المحكمة الخاصة بكوسوفو تقاضي القائد السابق لجيش التحرير

القائد السابق لجيش تحرير كوسوفو صالح مصطفى في المحكمة (رويترز)
القائد السابق لجيش تحرير كوسوفو صالح مصطفى في المحكمة (رويترز)
TT

المحكمة الخاصة بكوسوفو تقاضي القائد السابق لجيش التحرير

القائد السابق لجيش تحرير كوسوفو صالح مصطفى في المحكمة (رويترز)
القائد السابق لجيش تحرير كوسوفو صالح مصطفى في المحكمة (رويترز)

بدأت، اليوم الأربعاء، في لاهاي محاكمة قائد سابق للتمرد الانفصالي الألباني متهم بارتكاب جرائم حرب، وهي أول محاكمة أمام المحكمة الخاصة بكوسوفو منذ إنشائها، كما أوردت وكالة الصحافة الفرنسية.
صالح مصطفى القائد السابق لجيش تحرير كوسوفو متهم بالاحتجاز التعسفي وسوء المعاملة والتعذيب والقتل أثناء الحرب مع صربيا (1998-1999). وهو اعتقل العام الماضي بينما كان يعمل مستشارا في وزارة الدفاع، وسيقت إليه تهمة تعذيب ستة مدنيين على الأقل في مركز اعتقال في أبريل (نيسان) 1999 في زلاش بكوسوفو.

وقالت المحكمة في بيان إن القاضية الهولندية مابي فيلدت فوليا ستفتتح المحاكمة رسميا وستقرأ لائحة الاتهام على مصطفى.
وجاء في البيان: «سيُسأل المتهم هل فهم لائحة الاتهام وما إذا كان يرغب في تأكيد اعترافه السابق. وفي هذه القضية دفع المتهم ببراءته».
سيكون أمام المدعين ثلاث ساعات للإدلاء بملاحظاتهم الافتتاحية، وبعد ذلك سيكون أمام محامي الضحايا 90 دقيقة للكلام. وسيجري خلال المحاكمة الاستماع إلى 16 شاهدا خلال جلسات أخرى ستعقد في سبتمبر (أيلول) وأكتوبر (تشرين الأول).
وانتهت الحرب في كوسوفو التي أودت بحياة 13 ألف شخص عام 1999 بحملة قصف لحلف شمال الأطلسي أرغمت القوات الصربية على الانسحاب.
والمحكمة الخاصة بكوسوفو التي أُنشئت عام 2015، مكلفة التحقيق في جرائم الحرب والجرائم التي ارتكبت في كوسوفو بين عامي 1998 و2000 على يد جيش تحرير كوسوفو ضد الصرب والغجر ومعارضين من كوسوفو للمتمردين.
وهي هيئة يحكمها قانون كوسوفو، لكن مقرها في هولندا لحماية الشهود من الضغوط والتهديدات. وهي مكونة من قضاة ومدعين دوليين.

وصالح مصطفى هو أول من يحاكم أمام هذه المحكمة التي وجهت أيضاً اتهامات إلى رئيس كوسوفو السابق (2016-2020) هاشم تاجي. وقد حوكم مسؤولون آخرون سابقون في جيش تحرير كوسوفو في الماضي أمام المحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا السابقة، ولا سيما رئيس الوزراء السابق راموش هاراديناج الذي تمت تبرئته عام 2012 في الوقت نفسه مع اثنين من زعماء الحرب الآخرين.
ويتشبه بأن صالح مصطفى، المعروف بـ«القائد كالي»، أشرف على مركز احتجاز موقت للمتهمين بالتجسس أو التعاون مع القوات الصربية أو عدم التعاون مع جيش تحرير كوسوفو، حسب لائحة الاتهام. ويساق ضده أن السجناء ربما احتُجزوا في اسطبلات مغلقة وتعرضوا «للضرب بأدوات مختلفة والحرق والصعق بالصدمات الكهربائية».
ولا يزال عمل المحكمة حساساً لأن قادة سابقين في التمرد يسيطرون على المشهد السياسي في كوسوفو ويعاملهم كثر كأبطال.
ولا يزال التوتر الدولي بشأن كوسوفو مستمرا اليوم. واعترفت الولايات المتحدة ومعظم الدول الغربية باستقلال الإقليم الصربي السابق، وهو ما لم تقبله بلغراد أبدًا.


مقالات ذات صلة

ترمب يتخلص من مشكلاته القانونية قبل تنصيبه

الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (رويترز)

ترمب يتخلص من مشكلاته القانونية قبل تنصيبه

بعد فوزه في الانتخابات، يبدو أن الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب سيتخلّص من مشكلاته القانونية بعد طلب الادعاء إسقاط دعوى قلب نتائج انتخابات 2020.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الرئيس دونالد ترمب خلال جلسة محاكمة ضده في نيويورك (أ.ف.ب)

وزارة العدل الأميركية تُسقط كل الدعاوى الفيدرالية ضد ترمب

أسقطت وزارة العدل الأميركية قضيتين جنائيتين رفعتا ضد الرئيس المنتخب دونالد ترمب بتهم محاولته قلب نتائج انتخابات عام 2020، ونقل وثائق سرية إلى منزله في فلوريدا.

علي بردى (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (رويترز)

القضاء يردّ دعوى التآمر المرفوعة ضد ترمب بتهمة محاولة قلب نتائج الانتخابات

وافقت قاضية أميركية، الاثنين، على طلب النيابة العامة ردّ الدعوى المرفوعة ضدّ الرئيس المنتخب بتهمة محاولة قلب نتائج الانتخابات الرئاسية التي خسرها قبل 4 سنوات.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شؤون إقليمية كليتشدار أوغلو أثناء مرافعته أمام المحكمة في أنقرة الجمعة (حزب الشعب الجمهوري)

كليتشدار أوغلو يهاجم إردوغان بشدة في أولى جلسات محاكمته بتهمة إهانته

قدم رئيس «الشعب الجمهوري» المرشح السابق لرئاسة تركيا كمال كليتشدار أوغلو دفاعه في قضية «إهانة رئيس الجمهورية» المرفوعة من الرئيس رجب طيب إردوغان.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
أميركا اللاتينية الرئيس البرازيلي السابق جايير بولسونارو (وسط) يحضر حفل تخرج للطلاب في أكاديمية عسكرية في ولاية ريو دي جانيرو بالبرازيل 26 نوفمبر 2022 (أ.ف.ب)

الشرطة البرازيلية تتهم الرئيس السابق بولسونارو بمحاولة الانقلاب عام 2022

قالت الشرطة الفيدرالية البرازيلية، اليوم الخميس، إنها وجهت الاتهامات للرئيس السابق جايير بولسونارو و36 شخصاً آخرين بتهمة محاولة الانقلاب عام 2022.

«الشرق الأوسط» (ساو باولو)

كيف كسرت الحرب في أوكرانيا المحرّمات النووية؟

نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)
نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)
TT

كيف كسرت الحرب في أوكرانيا المحرّمات النووية؟

نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)
نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)

نجح الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، في خلق بيئة مواتية لانتشار أسلحة نووية جديدة في أوروبا وحول العالم، عبر جعل التهديد النووي أمراً عادياً، وإعلانه اعتزام تحويل القنبلة النووية إلى سلاح قابل للاستخدام، وفق تحليل لصحيفة «لوفيغارو» الفرنسية.

في عام 2009، حصل الرئيس الأميركي، باراك أوباما، على «جائزة نوبل للسلام»، ويرجع ذلك جزئياً إلى دعوته إلى ظهور «عالم خالٍ من الأسلحة النووية». وفي ذلك الوقت، بدت آمال الرئيس الأميركي الأسبق وهمية، في حين كانت قوى أخرى تستثمر في السباق نحو الذرة.

وهذا من دون شك أحد أخطر آثار الحرب في أوكرانيا على النظام الاستراتيجي الدولي. فعبر التهديد والتلويح المنتظم بالسلاح الذري، ساهم فلاديمير بوتين، إلى حد كبير، في اختفاء المحرمات النووية. وعبر استغلال الخوف من التصعيد النووي، تمكن الكرملين من الحد من الدعم العسكري الذي تقدمه الدول الغربية لأوكرانيا منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير (شباط) 2022، ومن مَنْع مشاركة الدول الغربية بشكل مباشر في الصراع، وتخويف جزء من سكان هذه الدول، الذين تغلّب عليهم «الإرهاق والإغراءات بالتخلي (عن أوكرانيا) باسم الأمن الزائف».

بدأ استخفاف الكرملين بالأسلحة النووية في عام 2014، عندما استخدم التهديد بالنيران الذرية للدفاع عن ضم شبه جزيرة القرم من طرف واحد إلى روسيا. ومنذ ذلك الحين، لُوّح باستخدام السلاح النووي في كل مرة شعرت فيها روسيا بصعوبة في الميدان، أو أرادت دفع الغرب إلى التراجع؛ ففي 27 فبراير 2022 على سبيل المثال، وُضع الجهاز النووي الروسي في حالة تأهب. وفي أبريل (نيسان) من العام نفسه، استخدمت روسيا التهديد النووي لمحاولة منع السويد وفنلندا من الانضمام إلى «حلف شمال الأطلسي (ناتو)». في مارس (آذار) 2023، نشرت روسيا صواريخ نووية تكتيكية في بيلاروسيا. في فبراير 2024، لجأت روسيا إلى التهديد النووي لجعل النشر المحتمل لقوات الـ«ناتو» في أوكرانيا مستحيلاً. وفي الآونة الأخيرة، وفي سياق المفاوضات المحتملة مع عودة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، جلبت روسيا مرة أخرى الخطاب النووي إلى الحرب، من خلال إطلاق صاروخ باليستي متوسط ​​المدى على أوكرانيا. كما أنها وسعت البنود التي يمكن أن تبرر استخدام الأسلحة الذرية، عبر مراجعة روسيا عقيدتها النووية.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع مع قيادة وزارة الدفاع وممثلي صناعة الدفاع في موسكو يوم 22 نوفمبر 2024 (إ.ب.أ)

التصعيد اللفظي

تأتي التهديدات النووية التي أطلقتها السلطات الروسية في الأساس ضمن الابتزاز السياسي، وفق «لوفيغارو». ولن تكون لدى فلاديمير بوتين مصلحة في اتخاذ إجراء عبر تنفيذ هجوم نووي تكتيكي، وهو ما يعني نهاية نظامه. فالتصعيد اللفظي من جانب القادة الروس ورجال الدعاية لم تصاحبه قط تحركات مشبوهة للأسلحة النووية على الأرض. ولم يتغير الوضع النووي الروسي، الذي تراقبه الأجهزة الغربية من كثب. وتستمر الصين أيضاً في لعب دور معتدل، حيث تحذّر موسكو بانتظام من أن الطاقة النووية تشكل خطاً أحمر مطلقاً بالنسبة إليها.

إن التهوين من الخطاب الروسي غير المقيد بشكل متنامٍ بشأن استخدام الأسلحة النووية ومن التهديد المتكرر، قد أدى إلى انعكاسات دولية كبيرة؛ فقد غير هذا الخطاب بالفعل البيئة الاستراتيجية الدولية. ومن الممكن أن تحاول قوى أخرى غير روسيا تقليد تصرفات روسيا في أوكرانيا، من أجل تغيير وضع سياسي أو إقليمي راهن محمي نووياً، أو إنهاء صراع في ظل ظروف مواتية لدولة تمتلك السلاح النووي وتهدد باستخدامه، أو إذا أرادت دولة نووية فرض معادلات جديدة.

يقول ضابط فرنسي: «لولا الأسلحة النووية، لكان (حلف شمال الأطلسي) قد طرد روسيا بالفعل من أوكرانيا. لقد فهم الجميع ذلك في جميع أنحاء العالم».

من الجانب الروسي، يعتبر الكرملين أن الحرب في أوكرانيا جاء نتيجة عدم الاكتراث لمخاوف الأمن القومي الروسي إذ لم يتم إعطاء روسيا ضمانات بحياد أوكرانيا ولم يتعهّد الغرب بعدم ضم كييف إلى حلف الناتو.

وترى روسيا كذلك أن حلف الناتو يتعمّد استفزاز روسيا في محيطها المباشر، أكان في أوكرانيا أو في بولندا مثلا حيث افتتحت الولايات المتحدة مؤخرا قاعدة عسكرية جديدة لها هناك. وقد اعتبرت موسكو أن افتتاح القاعدة الأميركية في شمال بولندا سيزيد المستوى العام للخطر النووي.