المشهد الوبائي شرق المتوسط «هش» رغم تراجع الإصابات

«الصحة العالمية» شددت على التضامن والإنصاف في توزيع اللقاحات

جانب من مؤتمر منظمة الصحة العالمية أمس (منظمة الصحة العالمية)
جانب من مؤتمر منظمة الصحة العالمية أمس (منظمة الصحة العالمية)
TT

المشهد الوبائي شرق المتوسط «هش» رغم تراجع الإصابات

جانب من مؤتمر منظمة الصحة العالمية أمس (منظمة الصحة العالمية)
جانب من مؤتمر منظمة الصحة العالمية أمس (منظمة الصحة العالمية)

وصفت منظمة الصحة العالمية الوضع الإقليمي في شرق المتوسط بشأن جائحة «كوفيد - 19»، بأنه لا يزال هشا، رغم انخفاض أعداد الإصابات والوفيات. وقال أحمد المنظري، المدير الإقليمي لشرق المتوسط، في مؤتمر صحافي افتراضي، أمس، بمشاركة ريتشارد برنان مدير الطوارئ الصحية بالمكتب الإقليمي، وجعفر حسين ممثل منظمة الصحة العالمية في إيران، إن إقليم شرق المتوسط أبلغ حتى 12 سبتمبر (أيلول) الجاري، عن أكثر من 15 مليون حالة إصابة مؤكدة و278 ألف حالة وفاة ناجمة عن جائحة (كوفيد - 19) منذ بدايتها.
ورغم أن الأسابيع القليلة الماضية، شهدت إقليميا انخفاضا في العدد الإجمالي لحالات الإصابة والوفيات، فإنه حذر من الإفراط في التفاؤل، قائلا إن «الوضع لا يزال هشا ولا يمكن التنبؤ به... وإنه منذ بداية تفشي الجائحة، رأينا الاتجاهات تتطور في شكل موجات».
واستشهد المنظري بحالة خمس دول في الإقليم البالغ عدد دوله 22 دولة، تشهد حاليا ارتفاعات كبيرة في حالات الإصابة والوفيات الناجمة عن «كوفيد - 19»، وهي «مصر، والأراضي الفلسطينية المحتلة، والصومال، وسوريا، واليمن».
وشدد المنظري على أهمية الإسراع بالتطعيم، لافتا إلى أنه «عند إمعان النظر في المنحنى الوبائي يتضح أنه لا بد من تسريع عملية التطعيم ومواصلة الالتزام بجميع تدابير الصحة العامة والتدابير الاجتماعية».
وأبدى المدير الإقليمي للمنظمة قلقه من انخفاض التغطية بالتطعيم في العديد من البلدان، لا سيما المنخفضة الدخل وبلدان الشريحة الدنيا من الدخل المتوسط. وقال إنه «وفقا لمعدلات التطعيم في الإقليم، فإن تسعة بلدان تُعتبر بعيدة عن تحقيق الهدف العالمي لمنظمة الصحة العالمية المتمثل في الوصول إلى نسبة تغطية بالتطعيم تبلغ 10 في المائة في سبتمبر الجاري».
ودعا المنظري إلى التضامن والإنصاف في الحصول على اللقاحات من أجل التحرك صَوْب الهدف المتمثل في حماية جميع البلدان لما يبلغ 10 في المائة من سكانها في سبتمبر، و40 في المائة بنهاية هذا العام، و70 في المائة بحلول منتصف العام المقبل. واستدرك قائلا: «رغم أننا نعلم أن أهداف عام 2021 لن تتحقق في جميع البلدان، فإنه يجب أن نبذل قصارى جهدنا لكي نقترب قدر الإمكان من تحقيقها، ثم نسرع وتيرة جهودنا أكثر في الأشهر المقبلة».
وشدد على أنه يجب إتاحة إمكانية الحصول على اللقاحات لأشد الفئات ضعفاً، ومنهم المهاجرون واللاجئون وغيرهم من السكان النازحين، وأبدى سعادته بأن كثيرا من البلدان أدرج هذه الفئات المستضعفة في خطط التطعيم الوطنية، وحث المجتمع الدولي على زيادة الدعم المُقدم إلى البلدان المضيفة لكي تتمكن من إتاحة إمكانية الحصول المنصف على الرعاية واللقاحات الخاصة بـ«كوفيد - 19». وأشار إلى أن «مرفق كوفاكس، ساعد الإقليم على تلقي 51.54 مليون جرعة من لقاحات (كوفيد - 19) من أصل 89 مليون جرعة مخصصة للبلدان حتى الآن». وسعياً إلى مواصلة زيادة التغطية، دعا المنظري البلدان المرتفعة الدخل، والجهات المانحة، والشركاء ألا يدخروا جهداً لزيادة إمدادات اللقاحات للبلدان المنخفضة الدخل.
من جانبه، ربط جعفر حسين، ممثل منظمة الصحة العالمية في إيران، بين معدلات الإصابة بالفيروس في إيران والتجمعات الجماهيرية المخالفة للإجراءات الاحترازية. وقال إن «إيران شهدت خمس موجات من انتشار الفيروس، جميعها كان مرتبطا بالتجمعات الجماهيرية، مثل عيد الفطر، والأضحى، والانتخابات واحتفالات عاشوراء».
ولفت حسين إلى أن أعداد الإصابات في إيران منذ بداية الجائحة وحتى الآن تتعدى خمسة ملايين إصابة، فيما يصل عدد الوفيات إلى أكثر من 115 ألفا، وكان الشيء الإيجابي في إيران هو تعافي 4.6 مليون من المصابين.
وأشار إلى أن الحكومة بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية نجحتا في تأمين عدد لا بأس به من اللقاحات، حيث حصلت إيران على 9 ملايين جرعة من مرفق «كوفاكس»، و2 مليون جرعة دعم من اليابان، بالإضافة إلى توفير 2 مليون جرعة من لقاحين محليين تم إنتاجهما في إيران، وحصلا على موافقة باستخدامهما من هيئة الغذاء والدواء الإيرانية.
بدوره، قال ريتشارد برنان، مدير الطوارئ الصحية بالمكتب الإقليمي، إن 21 بلداً من بلدان الإقليم أبلغ عن اكتشاف تحورات مثيرة للقلق، مشيرا إلى أن دلتا هو التحور الرئيسي المنتشر حاليا في الإقليم، حيث يوجد في 16 بلدا. وشدد على أن الوسيلة المهمة لوقف التحورات، والاقتراب من السيطرة على هذه الجائحة، هو أن تتراوح نسبة التطعيم داخل كل بلد بين 80 و90 في المائة، مع تنفيذ تدابير الصحة العامة والتدابير الاجتماعية على النحو الملائم.
وقال: «نستطيع التأكد من أهمية هذه الإجراءات مجتمعة بالنظر إلى الاتجاهات المتطورة للجائحة على مدار الأشهر الماضية، حيث رأينا أن البلدان التي تتمتع بتغطية تطعيم مرتفعة وتنفذ تدابير الصحة العامة والتدابير الاجتماعية على النحو الملائم تُبلغ عن تعرضها لموجات أقصر من جائحة (كوفيد - 19) وحالات إصابة أقل».
ولفت إلى أهمية تحسين آليات الرصد وتحديد التسلسلات الجينية والاختبار ببلدان الإقليم من أجل الكشف عن التحورات الجديدة، مشيرا إلى أن ليس لدى كل بلدان الإقليم القدرة على التسلسل الجيني لاكتشاف التحورات الجديدة، وأن منظمة الصحة العالمية تقوم بدور كبير للمساعدة في ذلك.
ونفى ما يتردد عن أن اللقاحات الحالية أصبحت غير فعالة مع التحورات الجديدة، وقال إن إصابة الملقحين بتحور «دلتا» على سبيل المثال، لا يعني عدم فاعليته، لأنه يحمي رغم الإصابة من المرض الشديد الذي يستدعي دخول المستشفيات.
وأعاد مدير الطوارئ الصحية بالمكتب الإقليمي التأكيد على أنه لا يوجد فارق ذو دلالة إحصائية بين معدلات الإصابة بالفيروس صيفا أو شتاء. وقال إن «الثابت لدينا حتى الآن، هو أن معدلات انتشار الفيروس لا تتأثر بدرجات الحرارة».
ونفى برنان ما يتردد عن تأثير الإصابة بالفيروس على حاسة السمع، وقال: «لا توجد لدينا تقارير علمية موثقة تشير بذلك». وحول تلقي المرأة الحامل للقاح، وكذلك إمكانية الحصول على توليفة من اللقاحات، لم يعط رفضا أو قبولا في كلا الأمرين، وقال إن «الحامل أو المرضعة تحصل على اللقاح إذا كانت فوائده بالنسبة لها أكبر من أضراره الجانبية المحتملة، فمثلا إذا كانت الحامل والمرضعة تعمل في القطاع الصحي، حيث تكون هناك إمكانية أكبر للإصابة بالفيروس، ففي هذه الحالة تكون الفوائد أكبر من الأضرار».
أما فيما يتعلق بتوليفة اللقاحات، كأن يحصل شخص على الجرعة الأولى من لقاح «أسترازينيكا» والثانية من لقاح «فايزر»، قال: «لا توصي المنظمة رسميا حتى الآن بذلك، لكن إذا كان هناك نقص في لقاح معين، بما يعوق حصول الشخص على الجرعة الثانية من نفس نوع لقاح الجرعة الأولى، فهذا الاتجاه مقبول».


مقالات ذات صلة

«الصحة العالمية» تحذّر من «نقص حادّ» في المواد الأساسية بشمال قطاع غزة

العالم العربي منظمة الصحة العالمية تطالب إسرائيل بالسماح بإدخال مزيد من المساعدات إلى غزة (أ.ب)

«الصحة العالمية» تحذّر من «نقص حادّ» في المواد الأساسية بشمال قطاع غزة

حذّرت منظمة الصحة العالمية، اليوم الخميس، من أن قطاع غزة، ولا سيّما شطره الشمالي، يعاني نقصاً حادّاً في الأدوية والأغذية والوقود والمأوى.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
شمال افريقيا مصر تستعرض تجربتها في علاج الوافدين من «فيروس سي» خلال ورشة عمل بالتعاون مع المركز الأوروبي لعلاج الأمراض والأوبئة (وزارة الصحة المصرية)

مصر تعالج الوافدين ضمن مبادرات قومية رغم «ضغوط» إقامتهم

لم تمنع الضغوط والأعباء المادية الكبيرة التي تتكلفها مصر جراء استضافة ملايين الوافدين، من علاج الآلاف منهم من «فيروس سي»، ضمن مبادرة رئاسية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق الاكتئاب يُعد أحد أكثر الاضطرابات النفسية شيوعاً على مستوى العالم (جامعة أوكسفورد)

العلاج لا يصل لـ91 % من مرضى الاكتئاب عالمياً

كشفت دراسة دولية أن 91 في المائة من المصابين باضطرابات الاكتئاب بجميع أنحاء العالم لا يحصلون على العلاج الكافي.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
صحتك طفل مصاب بجدري القردة يتلقى الرعاية الصحية (أ.ب)

«الصحة العالمية»: جدري القردة لا يزال يمثل حالة طوارئ صحية عامة

قالت منظمة الصحة العالمية، اليوم الجمعة، إن تفشي جدري القردة لا يزال يمثل حالة طوارئ صحية عامة.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
المشرق العربي عاملا صحة يعتنيان بمصابة جراء الحرب في أحد مستشفيات لبنان 15 يوليو 2024 (أ.ب)

الصحة العالمية: مقتل 226 عاملاً صحياً ومريضاً في لبنان منذ بدء حرب 7 أكتوبر

قالت منظمة الصحة العالمية، اليوم (الجمعة)، إن 226 عاملاً صحياً ومريضاً قُتلوا في لبنان، فيما أصيب 199 آخرون جراء الهجمات الإسرائيلية منذ اندلاع الحرب.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

هوكستين: القوات الإسرائيلية ستنسحب قبل انتشار الجيش اللبناني في الجنوب

المبعوث الأميركي آموس هوكستين متحدثاً إلى الصحافة خلال زيارته لبيروت الأسبوع الماضي (أ.ف.ب)
المبعوث الأميركي آموس هوكستين متحدثاً إلى الصحافة خلال زيارته لبيروت الأسبوع الماضي (أ.ف.ب)
TT

هوكستين: القوات الإسرائيلية ستنسحب قبل انتشار الجيش اللبناني في الجنوب

المبعوث الأميركي آموس هوكستين متحدثاً إلى الصحافة خلال زيارته لبيروت الأسبوع الماضي (أ.ف.ب)
المبعوث الأميركي آموس هوكستين متحدثاً إلى الصحافة خلال زيارته لبيروت الأسبوع الماضي (أ.ف.ب)

أكد المبعوث الأميركي، آموس هوكستين، الأربعاء، أن القوات الإسرائيلية ستنسحب من المناطق الجنوبية قبل انتشار الجيش اللبناني، وذلك غداة إعلان التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله».

وأضاف هوكستين في تصريحات تلفزيونية لوسائل إعلام لبنانية: «(حزب الله) انتهك القرار 1701 لأكثر من عقدين وإذا انتهك القرارات مجدداً سنضع الآليات اللازمة لذلك».

وأعلن الرئيس الأميركي جو بايدن، أمس، وقفاً لإطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله» دخل حيّز التنفيذ في الرابعة صباحاً بالتوقيت المحلّي.

وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إن الاتفاق سيسمح لبلاده التي ستحتفظ «بحرية التحرّك» في لبنان، وفق قوله، بـ«التركيز على التهديد الإيراني»، وبـ«عزل» حركة «حماس» في قطاع غزة.

وقال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إن اتفاق وقف النار في لبنان يجب أن «يفتح الطريق أمام وقف للنار طال انتظاره» في غزة.

وأعلن الجيش اللبناني، اليوم، أنه بدأ نقل وحدات عسكرية إلى قطاع جنوب الليطاني، ليباشر تعزيز انتشاره في القطاع، بالتنسيق مع قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل)، وذلك بعد اتفاق وقف إطلاق النار مع إسرائيل، الذي بدأ سريانه منذ ساعات.

وقال الجيش في بيان إن ذلك يأتي «استناداً إلى التزام الحكومة اللبنانية بتنفيذ القرار (1701) الصادر عن مجلس الأمن بمندرجاته كافة، والالتزامات ذات الصلة، لا سيما ما يتعلق بتعزيز انتشار الجيش والقوى الأمنية كافة في منطقة جنوب الليطاني».

وأضاف أن الوحدات العسكرية المعنية «تجري عملية انتقال من عدة مناطق إلى قطاع جنوب الليطاني؛ حيث ستتمركز في المواقع المحددة لها».

وكان رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي قد أعلن في وقت سابق أن لبنان سيعزز انتشار الجيش في الجنوب في إطار تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار.

وقال ميقاتي بعد جلسة حكومية إن مجلس الوزراء أكّد الالتزام بقراره «رقم واحد، تاريخ 11/10/2014، في شقه المتعلق بالتزام الحكومة اللبنانية تنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 1701... بمندرجاته كافة لا سيما فيما يتعلق بتعزيز انتشار الجيش والقوى الأمنية كافة في منطقة جنوب الليطاني».

وطالب في الوقت نفسه «بالتزام العدو الإسرائيلي بقرار وقف إطلاق النار والانسحاب من كل المناطق والمواقع التي احتلها، تنفيذا للقرار 1701 كاملا».

وأرسى القرار 1701 وقفا للأعمال الحربية بين إسرائيل و«حزب الله» بعد حرب مدمّرة خاضاها في صيف 2006.

وينصّ القرار كذلك على انسحاب إسرائيل الكامل من لبنان، وتعزيز انتشار قوة الامم المتحدة الموقتة في لبنان (يونيفيل) وحصر الوجود العسكري في المنطقة الحدودية بالجيش اللبناني والقوة الدولية.وأعرب ميقاتي في الوقت نفسه عن أمله بأن تكون الهدنة «صفحة جديدة في لبنان... تؤدي إلى انتخاب رئيس جمهورية» بعد عامين من شغور المنصب في ظلّ الخلافات السياسية الحادة بين «حزب الله» حليف إيران، وخصومه السياسيين.

من جهته، دعا رئيس البرلمان اللبناني وزعيم حركة أمل نبيه بري النازحين جراء الحرب بين إسرائيل و«حزب الله»، للعودة إلى مناطقهم مع بدء سريان وقف إطلاق النار. وقال في كلمة متلفزة «أدعوكم للعودة إلى مسقط رؤوسكم الشامخة... عودوا إلى أرضكم التي لا يمكن أن تزداد شموخاً ومنعة إلا بحضوركم وعودتكم إليها».ودعا كذلك إلى «الإسراع في انتخاب رئيس للجمهورية» بعد عامين من شغور المنصب.

ومن المنتظر أن تتولى الولايات المتحدة وفرنسا فضلاً عن قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل) الإشراف على تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار، وقال هوكستين إن بلاده ستدعم الجيش اللبناني الذي سينتشر في المنطقة. وأكد: «سندعم الجيش اللبناني بشكل أوسع، والولايات المتحدة هي الداعم الأكبر له، وسنعمل مع المجتمع الدولي جنبا إلى جنب».