نظارات مغولية بعدسات من الزمرد والماس للمرة الأولى في مزاد

تتراوح قيمة كل منها بين 1.5 و2.5 مليون جنيه إسترليني

نظارات من الماس والزمرد من القرن الـ17 سيتم عرضها في المزاد العلني لأول مرة بملايين الجنيهات الإسترلينية لكل منها (سوذبيز) - نظارة بعدسات من الألماس تحمل مسمى «هالة النور» (سوذبيز) - نظارة بعدسات من الزمرد تعود لأحد أباطرة المغول في القرن الـ17 (سوذبيز)
نظارات من الماس والزمرد من القرن الـ17 سيتم عرضها في المزاد العلني لأول مرة بملايين الجنيهات الإسترلينية لكل منها (سوذبيز) - نظارة بعدسات من الألماس تحمل مسمى «هالة النور» (سوذبيز) - نظارة بعدسات من الزمرد تعود لأحد أباطرة المغول في القرن الـ17 (سوذبيز)
TT

نظارات مغولية بعدسات من الزمرد والماس للمرة الأولى في مزاد

نظارات من الماس والزمرد من القرن الـ17 سيتم عرضها في المزاد العلني لأول مرة بملايين الجنيهات الإسترلينية لكل منها (سوذبيز) - نظارة بعدسات من الألماس تحمل مسمى «هالة النور» (سوذبيز) - نظارة بعدسات من الزمرد تعود لأحد أباطرة المغول في القرن الـ17 (سوذبيز)
نظارات من الماس والزمرد من القرن الـ17 سيتم عرضها في المزاد العلني لأول مرة بملايين الجنيهات الإسترلينية لكل منها (سوذبيز) - نظارة بعدسات من الألماس تحمل مسمى «هالة النور» (سوذبيز) - نظارة بعدسات من الزمرد تعود لأحد أباطرة المغول في القرن الـ17 (سوذبيز)

حسب القول السائد، فالمتفائل ينظر للحياة من خلال نظارات وردية، ولكن بالنسبة لأباطرة المغول كانت الحياة تزهو بلون الزمرد والماس، كما يشهد بذلك زوجان من النظارات المصنوعة عدساتها من الزمرد والماس تعرضها دار «سوذبيز» بلندن للبيع في مزادها القادم لفنون العالم الإسلامي في شهر أكتوبر (تشرين الأول). تجمع القطع الأثرية الرائعة التي تعكس المكانة العالية لصاحبها، أيضاً معاني العلم والجمال والإيمان. يحمل زوج الألماس مسمى «هالة النور» وزوج الزمرد «بوابة الجنة»، وسيتم عرضها في المزاد العلني لأول مرة، مع تقديرات تتراوح بين 1.5 و2.5 مليون جنيه إسترليني لكل منها.
النظارات تبدو كقطع فنية بديعة الشكل، كل شيء فيها مصنوع بإتقان، تنضح بالفخامة والرفعة والحس الفني العالي، بدءاً من الشخص الذي كلف الصانعين بعملها، وأيضاً من الحرفيين الذين قاموا على تشكيل الأحجار الكريمة بهذا التنسيق المبدع. صنعت القطع في وقت بلغت فيه الثروة الإمبراطورية والمعرفة العلمية والجهود الفنية ذروتها في الوقت نفسه بتكليف من أمير مجهول، قام فنان بتشكيل ماسة تزن أكثر من مائتي قيراط، وزمرد لامع يزن ما لا يقل عن ثلاثمائة قيراط، في تحفتين.
إدوارد غيبز رئيس مجلس إدارة قسم الشرق الأوسط والهند بـ«سوذبيز» يعرف هذه النظارات جيداً، وقضى في حضرتها، سواء الفعلية أو عبر الوثائق والكتب، شهوراً طويلة. يتحدث معي عبر مقابلة هاتفية عن تلك القطع الاستثنائية التي أثارت انبهار كل من رآها، وأثارت زوبعة من الاهتمام على وسائل التواصل الاجتماعي.
أسأله أولاً لإرضاء فضولي: «هل قمت بارتدائها؟»، يجيبني: «بالطبع قمت بتجربتها، فهي نظارات مصنوعة للاستخدام، جربتها وكان لها تأثير غريب جداً يلعب بالعقل. العدسات الزمردية تحملك لعالم آخر، إلى بحر من اللون الأخضر، وهو إحساس مثير جداً، أما العدسات الماسية فلها تأثير آخر متميز».
«هل يمكنك أن ترى بوضوح من خلالها؟» يجيب: «نعم ليس بوضح النظر من خلال لوح زجاج، ولكن يحس الشخص وكأنه يرتدي نظارات مصنوعة لشخص آخر، الرؤية تبدو غائمة ومشوشة بعض الشيء».
نكتفي بالأسئلة العملية وننتقل للعنصر المبهر هنا، وهو حجم تلك الأحجار الكريمة التي تتمثل في العدسات أولاً، ثم في أحجار الماس المحيطة بالإطار. قص وتشكيل وصياغة المجوهرات أمر برع فيها الصناع في الهند، خصوصاً في حقبة المغول، وتزهو المتاحف العالمية بنماذج فائقة منها، غير أن النظارات أمامنا تتفوق على معظم ما رأيناه من قبل، من جانب الحجم الضخم للأحجار، وهو ما يجعلنا نفكر في أصلها، من أين استخرجت، وكيف امتلك الصائغ الجرأة وقوة الأعصاب لقطع الأحجار وصقلها.
يشير غيبز إلى أن الأحجار الكريمة قطعت وشكلت باليد، ويرجح أن يكون ذلك في القرن الـ17 على أقصى تقدير، حيث إن القرن الـ18 شهد تطور آلات قطع الجواهر. القرن السابع عشر إذن، نقترب قليلاً من تاريخ صنع النظارات، غير أننا لن نستطيع الوصول للوقت المحدد. يرى الخبير أن قطعاً مثل هذه لا بد أن تكون قد صنعت في فترة حكم أحد الأباطرة الكبار والمعروف عنهم عشقهم الجامح للجواهر الكريمة، «نرى أنها تعود لعهد أحد الأباطرة العظام مثل شاهنجير أو شاه جاهان». يشير إلى أن النظارتين صنعتا في البداية كنظارة أنفية، وهو المعتاد في ذلك الوقت، ثم تمت إضافة أذرع معدنية لها في القرن 19، «ربما بسبب تغير الموضة أو بسبب مالك جديد أراد تغيير شكلها».
نعرف على وجه اليقين أن النظارات الأنفية كانت متداولة في الهند في القرن الـ17، يشير غيبز، ويضيف أن هناك رسماً لابن الإمبراطور شاه جاهان محمولاً على محفة وأمامه على سطح زوجا النظارات الأنفية.
ونعرف أيضاً أن المبشرين البرتغاليين الذين زاروا البلاط الإمبراطوري في الهند كانوا يحملون معهم أو يرتدون مثل هذه النظارات.
بالنسبة لوظيفة النظارات، يؤكد غيبز على أنها كانت مصنوعة للاستخدام، وكانت على طراز النظارات الأنفية، نعرف على اليقين أنها صنعت لشخصية رفيعة في البلاط.
الماس المستخدم لا تشوبه شائبة، ويقدر بأكثر من 200 قيراط مستمد من منجم في كولكندا جنوب الهند، «حجر بهذا الحجم ثمين جداً بالتأكيد كان مخصصاً للبلاط». أما العدسات الزمردية فهي مأخوذة من حجر بوزن 300 قيراط، وبالمثل فإن حجر بهذا الحجم لا بد أن يكون قد ابتيع من أحد التجار البرتغاليين الذين أحضروه من كولمبيا، حيث استخرج من أحد المناجم هناك، وبالأكيد تكون قد وجهت للبلاط.
يقول غيبز، «الأمر المثير هو المجازفة الضخمة التي تتضمن قطع أحجار بهذا الحجم والخوف من إتلافها»، وأسأله إن كان الصائغ من أوروبا أم من الهند. يشير إلى أمر مهم، وهو أن صناعة وصياغة الجواهر حرفة بلغت الكثير من الرقي والتمرس في الهند، ولكن هناك عاملاً آخر وهو أن تلك الفترة شهدت وجود أوروبيين في الهند يحملون معرفة كبيرة بطرق قطع الأحجار الكريمة. «هناك دليل حتمي على تزاوج الخبرات الأوروبية والهندية في هذا المجال سخرها واستفاد منها الأباطرة المغول المعروفون بعشقهم للجواهر والأحجار الكريمة».
في حين أن العدسات العادية تعمل فقط على تحسين البصر، فإن هذه المرشحات كانت تساعد على التنوير الروحي - مع الماس الذي يُعتقد أنه ينير، ويعتقد أن الزمرد يمتلك قوى خارقة للشفاء ودرء الشر.
ورغم أن النظارات الزمردية على الأخص قد تبدو غريبة جداً، إلا أن هناك سوابق لاستخدام الزمرد لراحة العيون أو للراحة النفسية؟ هل كان أمراً معروفاً وقتها؟ يقول: «نعم، ذلك أمر شيق وجدناه عبر البحث، فبحسب التاريخ هناك استخدامات لأغراض روحانية لأحجار الزمرد أثناء الحقبة المغولية. وقبل ذلك بكثير جداً هناك دليل على أن الإمبراطور الروماني نيرو كان يراقب مسابقات المصارعة مع الوحوش من خلال سطح حجر أخضر ثمين، ربما للتخفيف من تأثير لون الدم أو بسبب أنه كان معروفاً بقصر النظر، وأن الحجر قد يكون صمم بشكل يسمح له برؤية أفضل. وبحسب روايات تاريخية كان مدرس نيرو، سينيكا، خبيراً في انكسار الضوء، والمرايا، والبصريات، ويُعتقد أن هذه واحدة من النظارات الأولى على الإطلاق. بعد عدة قرون، سجل جرد لخزينة شارل الخامس في فرنسا عدسة من البيريل (عائلة من الأحجار الكريمة بما في ذلك الزمرد والزبرجد) مؤطرة كنظارات. وفي الهند يروى أن الإمبراطور شاه جاهان بكى كثيراً بعد وفاة زوجته ما استدعى استخدام أحجار الزمرد لعلاج عينيه المريضتين.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».