في أعلى تلال منطقة عسير جنوب السعودية، تقع قرية «رُجال ألمع» بقلاعها الحجرية الشامخة المتزينة بالكوارتز الأبيض والألوان الزاهية على نوافذها الموزعة على أبراجها التي بقيت صامدة على مدار أكثر من 900 عام حتى اليوم.
تتكون القرية المنظمة حديثاً لقائمة التراث العالمي لليونيسكو، من نحو 60 قصراً بنيت من الحجارة الطبيعية والطين والأخشاب، وتحوي داخلها عدة متاحف تعكس تفاصيل الحياة داخل القرية سابقاً، عبر عدة أعمال فنية وتحف أثرية فريدة من نوعها.
وتعزيزاً للموروث الشعبي العريق التي تحظى به القرية، ولتسليط الضوء على تاريخها وثقافاتها الفريدة، خصصت وزارة الثقافة السعودية مهرجان «رجال الطيب» الذي بدأ أول من أمس (الاثنين) ويستمر حتى 27 سبتمبر (أيلول).
ويتضمن المهرجان ثلاثة مسارات؛ أولها سمي «رجال الطيب والعزم» ويهتم بالتركيز على خصال رجال ألمع التي انعكست في الكثير من الرموز والأسماء والفنون والقصص.
ويهتم المسار الثاني الذي سمي «ألمعية» بإبراز مكانة المرأة الألمعية التي ساهمت بفنها ومبادراتها المتميزة في حفظ تراث المنطقة. كما يركز المسار الثالث «حصن رُجال» على تصميم القرية وهندستها المعمارية الفريدة التي جعلتها رمزاً مميزاً للفن المعماري التراثي في العالم.
وستقدم عروض الإسقاط الضوئي المليئة بالعناصر التقنية والبصرية لتنقل وتحكي قصص رُجال على مساحة إجمالية قدرها 9 آلاف متر مربع، ومطعم رُجال الذي يقدم تجربة فريدة للمطبخ العسيري.
بالإضافة إلى معرض ابن عسير داخل القرية، والسوق التراثية التي ستتيح للزوار فرصة التعرف على 12 مهنة وحِرفة يدوية، ومنتجات تراثية، يقدمها بعض روادها ممن مارسوها سابقاً.
وكانت «رُجال ألمع» مركزاً تجارياً مهماً كونها تستقطب قوافل تجار المناطق المجاورة والمناطق الواقعة على ساحل البحر الأحمر، واشتهرت فيها العديد من الأسواق التي نشطت بها المنطقة، وقد عرفها السكان وسموها بأيام الأسبوع.
ولكل قبيلة سوق تتولى فيها مسائل التنظيم والمحافظة على ديناميكية العمل التجاري بين مرتاديها من القبائل الأخرى، وبعض تلك الأسواق كانت تتجاوز العمل التجاري فتعقد فيها الاتفاقيات وتحل الخصومات.
واعتنى السكان في رجال ألمع بالزراعة عناية فائقة ومتنوعة حتى اكتفوا ذاتياً؛ وبدأوا بالتصدير إلى القبائل المجاورة وأحياناً إلى خارج الجزيرة العربية في الماضي.
وكانت محصولاتهم تتكون من الذرة والدخان والبن وأنواع الفواكه والخضراوات وأشجار متنوعة تكسو المنطقة، كما اهتموا أيضاً بتربية المواشي ورعاية الثروة الحيوانية واستخراج فوائدها.
وقد عُرفت اللحوم والزبد المستخرج من اللبن بمذاق ذي جودة عالية وفريدة، واعتمد السكان على هذه الثروة مع الزراعة في تكوين أساسيات غذائهم.
الجدير بالذكر أن وزارة الثقافة كانت قد نظمت النسخة الأولى من مهرجان «رجال الطِيب» في عام 2019. وركزت فيه على أنواع الورود والزهور والعروض الشعبية والفرق الفلكلورية لمنطقة عسير والإسقاط الضوئي على حصن علوان، وشهد قرابة 16 تفعيلاً ثقافياً بمشاركة 10 قطاعات ثقافية، وبلغ حضور المهرجان 30 ألف زائر.
«رجال الطيب» يعيد سرد تاريخ 9 قرون في رُجال ألمع
مهرجان يعكس تفاصيل الحياة في القرية
«رجال الطيب» يعيد سرد تاريخ 9 قرون في رُجال ألمع
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة