تفاصيل مباحثات غروسي «غائبة» عن البرلمان الإيراني

«نور نيوز» التابعة للأمن القومي تنفي أي تعارض بين الزيارة وقانون تقليص التزامات الاتفاق النووي

وزير الخارجية الإيراني أمير عبد اللهيان يشرح استراتيجيته للجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية منتصف الشهر الماضي (خانه ملت)
وزير الخارجية الإيراني أمير عبد اللهيان يشرح استراتيجيته للجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية منتصف الشهر الماضي (خانه ملت)
TT

تفاصيل مباحثات غروسي «غائبة» عن البرلمان الإيراني

وزير الخارجية الإيراني أمير عبد اللهيان يشرح استراتيجيته للجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية منتصف الشهر الماضي (خانه ملت)
وزير الخارجية الإيراني أمير عبد اللهيان يشرح استراتيجيته للجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية منتصف الشهر الماضي (خانه ملت)

اشتكى مشروعون إيرانيون، أمس، من «غياب» تفاصيل مباحثات الأخيرة بين الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ونظيرتها الإيرانية، الأحد الماضي.
تقدم مشرعون أمس، بنشر تقرير من المباحثات التي جرت خلف الأبواب المغلقة، أتاحت بعض الوصول للوكالة الدولية، من أجل صيانة لمعدات المراقبة في المنشآت الإيرانية، وذلك بعدما تجاهلت طهران لأسابيع طلب الوكالة التابعة للأمم المتحدة.
وأعرب ممثل مدينة قم، النائب أحمد أمير آبادي فراهاني عن أسفه لعدم اطلاع البرلمان على أي تقرير من المباحثات والقرارات التي جرت بين مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي، والرئيس الجديد للمنظمة الإيرانية للطاقة الذرية، محمد إسلامي. ودعا النائب رئاسة البرلمان الإيراني إلى عقد اجتماع مفتوح أو مغلق ليطلع النواب على ما جرى في الزيارة الأخيرة للمسؤول الأممي، حسبما نقلت وكالات إيرانية أمس.
وفي وقت لاحق أمس، أعلن المتحدث باسم رئاسة البرلمان، نظام الدين موسوي، أن إسلامي سيعقد اليوم (الأربعاء) اجتماعاً مع لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية، حول تنفيذ قانون البرلمان، وكذلك نتائج زيارة غروسي إلى طهران، حسبما نقلت وكالة «إيسنا» الحكومية.
جاء الطلب وسط نقاشات حادة في إيران إثر معلومات عن وقف أو مخالفة قانون أقره البرلمان الإيراني في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، واتخذت طهران بموجبه خطوات متقدمة من مسار تقليص التزامات الاتفاق النووي، بمن فيها تقييد عمل المفتشين الدوليين عبر وقف البرتوكول الإضافي لمعاهدة حظر الانتشار، ورفع نسبة التخصيب إلى 20 في المائة في فبراير (شباط)، والقفز إلى نسبة 60 في المائة في أبريل (نيسان)، وتحويل وقود اليورانيوم إلى معدن اليورانيوم، يضاف إلى ذلك تشغيل عشرات أجهزة الطرد المركزي المتقدمة.
ودخلت وكالة «نور نيوز» المنبر الإعلامي لمجلس الأعلى للأمن القومي، أمس، على خط السجال الدائر، نافية أي تعارض بين زيارة غروسي وقرار البرلمان.
وقالت الوكالة، إن زيارة غروسي «على الرغم من افتعال الأجواء الإعلامية، لم تتعارض مع قانون البرلمان ووقف تنفيذ البروتوكول الإضافي»، مشدداً على أن اللقاء «خلق فرصة تهدف إلى تفهيم التوجه الجديد للبلاد إزاء الوكالة الدولية وضرورة عدم خروج الوكالة من السكة التقنية والقانونية في التعامل مع طهران». ونوهت وكالة الأمن القومي، بأن «يحدث أي تغيير في طريقة تنفيذ قانون البرلمان، مثلما قال المسؤولون في منظمة الطاقة الذرية عقب زيارة غروسي». وتابعت «لا يزال تنفيذ العمل الطوعي بالبروتوكول الإضافي متوقفاً وإيران لن تسلم معلومات أجهزة الرقابة إلى الوكالة الدولية».
وتواجه الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ثقباً أسود في المعلومات والتحقق من أنشطة إيران الحساسة رغم تخزين المعلومات في الأجهزة الرقابية. وترهن طهران منذ فبراير الماضي، رفع الحظر عن تلك المعلومات بإحياء الاتفاق النووي، وإلا ستحذف المعلومات بشكل نهائي.
وهاجمت صحيفة «كيهان» التابعة لمكتب المرشد الإيراني، في صفحتها الأولى أنصار الاتفاق النووي، ومن يعملون على «تلميعه»، مشيرة إلى استمرار العمل بقرار البرلمان. واتهمت هؤلاء بـ«تحريف» الواقع.
ورحبت صحيفة «آرمان ملي» الإصلاحية بـ«القرار العقلاني» لإيران في استقبال مدير الوكالة الدولية، و«إلغاء قرار ضد إيرنا». وقال المحلل فريدون مجلسي «من تسلموا الحكومة يدركون بأن يتعين عليهم الابتعاد من حافة الشفرة لمواصلة الإدارة».
واشتكى وزير الخارجية أمير عبد اللهيان من «تحريف» أقواله خلال لقاء جمعه الأسبوع الماضي، مع أصحاب وسائل الإعلام وكبار الصحف الإيرانية، حول قرار البرلمان. ونقل المتحدث باسم لجنة السياسة الخارجية في البرلمان، عباس مشكيني، عن عبد اللهيان قوله لأعضاء اللجنة «مثلما قلت في الملتقى، قانون البرلمان يحدد مسار الحكومة في القضية النووية».
في الأثناء، أعلن التلفزيون الرسمي أمس، تعيين علي باقري كني، في منصب نائب وزير الخارجية للشؤون السياسية، بدلاً من كبير المفاوضين النوويين عباس عراقجي.
وكان باقري كني أحد المرشحين لمنصب وزير الخارجية. وتولى رئاسة لجنة حقوق الإنسان التابعة للقضاء الإيراني، عندما كان الرئيس إبراهيم رئيسي يقود الجهاز القضائي.
وفي فترة محمود أحمدي نجاد، كان باقري كني نائباً لأمين عام المجلس الأعلى للأمن القومي، سعيد جليلي الذي قاد المفاوضات حينذاك.
وكتب موقع «انتخاب» المقرب من فصيل الرئيس السابق، حسن روحاني، أن «أغلب الحريصين على مصلحة البلاد يحاولون الحفاظ على عراقجي في منصبه بهدف مواصلة المفاوضات النووية، لكن توديع منصبه، أصبح مؤكداً». وامتدحت صحيفة «آرمان ملي» الإصلاحية، أمس، دور عراقجي في «إقناع» الوفد المفاوض الأميركي على إبعاد ملف الصواريخ الباليستية من المفاوضات التي جرت قبل التوصل للاتفاق النووي في يوليو (تموز) 2015.
يأتي هذا بعدما نشر مغردون إيرانيون خلال الأيام الماضية، معلومات عن نهاية مهمة عراقجي. وكان وزير الخارجية الإيراني، قد أبلغ نظيره البريطاني دومنيك راب، في اتصال الاثنين بأن تأخير الحكومة في العودة إلى طاولة المفاوضات، يعود إلى مشاورات داخلية للحكومة بشأن النهج الذي تتبناه لمواصلة مفاوضات إحياء الاتفاق النووي، المجمدة منذ يونيو (حزيران) الماضي.
ونقل مشكيني عن عبد اللهيان قوله أمس، أن «الوزارة الخارجية ستشهد تغييرات الأسبوع المقبل».



تصريحات ميتسوتاكيس تُعيد إشعال التوتر بين أثينا وأنقرة بعد أشهر من الهدوء

إردوغان مستقبلاً ميتسوتاكيس خلال زيارته لأنقرة في مايو الماضي (الرئاسة التركية)
إردوغان مستقبلاً ميتسوتاكيس خلال زيارته لأنقرة في مايو الماضي (الرئاسة التركية)
TT

تصريحات ميتسوتاكيس تُعيد إشعال التوتر بين أثينا وأنقرة بعد أشهر من الهدوء

إردوغان مستقبلاً ميتسوتاكيس خلال زيارته لأنقرة في مايو الماضي (الرئاسة التركية)
إردوغان مستقبلاً ميتسوتاكيس خلال زيارته لأنقرة في مايو الماضي (الرئاسة التركية)

أشعل رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس توتراً جديداً مع تركيا، بعد أشهر من الهدوء تخللتها اجتماعات وزيارات متبادلة على مستويات رفيعة للبناء على الأجندة الإيجابية للحوار بين البلدين الجارين.

وأطلق ميتسوتاكيس، بشكل مفاجئ، تهديداً بالتدخل العسكري ضد تركيا في ظل عدم وجود إمكانية للتوصل إلى حل بشأن قضايا المنطقة الاقتصادية الخالصة والجرف القاري.

تلويح بالحرب

نقلت وسائل إعلام تركية، السبت، عن ميتسوتاكيس قوله، خلال مؤتمر حول السياسة الخارجية عُقد في أثينا، إن «الجيش يمكن أن يتدخل مرة أخرى إذا لزم الأمر». وأضاف: «إذا لزم الأمر، فسيقوم جيشنا بتنشيط المنطقة الاقتصادية الخالصة. لقد شهدت أوقاتاً تدخّل فيها جيشنا في الماضي، وسنفعل ذلك مرة أخرى إذا لزم الأمر، لكنني آمل ألا يكون ذلك ضرورياً».

رئيس الوزراء اليوناني ميتسوتاكيس (رويترز - أرشيفية)

ولفت رئيس الوزراء اليوناني إلى أنه يدرك أن وجهات نظر تركيا بشأن «الوطن الأزرق» (سيطرة تركيا على البحار التي تطل عليها) لم تتغير، وأن اليونان تحافظ على موقفها في هذه العملية. وقال ميتسوتاكيس: «في السنوات الأخيرة، زادت تركيا من نفوذها في شرق البحر المتوسط. قضية الخلاف الوحيدة بالنسبة لنا هي الجرف القاري في بحر إيجه وشرق البحر المتوسط. إنها مسألة تعيين حدود المنطقة الاقتصادية الخالصة، وعلينا أن نحمي جرفنا القاري».

من ناحية أخرى، قال ميتسوتاكيس إن «هدفنا الوحيد هو إقامة دولة موحّدة في قبرص... قبرص موحّدة ذات منطقتين ومجتمعين (تركي ويوناني)، حيث لن تكون هناك جيوش احتلال (الجنود الأتراك في شمال قبرص)، ولن يكون هناك ضامنون عفا عليهم الزمن (الضمانة التركية)».

ولم يصدر عن تركيا رد على تصريحات ميتسوتاكيس حتى الآن.

خلافات مزمنة

تسود خلافات مزمنة بين البلدين الجارين العضوين في حلف شمال الأطلسي (ناتو) حول الجرف القاري، وتقسيم الموارد في شرق البحر المتوسط، فضلاً عن النزاعات حول جزر بحر إيجه.

وتسعى اليونان إلى توسيع مياهها الإقليمية إلى ما هو أبعد من 6 أميال، والوصول إلى 12 ميلاً، استناداً إلى «اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار» لعام 1982 التي ليست تركيا طرفاً فيها.

وهدّد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان من قبل، مراراً، بالرد العسكري على اليونان إذا لم توقف «انتهاكاتها للمياه الإقليمية التركية»، وتسليح الجزر في بحر إيجه. وأجرت تركيا عمليات تنقيب عن النفط والغاز في شرق البحر المتوسط في عام 2020 تسبّبت في توتر شديد مع اليونان وقبرص، واستدعت تحذيراً وعقوبات رمزية من الاتحاد الأوروبي، قبل أن تتراجع تركيا وتسحب سفينة التنقيب «أوروتش رئيس» في صيف العام ذاته.

سفن حربية تركية رافقت سفينة التنقيب «أوروتش رئيس» خلال مهمتها في شرق المتوسط في 2020 (الدفاع التركية)

وتدخل حلف «الناتو» في الأزمة، واحتضن اجتماعات لبناء الثقة بين البلدين العضوين.

أجندة إيجابية وحوار

جاءت تصريحات رئيس الوزراء اليوناني، بعد أيام قليلة من تأكيد وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، في كلمة له خلال مناقشة البرلمان، الثلاثاء، موازنة الوزارة لعام 2025، أن تركيا ستواصل العمل مع اليونان في ضوء الأجندة الإيجابية للحوار.

وقال فيدان إننا «نواصل مبادراتنا لحماية حقوق الأقلية التركية في تراقيا الغربية، ونحمي بحزم حقوقنا ومصالحنا في بحر إيجه وشرق البحر المتوسط، ​​سواء على الأرض أو في المفاوضات».

وعُقدت جولة جديدة من اجتماعات الحوار السياسي بين تركيا واليونان، في أثينا الأسبوع الماضي، برئاسة نائب وزير الخارجية لشؤون الاتحاد الأوروبي، محمد كمال بوزاي، ونظيرته اليونانية ألكسندرا بابادوبولو.

جولة من اجتماعات الحوار السياسي التركي - اليوناني في أثينا الأسبوع الماضي (الخارجية التركية)

وذكر بيان مشترك، صدر في ختام الاجتماع، أن الجانبين ناقشا مختلف جوانب العلاقات الثنائية، وقاما بتقييم التطورات والتوقعات الحالية؛ استعداداً للدورة السادسة لمجلس التعاون رفيع المستوى، التي ستُعقد في تركيا العام المقبل.

ولفت البيان إلى مناقشة قضايا إقليمية أيضاً خلال الاجتماع في إطار العلاقات التركية - الأوروبية والتطورات الأخيرة بالمنطقة.

وجاء الاجتماع بعد زيارة قام بها فيدان إلى أثينا في 8 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أكد البلدان خلالها الاستمرار في تعزيز الحوار حول القضايا ذات الاهتمام المشترك.

لا أرضية للتوافق

وقال ميتسوتاكيس، في مؤتمر صحافي عقده بعد القمة غير الرسمية للاتحاد الأوروبي في بودابست في 9 نوفمبر، إن الحفاظ على الاستقرار في العلاقات بين بلاده وتركيا سيكون في مصلحة شعبيهما.

وأشار إلى اجتماع غير رسمي عقده مع إردوغان في بودابست، مؤكداً أن هدف «التطبيع» يجب أن يكون الأساس في العلاقات بين البلدين، وتطرق كذلك إلى المحادثات بين وزيري خارجية تركيا واليونان، هاكان فيدان وجيورجوس جيرابيتريتيس، في أثنيا، قائلاً إنه جرى في أجواء إيجابية، لكنه لفت إلى عدم توفر «أرضية للتوافق بشأن القضايا الأساسية» بين البلدين.

وزير الخارجية اليوناني يصافح نظيره التركي في أثينا خلال نوفمبر الماضي (رويترز)

وسبق أن التقى إردوغان ميتسوتاكيس، في نيويورك على هامش مشاركتهما في أعمال الدورة 79 للجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر (أيلول) الماضي، وأكد أن تركيا واليونان يمكنهما اتخاذ خطوات حازمة نحو المستقبل على أساس حسن الجوار.

وزار ميتسوتاكيس تركيا، في مايو (أيار) الماضي، بعد 5 أشهر من زيارة إردوغان لأثينا في 7 ديسمبر (كانون الأول) 2023 التي شهدت عودة انعقاد مجلس التعاون الاستراتيجي بين البلدين، بعدما أعلن إردوغان قبلها بأشهر إلغاء المجلس، مهدداً بالتدخل العسكري ضد اليونان بسبب تسليحها جزراً في بحر إيجه.