عيسى جرابا: المؤسسات الثقافية عاجزة عن استيعاب الإبداع

الامير خالد الفيصل وإلى جانبه الشاعر عيسى الجرابا بعد أن ألبسه بردة «شاعر عكاظ» مساء الثلاثاء الماضي في حفل إطلاق مهرجان سوق عكاظ الذي يقام حاليا في الطائف
الامير خالد الفيصل وإلى جانبه الشاعر عيسى الجرابا بعد أن ألبسه بردة «شاعر عكاظ» مساء الثلاثاء الماضي في حفل إطلاق مهرجان سوق عكاظ الذي يقام حاليا في الطائف
TT

عيسى جرابا: المؤسسات الثقافية عاجزة عن استيعاب الإبداع

الامير خالد الفيصل وإلى جانبه الشاعر عيسى الجرابا بعد أن ألبسه بردة «شاعر عكاظ» مساء الثلاثاء الماضي في حفل إطلاق مهرجان سوق عكاظ الذي يقام حاليا في الطائف
الامير خالد الفيصل وإلى جانبه الشاعر عيسى الجرابا بعد أن ألبسه بردة «شاعر عكاظ» مساء الثلاثاء الماضي في حفل إطلاق مهرجان سوق عكاظ الذي يقام حاليا في الطائف

ذهبت جائزة «شاعر عكاظ»، في موسم عكاظ السابع، لشاب سعودي هو عيسى جرابا، الذي قلده الأمير خالد الفيصل مساء الثلاثاء بردة عكاظ. والجرابا متحدر من مدينة جازان، وكان زميله إياد الحكمي فاز العام الماضي بجائزة شباب عكاظ.
للجرابا ثلاثة دواوين شعرية مطبوعة حملت عناوين: (لا تقولي وداعا)، و(وطني والفجر الباسم)، و(يورق الخريف). وله ثلاث مخطوطات لم تر النور بعد.
التقينا عيسى الجرابا عشية تسلمه جائزة عكاظ وأجرينا معه الحوار التالي، الذي تحدث فيه عن دلالة فوزه بالجائزة، ودور المؤسسات الثقافية القائمة في دعم المبدعين، وهو دور يراه دون المطلوب:
* نلت عددا من الجوائز ولكن أين تجد موقع جائزة «سوق عكاظ» منها؟
- أول جائزة حصلت عليها وأنا طالب في جامعة «الإمام» وكانت الجائزة من قبل الرئاسة العامة لرعاية الشباب. قدمت قصيدة وقتها وفزت بالمركز الأول على مستوى السعودية، فكان هذا من العوامل الجميلة والمؤثرة في حياتي ولا أنساها. وبعدها توالت الجوائز من هنا ومن هناك، ومنها جائزة النادي الأدبي بالرياض العام الماضي التي كانت باسم «شاعر الوطن» في مناسبة اليوم الوطني. ولكن المحطة الأكبر والأكمل والأجمل هي محطة سوق عكاظ ولقب «شاعر عكاظ» بما يحمله من إرث تاريخي وأدبي مديد ولا شك أنها مطمح كل شاعر.
* قصيدة «زفرات سجين» قصيدة تمتلئ بالأسى، وكأنها بكاء على الحالة الإنسانية في المنطقة العربية، أو على حرية مفقودة.
- هناك سجن خارجي وآخر داخلي، ولكن في نظري أن أصعب السجون على النفس هي السجون الداخلية وأشدها وطأة على الإطلاق. السجون نحملها أحيانا في ذواتنا ونحن نمشي طلقاء أحرار.. نحن نحمل شجوننا وسجوننا ونحن نمشي في الأسواق ونأكل ونشرب، ونجول في هذه الأرض وفي العالم المترامي ونحن طلقاء وأحرار دون أن نكون خلف القضبان. ولذلك فإن هذه القصيدة ترمز إلى الغربة التي نعيشها باختصار، غربة المثقف أو المبدع داخل نفسه وخارجها سواء في موطنه أو بيئته أو عالمه العربي نظرا لعدم الاهتمام بالمبدعين في كل مجالات الحياة، فهناك كثير منهم كسرت مجاديفهم لأنهم لم يجدوا من يهتم بهم.
* جاء ديوانك الثاني بعنوان «لا تقولي وداعا».. لمن تقول وداعا؟
- أنا أقول لا تقولي وداعا لكل شيء جميل في حياتنا وليس يشترط فيها أن تكون فقط الأنثى وحدها هي الجميلة في حياتنا ولا يشترط في العنوان أن يكون غزليا حتى لو كانت القصيدة التي تحمل العنوان قصيدة غزلية. «لا تقولي وداعا» لا يشترط فيها أن تكون خطابا غزليا، فنحن نصرخ دائما بأعلى أصواتنا ونقول لا تقولي وداعا لكل لأشياء الجميلة.
* «وطني والفجر الباسم».. ديوان شعر ثالث تغني فيه عظمة الوطن والدفء والأهل والفجر الباسم، على عكس بكائياتك في قصائد أخرى..
- إن وطني مهبط الوحي، ولو اختزلنا كل الأضواء والأنوار لهذا الوطن في مهبط الوحي فقط لكفى، فمكة المكرمة والمدينة المنورة وما تحملهما من قدسية تجعل لهذا الوطن خصوصية ليس لدى السعوديين فقط بل لدى العالم أجمع كنقطة ارتكاز، كحقيقة تفرض نفسها.
* و«يورق الخريف».. ما حيثيات هذا الديوان؟
- ليست هناك من حيثيات تذكر وإنما لربما جاءت نصوص المجموعة في أغلبها في وقت متأخر يشعر فيه الإنسان أن خريف العمر وخريف الإحساس بدأ يمر سريعا وقد يذبل، وخريف الأشياء كذلك. كل هذا يجعل الإنسان يفكر مليا في تلك الحزمة من السنين التي خلفها وراءه، وماذا له وماذا عليه.. ولذلك نقول يورق الخريف ولكن هل هو يورق فعلا؟
* مخطوطتك «صهيل البقايا».. لم تر النور بعد ما السبب؟
- ليست مخطوطة «صهيل البقايا» فقط وإنما لدي ثلاث مخطوطات أو تزيد غير الدواوين الثلاثة المطبوعة، ولكن ليس هناك اهتمام بالإصدار الورقي في أمة لا تقرأ، حيث يتسابق الآن الكثيرون من الشعراء على الإصدارات المسموعة والمرئية والنشر عبر الشبكة العنكبوتية من خلال مواقع ومنتديات، والتي تحظى بنسبة عالية من القراء أكثر من الإصدارات الورقية، ومع مرور الزمن تكون المسألة أكثر تعقيدا وتحتاج لشيء من المعالجة التي تمكن الإصدار الورقي من أن يحتفظ بموقعه مع إيقاع الحياة السريع والتقدم التقني والتكنولوجي في مجال الاتصال والتواصل، خصوصا وأنها أصبحت مكلفة، ولذلك تلحظ أن الشعر العامي عندما نفذ لقلوب كثير من الناس لأنه من سمع من خلال الإصدارات المرئية والمسموعة فضلا عن قنوات أخرى أكثر شعبية.
* قرية «الخضراء» بجازان، حيث مولدك، تكتنز بكثير من عناصر البيئة والتراث.. إلى أي حد انعكس ذلك في قصيدتك؟
- كان في القرية كثير من عوامل الطبيعة الخلابة. وأكاد أقول ليس لها نصيب الآن بعد الاحتطاب الجائر. لقد تخلى البعض عن إنسانيته وأصبح عدوا لبيئته. كانت منطقة جازان تنعم بكل أجوائها وطبيعتها وريفيتها. لكن حينما بدأت «المدنية» تدخلها شيئا فشيئا سلبت منها ومنا الكثير ولم تبق سوى الذكريات التي نعيشها.
* ترجمت لك بعض الأعمال إلى لغات أخرى.. هل تحسست من خلالها طريقك للعالمية؟
- الترجمة ضرورية فكما وصل أدب غيرنا إلينا من خلال الترجمة، لا بد من إيصال أدبنا للآخر من خلال الترجمة أيضا، ولذلك يحصل التأثير والتأثر عبر هذه الترجمة ونقل العلوم الإنسانية ولغاتها.
* ما رأيك في السجال الدائر الآن في الساحة الثقافية حول ريادة الرواية أو الشعر؟
- هذا النوع من هذا الجدال بين الأدباء والمثقفين يظل جدالا عقيما، لا طائل منه. ما الذي يعنيه إذا تقدمت الرواية على الشعر أو العكس؟ إذا وضعنا في الحسبان أن كليهما جنس أدبي له شعبيته وكلاهما يؤدي رسالته. إذا عدنا إلى العصور القديمة.. ألم يكن الشعر يتقدم على النثر؟ والسبب واضح، لأن الشعر كان وقتها مطلوبا، ثم أتت فترة أخرى تقدم النثر فيها حينما أصبح مطلوبا. من هنا، لا يتقدم جنس على آخر من الأجناس الأدبية إلا بمقدار ما يضخ فيه من إبداع وبمقدار الحاجة إليه في الوقت المعين، فيتقدم أحدهما على الآخر وهكذا دواليك، وطبعا نحن نضع الرواية في عمق النثر لأن الشعر والنثر جنسان رئيسيان في الأدب ولا يتقدم أحدهما على الآخر إلا بقدر ما يتفوق أحدهما إبداعيا.
* وكيف تجد المشهد الثقافي بشكل عام؟
- المشهد الثقافي في ظل سهولة التواصل الاجتماعي الآن أصبح يبشر بخير، فهناك أصوات شعرية وروائية كثيرة، فضلا عن حقول كتابية أخرى. ومن شأن ذلك أن يحفز بيئة التنافس بين الأدباء والمثقفين. لكني ألاحظ، في الوقت نفسه، أن بعض شعراء السعودية ينطوون على أنفسهم، إذ لا توجد سبل تواصل جيدة، وربما كذلك في كل الدول الأخرى، مع أنه يوجد تواصل على كل المستويات المحلية والإقليمية والدولية على مستوى الأفراد والجماعات والكيانات.
* هل أنت راض عن حركة النقد بالنسبة للشعر الآن؟
- لحد ما. لكن المشكلة تكمن في كثرة الشعراء وشح النقاد أو عددهم قليل جدا بموازاة الشعراء. العملية الشعرية تحتاج معها إلى عملية نقدية، وتصحيحية لتصحيح مسار الشعر، فحينا يتدفق الشعر في عدم وجود ناقد تكون العملية قاصرة إبداعيا وتحتاج إلى مكمل. والشعراء من الشباب في حاجة ماسة لمن يأخذ بأيديهم ويهديهم سواء السبيل نحو تصحيح ومراجعة كتاباتهم بشكل تكتمل فيه العملية الإبداعية مع رصيفتها الفنية. ولكن للأسف لا يوجد نقاد حاذقون وهذا ما يفرز ما يسمى بالشللية القاتلة، لأنه هناك نقادا محصورين في منطقة ويكتبون عن شخصيات شعرية محددة.
* هل تعتقد أن المؤسسات الثقافية لا سيما الأندية الأدبية لا تزال هي الوعاء المناسب لاستيعاب الإبداع والمبدعين؟
- أقولها بملء فمي: لا، إذ إنه باستطاعة كل أديب روائي أو شاعر أن ينشر ما ينتج في أي وقت وعبر أكثر من قناة تواصل ويصنع معجبين من دون الحاجة إلى الالتزام بالحضور في المؤسسات الثقافية، وللأسف فإن الأخيرة دخلت في أحاديث وأقاويل وجدل بيزنطي وأخرتها المهاترات والمشكلات عن رسالتها المنوطة بها، ولكن سهولة الاتصال ووفرة قنواته أغنى الكثيرين من المبدعين عن الانتظار لما تقدمه لهم مثل هذه المؤسسات، وذلك بأن يجعلوا له مواقع أو نوافذ يطلون من خلالها على المتلقين وهم بالآلاف فيسمعونها وينشرونها ويتبادلونها عبر الـ«يوتيوب» أو الـ«فيس بوك» وغيره من قنوات التواصل الاجتماعي الأخرى.



معرض الكويت الدولي للكتاب ينطلق غداً... وعبد الله الغنيم «شخصية العام»

العالم الجغرافي والمحقق اللغوي الكويتي د. عبد الله الغنيم شخصية معرض الكتاب لهذا العام
العالم الجغرافي والمحقق اللغوي الكويتي د. عبد الله الغنيم شخصية معرض الكتاب لهذا العام
TT

معرض الكويت الدولي للكتاب ينطلق غداً... وعبد الله الغنيم «شخصية العام»

العالم الجغرافي والمحقق اللغوي الكويتي د. عبد الله الغنيم شخصية معرض الكتاب لهذا العام
العالم الجغرافي والمحقق اللغوي الكويتي د. عبد الله الغنيم شخصية معرض الكتاب لهذا العام

ينطلق غداً (الأربعاء) معرض الكويت الدولي للكتاب في دورته الـ47، بمشاركة 544 دار نشر، من 31 دولة، 19 دولة عربية و12 أجنبية.

ويحلّ الأردن «ضيف شرف» على المعرض هذا العام. في حين أعلن المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب اختيار العالم الجغرافي والمحقق اللغوي والمترجم الكويتي عبد الله الغنيم ليكون «شخصية المعرض».

وقال مدير المعرض، خليفة الرباح، إن اختيار الغنيم «جاء تقديراً لإسهاماته الكبيرة في الثقافتين المحلية والعربية، وهو ما تَجسَّد في حصوله على (وسام الاستقلال من الدرجة الأولى) من الأردن عام 2013 لدوره في إثراء قاموس القرآن الكريم، بالتعاون مع مؤسسة الكويت للتقدم العلمي».

شغل الغنيم منصب وزير التربية خلال الفترة بين 1990 و1991، ووزير التربية والتعليم العالي بين 1996 و1998، ورئيس مركز البحوث والدراسات الكويتية من 1992 حتى الآن، كما عمل أستاذاً ورئيس قسم الجغرافيا في جامعة الكويت بين 1976 و1985، وعضو مجمع اللغة العربية في سوريا ومصر، وعضو المجلس الأكاديمي الدولي لمركز الدراسات الإسلامية في جامعة أكسفورد.

وذكرت عائشة المحمود، الأمين العام المساعد لقطاع الثقافة بالمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، أن المعرض يقام هذا العام تحت شعار «العالم في كتاب» ليكون تعبيراً عن أهمية الكتاب ودوره في تقديم الثقافة للمجتمع.

وأضافت أن النشاط الثقافي المصاحب للمعرض يقام عبر 3 منصات مختلفة، هي «الرواق الثقافي» التي تم استحداثها العام الماضي بطابع شبابي، ومنصة «المقهى الثقافي» التي تقدم أنشطة بالتعاون مع مؤسسات النفع العام والمؤسسات الأهلية والجهات الحكومية، و«زاوية كاتب وكتاب» التي استُحدثت هذا العام لربط القارئ بالكتاب بطريقة مباشرة، وتتضمّن أمسيات لعدد من الروائيين.

وأشارت إلى أن مجموع الأنشطة المصاحبة للمعرض، الممتد حتى 30 نوفمبر (تشرين الثاني) بأرض المعارض في منطقة مشرف، يتجاوز 90 نشاطاً بما فيها الاحتفاء بالرموز الثقافية الكويتية والعربية.

وعدّ وزير الثقافة الأردني مصطفى الرواشدة، أن مشاركة الأردن في معرض الكويت الدولي للكتاب «تُعدّ تتويجاً للعلاقات الثقافية بين البلدين».

وأعرب، في بيان، عن شكره لدولة الكويت بمناسبة اختيار الأردن «ضيف شرف» للمعرض، مؤكداً أن «دولة الكويت كانت ولا تزال منارةً للمثقف العربي بتجربتها في الإصدارات الرائدة».

وأوضح الرواشدة أن المشاركة الأردنية تتمثل في هذا المعرض من خلال الجناح الذي صُمِّم هندسياً ليعبِّر عن النمط المعماري الحضاري والتراثي الأردني، بما يضمه من مفردات تتصل بثقافة الإنسان، إضافة إلى الرموز التاريخية والثقافية المتنوعة.

وأضاف أن المشارَكة في معرض الكويت الدولي للكتاب «تمثل ثمرةً تشاركيةً بين المؤسسات الثقافية الأردنية؛ لتقديم صورة مشرقة للمشهد الثقافي الأردني في تعدده وتنوعه وثراء حقوله الإبداعية».