«العفو الدولية» تدين «الإفلات من العقاب» في إيران فيما يتعلق بوفاة سجناء

عنصر في الأمن الإيراني يستعد لتنفيذ حكم الإعدام شنقاً بمدينة مشهد عام 2007 (أرشيفية - رويترز)
عنصر في الأمن الإيراني يستعد لتنفيذ حكم الإعدام شنقاً بمدينة مشهد عام 2007 (أرشيفية - رويترز)
TT

«العفو الدولية» تدين «الإفلات من العقاب» في إيران فيما يتعلق بوفاة سجناء

عنصر في الأمن الإيراني يستعد لتنفيذ حكم الإعدام شنقاً بمدينة مشهد عام 2007 (أرشيفية - رويترز)
عنصر في الأمن الإيراني يستعد لتنفيذ حكم الإعدام شنقاً بمدينة مشهد عام 2007 (أرشيفية - رويترز)

نددت منظمة «العفو الدولية» بـ«مناخ الإفلات من العقاب» السائد في إيران إزاء تسجيل وفاة 70 شخصاً على الأقل في الحجز خلال عشر سنوات، ومعلومات تشير إلى أن الكثير من هذه الوفيات مرتبطة باستخدام التعذيب، وفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية.
وقالت المنظمة، في بيان (الأربعاء)، إن السلطات الإيرانية «امتنعت عن إثبات المسؤولية عن 72 وفاة على الأقل في الحجز منذ يناير (كانون الثاني) 2010»، رغم ورود معلومات تشير إلى أنها حدثت بسبب استخدام «التعذيب وغيره من سوء المعاملة أو استخدام عناصر الأمن أسلحة نارية بشكل غير قانوني والغاز المسيل للدموع».
وآخِر ما وثّقته المنظمة وفاة ياسر منغوري (31 عاماً) الذي أُبلغت أسرته بوفاته من موظفين في وزارة الاستخبارات في أرومية في مقاطعة أذربيجان الغربية في 8 سبتمبر (أيلول) 2021.
وقالت هبة مرايف، مديرة المكتب الإقليمي لـ«الشرق الأوسط» وشمال أفريقيا في منظمة «العفو الدولية»: «تكشف أنباء الأمس بشأن وفاة ياسر منغوري في ظروف مريبة أكثر فأكثر كيف أن مناخ الإفلات من العقاب السائد يزيد من جرأة قوات الأمن على انتهاك حق السجناء في الحياة من دون أي خوف من العواقب أو المساءلة. إنّ رفض السلطات الممنهج لإجراء أي تحقيقات مستقلة في حالات الوفاة في الحجز هذه إنما هو انعكاس قاتم لتطبيع الحرمان التعسفي من الحياة من سلطات الدولة».
ففي 24 أغسطس (آب)، «وفَّرت مقاطع فيديو مسرَّبة من سجن (إيوين) سيّئ الصيت أدلة على استخدام الضرب والتحرّش الجنسي وغير ذلك من المعاملة السيئة التي يتعرض لها السجناء على أيدي موظفي السجن»، وفق المنظمة.
وجاء في البيان: «إن النتائج التي توصلت إليها منظمة (العفو الدولية) التي استندت إلى بحوث أجرتها المنظمة على مدى طويل وإلى مراجعة شاملة لتقارير صادرة عن منظمات حقوقية ووسائل إعلام ذات صدقية، تُبيِن أنه منذ يناير 2010 وقع ما لا يقل عن 72 حالة وفاة في 42 سجناً ومركز احتجاز في 16 محافظة في مختلف أنحاء البلاد».
وأضاف البيان: «في 46 حالة وفاة في الحجز، ذكرت مصادر مطَّلعة، من بينها أقرباء المتوفين و-أو نزلاء سجون كانوا مسجونين معهم، أن الوفيات نتجت عن التعذيب الجسدي أو غيره من ضروب المعاملة السيئة على أيدي عملاء المخابرات والأمن أو موظفي السجون».
وتابع: «وقعت 15 حالة وفاة أخرى على أثر الاستخدام المميت للأسلحة النارية و-أو الغاز المسيل للدموع على أيدي حراس الأمن في السجون بهدف قمع الاحتجاجات التي قام بها السجناء بسبب خوفهم من الإصابة بفيروس (كوفيد – 19) وفقاً لمصادر موثوقة، وفي الحالات الإحدى عشرة المتبقية، وقعت الوفيات في ظروف مريبة، ولكن لم تتوفر أي تفاصيل أخرى بشأن أسبابها المحتملة، وقد وقعت أغلبية الوفيات المسجَلة منذ عام 2015».
وأوضحت المنظمة: «عادةً ما تعزو السلطات الإيرانية الوفيات في الحجز إلى الانتحار، أو تعاطي جرعات زائدة من المخدرات، أو المرض، وذلك بطريقة متعجلة ومن دون إجراء تحقيقات مستقلة وشفافة».
في سبتمبر (أيلول)، حضّت منظمة «العفو الدولية» ومنظمات غير حكومية أخرى أعضاء مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة على إنشاء آلية تحقيق لجمع الأدلة المتعلقة بأخطر الجرائم المرتكبة في إيران وتحليلها.
وغالباً ما تدافع إيران عن نفسها ضد اتهامات الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية بإساءة معاملة السجناء.



«لجنة لإدارة غزة» وتحذير ترمب... هل يسرّعان «اتفاق الهدنة»؟

فلسطينيون يجلسون وسط الأنقاض في موقع غارة إسرائيلية على منزل بالنصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)
فلسطينيون يجلسون وسط الأنقاض في موقع غارة إسرائيلية على منزل بالنصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)
TT

«لجنة لإدارة غزة» وتحذير ترمب... هل يسرّعان «اتفاق الهدنة»؟

فلسطينيون يجلسون وسط الأنقاض في موقع غارة إسرائيلية على منزل بالنصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)
فلسطينيون يجلسون وسط الأنقاض في موقع غارة إسرائيلية على منزل بالنصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)

تطورات جديدة يشهدها حراك التوصل لاتفاق هدنة في قطاع غزة، مع حديث عن اتفاق «مبدئي» بين حركتي «فتح» و«حماس» بشأن تشكيل لجنة لإدارة القطاع عقب اجتماعات بالقاهرة، وتحذيرات غير مسبوقة من الرئيس الأميركي دونالد ترمب تضع مهلة تمتد إلى نحو 50 يوماً لإبرام صفقة للرهائن «وإلا سيدفع الشرق الأوسط ثمناً باهظاً»، وتأكيد مصر على استمرارها في العمل «بلا هوادة» لوقف دائم لإطلاق النار.

تلك التطورات التي صاحبها إعلان «حماس» عن مقتل وفقْد 33 أسيراً لديها، يشي بحسب خبراء تحدثوا إلى «الشرق الأوسط»، بأن «هناك اتفاقاً يكون قريباً، وأن كل طرف يستعد لمشهد اليوم التالي من الحرب ويمارس حالياً أقصى الضغوط لنيل مكاسب ولو إعلامية»، متوقعين أن «تساعد المهلة الانفعالية التي وضعها ترمب، فريق الرئيس الأميركي الحالي جون بايدن للتوصل لاتفاق في أقرب وقت ممكن».

وكشف مصدر فلسطيني مطلع في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، الثلاثاء، عن أن «حركتي (فتح) و(حماس) اتفقتا بشكل مبدئي عقب سلسلة اجتماعات بالقاهرة، على تشكيل لجنة تحمل اسم الإسناد المجتمعي ستكون معنية بإدارة قطاع غزة في اليوم التالي لانتهاء الحرب».

فلسطيني يسير بجوار الأنقاض وهو يحمل كيساً من الدقيق في خان يونس جنوب غزة (رويترز)

وتشير معلومات المصدر الفلسطيني إلى أن الجولة الثالثة بين الحركتين بالقاهرة بعد جولتين أخريين في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر (تشرين الثاني) الماضيين، «نجحت في التوصل لاتفاق مبدئي على تشكيل تلك اللجنة ولا يعني عدم التوقيع عليها فشلها»، مضيفاً: «الكرة الآن في ملعب الرئيس الفلسطيني محمود عباس، لمنح موافقة مبدئية على مسودتها المتفق عليها على أن يعود الأمر للقاهرة مرة ثانية ويعرض في اجتماع للفصائل، سيليها بعد التشاور صدور مرسوم نهائي بأعضاء اللجنة ومهامها تفصيلاً».

وستشكل اللجنة «حسب الاتفاق المبدئي من تكنوقراط دون تبعية لـ(حماس) أو (فتح)، وستُدمج كل القطاعات الحكومية بالقطاع داخل نظامها الإداري بدءاً من الشرطة والوزارات وغيرهما وصولاً لتسلم معبر رفح من الجانب الفلسطيني وإدارته»، وفق المصدر ذاته.

ويوضح مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير رخا أحمد حسن، أن لجنة الإسناد المجتمعي فكرة مصرية تقوم على عناصر مستقلة تدير غزة لقطع أي ذرائع إسرائيلية تعارض عودة «حماس» لإدارة القطاع، لافتاً إلى أن المعلومات الأولية التي لم تؤكدها القاهرة بشأن حدوث اتفاق بين الحركتين، وأنهما لن يكونا بالإدارة أو الواجهة، ستعزز الموقف الفلسطيني في مسار اليوم التالي من الحرب والتوصل لاتفاق هدنة قريب.

ويرى المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، أن تلك الفكرة المصرية يمكن وصفها بأنها خارج الصندوق ومتميزة، معتقداً أنها «تسير بشكل إيجابي، لمواجهة أزمة إصرار رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو على عدم بقاء (حماس) بالسلطة».

ويعتقد أن «الموافقة تأتي في توقيت مهم وقد تساعد في التوصل لهدنة قريبة وتسهل مهام تسلم معبر رفح من الجانب الفلسطيني»، لافتاً إلى أن موقف «حماس» يؤكد أن الأمور تسير بشكل إيجابي، وأن الحركة تفهمت استحالة بقائها بالحكم في غزة، وأنها تريد فقط حفظ ماء الوجه وبالتالي قبولها الاتفاق بعد جولات من التفاهمات منطقي وسيدخل حيز التنفيذ.

وجاء التوصل لاتفاق مبدئي بشان إدارة غزة، غداة تهديد الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، الاثنين، بأنه «سيتم دفع ثمن باهظ في الشرق الأوسط» إذا لم يتم إطلاق سراح الرهائن المحتجزين في غزة قبل أن يقسم اليمين رئيساً في 20 يناير (كانون الثاني) 2025.

وعبر منصته «تروث سوشال»، قال ترمب: «إذا لم يتم إطلاق سراح الرهائن قبل 20 يناير 2025، وهو التاريخ الذي أتولى فيه بفخر منصبي رئيساً للولايات المتحدة، فسيكون هناك جحيم سيدفع في الشرق الأوسط ثمنه الباهظ، وأولئك المسؤولون الذين ارتكبوا هذه الفظائع ضد الإنسانية»، وفق «سي إن إن» الأميركية.

ورحب نتنياهو في فيديو قصير باللغة الإنجليزية خلال اجتماع حكومي ونشره مكتبه الثلاثاء بموقف ترمب، وقال إنه «موقف قوي ويضيف قوة أخرى إلى جهودنا المستمرة للإفراج عن جميع الرهائن».

وبحسب «سي إن إن»، «تم احتجاز أكثر من 250 شخصاً رهائن، في 7 أكتوبر 2023، وتم إنقاذ عدد قليل من الرهائن منذ ذلك الحين وفي نوفمبر 2023 تم إطلاق سراح أكثر من 100 شخص جزءاً من صفقة قصيرة الأمد لوقف إطلاق النار».

وتعتقد السلطات الإسرائيلية أن «نحو 101 رهينة لا يزالون محتجزين في غزة، ويُعتقد أن ما لا يقل عن 34 من الرهائن الذين تم احتجازهم في 7 أكتوبر لقوا حتفهم»، وفق المصدر ذاته.

وتتفق تلك التقديرات الأميركية بشأن مقتل الرهائن، مع ما أعلنته «حماس» الاثنين، عبر مقطع فيديو مصور نشرته الحركة يكشف عن أن «33 أسيراً إسرائيلياً قُتلوا وفُقدت آثار بعضهم مع استمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة»، مخاطباً ذوي الرهائن بالقول: «مقتل بعض الأسرى وفقدان بعضهم كان بسبب المجرم نتنياهو وجيشه الفاشي وباستمرار حربكم المجنونة قد تفقدون أسراكم إلى الأبد، افعلوا ما يجب عليكم فعله قبل فوات الأوان».

ويرى السفير رخا، أن تصريحات ترمب «انفعالية»، نتيجة «متابعته فيديو لأسير أميركي - إسرائيلي صدر قبل أيام، وتأتي في ظل جهد دولي يسعى لمحاولة وقف إطلاق النار في غزة وفتح المعابر»، لافتاً إلى أنها قد تشكّل ضغطاً على نتنياهو للقبول بالاتفاق، خصوصاً وأنه يعلم أنه قد تتم التضحية به في أي مرحلة مستقبلية حال استمر بالمراوغة.

وباعتقاد الرقب، فإن «تهديد ترمب للمنطقة من باب الضغط على المفاوضات التي تتم حالياً وقد تصل لاتفاق قريب، وهذا أسلوب يكشف عن أن الرئيس القادم سيسكب وقوداً مع كل أزمات المنطقة لحلها»، لافتاً إلى أن تجاوب نتنياهو معه متوقع.

تلك المفاوضات كشف عنها وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي في تصريحات بمؤتمر صحافي، الاثنين، قائلاً إن «مصر ستستمر في العمل بلا هوادة من أجل تحقيق وقف دائم لإطلاق النار، وإطلاق سراح جميع الرهائن والمحتجزين»، مؤكداً أنه «بخلاف استضافة حركتي (فتح) و(حماس) لبحث التوصل لتفاهمات بشأن إدارة غزة، فالجهد المصري لم يتوقف للحظة في الاتصالات للتوصل إلى صفقة، وهناك رؤى مطروحة بشأن الرهائن والأسرى».

وكشف عبد العاطي، عن أن «هناك أفكاراً مصرية تتحدث القاهرة بشأنها مع الأشقاء العرب حول وقف إطلاق النار، وما يُسمى بـ(اليوم التالي)»، مشدداً على «العمل من أجل فتح معبر رفح من الجانب الفلسطيني» الذي احتلته إسرائيل في مايو (أيار) الماضي، وكثيراً ما عبّر نتنياهو عن رفضه الانسحاب منه مع محور فيلادلفيا أيضاً طيلة الأشهر الماضية.

ويعتقد السفير رخا، أن الجهود المصرية قد تكلل بنجاح في هذه المرة خصوصاً وهناك احتمال كبير أن يتم اتفاق الهدنة قبل وصول ترمب للسلطة. وبرأي الرقب، فإن «القاهرة تبذل جهوداً كبيراً في إنهاء ملفات عالقة سواء بدعم تشكيل اللجنة أو التوصل لاتفاق هدنة، والكرة الآن في ملعب نتنياهو لحسم التوصل لاتفاق كما يرغب ترمب قبل وصوله، وأيضاً في ملعب أبو مازن لاعتماد مسودة الاتفاق بعد مشاورات الفصائل وتسويقه عربياً ودولياً لضمان نجاحه».