«سبالانزاني» يتحدث عن البدايات العشوائية في معالجة مصابي «كورونا»

المستشفى الذي عالج أول إصابتين في روما

«سبالانزاني» يتحدث عن البدايات العشوائية في معالجة مصابي «كورونا»
TT

«سبالانزاني» يتحدث عن البدايات العشوائية في معالجة مصابي «كورونا»

«سبالانزاني» يتحدث عن البدايات العشوائية في معالجة مصابي «كورونا»

نشرت إدارة مستشفى «سبالانزاني» في روما، المتخصص في البحوث والعلوم الوبائية، الذي عالج وشفى أولى إصابتين بـ«كوفيد - 19» تعرض لهما سائحان صينيان مطلع العام الماضي، نتائج دراسة شاركت فيها معظم جمعيات العلوم الوبائية في الاتحاد الأوروبي حول العبر التي تم استخلاصها في مكافحة الفيروس، الذي أصاب ما يزيد عن 4.6 مليون شخص، وأوقع 1.3 مليون ضحية حتى الآن في أوروبا.
وتشير الدراسة إلى أن كثافة وسرعة البحوث العلمية التي واكبت ظهور هذه الجائحة لا سابق لها في تاريخ العلوم الطبية، حيث إن العلماء تمكنوا من تحديد الفيروس ومواصفاته قبل إطلاق الاسم على المرض الذي يتسبب به. لكن رغم ذلك مرت شهور عدة كان الأطباء يتحركون خلالها في أجواء ضبابية، ويضربون خبط عشواء في علاجات تجريبية لا تستند إلى أي قرائن أو تجارب سابقة.
لكن ما هي الدروس المستفادة حتى الآن من هذه الحرب التي تبدو بلا نهاية ضد الفيروس الذي غيّر مجرى الحياة في جميع أنحاء العالم؟
تفيد الدراسة بأن العالم اكتشف إمكانية ممارسة أنشطة كثيرة، إدارية واقتصادية وسياسية، عن بعد ومن غير اللجوء إلى السفر والتنقل، لكن ذلك يؤتي نتائج دون تلك التي تثمرها الأنشطة الحضورية واللقاءات المباشرة، وبالتالي فإن الصيغة المرشحة لتسود في المستقبل هي الدمج بين الصيغتين، أو ما يعرف حالياً بالصيغة الهجينة.
وتشير الدراسة إلى أن التحول الأساسي في مقاربة الوباء كانت معرفة طريقة سريان الفيروس وانتقال العدوى، إذ بعد أن كان الاعتقاد السائد في البداية هو أن الفيروس ينتقل عبر رذاذ لعاب المصابين إلى من يتواصلون معهم، تبين أن تلك الفرضية كانت خاطئة كلياً، ولم تتأكد أي إصابة بذلك. أما اليوم فقد بات من الثابت علمياً أن الفيروس ينتقل عبر الهواء، وبالتالي فإن ارتداء الكمامات الواقية، خصوصاً في الأماكن المغلقة، ما زال من الوسائل الأساسية لاحتواء انتشار الوباء.
وفي نتائج الدراسة أيضاً أن العزل المنزلي الذي فرضته معظم الدول في ربيع العام الماضي، كان تدبيراً جذرياً وغير مسبوق، لكنه لعب دوراً أساسياً في الحد من سريان الفيروس الذي كان لا يزال محاطاً بكثير من الألغاز، وينتشر بكثافة خارج السيطرة. ويخلص الخبراء أن هذا التدبير هو الأكثر تأثيراً على الحياة الاجتماعية ودورة الاقتصاد، لكنه أيضاً الأكثر فاعلية في احتواء الوباء. يذكر أن العديد من البلدان اتجهت إلى فرض الإقفال في مناطق جغرافية محدودة داخل المدن تحاشياً لفرض العزل المنزلي العام، لكن هذا التدبير لم يظهر فاعليته في كبح سريان الفيروس.
وفيما تشير الدراسة إلى أن معظم التدابير التي فرضتها السلطات في المدارس وعلى ارتياد المقاهي والمطاعم والتجمعات العامة، يصعب تقييم فاعليتها بقدر معقول من الدقة، خصوصاً إذا لم ترافقها تدابير أخرى على التنقل داخل المدن وبينها.
أما بالنسبة للكمامات الواقية التي كانت مثار جدل واسع في الأشهر الأولى من الجائحة، فإن الخبراء الوبائيين يخلصون أنه من الصعب جداً تقدير نسبة الإصابات التي يمكن تحاشيها بفضل ارتداد الكمامات. ويعود السبب في ذلك إلى أن التدابير غير العلاجية تتأثر بعوامل مسلكية كثيرة تجعل من شبه المستحيل تحديد دور كل منها بمعزل عن الأخرى. يذكر أن الدراسات الواسعة النطاق التي أجريت حتى الآن على استخدام الكمامات الواقية، بينت أن استخدامها يساعد على خفض الإصابات بنسب لا تتجاوز 12 في المائة. لكنها دراسات تشوبها نواقص عديدة مثل عدم مراعاة معايير عدة، منها ارتداء الكمامة بشكل صحيح، أو نوعية الكمامة ونظافتها، أو احتساب الإصابات التي تظهر عليها أعراض، أو تفاوت التأثير حسب الفئات العمرية. وتخلص الدراسة إلى أن الكمامات مفيدة في مكافحة الوباء. لكن من الصعب جداً تحديد مستوى فاعليتها.
ومن الاستنتاجات الواضحة التي يخلص إليها الأخصائيون في العلوم الوبائية منذ ظهور الإصابات الأولى بالفيروس، أن المسنين هم الأكثر تعرضاً للوباء ولأعراضه الخطرة التي تؤدي إلى الوفاة. لكن تشير الدراسة إلى أن العمر وحده ليس هو السبب في ارتفاع نسبة التعرض للوباء وللإصابة الخطرة، بل الوضع الصحي للمسنين والأمراض التي يعانون منها. وتدل الدراسات الأخيرة في هذا المجال على أن خطر الوفاة بين المصابين الذين تجاوزوا الخامسة والستين من العمر يتضاعف أربع مرات لدى الذين يعانون من أمراض، مقارنة بالذين يتمتعون بحصة جيدة.
وتخلص الدراسة إلى أنه إذا كان خطر الوفاة بسبب من الإصابة بـ«كوفيد» يحدده العمر بنسبة عالية، فإن الإصابة بالوباء تتأثر بصورة مباشرة جراء الوضع الاجتماعي والمهني، فالذين يضطرون للخروج من منازلهم لمزاولة أعمالهم، أو الذين يعيشون ضمن أسر كبيرة في منازل صغيرة أو في مناطق مكتظة سكانياً، يواجهون أكثر من غيرهم خطر الإصابة بالوباء ونقله إلى الآخرين.


مقالات ذات صلة

«الصحة العالمية»: انتشار أمراض الجهاز التنفسي في الصين وأماكن أخرى متوقع

آسيا أحد أفراد الطاقم الطبي يعتني بمريض مصاب بفيروس كورونا المستجد في قسم كوفيد-19 في مستشفى في بيرغامو في 3 أبريل 2020 (أ.ف.ب)

«الصحة العالمية»: انتشار أمراض الجهاز التنفسي في الصين وأماكن أخرى متوقع

قالت منظمة الصحة العالمية إن زيادة حالات الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي الشائعة في الصين وأماكن أخرى متوقعة

«الشرق الأوسط» (لندن )
صحتك جائحة «كورونا» لن تكون الأخيرة (رويترز)

بعد «كوفيد»... هل العالم مستعد لجائحة أخرى؟

تساءلت صحيفة «غارديان» البريطانية عن جاهزية دول العالم للتصدي لجائحة جديدة بعد التعرض لجائحة «كوفيد» منذ سنوات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك ما نعرفه عن «الميتانيوفيروس البشري» المنتشر في الصين

ما نعرفه عن «الميتانيوفيروس البشري» المنتشر في الصين

فيروس مدروس جيداً لا يثير تهديدات عالمية إلا إذا حدثت طفرات فيه

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك فيروس رئوي قد يتسبب بجائحة عالمية play-circle 01:29

فيروس رئوي قد يتسبب بجائحة عالمية

فيروس تنفسي معروف ازداد انتشاراً

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أحد الأرانب البرية (أرشيفية- أ.ف.ب)

الولايات المتحدة تسجل ارتفاعاً في حالات «حُمَّى الأرانب» خلال العقد الماضي

ارتفعت أعداد حالات الإصابة بـ«حُمَّى الأرانب»، في الولايات المتحدة على مدار العقد الماضي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

«أكسيوس»: بايدن ناقش خططاً لضرب المواقع النووية الإيرانية

الرئيس الأميركي جو بايدن (رويترز)
الرئيس الأميركي جو بايدن (رويترز)
TT

«أكسيوس»: بايدن ناقش خططاً لضرب المواقع النووية الإيرانية

الرئيس الأميركي جو بايدن (رويترز)
الرئيس الأميركي جو بايدن (رويترز)

قدّم مستشار الأمن القومي للبيت الأبيض جيك سوليفان للرئيس جو بايدن خيارات لـ«هجوم أميركي محتمل» على المنشآت النووية الإيرانية، إذا «تحرك الإيرانيون نحو امتلاك سلاح نووي» قبل موعد تنصيب دونالد ترمب في 20 يناير (كانون الثاني).

وقالت ثلاثة مصادر مطّلعة لموقع «أكسيوس» إن سوليفان عرض تفاصيل الهجوم على بايدن في اجتماع - قبل عدة أسابيع - ظلت تفاصيله سرية حتى الآن.

وقالت المصادر إن بايدن لم يمنح «الضوء الأخضر» لتوجيه الضربة خلال الاجتماع، و«لم يفعل ذلك منذ ذلك الحين». وناقش بايدن وفريقه للأمن القومي مختلف الخيارات والسيناريوهات خلال الاجتماع الذي جرى قبل شهر تقريباً، لكن الرئيس لم يتخذ أي قرار نهائي، بحسب المصادر.

وقال مسؤول أميركي مطّلع على الأمر إن اجتماع البيت الأبيض «لم يكن مدفوعاً بمعلومات مخابراتية جديدة ولم يكن المقصود منه أن ينتهي بقرار بنعم أو لا من جانب بايدن».

وكشف المسؤول عن أن ذلك كان جزءاً من مناقشة حول «تخطيط السيناريو الحكيم» لكيفية رد الولايات المتحدة إذا اتخذت إيران خطوات مثل تخصيب اليورانيوم بنسبة نقاء 90 في المائة قبل 20 يناير (كانون الثاني).

وقال مصدر آخر إنه لا توجد حالياً مناقشات نشطة داخل البيت الأبيض بشأن العمل العسكري المحتمل ضد المنشآت النووية الإيرانية.

وأشار سوليفان مؤخراً إلى أن إدارة بايدن تشعر بالقلق من أن تسعى إيران، التي اعتراها الضعف، إلى امتلاك سلاح نووي، مضيفاً أنه يُطلع فريق ترمب على هذا الخطر.

وتعرض نفوذ إيران في الشرق الأوسط لانتكاسات بعد الهجمات الإسرائيلية على حليفتيها حركة «حماس» الفلسطينية وجماعة «حزب الله» اللبنانية، وما أعقب ذلك من سقوط نظام الرئيس بشار الأسد في سوريا.

وقال سوليفان لشبكة «سي إن إن» الأميركية: «القدرات التقليدية» لطهران تراجعت؛ في إشارة إلى ضربات إسرائيلية في الآونة الأخيرة لمنشآت إيرانية، منها مصانع لإنتاج الصواريخ ودفاعات جوية. وأضاف: «ليس من المستغرب أن تكون هناك أصوات (في إيران) تقول: (ربما يتعين علينا أن نسعى الآن لامتلاك سلاح نووي... ربما يتعين علينا إعادة النظر في عقيدتنا النووية)».

وقالت مصادر لـ«أكسيوس»، اليوم، إن بعض مساعدي بايدن، بمن في ذلك سوليفان، يعتقدون أن ضعف الدفاعات الجوية والقدرات الصاروخية الإيرانية، إلى جانب تقليص قدرات وكلاء طهران الإقليميين، من شأنه أن يدعم احتمالات توجيه ضربة ناجحة، ويقلل من خطر الانتقام الإيراني.

وقال مسؤول أميركي إن سوليفان لم يقدّم أي توصية لبايدن بشأن هذا الموضوع، لكنه ناقش فقط تخطيط السيناريو. ورفض البيت الأبيض التعليق.