«موركس دور» تكرّس بيروت نجمة لا يخفت ضوؤها

TT

«موركس دور» تكرّس بيروت نجمة لا يخفت ضوؤها

تنفست بيروت الصعداء بعد طول غياب وعاد قلبها ينبض بالحياة في لقاء جمع محبيها من كل حدب وصوب. المناسبة كانت حفل الـ«موركس دور» في دورته الـ20 والذي يعود إلى الساحة بعد غياب نحو ثلاث سنوات. متعة الالتقاء من جديد تحت سماء بيروت المتوهجة طبع ليل الجمعة 17 سبتمبر (أيلول)، فابتسمت الوجوه وتألقت الشخصيات وغمر بريق النجوم الأجواء. ومعها تم تكريس العاصمة اللبنانية نجمة لا يخفت ضوؤها مهما افترسته العتمة.
أهل الإعلام عبروا عن سعادتهم بالعودة إلى الأرض لممارسة عملهم، بعد مزاولتهم له افتراضياً لفترة طويلة. النجوم من ممثلين ومغنين وموسيقيين ومخرجين ومنتجين، شكلوا عصب هذا الحفل. فلونوا المناسبة بحضورهم وبتمسكهم بلبنان منارة للثقافة والفن.
ولاقى الطبيبان الشقيقان زاهي وفادي الحلو تقديراً من قبل ضيوف الحفل، فغالباً ما ذكروا اسميهما مشيدين بالجهد اللذين بذلاه لتنظيم الحفل. فهما ورغم جميع العقبات التي واجهتهما لإقامته لم يستسلما. فخاضا واحدة من أهم التحديات في مشوارهما مع جائزة الـ«موركس دور»، الذي ينظمانه منذ عشرين عاماً. فاضطرا لإجراء تغييرات كثيرة حتى الساعات الأخيرة بسبب تأجيل موعد الحفل. كما أن فنانين كثر، لم يستطيعوا تلبية الدعوة للحضور إلى لبنان لارتباطات مسبقة. وتحت عنوان «الأمل رغم الألم» وتكريماً لبيروت، انطلق الحفل الذي أقيم في «أفا فينيو» في منطقة الأشرفية، في أمسية فنية نقلها تلفزيون «إم تي في» المحلي مباشرة على الهواء.
جلس اللبنانيون أمام شاشات تلفزيوناتهم يعدون الدقائق التي تفصلهم عن بداية الحفل. فمع هذه الأمسية شعروا بأن حياتهم تعود إلى طبيعتها ولو لساعات قليلة. أما الحضور في مكان الحفل فبعضهم وصل سيراً على الأقدام، وآخرون وصلوا متأخرين بسبب زحمة سير خانقة تسببت بها عجقة السيارات في واحد من أعرق الشوارع البيروتية (شارع بيضون) في منطقة الأشرفية.
الغائب الأكبر عن الحفل كان العنصر النسائي من أهل الطرب والغناء. فبعد اعتذار نوال الزغبي عن الحضور لتسلم جائزتها كأفضل مطربة لبنانية، تم حجب هذه الجائزة عن برنامج الحفل. وفي المقابل لوحظ حضور كثيف لنجوم التمثيل الذين توزعوا بين شركتي الإنتاج «الصباح أخوان» و«إيغل فيلمز». فأطل معتصم النهار ونادية الجندي وديما قندلفت وسلوى خطاب وماغي بو غصن ودانييلا رحمة وباسم مغنية وغيرهم. وطغى حضور النجمة نادين نسيب نجيم على الأجواء، إذ كانت الصحافة وكاميرات التصوير والمهنئون لها على جائزتها كأفضل ممثلة لبنانية عربية عن مسلسلي «خمسة ونص» و«2020» يحيطون بها بكثافة. وألقت نجيم كلمة في المناسبة أكدت فيها أن أمنيتها الرئيسية اليوم، هو أن يتكاتف اللبنانيون، ويجتمعون تحت راية الوطن الواحد غير سامحين لأحد بالتفريق بينهم.
أما النجمة المصرية نادية الجندي والتي أطلّت بكامل أناقتها وقد ارتدت زياً أبيض، فما إن اعتلت المسرح لتسلم جائزتها حتى توجهت بتحية إلى لبنان الصامد. وقالت: «تحية إلى شعب لبنان الذي يعشق الحياة، الحرية ولا يحزن أبداً لتمتعه بروح التحدي».
واستهل الحفل بلوحة فنية راقصة لفرقة «المياس» اللبنانية على موسيقى أغنية «لبيروت» التي أداها بصوته الفنان ستار سعد. كما تلونت المناسبة بإطلالات لعدة فنانين قدموا أغنيات وطنية وغيرها كزياد برجي وغسان صليبا. وصفق الحضور طويلاً للفنان عاصي الحلاني الذي حضر إلى الحفل متخطياً أوجاعه بسبب عملية جراحية خضع لها في باريس. فقدم أغنية «بيكفي إنك لبناني»، متسلماً جائزته كأفضل مغنٍ لبناني. وبالتالي شارك في الغناء الفنان وليد توفيق الذي كرمه المهرجان كأهم نجم غناء لبناني.
غلب على الحفل أجواء البساطة والسلاسة، تماماً كما سبق وأعلن عنه منظماه الطبيبان فادي وزاهي حلو. فكان متقناً بتنظيمه ودافئاً بحضور يفيض بكمية حب بالغة لبيروت، التي استذكرها النجوم المكرمون من دون استثناء. لم يخل الحفل من انتقادات عادية من قبل البعض بالنسبة لتكرار عمليات التكريم لنفس الأسماء تقريباً. وبررت اللجنة المشرفة على الحفل ذلك بأن النجوم أنفسهم يشاركون في أهم أعمال الدراما كل سنة، وهو ما يضيق نطاق الخيارات. وكانت التكريمات التي خصصها مهرجان «موركس دور» قد شملت أعمالاً فنية لثلاث سنوات متتالية 2019 و2020 و2021. ولوحظت ديناميكية الأخوين حلو في الإشراف على الحفل بحيث لم يستريحا طيلة مجرياته. وأكدا في حديث لـ«الشرق الأوسط» بأنهما مرتاحان لسير الحفل وأنه بمثابة طاقة أمل لبيروت وللبنانيين أجمعين.
وفي حديث سريع مع الممثل قصي الخولي الذي لفت الحضور بإطلالته الخارجة عن المألوف والشبيهة بإطلالة النجم الأميركي جوني ديب، قال لـ«الشرق الأوسط»: «لم يكن من المفروض أن أكشف عن الشكل الخارجي الذي يرافق الشخصية الجديدة التي ألعبها في مسلسلي الجديد (توتر عالي). ولكني آثرت المشاركة في هذا الحفل كما أنا، لأنه عزيز على قلبي».
من ناحيته، فقد تسلم النجم السوري معتصم النهار جائزة النجم العربي الأكثر تميزاً وجماهيرية. واستعان بقصيدة للشاعر اللبناني سعيد عقل «قرأت مجدك» سبق وغنتها فيروز، يحكي فيها عن دمشق. وأهدى جائزته لسوريا ولبنان البلدين العزيزين على قلبه.
وتوزعت باقي الجوائز التكريمية لتشمل ناصيف زيتون وجاد شويري ورحمة رياض وبشوار جواد. الأول كنجم غناء عربي سوري والثاني كمنتج ومخرج شبابي، والثالثة كنجمة غناء عربية عراقية والرابع عن فئة الأغنية اللبنانية الضاربة.
كما جرى تكريم مجموعة أخرى من الفنانين عن فيديو كليبات كأغنية «بيروت الأنثى» لنانسي عجرم. وحصدت أغنية «بالبنط العريض» لحسين الجسمي جائزة أفضل أغنية عربية. ومن الممثلين اللبنانيين الذين تم تكريمهم أحمد الزين وجورج خباز وجان دكاش وماغي بو غصن. وهذه الأخيرة حصدت جائزة أفضل ممثلة لبنانية عن تميزها في مسلسل «للموت».
وفي كواليس الحفل شكّل حضور كل من المنتجين صادق الصباح وجمال سنان الزخم الأقوى. فكانا بمثابة عملاقين يتنافسان على اكتساب الجوائز التكريمية. وقد حصد كل منهما جائزة عن الإنتاج الدرامي. وانقسمت الصالة المستضيفة للحفل تلقائياً بينهما بحيث جلس سنان على يمين المسرح مع كامل فريقه التمثيلي والإخراجي، فيما قابله من الناحية الثانية صادق الصباح مع نخبة من نجوم أعماله السابقة والحالية. وكانت أصوات مؤيديهما ترتفع في اللحظات التي يجري فيها تكريم واحد من فريقهما. ومن الأمور التي حصلت في الكواليس أيضاً هو فقدان الفنانة رحمة رياض وعيها إثر وصولها إلى مكان الحفل، ليتبين أنه بسبب إرهاق شديد تعرضت له قبل وصولها. فهي كانت تشارك في إحياء حفلة لها في الرياض، وغادرتها مباشرة إلى لبنان من دون أن تأخذ قسطاً من الراحة أو أن تتناول الطعام.
وكان الحفل قد خصص تكريماً للموسيقي الراحل إلياس الرحباني تمثل في أداء مجموعة من أغانيه. ونال كل من الكاتبين نادين جابر وبلال شحادات جائزتين كأفضل كاتبة سيناريو لبنانية وكأفضل كاتب سيناريو عربي. ونالت الممثلة ديما قندلفت جائزة أفضل ممثلة عربية عن دورها في «الهيبة - الرد». وحصد باسم مغنية جائزة «موركس دور» عن أفضل ممثل لبناني. كما جرى تكريم الطاقم الطبي والصليب الأحمر في لبنان واللذين كانا في الصفوف الأمامية خلال الجائحة. واختتم الحفل بأداء مجموعة أغاني بعنوان «ميدلي بيروت» للمغنية تاليا، وسبقتها إطلالات للفنانين غسان صليبا وأروى وكميل شمعون الذي غنى ثلاث شارات لمسلسلات عربية حققت نجاحاً باهراً.



بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
TT

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)

منذ الحلقة الأولى لمسلسل «النار بالنار» لفت تيم عزيز المشاهد في دور (بارود). فهو عرف كيف يتقمص شخصية بائع اليانصيب (اللوتو) بكل أبعادها. فألّف لها قالباً خاصاً، بدأ مع قَصة شعره ولغة جسده وصولاً إلى أدائه المرفق بمصطلحات حفظها متابع العمل تلقائياً.
البعض قال إن دخول تيم عزيز معترك التمثيل هو نتيجة واسطة قوية تلقاها من مخرج العمل والده محمد عبد العزيز، إلا أن هذا الأخير رفض بداية مشاركة ابنه في العمل وحتى دخوله هذا المجال. ولكن المخرج المساعد له حسام النصر سلامة هو من يقف وراء ذلك بالفعل. ويقول تيم عزيز لـ«الشرق الأوسط»: «حتى أنا لم أحبذ الفكرة بداية. لم يخطر ببالي يوماً أن أصبح ممثلاً. توترت كثيراً في البداية وكان همي أن أثبت موهبتي. وفي اليوم الخامس من التصوير بدأت ألمس تطوري».
يحدثك باختصار ابن الـ15 سنة ويرد على السؤال بجواب أقصر منه. فهو يشعر أن الإبحار في الكلام قد يربكه ويدخله في مواقف هو بغنى عنها. على بروفايل حسابه الإلكتروني «واتساب» دوّن عبارة «اخسر الجميع واربح نفسك»، ويؤكد أن على كل شخص الاهتمام بما عنده، فلا يضيع وقته بما قد لا يعود ربحاً عليه معنوياً وفي علاقاته بالناس. لا ينكر أنه بداية، شعر بضعف في أدائه ولكن «مو مهم، لأني عرفت كيف أطور نفسي».
مما دفعه للقيام بهذه التجربة كما يذكر لـ«الشرق الأوسط» هو مشاركة نجوم في الدراما أمثال عابد فهد وكاريس بشار وجورج خباز. «كنت أعرفهم فقط عبر أعمالهم المعروضة على الشاشات. فغرّني الالتقاء بهم والتعاون معهم، وبقيت أفكر في الموضوع نحو أسبوع، وبعدها قلت نعم لأن الدور لم يكن سهلاً».
بنى تيم عزيز خطوط شخصيته (بارود) التي لعبها في «النار بالنار» بدقة، فتعرف إلى باعة اليناصيب بالشارع وراقب تصرفاتهم وطريقة لبسهم وأسلوب كلامهم الشوارعي. «بنيت الشخصية طبعاً وفق النص المكتوب ولونتها بمصطلحات كـ(خالو) و(حظي لوتو). حتى اخترت قصة الشعر، التي تناسب شخصيتي، ورسمتها على الورق وقلت للحلاق هكذا أريدها».
واثق من نفسه يقول تيم عزيز إنه يتمنى يوماً ما أن يصبح ممثلاً ونجماً بمستوى تيم حسن. ولكنه في الوقت نفسه لا يخفي إعجابه الكبير بالممثل المصري محمد رمضان. «لا أفوت مشاهدة أي عمل له فعنده أسلوبه الخاص بالتمثيل وبدأ في عمر صغير مثلي. لم أتابع عمله الرمضاني (جعفر العمدة)، ولكني من دون شك سأشاهد فيلمه السينمائي (هارلي)».
لم يتوقع تيم عزيز أن يحقق كل هذه الشهرة منذ إطلالته التمثيلية الأولى. «توقعت أن أطبع عين المشاهد في مكان ما، ولكن ليس إلى هذا الحد. فالناس باتت تناديني باسم بارود وتردد المصطلحات التي اخترعتها للمسلسل».
بالنسبة له التجربة كانت رائعة، ودفعته لاختيار تخصصه الجامعي المستقبلي في التمثيل والإخراج. «لقد غيرت حياتي وطبيعة تفكيري، صرت أعرف ماذا أريد وأركّز على هدف أضعه نصب عيني. هذه التجربة أغنتني ونظمت حياتي، كنت محتاراً وضائعاً أي اختصاص سأدرسه مستقبلاً».
يرى تيم في مشهد الولادة، الذي قام به مع شريكته في العمل فيكتوريا عون (رؤى) وكأنه يحصل في الواقع. «لقد نسيت كل ما يدور من حولي وعشت اللحظة كأنها حقيقية. تأثرت وبكيت فكانت من أصعب المشاهد التي أديتها. وقد قمنا به على مدى يومين فبعد نحو 14 مشهداً سابقاً مثلناه في الرابعة صباحاً صورنا المشهد هذا، في التاسعة من صباح اليوم التالي».
أما في المشهد الذي يقتل فيه عمران (عابد فهد) فترك أيضاً أثره عنده، ولكن هذه المرة من ناحية الملاحظات التي زوده بها فهد نفسه. «لقد ساعدني كثيراً في كيفية تلقف المشهد وتقديمه على أفضل ما يرام. وكذلك الأمر بالنسبة لكاريس بشار فهي طبعتني بحرفيتها. كانت تسهّل علي الموضوع وتقول لي (انظر إلى عيني). وفي المشهد الذي يلي مقتلها عندما أرمي الأوراق النقدية في الشارع كي يأخذها المارة تأثرت كثيراً، وكنت أشعر كأنها في مقام والدتي لاهتمامها بي لآخر حد»
ورغم الشهرة التي حصدها، فإن تيم يؤكد أن شيئاً لم يتبدل في حياته «ما زلت كما أنا وكما يعرفني الجميع، بعض أصدقائي اعتقد أني سأتغير في علاقتي بهم، لا أعرف لماذا؟ فالإنسان ومهما بلغ من نجاحات لن يتغير، إذا كان معدنه صلباً، ويملك الثبات الداخلي. فحالات الغرور قد تصيب الممثل هذا صحيح، ولكنها لن تحصل إلا في حال رغب فيها».
يشكر تيم والده المخرج محمد عبد العزيز لأنه وضع كل ثقته به، رغم أنه لم يكن راغباً في دخوله هذه التجربة. ويعلق: «استفدت كثيراً من ملاحظاته حتى أني لم ألجأ إلا نادراً لإعادة مشهد ما. لقد أحببت هذه المهنة ولم أجدها صعبة في حال عرفنا كيف نعيش الدور. والمطلوب أن نعطيها الجهد الكبير والبحث الجدّي، كي نحوّل ما كتب على الورق إلى حقيقة».
ويشير صاحب شخصية بارود إلى أنه لم ينتقد نفسه إلا في مشاهد قليلة شعر أنه بالغ في إبراز مشاعره. «كان ذلك في بداية المسلسل، ولكن الناس أثنت عليها وأعجبت بها. وبعدما عشت الدور حقيقة في سيارة (فولسفاكن) قديمة أبيع اليانصيب في الشارع، استمتعت بالدور أكثر فأكثر، وصار جزءاً مني».
تيم عزيز، الذي يمثل نبض الشباب في الدراما اليوم، يقول إن ما ينقصها هو تناول موضوعات تحاكي المراهقين بعمره. «قد نجدها في أفلام أجنبية، ولكنها تغيب تماماً عن أعمالنا الدرامية العربية».