ليليان نمري: الناس يردّون اعتباري ولا أثق بأحد

تبوح لـ «الشرق الأوسط» بالمكنونات

ليليان نمري تعلّمها المهنة دروساً بعدما تذوّقت المرّ
ليليان نمري تعلّمها المهنة دروساً بعدما تذوّقت المرّ
TT

ليليان نمري: الناس يردّون اعتباري ولا أثق بأحد

ليليان نمري تعلّمها المهنة دروساً بعدما تذوّقت المرّ
ليليان نمري تعلّمها المهنة دروساً بعدما تذوّقت المرّ

لم تحقق ليليان نمري أحلاماً كثيرة، «بس مش زعلانة». حلمت أن تصبح طبيبة أطفال أو مديرة فرقة دبكة، وظلّ الحلم يتمايل في المخيلة. تناجي الله الساكن في أعماقها وتسأله الصحة، و«أن أموت من دون بهدلة». لم تطلب منه بيوتاً أو ثروة، مكتفية بأغلى هداياه: محبة الناس. الوحدة قاسية وفي داخلها تعب يوجعها، «لكن وجود الله يهوّن». تفقد الثقة بالبشر، وبضمير مرتاح تقول: «ما بحياتي أذيت نملة».
سرّها العفوية، «ولا أريد أن أتغيّر». قريبة من الناس، تسميهم رفاق الدرب، «والفنان من دونهم يزول». ليليان نمري في يومياتها «طبيعية، ولستُ كثيرة التبرّج»؛ تقصد الدلالتين المجازية والحقيقية. فالوجه ليس مطلياً بالمساحيق، والنفسية ليست كريهة. لسان صريح وقلب كبير. تعلّمها المهنة دروساً بعدما تذوّقت المرّ: «من نعمل معهم ليسوا دائماً أصدقاءنا. خلط العمل بالصداقات يكبّد العاطفيين خسائر. والإفراط في الصدق أثمانه مرتفعة». يؤلمها أنها «Correct» وملتزمة، فيما آخرون يعتبرون الالتزام ضعفاً. ألم يحن الوقت للتخرُّج من جامعة الدروس القاسية؟ «ربما، بس معليش. أتعلّم كل يوم. أحب المهنة، ولا أضع شروطاً على العطاء. أقوم بواجباتي على أكمل وجه».
ذريعة اللقاء: انضمامها إلى الجزء الثاني من «للموت» (رمضان 2022) وحلولها ضيفة شرف في «هروب» (المسلسلان لـ«إيغل فيلمز»). حقيقة اللقاء: شوقنا إلى قامات صادقة كالسنابل المتواضعة. تتكتّم عن شخصيتها في «للموت»: «لا أستطيع البوح بشيء. كل ما أقوله لـ(الشرق الأوسط) إنّها شخصية محض درامية، على عكس إطلالاتي الكوميدية». شخصية مكتوبة لها، وقد تعمّد مخرج العمل فيليب أسمر أن تؤدي دوراً لم تلعبه من قبل. تثق به. وحين تزورها الهواجس، يترك أماناً في داخلها.
وتصوّر أيضاً «هروب» مع نجوم من السعودية والكويت ولبنان. هي «فهيمة»، ميكانيكية سيارات تتورّط بمأزق خارج إرادتها. تتمنى ترك بصمة: «ليست مهمة الأدوار الكبيرة. همّي الدور الذي يُعلّم».
تحمل لفتة وفاء تجاه كل مخرج آمن بها: من باسم نصر وأنطوان ريمي وبدايات «تلفزيون لبنان»، إلى فيليب أسمر، نضج العنقود. وتضمّ الكاتبين شكري أنيس فاخوري وكلوديا مارشليان إلى قافلة الامتنان.
لم يتنبّه البعض لـ«ليلو» قبل عقد، فأتى «اقتحامها» الشاشة اللبنانية مثل منبّه يُصحّى الغافلين عن وجودها. أتعتبين، أم أنّ العمر يمتصّ العتب؟ لِمَ الأسماء الكبيرة كليليان نمري لا تحظى بالتقدير المُستَحق؟ نحو 55 سنة أمضتها في التمثيل، مسكونة بلفحات الزعل. سنة تلو السنة مرّت وهي في منزلها، لا يُعرض عليها مسلسل. وكانت كلما شاهدت أعمالاً، تساءلت: “كم يشبهني هذا الدور! لِمَ لم يطلبوني من أجله؟». إلى أن تركت العتب وراءها وصفحت عن الأوراق القديمة. أنصفها التلفزيون اللبناني قبل عشر سنوات فقط. عمر المسيرة 55 سنة. تأخّر الإنصاف كثيراً.
ليليان نمري ابنة عائلة فنية عريقة علّمتها أنّ الجمهور هو الحكم، يقدّر حين يغفل الآخرون، يضع المراتب، يردّ الاعتبار ويعوّض ما فات: «الناس هم مَن يمنحونني حقي». لا تفارقها صورتا عبدو وعليا نمري، الفنانين الكبيرين. يسكنان في ضميرها وأفكارها، ويرافقان خطواتها. قد تصبح المرأة ستينية، بكامل الاختمار، لكنها طفلة من الداخل، مصحوبة دائماً ببركة والديها. إرثٌ معطّر بالإخلاص، تحمله الابنة في صوتها وصمتها؛ هي الشاهدة على تبدّل القيم وتقلّب المعايير. تتأسف لتحوّل الفن إلى تجارة، «وكثر يدخلون المجال من أجل المال. أما نحن، فنقاتل في المهنة عشقاً برسالتها وحباً بقيمها. ليت الاحترام يعود لكبار العمر، ولتاريخهم ووقتهم، فلا يُذلّون خلال التصوير. إننا نكبر، ومن المحزن أن نفقد قيمتنا أمام الجيل الجديد. بعض من عملتُ معهم ظنوا أنني آتية من مكتب كومبارس! هنا ألوم بعض شركات الإنتاج. فكما ترفع من شأن الضيوف الأجانب، عليها رفع شأننا. ضحّينا لبناء الاسم، ولن نقبل بالاستخفاف به».
ما النجم اليوم، والبعض فقاقيع وبالونات؟ تضع النقاط على الحروف: «النجم هو صانع استمراريته. وهو من يحترم اسمه ومكانته، فيُحسن انتقاء أدوار تليق بالجهد. النجومية ليست عملاً واحداً، هي البصمة والبقاء». لطالما تأكدتْ أنّ «المال ليس كل شيء، ولم أدّخر قرشي الأبيض ليومي الأسود. لكنني سعيدة. يكفي أنني حافظتُ على اسمي وسمعة عائلتي».
كيف تتحصّنين من الغرور، وبعض الفنانين «يا أرض اشتدّي ما حدا قدّي». تجيب أنّ الأصل هي التربية، «ويلي ما شبعان ببيت أهله ما رح يشبع وين ما كان». يستميت البعض للشهرة من دون خلفية فنية، «وهذا ساقط لا محالة». تتساءل: «لِمَ أنغرّ؟ أنا ابنة عليا نمري التي صوّرت فيلماً وهي حامل بي، فوقعت في أحد المَشاهد عن الحصان؛ وحين أنجبتني، كتبت الصحافة: ولدت ابنة الفنانة بعد الحادثة. ولدتُ مشهورة. الغرور مقبرة الفنان. وقد تربيتُ على الإيمان ومبدأ (كلو رايح). استخفّ بالمغرورين، ولا أحبهم».
في مراجعة مقتضبة للعمر والقرارات الخاطئة، تحمدُ الله: «أفكر قبل قراراتي، وإن تسرّعتُ في بناء صداقات ظننتها تشبهني، فآلمتني. منذ خمس سنوات بدأتُ أتخطّى ثقل الأذى في داخلي. صداقاتي اليوم قليلة، وأتعلّم عدم التسرّع في خياراتي».
الثقة مكلفة، أكان ضحية الخذلان الفرد أم الوطن. تكتب على «إنستغرام» جملة حقيقة: «من إيدنا وصلنا لهون»، قاصدة نحن اللبنانيين المنكوبين. «منذ ثلاثين سنة والثقة توضع بأشخاص ليسوا أهلاً لها، فأوصلوا البلد إلى الخسارة الكبرى. لقد قتلوا الأحلام، وحرموا الإنسان شيخوخته الكريمة». لم تفكر في الهجرة، لكن رائحتها تفوح اليوم فتوقظ في أعماقها بعض الندم: «عمري يصعّب قرار الرحيل. لا آخرة في لبنان؛ لا أمان ولا ضمان. وطني يؤلمني. الله في داخلي يهدّئ خوفي ويلطّف وحدتي. هو الخلاص، لا أثق إلا به».



«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.