصرية تجدها في «ألذ» المطعم المصري الجديد الذي فتح أبوابه أمام الذواقة العرب والأجانب في منطقة «تشيزيك» غرب لندن.

نمط المطعم يمزج ما بين المطعم والمقهى، عندما تدخله سيكون التمثال الفرعوني والكراسي الملكية بالنقوش والتصاميم الفرعونية بانتظارك، والأهم ابتسامة عبير عبد الغني، الطاهية والشريكة في المشروع، وهي تستقبلك بحفاوة ودفء الشعب المصري.

شوربة العدس مع الخضراوات (الشرق الأوسط)

على طاولة ليست بعيدة من الركن الذي جلسنا فيه كانت تجلس عائلة عبير، وهذا المشهد يشوقك لتذوق الطعام من يد أمهم التي قدمت لنا لائحة الطعام، وبدت علامات الفخر واضحة على وجهها في كل مرة سألناها عن طبق تقليدي ما.

لحم الضأن مع الأرز المصري (الشرق الأوسط)

المميز في المطعم بساطته وتركيزه على الأكل التقليدي وكل ما فيه يذكرك بمصر، شاشة عملاقة تشاهد عليها فيديوهات لعالم الآثار والمؤرخ المصري زاهي حواس الذي يعدُّ من بين أحد أبرز الشخصيات في مجال علم المصريات والآثار على مستوى العالم، وهناك واجهة مخصصة لعرض الحلوى المصرية وجلسات مريحة وصوت «كوب الشرق» أم كلثوم يصدح في أرجاء المطعم فتنسى للحظة أنك بمنطقة «تشيزيك» بلندن، وتظن لوهلة أنك في مقهى مصري شهير في قلب «أم الدنيا».

كبدة إسكندراني (الشرق الأوسط)

مهرجان الطعام بدأ بشوربة العدس وشوربة «لسان العصفور» وشوربة «الفطر»، وهنا لا يمكن أن نتخطى شوربة العدس دون شرح مذاقها الرائع، وقالت عبير: «هذا الطبق من بين أشهر الأطباق في المطعم، وأضيف على الوصفة لمساتي الخاصة وأضع كثيراً من الخضراوات الأخرى إلى جانب العدس لتعطيها قواماً متجانساً ونكهة إضافية». تقدم الشوربة مع الخبز المقرمش والليمون، المذاق هو فعلاً «تحفة» كما يقول إخواننا المصريون.

الممبار مع الكبة وكفتة الأرز والبطاطس (الشرق الأوسط)

وبعدها جاء دور الممبار (نقانق على الطريقة المصرية) والكبة والـ«سمبوسة» و«كفتة الأرز» كلها لذيذة، ولكن الألذ هو طبق المحاشي على الطريقة المصرية، وهو عبارة عن تشكيلة من محشي الباذنجان، والكرنب والكوسة والفليفلة وورق العنب أو الـ«دولما»، ميزتها نكهة البهارات التي استخدمت بمعيار معتدل جداً.

محشي الباذنجان والكرنب وورق العنب (الشرق الأوسط)

أما الملوخية، فحدث ولا حرج، فهي فعلاً لذيذة وتقدم مع الأرز الأبيض. ولا يمكن أن تزور مطعماً مصرياً دون أن تتذوق طبق الكشري، وبعدها جربنا لحم الضأن بالصلصة والأرز، ومسقعة الباذنجان التي تقدم في طبق من الفخار تطبخ فيه.

الملوخية على الطريقة المصرية (الشرق الأوسط)

وبعد كل هذه الأطباق اللذيذة كان لا بد من ترك مساحة لـ«أم علي»، فهي فعلاً تستحق السعرات الحرارية التي فيها، إنها لذيذة جداً وأنصح بتذوقها.

لائحة الحلويات طويلة، ولكننا اكتفينا بالطبق المذكور والأرز بالحليب.

أم علي وأرز بالحليب (الشرق الأوسط)

يقدم «ألذ» أيضاً العصير الطبيعي وجربنا عصير المانجو والليمونادة مع النعناع. ويفتح المطعم أبوابه صباحاً ليقدم الفطور المصري، وهو تشكيلة من الأطباق التقليدية التي يتناولها المصريون في الصباح مثل البيض والجبن والفول، مع كأس من الشاي على الطريقة المصرية.

المعروف عن المطبخ المصري أنه غني بالأطباق التي تعكس التراث الثقافي والحضاري لمصر، وهذا ما استطاع مطعم «ألذ» تحقيقه، فهو مزج بين البساطة والمكونات الطبيعية واستخدم المكونات المحلية مثل البقوليات والأرز المصري.

كشري «ألذ» (الشرق الأوسط)

وعن زبائن المطعم تقول عبير إن الغالبية منهم أجانب بحكم جغرافية المنطقة، ولكنهم يواظبون على الزيارة وتذوق الأطباق المصرية التقليدية، وتضيف أن الملوخية والكشري وشوربة العدس من بين الأطباق المحببة لديهم.

وتضيف عبير أن المطعم يقدّم خدمة التوصيل إلى المكاتب والبيوت، كما يقوم بتنظيم حفلات الطعام على طريقة الـCatering للشركات والحفلات العائلية والمناسبات كافة.