ماكرون يدشن قوس النصر المغلف بالقماش

قوس النصر مغلف بالقماش (أ.ب)
قوس النصر مغلف بالقماش (أ.ب)
TT

ماكرون يدشن قوس النصر المغلف بالقماش

قوس النصر مغلف بالقماش (أ.ب)
قوس النصر مغلف بالقماش (أ.ب)

دشّن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، أمس (الخميس)، قوس النصر في باريس مغلّفاً بقماش فضي مائل إلى الأزرق وفق تصوّر الفنان البلغاري الراحل كريستو الذي أبهر العالم في العقود الماضية بأعماله الفنية الضخمة، وفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية.
وقال ماكرون وهو واقف على سطح هذا المعلم البارز في العاصمة الفرنسية بحضور رئيسة بلدية باريس آن إيدالغو ورئيس بلدية نيويورك السابق مايكل بلومبرغ «نوجّه تحيّة إلى كريستو وجانّ - كلود (زوجة الفنان الراحل). ولا شكّ في أنهما كانا ليكونا شديدي التأثّر... فقد استحال الحلم حقيقة بعد 60 سنة».
وتوجّه الرئيس الفرنسي الذي حضر مع زوجته بريجيت، إلى فلاديمير جافاشيف ابن شقيق كريستو الذي أشرف على هذا المشروع، قائلاً «هو حلم جنوني قمت بتحقيقه يا فلاديمير، فشكراً جزيلاً لك»، وأشاد بـ«تحفة فنية... لم تكلّف دافعي الضرائب فلساً» تساهم في «إشعاع» البلد، معرباً عن امتنانه لـ«السواعد الكثيرة» التي سمحت بتنفيذ هذا المشروع.

وبعد أسابيع عدّة من العمل، غُطّي قوس النصر بالكامل بـ25 ألف متر مربع من قماش قابل لإعادة التدوير من مادة البولي بروبيلين باللون الفضي المائل إلى الأزرق، مثبت بحبل أحمر بطول 3000 متر.
وتلقّى مشروع تغليف قوس النصر «لارك دو تريومف رابد» الذي سيبقى قائماً حتّى الثالث من أكتوبر (تشرين الأول) دعماً من مركز بومبيدو وحظي بموافقة بلدية باريس وقصر الإليزيه. وهو يشكّل تجسيداً لـ«حلم» راود كريستو وزوجته جانّ - كلود.
وأنجز كريستو وزوجته جانّ - كلود سنة 1962 صورة مركّبة تظهر قوس النصر مغلّفاً بالقماش، وهي فكرة ولدت في مخيلتهما لدى تأمّلهما النصب من شقتهما الباريسية الأولى على جادة فوش.
وكان كريستو قال أثناء تقديم مشروعه الأخير، قبل وفاته بعامين «سيكون ذلك بمثابة كائن حي ينبض بالحياة في الريح ويعكس الضوء. ستتحرك الطيات وسيصبح سطح النصب حسياً».
وتبلغ تكلفة المشروع 14 مليون يورو، وهو مموّل ذاتياً بالكامل بفضل بيع أعمال أصلية لكريستو ورسوم تحضيرية وتذكارات.
وتوفّي كريستو العام الماضي في نيويورك عن 84 عاماً، واشتهر بتغليف معالم عالمية شهيرة بالقماش، من بينها جسر بون نوف على نهر السين في باريس ومبنى البرلمان في برلين (رايشتاغ).
وكانت وزيرة الثقافة الفرنسية روزلين باشلو قد قالت، في وقت سابق من الخميس، إن هذه التحفة «هديّة رائعة للباريسيين والفرنسيين وسواهم من هواة الفنّ»، وصرّحت خلال مؤتمر صحافي «اعتبر هذه البادرة الرائعة نداء إلى الحرّية. فتغليف قوس النصر يُدخل تغيّرات سلسة على حيّزنا لبضعة أيّام».

أما رئيسة بلدية باريس آن إيدالغو، فأكدت أن التجربة السابقة لتغليف جسر بون نوف على نهر السين في باريس سنة 1985 كانت حاسمة في اتّخاذ القرار عينه لقوس النصر.
وقالت آن إيدالغو التي أعلنت عن ترشّحها للانتخابات الرئاسية في فرنسا سنة 2022 «عندما غلّف بون - نوف، شعرت بأنه استنهض باريس»، مشيدة بفنان «أثّر على مفهوم الفنّ المعاصر».
غير أن هذا العمل الفني أثار انتقادات أيضاً. وقد دعا المهندس كارلو راتي، أحد أصدقاء كريستو، في مقال نشر السبت في صحيفة «لوموند» إلى التخلّي عن هذا المشروع «الذي يتسبب بهدر القماش... لدواع بيئية وفكرية».

ومنذ 1836، يشكّل قوس النصر الذي أطلق نابليون الأول ورشة بنائه عام 1806، موقعاً لمراسم تخليد ذكرى انتصارات جيش نابليون الكبير، كما يضمّ منذ 1921 رفات الجندي المجهول خلال الحرب العالمية الأولى.
وسيبقى المعلم مفتوحاً للزوّار طوال مدّة تغليفه وستبقى شعلة الجندي المجهول فيه مضاءة.



«الجميلات النائمات»... معرض قاهري يعيد تشكيل الجسد بصرياً

مدارس فنية متنوعة تداخلت في لوحات المعرض (الشرق الأوسط)
مدارس فنية متنوعة تداخلت في لوحات المعرض (الشرق الأوسط)
TT

«الجميلات النائمات»... معرض قاهري يعيد تشكيل الجسد بصرياً

مدارس فنية متنوعة تداخلت في لوحات المعرض (الشرق الأوسط)
مدارس فنية متنوعة تداخلت في لوحات المعرض (الشرق الأوسط)

يطمح الفنان المصري هشام نوّار إلى إعادة تشكيل الجسد بصرياً عبر معرضه «الجميلات النائمات» متشبعاً بالعديد من الثيمات الأيقونية في الفن والأدب والتاريخ الإنساني، خصوصاً في التعامل مع الجسد الأنثوي، بما يحمله من دلالات متعددة وجماليات عابرة للزمان ومحيّدة للمكان.

يذكر أن المعرض، الذي يستضيفه «غاليري ضي» بالزمالك (وسط القاهرة) حتى 5 ديسمبر (كانون الأول) المقبل، يضم ما يزيد على 50 لوحة تتنوع خاماتها بين استخدام الألوان الزيتية على القماش بمساحات كبيرة، وبين الرسم بالألوان في مساحات أقل.

ويعدّ الجسد بمفهومه الجمالي والفني هو محور المعرض، والجسد الأنثوي تحديداً هو الأكثر حضوراً، بينما تبقى الوضعية الرئيسية التي اختارها الفنان، وهي فكرة «تمثال الكتلة» المصري القديم، وتوظيفه على هيئة فتاة نائمة هي الأكثر تعبيراً عن الفكرة التي يسعى لتقديمها، واضعاً ثيمتي الجمال، ممثلاً في الجسد الأنثوي، والنوم ممثلاً في وضعية واحدة تجسد المرأة، وهي نائمة في وضع أشبه بالجلوس، في إطار مشبع بالدلالات.

اللونان الأصفر والأحمر كانا لافتين في معظم الأعمال (الشرق الأوسط)

وعن المعرض، يقول هشام نوار: «الفكرة تستلهم تمثال الكتلة المصري القديم، فمعظم الشخصيات التي رسمتها تعود لهذا التمثال الذي ظهر في الدولة المصرية القديمة الوسطى، واستمر مع الدولة الحديثة، ويمثل شخصاً جالساً يضع يديه على ركبته، وكأنه يرتدي عباءة تخبئ تفاصيل جسده، فلا يظهر منه سوى انحناءات خفيفة، ويكون من الأمام مسطحاً وعليه كتابات، وكان يصنع للمتوفى، ويكتب عليه صلوات وأدعية للمتوفى».

ويضيف نوار لـ«الشرق الأوسط»: «تم عمل هذا التمثال لمهندس الدير البحري في الدولة الحديثة، الذي كان مسؤولاً عن تربية وتثقيف ابنة حتشبسوت، فيظهر في هيئة تمثال الكتلة، فيما تظهر رأس البنت من طرف عباءته، ومحمود مختار هو أول من اكتشف جماليات تمثال الكتلة، وعمل منها نحو 3 تماثيل شهيرة، هي (كاتمة الأسرار) و(الحزن) و(القيلولة)».

حلول جمالية بالخطوط والألوان (الشرق الأوسط)

وقد أهدى الفنان معرضه للكاتب الياباني الشهير ياسوناري كاواباتا (1899 - 1972) الحائز على نوبل عام 1968، صاحب رواية «منزل الجميلات النائمات» التي تحكي عن عجوز يقضي الليل بجوار فتاة جميلة نائمة بشرط ألا يلمسها، كما أهداه أيضاً للمثال المصري محمود مختار (1891 – 1934) تقديراً لتعامله مع فكرة «تمثال الكتلة».

وحول انتماء أعماله لمدرسة فنية بعينها، يقول: «لا يشغلني التصنيف، ما يشغلني معالجة خطوط الجسد البشري، كيف أجد في كل مرة حلاً مختلفاً للوضع نفسه، فكل لوحة بالنسبة لي تمثل الحالة الخاصة بها».

الفنان هشام نوار في معرضه «الجميلات النائمات» (الشرق الأوسط)

ويشير نوّار إلى أنه لم يتوقع أن يرسم كل هذه اللوحات، وتابع: «الفكرة وراء الجميلات النائمات الممنوع لمسهن، لكن تظل المتعة في الرؤية والحلم الذي يمكن أن يحلمه الشخص، حتى إن ماركيز قال إنه كان يتمنى أن يكتب هذه الرواية».

«يؤثر التلوين والتظليل على الكتلة، ويجعلها رغم ثباتها الظاهر في حال من الطفو وكأنها تسبح في فضاء حر، هنا تبرز ألوان الأرض الحارة التي احتفى بها الفنان، وتطغى درجات الأصفر والأحمر على درجات الأخضر والأزرق الباردة»، وفق الكاتبة المصرية مي التلمساني في تصديرها للمعرض.

أفكار متنوعة قدّمها الفنان خلال معرض «الجميلات النائمات» (الشرق الأوسط)

وتعدّ مي أن هذا المعرض «يكشف أهمية مقاومة الموت من خلال صحوة الوعي، ومقاومة الذكورية القاتلة من خلال الحفاوة بالجسد الأنثوي، ومقاومة الاستسهال البصري من خلال التعمق الفكري والفلسفي؛ ليثبت قدرة الفن الصادق على تجاوز الحدود».

وقدّم الفنان هشام نوّار 12 معرضاً خاصاً في مصر وإيطاليا، كما شارك في العديد من المعارض الجماعية، وعمل في ترميم الآثار بمنطقة الأهرامات عام 1988، كما شارك مع الفنان آدم حنين في ترميم تمثال «أبو الهول».