قلق بين الخرطوم ولندن على مستقبل طلاب الطب الذين التحقوا بـ«داعش»

بعض العائلات وصلت إلى إسطنبول بحثًا عن أبنائها

قلق بين الخرطوم ولندن على مستقبل طلاب الطب الذين التحقوا بـ«داعش»
TT

قلق بين الخرطوم ولندن على مستقبل طلاب الطب الذين التحقوا بـ«داعش»

قلق بين الخرطوم ولندن على مستقبل طلاب الطب الذين التحقوا بـ«داعش»

أثارت أخبار تأكدت عن سفر مجموعة من صغار الأطباء وطلاب طب سودانيين إلى سوريا قلق قطاع واسع من المجتمع السوداني، خشية انضمامهم إلى «داعش».
وتشير معلومات إلى أن العدد قد يفوق 12 طبيبا من أسر سودانية معروفة فيما تأكد أنهم شباب نشأوا وترعرعوا ببريطانيا، ويحملون جوازات سفر بريطانية، وأن معظم أسرهم تقيم حيث تعمل بإنجلترا، وأنها قامت بإرسال الأبناء للدراسة بالسودان، لمزيد من التواصل والترابط مع الجذور، وهذا سلوك ينتشر بين «المغتربين السودانيين ذوي الكفاءات ممن يهاجرون خارج السودان لأسباب مختلفة، لكنهم يبقون على صلات قوية بالوطن».
هذا وكانت المجموعة قد غادرت مطار الخرطوم بالطائرة التركية، ولم تتأكد وجهتهم إلى سوريا إلا عبر رسالة نصية بعثت بها تسنيم أبو شيبة إلى ذويها تخبرهم أنها موجودة بتركيا في طريقها إلى سوريا، مرفقة بعض الصور.
ووفقا لمعلومات حصلت عليها «الشرق الأوسط» فإن المفقودين نجحوا في خلق أعذار تبرر غيابهم عن منازل الأسر الممتدة، حيث يقيمون بالخرطوم، مما سهل خروج الفتيات منهم على وجه الخصوص دون مساءلة، كما هي العادة بمطار الخرطوم كونهن يحملن جوازات سفر بريطانية، ولهذا لا تتطلب مغادرتهن أكثر من تأشيرة خروج يصدرها مكتب الجوازات الملحق بالمطار، بعد تسديد رسوم معلومة.
ومن الأسماء التي تأكدت «الشرق الأوسط» من سفرها، وفق معلومات أسرية، كل من الطبيب محمد وشقيقته ندى الطالبة بالسنة الثانية طب بجامعة مأمون حميدة، ابنَي الطبيبة سمية مصطفى الأمين، والطبيب سامي سعد عمر، ويعمل كل من الأب والأم بإنجلترا.
الدكتورة تسنيم أبو شيبة ابنة الدكتورة أميرة عباس فضل، طبيبة بمستشفى الشرطة الخرطوم، والدكتور سليمان حسين مدير مستشفى سوبا الجامعي.
الطالبة لينا ابنة الدكتور مأمون عبد القادر أبو شيبة اختصاصي عظام بإنجلترا، وزوجته الطبيبة اختصاصية الأطفال هدى فاوي.
لوجين وتامر ابني الدكتور أحمد أبو سبح والدتهما الدكتورة إشراقة الجيلي.
وتخشى الأسر أن يكون سفر الأبناء بغرض الانضمام إلى «داعش»، نتيجة عمليات غسل مخ تعرضوا لها ولفترة طويلة، وكما أشارت بعض مصادر «الشرق الأوسط» من الخرطوم لمحاضرات يشارك فيها بعض من أئمة مساجد بالإضافة إلى أئمة أجانب غالبا من سوريا.
وفي اتصال لـ«الشرق الأوسط» مع مصدر من لندن، فإن بعض مظاهر التطرف سبق أن ظهرت على بعض الفتيات قبل أكثر من عامين، مما لفت انتباه الأمهات فتفرغن تماما لتوعية بناتهن حتى خلعن النقاب، وعدن لممارسة حياتهن العادية كأي فتيات مسلمات ومتعلمات في أعمارهن.
وقد توجه عدد من الآباء إلى العاصمة التركية أنقرة، ومنهم الطبيب سليمان حسين وزوجته أميرة عباس فضل ومأمون أبو شيبة وسامي سعد، وزوجته سمية مصطفى، بالإضافة إلى الطبيب أحمد أبو سبح، محاولين البحث عن أبنائهم، فيما تم تسليم صور الأبناء لكل من السفارة السودانية والسفارة البريطانية بأنقرة والأمن التركي، كما انتشرت في مواقع كثيرة ووسائل إعلام عالمية خصوصا البريطانية.
وردا على اتصال أجرته «الشرق الأوسط» بمصدر عليم يعمل بالمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، أوضح أن الحدود بين تركيا وسوريا يصل طولها إلى نحو 900 ميل بها أكثر من 13 معبرا رسميا يعمل منها حاليا معبران اثنان فقط، هما سان أورفا وكلس، فيما تنتشر مواقع عبور لا عدد لها يستخدمها المهربون ويدخل منها ويخرج كل من يشاء.
وحول أسهل الطرق التي يمكن أن يعبرها مثل هؤلاء الشباب، قال إنهم دون شك قد عبروا بواسطة جماعة نظمت معهم مسبقا لاستقبالهم، ودون شك كانت لهم ترتيبات مسبقة لتحديد مكان لقاء، مؤكدا أن استعادتهم إن لحقوا بـ«داعش» قد تكون أمرا صعبا، وليس من الصعب التأكد من موقعهم في حال الاستعانة بالاستخبارات البريطانية التي لها عناصر مزروعة داخل المناطق التي تسيطر عليها «داعش»، أو كما قال.
من جانبها، نشطت وسائل التواصل الاجتماعي في تناول الحدث مزدحمة بآراء تعبر عن القلق والفزع، مع إشارات لوجود سودانيين وسوريين وحتى أوروبيين متطرفين في أكثر من مدينة سودانية وليس الخرطوم وحدها، ولا يخلو الأمر من تحفيزات بأن «داعش» يعمل على توظيف طاقات متخصصة بسبب ما تعانيه من نقص الكوادر المؤهلة.
من جانبها تزدحم بيوت أسر «المجموعة» بالخرطوم وحتى في لندن بحركة دؤوبة وكثير من الزيارات للمواساة وتخفيف المصاب، كما هي العادة وتقاليد الترابط السوداني الاجتماعي المعروف.



الحوثيون يعلنون اقتصار هجماتهم البحرية على السفن المرتبطة بإسرائيل

جدارية في صنعاء وضعها الحوثيون لتبرير هجماتهم في البحر الأحمر بأنها ضد إسرائيل (إ.ب.أ)
جدارية في صنعاء وضعها الحوثيون لتبرير هجماتهم في البحر الأحمر بأنها ضد إسرائيل (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يعلنون اقتصار هجماتهم البحرية على السفن المرتبطة بإسرائيل

جدارية في صنعاء وضعها الحوثيون لتبرير هجماتهم في البحر الأحمر بأنها ضد إسرائيل (إ.ب.أ)
جدارية في صنعاء وضعها الحوثيون لتبرير هجماتهم في البحر الأحمر بأنها ضد إسرائيل (إ.ب.أ)

أعلنت الجماعة الحوثية في اليمن أنها ستكتفي، فقط، باستهداف السفن التابعة لإسرائيل خلال مرورها في البحر الأحمر، بعد بدء سريان وقف إطلاق النار في قطاع غزة، بحسب رسالة بالبريد الإلكتروني أرسلتها الجماعة، الأحد، إلى شركات الشحن وجهات أخرى.

ونقل ما يسمى بـ«مركز تنسيق العمليات الإنسانية»، التابع للجماعة الحوثية، أن الهجمات على السفن التجارية في البحر الأحمر، ستقتصر، فقط، على السفن المرتبطة بإسرائيل بعد دخول وقف إطلاق النار في قطاع غزة حيز التنفيذ.

وأضاف المركز، الذي كلفته الجماعة بالعمل حلقةَ وصل بينها وشركات الشحن التجاري، أنها توعدت الولايات المتحدة وبريطانيا وإسرائيل باستئناف الضربات على السفن التابعة لها في حال استمرار هذه الدول في هجماتها الجوية على المواقع التابعة لها والمناطق الخاضعة لسيطرتها.

وسبق للجماعة الحوثية تحذير الدول التي لديها وجود عسكري في البحر الأحمر من أي هجوم عليها خلال فترة وقف إطلاق النار في قطاع غزة.

وتوعدت في بيان عسكري، أنها ستواجه أي هجوم على مواقعها خلال فترة وقف إطلاق النار في غزة، بعمليات عسكرية نوعية «بلا سقف أو خطوط حمراء».

لقطة أرشيفية لحاملة الطائرات الأميركية هاري ترومان التي أعلن الحوثيون استهدافها 8 مرات (رويترز)

كما أعلنت الجماعة، الأحد، على لسان القيادي يحيى سريع، المتحدث العسكري باسمها، استهداف حاملة الطائرات أميركية هاري ترومان شمال البحر الأحمر بمسيرات وصواريخ لثامن مرة منذ قدومها إلى البحر الأحمر، بحسب سريع.

وسبق لسريع الإعلان عن تنفيذ هجوم على هدفين حيويين في مدينة إيلات جنوب إسرائيل، السبت الماضي، باستخدام صاروخين، بعد إعلان سابق باستهداف وزارة الدفاع الإسرائيلية في تل أبيب بصاروخ باليستي، في حين اعترف الجيش الإسرائيلي باعتراض صاروخين أُطْلِقا من اليمن.

موقف جديد منتظر

وفي وقت مبكر من صباح الأحد كشفت وسائل إعلام تابعة للجماعة الحوثية عن استقبال 4 غارات أميركية، في أول ساعات سريان «هدنة غزة» بين إسرائيل، و«حركة حماس».

ويتوقع أن تكون الضربات الأميركية إشارة إلى أن الولايات المتحدة ستواصل تنفيذ عملياتها العسكرية ضد الجماعة الحوثية في سياق منعزل عن التطورات في غزة واتفاق الهدنة المعلن، بخلاف المساعي الحوثية لربط العمليات والمواجهات العسكرية في البحر الأحمر بما يجري في القطاع المحاصر.

ومن المنتظر أن تصدر الجماعة، الاثنين، بياناً عسكرياً، كما ورد على لسان سريع، وفي وسائل إعلام حوثية، بشأن قرارها اقتصار هجماتها على السفن التابعة لإسرائيل، والرد على الهجمات الأميركية البريطانية.

كما سيلقي زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي خطاباً متلفزاً، بمناسبة بدء اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة.

وزعم سريع، السبت الماضي، وجود رغبة لدى الجماعة لوقف هجماتها على إسرائيل بمجرد دخول وقف إطلاق النار في غزة حيز التنفيذ، وإيقاف الهجمات على السفن التجارية في البحر الأحمر؛ إذا توقفت الولايات المتحدة وبريطانيا عن مهاجمة أهداف في اليمن.

كما أكّد زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الأسبوع الماضي، أن الهجمات على إسرائيل ستعود في حال عدم احترام اتفاق وقف إطلاق النار.

ومنذ نوفمبر (تشرين الثاني) من العام قبل الماضي تستهدف الجماعة الحوثية سفناً في البحر الأحمر بزعم تبعيتها لإسرائيل، حيث بدأت باحتجاز السفينة جالكسي ليدر التي ترفع علم جزر الباهاما في المياه الدولية، والتي لا تزال، وأفراد طاقمها البالغ عددهم 25 فرداً، قيد الاحتجاز لدى الجماعة.

السفينة «غالاكسي ليدر» التي تحتجزها الجماعة الحوثية منذ 14 شهراً (رويترز)

وأتبعت الجماعة ذلك بتوسع عملياتها لتشمل السفن البريطانية والأميركية، بصواريخ باليستية وطائرات مسيَّرة في المياه القريبة من شواطئ اليمن بزعم دعم ومساند سكان قطاع غزة ضد الحرب الإسرائيلية.

وتسببت تلك الهجمات في تعطيل جزء كبير من حركة التجارة الدولية، وأجبرت شركات الشحن والملاحة على تغيير مسار السفن التابعة لها، واتخاذ مسار أطول حول جنوب قارة أفريقيا بدلاً من عبور قناة السويس.

وأدى كل ذلك إلى ارتفاع أسعار التأمين وتكاليف الشحن وزيادة مدد وصولها، وبث مخاوف من موجة تضخم عالمية جديدة.

لجوء إلى التخفي

ويلجأ قادة الجماعة إلى الانتقال من مقرات إقامتهم إلى مساكن جديدة، واستخدام وسائل تواصل بدائية بعد الاستغناء عن الهواتف المحمولة والأجهزة الإلكترونية، رغم أنهم يحيطون أنفسهم، عادة، باحتياطات أمنية وإجراءات سرية كبيرة، حيث يجهل سكان مناطق سيطرتهم أين تقع منازل كبار القادة الحوثيين، ولا يعلمون شيئاً عن تحركاتهم.

أضرار بالقرب من تل أبيب نتيجة اعتراض صاروخ حوثي (غيتي)

وشهدت الفترة التي أعقبت انهيار نظام الأسد في دمشق زيادة ملحوظة في نقل أسلحة الجماعة إلى مواقع جديدة، وتكثيف عميات التجنيد واستحداث المواقع العسكرية، خصوصاً في محافظة الحديدة على البحر الأحمر.

كما كشفت مصادر لـ«الشرق الأوسط»، خلال الأيام الماضية أن الاتصالات بقيادة الصف الأول للجماعة المدعومة من إيران لم تعد ممكنة منذ مطلع الشهر الحالي على الأقل، نتيجة اختفائهم وإغلاق هواتفهم على أثر التهديدات الإسرائيلية.

وأنشأت الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا في ديسمبر (كانون الأول) من العام نفسه، تحالفاً عسكرياً تحت مسمى تحالف الازدهار، لمواجهة الهجمات الحوثية وحماية الملاحة الدولية، وفي يناير (كانون الثاني) الماضي بدأ التحالف هجماته على المواقع العسكرية للجماعة والمنشآت المستخدمة لإعداد وإطلاق الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة.

وأطلق الاتحاد الأوروبي، في فبراير (شباط) الماضي، قوة بحرية جديدة تحت مسمى «خطة أسبيدس»، لحماية الملاحة البحرية في البحر الأحمر، وحدد مهامها بالعمل على طول خطوط الاتصال البحرية الرئيسية في مضيق باب المندب ومضيق هرمز، وكذلك المياه الدولية في البحر الأحمر وخليج عدن وبحر العرب وخليج عمان والخليج، على أن يكون المقر في لاريسا اليونانية.

احتفالات حوثية في العاصمة صنعاء بوقف إطلاق النار في غزة (إعلام حوثي)

وتزامنت هجمات الجماعة الحوثية على السفن التجارية في البحر الأحمر مع هجمات بطائرات مسيرة وصواريخ باليستية على مدن ومواقع إسرائيلية، ما دفع سلاح الجو الإسرائيلي للرد بضربات جوية متقطعة، 5 مرات، استهدف خلالها منشآت حيوية تحت سيطرة الجماعة.

وشملت الضربات الإسرائيلية ميناء الحديدة وخزانات وقود ومحطات كهرباء في العاصمة صنعاء.

ونظمت الجماعة الحوثية في العاصمة صنعاء، الأحد، عدداً من الاحتفالات بمناسبة وقف إطلاق النار في قطاع غزة، رفعت خلالها شعارات ادعت فيها أن عملياتها العسكرية في البحر الأحمر وهجماتها الصاروخية على الدولة العبرية، أسهمت في إجبارها على القبول بالهدنة والانسحاب من القطاع.

وتأتي هذه الاحتفالات مترافقة مع مخاوف قادة الجماعة من استهدافهم بعمليات اغتيال كما جرى مع قادة «حزب الله» اللبناني خلال العام الماضي، بعد تهديدات إسرائيلية باستهدافهم، وسط توقعات بإصابة قادة عسكريين كبار خلال الضربات الأميركية الأخيرة في صنعاء.