33 فرقة مصرية وأجنبية للتألق في «سماع الموسيقي»

اختيار الأردن ضيف شرف الدورة الـ14

جانب من حفل افتتاح مهرجان {سماع} الدولي العام الماضي (وزارة الثقافة المصرية)
جانب من حفل افتتاح مهرجان {سماع} الدولي العام الماضي (وزارة الثقافة المصرية)
TT

33 فرقة مصرية وأجنبية للتألق في «سماع الموسيقي»

جانب من حفل افتتاح مهرجان {سماع} الدولي العام الماضي (وزارة الثقافة المصرية)
جانب من حفل افتتاح مهرجان {سماع} الدولي العام الماضي (وزارة الثقافة المصرية)

تستعد 33 فرقة مصرية وعربية وأجنبية لإحياء فعاليات الدورة الـ14 لمهرجان «سماع الدولي للإنشاد والموسيقى الروحية»، في الفترة من 18 حتى 24 سبتمبر (أيلول) الجاري، على مسرح بئر يوسف بقلعة صلاح الدين الأثرية.
المهرجان الذي يقام سنوياً تحت شعار «رسالة سلام إلى العالم»، ورعاية وزارة الثقافة ووزارة السياحة والآثار ومؤسسة حوار لفنون ثقافات الشعوب، سيجوب الكثير من الأقاليم المصرية بهذه الدورة الاستثنائية، وفق مؤسس ومدير المهرجان الفنان انتصار عبد الفتاح الذي قال في المؤتمر الصحافي الذي عقده أمس للإعلان عن تفاصيل المهرجان هذا العام إنّ «مهرجان سماع سيجوب الصعيد بدءاً بمحافظة سوهاج (جنوب مصر)، وسنتوجه إلى مدينة الإسكندرية لأول مرة بناءً على طلب الجماهير وسنعزف رسالة سلام بكنيسة سانت كاترين في الإسكندرية قريباً».
ويُشارك في المهرجان 33 فرقة تضم الفرق المصرية وفرق من السفارات الأجنبية المقيمة بمصر، كما تشارك الأردن ورومانيا وفرنسا واليونان وإسبانيا وإندونيسيا وصربيا والسودان وبنغلاديش وجنوب السودان ولبنان واليمن وفلسطين وباكستان ومصر، بالإضافة لمشاركة خاصة لفرق سورية مقيمة في مصر.
واختار المهرجان دولة الأردن لتكون ضيف شرف المهرجان في دورته الـ14، في إطار مشاركة مصر احتفالات الأردن بمئوية تأسيس الدولة الأردنية. كما يحتفي المهرجان أيضاً بتونس وبتاريخها الطويل في مشاركات فرقها المتنوعة بفعاليات الدورات السابقة، فيما يكرم المهرجان رموزاً فنية لقيمتها وإبداعها في مجال الإنشاد والموسيقى الروحية وهم الأب المطران كلاوديو لوراتي الكومبونياني من إيطاليا، والقارئ الشيخ أبو العينين شعيشع «روح الشجن» من مصر، والموسيقار ميكيس ثيودوراكيس من اليونان، وجمعية النور والأمل المصرية مصر، بالإضافة إلى تكريم خاص لإدواردو بانياغواتريو الذي يعد بمثابة جسر ثقافي بين مصر وإسبانيا.
ويُعرض المهرجان في قلعة صلاح الدين، وقبة الغوري، ومسرح ساحة الهناجر، وحديقة الحرية، وبيت السناري، والمتحف القبطي بمجمع الأديان، الذي سيستضيف فعاليات ملتقى الأديان «هنا نصلي معاً» في دورته السابعة يوم 21 سبتمبر بمجمع الأديان في مصر القديمة.
ويؤكد عبد الفتاح أنّ حفل الختام سيكون ضخماً لمشاركة مجموعة كبيرة من فرق الدورة الـ14 به، عبر الورشة الدولية التي تعكس حالة التناغم وقيمة الإنسان واحترام ثقافته، كما يتضمن إقامة سوق شعبية لعرض منتجات الحرف التقليدية والشعبية في القلعة بمشاركة صندوق التنمية الثقافية ومركز الحرف التقليدية والجمعيات الأهلية المستقلة.
ويهدف المهرجان لإحياء فن السماع بأشكاله المختلفة (التراث الإسلامي والقبطي) في مصر، وكذلك نشر ثقافة الحوار والتواصل الإنساني بين ثقافات الشعوب والتأكيد على جوهر الأديان (المحبة - التسامح - السلام).
وأشار انتصار إلى اتخاذ كل الإجراءات الاحترازية المتعلقة بوباء كورونا، خلال حفل الافتتاح يوم 18 سبتمبر، الذي سيسمح بدخوله مجاناً.
جدير بالذكر أنّ فعاليات الدورة الـ13 من مهرجان سماع الدولي للإنشاد والموسيقي الروحية، انطلقت في الفترة من 22 حتى 29 أكتوبر (تشرين الأول) من العام الماضي، تحت شعار (رسالة سلام إلى العالم) لمواجهة الإرهاب والتطرف والعنف رغم «كورونا»، بمشاركة 20 فرقة مصرية وأجنبية من بينها روسيا وأرمينيا واليونان وإندونيسيا ولبنان والصين والسودان وجنوب السودان وفلسطين وسوريا، فيما كان لبنان ضيف شرف المهرجان الدورة الماضية، وشخصية المهرجان «كوكب الشرق» أم كلثوم.
واستضافت قلعة صلاح الدين التاريخية في شهر أغسطس (آب) الماضي، الدورة التاسعة والعشرين لمهرجان قلعة صلاح الدين الدولي للموسيقى والغناء، الذي حضره عشرات الآلاف من الجمهور المصري على مدار نحو أسبوعين، واختتمه الفنان المصري مدحت صالح في نهاية الشهر ذاته، بحفل غنائي كبير تفاعل فيه الجمهور مع أشهر أغانيه.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».