التحالف الدولي يحصن مطار أربيل ضد المسيّرات

«كتائب حزب الله» العراقي «ليست معنية» بهدنة الحكومة مع الفصائل

مطار أربيل الذي تكرر استهداف قوات التحالف الدولي فيه بالمسيّرات (غيتي)
مطار أربيل الذي تكرر استهداف قوات التحالف الدولي فيه بالمسيّرات (غيتي)
TT

التحالف الدولي يحصن مطار أربيل ضد المسيّرات

مطار أربيل الذي تكرر استهداف قوات التحالف الدولي فيه بالمسيّرات (غيتي)
مطار أربيل الذي تكرر استهداف قوات التحالف الدولي فيه بالمسيّرات (غيتي)

أعلن التحالف الدولي لمحاربة الإرهاب بقيادة الولايات المتحدة الأميركية، أمس الثلاثاء، عزمه إقامة نظام دفاعي لحماية مطار أربيل في إقليم كردستان بعد أيام من هجوم بطائرتين مسيرتين استهدفتا المطار دون وقوع خسائر مادية أو بشرية.
وقال قائد التحالف الدولي في مطار أربيل سكوت ديسورمو، إنه سيتم في نهاية الشهر «نصب نظام دفاعي لحماية قاعدة التحالف في المطار، وإنه سيتبع ذلك انسحاب القوات الخاصة الأميركية». وأكد ديسورمو، في تصريح أوردته قناة العربية، أن «التحالف سيسقط أي طائرة مسيرة تحلق فوق المطار سواء كانت مهاجمة أم غير مهاجمة».
ويعد هذا الالتزام الأميركي هو الأهم من نوعه بعد الإعلان عن حصول الفصائل المسلحة الموالية لإيران في العراق على نوع جديد من الأسلحة هو الطائرات المسيرة المفخخة كبديل عن صواريخ الكاتيوشا التي ثبت فشلها في إصابة أي من الأهداف التي تطلق عليها لقوات التحالف الدولي في العراق أو المواقع الأميركية مثل السفارة الأميركية في المنطقة الخضراء والتي كانت لها حصة الأسد بعدد الضربات التي استهدفتها بعد قاعدة عين الأسد في الأنبار ومطار بغداد غرب العاصمة.
وجاء استهداف مطار أربيل بالطائرات المسيرة غداة إعلان مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي عن عقد الحكومة هدنة مع الفصائل المسلحة من مرحلتين، الأولى تنتهي حتى نهاية الانتخابات بهدف تأمين أجواء آمنة لها، بينما تنتهي المهلة الثانية للهدنة إلى نهاية العام الحالي تزامنا مع جدولة الانسحاب الأميركي وفقا للاتفاق الذي وقعه رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي مع الرئيس بايدن في واشنطن نهاية شهر يوليو (تموز) الماضي. كما جاء قصف مطار أربيل عشية الزيارة التي قام بها الكاظمي إلى طهران الأمر الذي فسره المراقبون بأن الفصائل المسلحة اضطرت إلى كسر الهدنة باستهداف أربيل البعيدة نسبيا عن المواقع ذات الأهمية الاستراتيجية للولايات المتحدة مثل السفارة في قلب بغداد لكي يكون هذا الاستهداف بمثابة رسالة للحليف الإيراني بأن الكاظمي ليس خيارها للولاية الثانية رغم قيامه بنسج علاقات هادئة مع الإيرانيين.
على صعيد متصل وفيما تواصل الولايات المتحدة الأميركية جهودها لمساعدة القوات الأمنية العراقية في مطاردة «داعش» سواء بالدعم اللوجيستي أو توجيه الضربات إلى مواقع التنظيم عن طريق طيران التحالف، فإن الفصائل المسلحة وطبقا لإعلان أحد ممثلي «كتائب حزب الله» ليست معنية بالهدنة التي أعلنها مستشار الأمن القومي قاسم الأعرجي وهو ما يعني وجود انقسام داخل الفصائل بشأن طريقة التعامل مع الولايات المتحدة الأميركية.
وفي سياق تنامي خطر «تنظيم داعش في العراق»، يقول المستشار السابق في وزارة الدفاع العراقية معن الجبوري لـ«الشرق الأوسط» إنه «برغم الهزائم العسكرية التي منيت بها تنظيمات (داعش) الإرهابية وخصوصا بعد تحرير الموصل التي رزحت تحت نيران هذا التنظيم نحو ثلاث سنوات فإنه هزم عسكريا بالفعل». وأضاف أن هذا التنظيم «بقي على الصعيد العملياتي والآيديولوجي والتكتيكات السابقة التي كان يتبعها حيث كنا نعلم أنه عاد إلى أسلوبه الأصلي وهو ليس احتلال المدن وإنما عمليات كر وفر والضرب هنا وهناك ومن ثم أسلوب الذئاب المنفردة والخلايا النائمة والمجاميع الصغيرة التي تتحرك تحت جنح الظلام».
وأوضح الجبوري «على هذا الأساس فإن (داعش) لا يزال يعمل ويضرب في حزام المدن وأحيانا يدخل المدن ويوقع خسائر وبالتالي فإن العمليات الاستباقية التي تقوم بها القوات المسلحة والأجهزة الأمنية تؤتي أكلها وتقدم نتائج جيدة لكنها لا يمكن أن تصل إلى مستوى القضاء على التنظيم»، مبينا أن «هذا الإرهاب تنظيم عالمي ويمتلك عقائدية وآيديولوجيا فضلا عن الزخم المعنوي الذي يتمتع به خصوصا بعد عودة (طالبان) إلى أفغانستان كما أن الحراك في المنطقة يلقي بظلاله على الوضع في العراق وتحديدا ما يحدث في سوريا حيث إن الحدود السورية - العراقية لا تزال تمثل مشكلة، فضلا عن الوضع مع إيران وتركيا وهو ما يشتت الجهد الاستخباري، الأمر الذي يؤكد الحاجة الفعلية للدعم الدولي».
واختتم الجبوري تصريحه بالقول إن «(تنظيم داعش) لا يزال يمثل تهديدا كبيرا ويستطيع استثمار الظروف الزمانية والمكانية ولا تزال تحركاته في العراق وفي العديد من الدول مستمرة، ويستطيع استثمار الظروف الدولية والإقليمية».



أحياء منكوبة بلا مياه وكهرباء بسبب القصف الإسرائيلي في مدينة صور الساحلية

جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
TT

أحياء منكوبة بلا مياه وكهرباء بسبب القصف الإسرائيلي في مدينة صور الساحلية

جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)

قرب ركام مبنى ما زال الدخان يتصاعد منه في مدينة صور، تحمل عائلة حقائب وتصعد على سلم مظلم إلى شقة خُلعت أبوابها ونوافذها، ولا يوجد فيها ماء ولا كهرباء، بعد أن استهدف القصف الإسرائيلي البنى التحتية والطرق، إضافة إلى الأبنية والمنازل.

في اليوم الثاني من سريان وقف إطلاق النار بين «حزب الله» وإسرائيل، كانت مئات العائلات صباح الخميس تتفقّد منازلها في أحياء استهدفتها الغارات الإسرائيلية، وحوّلتها إلى منطقة منكوبة.

لم تسلم سوى غرفة الجلوس في شقة عائلة نجدة. تقول ربّة المنزل دنيا نجدة (33 عاماً)، وهي أم لطفلين، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، بينما تقف على شرفتها المطلة على دمار واسع: «لم نتوقّع دماراً إلى هذا الحدّ. رأينا الصور لكن وجدنا الواقع مغايراً وصعباً».

وغطّى الزجاج أسرّة أطفالها وألعابهم، في حين تناثرت قطع من إطارات النوافذ الحديدية في كل مكان. وتضيف دنيا نجدة: «عندما وصلنا، وجدنا الدخان يتصاعد من المكان، وبالكاد استطعنا معاينة المنزل».

على الشرفة ذاتها، يقف والد زوجها سليمان نجدة (60 عاماً)، ويقول: «نشكو من انقطاع المياه والكهرباء... حتى المولدات الخاصة لا تعمل بعد انقطاع خطوط الشبكات».

ويقول الرجل، الذي يملك استراحة على شاطئ صور، الوجهة السياحية التي تجذب السكان والأجانب: «صور ولبنان لا يستحقان ما حصل... لكن الله سيعوضنا، وستعود المدينة أفضل مما كانت عليه».

وتعرّضت صور خلال الشهرين الماضيين لضربات عدّة؛ دمّرت أو ألحقت أضراراً بمئات الوحدات السكنية والبنى التحتية، وقطعت أوصال المدينة.

وأنذرت إسرائيل، خلال الأسابيع القليلة الماضية، مراراً سكان أحياء بأكملها بإخلائها، ما أثار الرعب وجعل المدينة تفرغ من قاطنيها، الذين كان عددهم يتجاوز 120 ألفاً.

لن يحصل بنقرة

خلال جولة في المدينة؛ حيث تعمل آليات على رفع الردم من الطرق الرئيسة، يحصي رئيس بلدية صور واتحاد بلدياتها، حسن دبوق لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «أكثر من 50 مبنى، مؤلفة من 3 إلى 12 طابقاً دُمّرت كلياً جراء الغارات الإسرائيلية»، غير تضرّر عشرات الأبنية في محيطها، بنسبة تصل إلى 60 في المائة. ويضيف: «يمكن القول إنه يكاد لم يبقَ أي منزل بمنأى عن الضرر».

وشهدت شوارع المدينة زحمة سير مع عودة المئات من السكان إلى أحيائهم، في حين أبقت المؤسسات والمحال التجارية والمطاعم أبوابها موصدة.

ويوضح دبوق: «يتفقّد السكان منازلهم خلال النهار، ثم يغادرون ليلاً بسبب انقطاع الماء عن أنحاء المدينة والكهرباء عن الأحياء التي تعرّضت لضربات إسرائيلية قاسية».

ويقول إن الأولوية اليوم «للإسراع في إعادة الخدمات إلى المدينة، وتأمين سُبل الحياة للمواطنين»، مقرّاً بأن ذلك «لن يحصل بنقرة، ويحتاج إلى تعاون» بين المؤسسات المعنية.

ويضيف: «من المهم أيضاً إزالة الردم لفتح الشوارع حتى يتمكّن الناس من العودة».

واستهدفت غارة إسرائيلية في 18 نوفمبر (تشرين الثاني) شركة مياه صور، ما أسفر عن تدميرها، ومقتل موظفيْن، وانقطاع المياه عن 30 ألف مشترك في المدينة ومحيطها، وفق ما قال رئيس مصلحة مياه صور وليد بركات.

ودمّرت الغارة مضخّات المياه وشبكة الأنابيب المتفرّعة منها، وفق ما شاهد مراسلو «وكالة الصحافة الفرنسية»، الخميس، في إطار جولة نظمها «حزب الله» للصحافيين في عدد من أحياء المدينة.

وتحتاج إعادة بنائها إلى فترة تتراوح بين 3 و6 أشهر، وفق بركات، الذي قال إن العمل جارٍ لتوفير خيار مؤقت يزوّد السكان العائدين بالمياه.

ويقول بركات: «لا صواريخ هنا، ولا منصات لإطلاقها، إنها منشأة عامة حيوية استهدفها العدوان الإسرائيلي».

قهر ومسكّنات

بحزن شديد، يعاين أنس مدللي (40 عاماً)، الخيّاط السوري المُقيم في صور منذ 10 سنوات، الأضرار التي لحقت بمنزله جراء استهداف مبنى مجاور قبل ساعة من بدء سريان وقف إطلاق النار. كانت أكوام من الركام تقفل مدخل المبنى الذي تقع فيه الشقة.

ويقول بأسى: «بكيت من القهر... منذ يوم أمس، وأنا أتناول المسكنات جراء الصدمة. أنظر إلى ألعاب أولادي والدمار وأبكي».

وغابت الزحمة، الخميس، عن سوق السمك في ميناء المدينة القديمة، الذي كان يعجّ بالزبائن قبل الحرب، بينما المراكب راسية في المكان منذ أكثر من شهرين، وينتظر الصيادون معجزة تعيدهم إلى البحر لتوفير قوتهم.

بين هؤلاء مهدي إسطنبولي (37 عاماً)، الذي يروي أنه ورفاقه لم يبحروا للصيد منذ أن حظر الجيش اللبناني في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) حركة القوارب في المنطقة البحرية جنوب لبنان.

ويقول: «لم يسمح الجيش لنا بعد بالخروج إلى البحر حفاظاً على سلامتنا» باعتبار المنطقة «حدودية» مع إسرائيل.

ويقول إسطنبولي: «نراقب الوضع... وننتظر»، مضيفاً: «نحن خرجنا من أزمة، لكن الناس سيعانون الآن من أزمات نفسية» بعد توقف الحرب.

ويقول أب لأربعة أطفال: «أحياناً وأنا أجلس عند البحر، أسمع صوت الموج وأجفل... يتهيّأ لي أن الطيران يقصف. نعاني من الصدمة».