حرق المنازل في صلاح الدين يقيد ضد «المندسين» في الحشد الشعبي

نازحون من أهالي بلدة الدور يتلقون مكالمات هاتفية غامضة

جنود عراقيون يشاركون في تمرين تحت إشراف مدربين أميركيين في معسكر التاجي شمال بغداد أول من أمس (أ.ب)
جنود عراقيون يشاركون في تمرين تحت إشراف مدربين أميركيين في معسكر التاجي شمال بغداد أول من أمس (أ.ب)
TT

حرق المنازل في صلاح الدين يقيد ضد «المندسين» في الحشد الشعبي

جنود عراقيون يشاركون في تمرين تحت إشراف مدربين أميركيين في معسكر التاجي شمال بغداد أول من أمس (أ.ب)
جنود عراقيون يشاركون في تمرين تحت إشراف مدربين أميركيين في معسكر التاجي شمال بغداد أول من أمس (أ.ب)

وسط اتهامات لميليشيات في الحشد الشعبي بحرق منازل في محافظة صلاح الدين، كشف شهود عيان في قضاء الدور (جنوب تكريت)، الذي تمت استعادته من تنظيم داعش قبل نحو 10 أيام عن تلقي كثير من الأهالي مكالمات هاتفية غامضة.
وقال خالد الخزرجي نائب رئيس اللجنة الأمنية في محافظة صلاح الدين، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إنه «في الوقت الذي نستطيع أن نؤكد فيه أن الأمور طبيعية في كثير من مناطق المحافظة التي جرى تحريرها، وهي بالدرجة الأساس الدور والبوعجيل والعلم، لكننا فوجئنا بما حصل في منطقة الدور وبالذات في المجمع الحكومي، حيث قامت عناصر مندسة من بعض فصائل الحشد الشعبي بحرق بين 10 إلى 15 منزلا تعود لمواطنين»، وأوضح: «في الوقت الذي كنا حتى في صلاح الدين، لبينا نداء المرجعية بالتطوع، لكننا في الوقت نفسه كنا قد حذرنا من وجود عناصر مندسة هدفها تخريب ما تحقق من انتصارات».
وأضاف الخزرجي أنه «رغم أن ما حصل حتى الآن لا يتعدى هذه الحالات، لكننا أجرينا اتصالات كمجلس محافظة مع الجهات المعنية، وبالدرجة الأولى قيادة عمليات سامراء، لأن هذا القاطع من مسؤوليتهم، كما أبلغنا رئيس الوزراء بذلك، لأننا نرى أن هذه الممارسات من شأنها أن تؤثر على اللحمة الوطنية».
وأشار الخزرجي إلى أن «العمل جارٍ لتطويق هذه الحالات ومنع تكرارها مستقبلا».
في سياق ذلك، أكد عدد من شهود العيان في قضاء الدور عن تلقيهم مكالمات هاتفية من أناس دخلوا بيوتهم، وتمكنوا من الحصول على أرقام هواتفهم من بعض المعاملات الرسمية المتروكة في المنازل بعد تهجير ساكنيها ونزوحهم.
ويقول المواطن أحمد الدوري في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط» إنه تلقى «اتصالا من شخص قال له: (أنا والجماعة في بيتك) ثم أغلقوا الخط». ويضيف: «عاودوا الاتصال، وقالوا لي إنهم وجدوا المنزل خاليا من أي أثاث». ويخشى أحمد أن «تكون هذه المكالمة مجرد حجة لأمور أخرى، لأنني لا أعرف إن كان بيتي الذي هجرته منذ شهور قد تم نهبه من قبل (داعش) أم من قبلهم».
بدورها، تقول المواطنة أميرة في حديث لـ«الشرق الأوسط» إنها تلقت هي الأخرى «مكالمة من أحدهم قال لي إننا طردنا (داعش) من بيتك وقتلناهم وبإمكانك العودة إليه». وتعرب أميرة عن خشيتها من إمكانية العودة في مثل هذه الظروف بسبب ما قيل عن وجود اعتقالات في المنطقة.
عضو البرلمان عن محافظة صلاح الدين، مشعان الجبوري، أقر في حديث لـ«الشرق الأوسط» بـ«وجود حالات اعتقال طالت نحو 120 مواطنا من الدور»، مضيفا: «تم إطلاق سراح النساء والإبقاء على الرجال لأسباب لا نعرف دوافعها وحقيقتها حتى الآن، برغم أننا أجرينا اتصالات مع كثير من الجهات للوقوف على الأسباب الحقيقية».
وأضاف الجبوري أن «الحجج التي تلقيناها حتى الآن هي أن الهدف من عملية الاعتقال التحقيق مع هؤلاء لمعرفة الأسباب الحقيقية التي جعلتهم يبقون في منازلهم ولم يخرجوا برغم أن الجهات الرسمية طلبت من المواطنين هناك مغادرة المنازل لكي لا يتخذهم الدواعش دروعا بشرية».
وفي حين عبّر الجبوري عن قلقه من «استمرار مثل هذه الأعمال التي من شأنها منح بعض الأطراف حجة لصب الزيت على النار»، فإنه أكد «حرص القيادة العسكرية هناك على جعل عملية تحرير محافظة صلاح الدين نظيفة ولا تشوبها قضايا تؤثر على الهدف الأساسي، وهو طرد تنظيم داعش».
لكن المتحدث الرسمي باسم الحشد الشعبي أحمد الأسدي نفى ضلوع الحشد بمثل هذه الأعمال. وقال في تصريح أمس إن «الحشد الشعبي يعمل على تطهير مناطق تكريت من العبوات الناسفة لإرجاع الأهالي إلى منازلهم»، مبينا: «لم نسمع تصريحات من مجلس محافظة صلاح الدين بأن عناصر الحشد يهجرون ويحرقون المنازل».
وأضاف الأسدي: «إذا حصلت حالات مثلما ذكرها رئيس مجلس المحافظة، فنحن وأجهزتنا المختصة نتابع ذلك، وسنعمل جاهدين على معالجتها»، متعهدا بـ«تقديم كل من يثبت ذلك عليه إلى القضاء، لأن مهمة الحشد حماية دور المواطنين والعوائل ومساعدتهم بالعودة لمنازلهم».



ضربات في صعدة... والحوثيون يطلقون صاروخاً اعترضته إسرائيل

عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
TT

ضربات في صعدة... والحوثيون يطلقون صاروخاً اعترضته إسرائيل

عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)

تبنّت الجماعة الحوثية إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من اعترافها بتلقي ثلاث غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

وفي حين أعلن الجيش الإسرائيلي اعتراض الصاروخ الحوثي، يُعد الهجوم هو الثاني في السنة الجديدة، حيث تُواصل الجماعة، المدعومة من إيران، عملياتها التصعيدية منذ نحو 14 شهراً تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

وادعى يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الجماعة الحوثية، في بيان مُتَلفز، أن جماعته استهدفت بصاروخ فرط صوتي من نوع «فلسطين 2» محطة كهرباء «أوروت رابين» جنوب تل أبيب، مع زعمه أن العملية حققت هدفها.

من جهته، أعلن الجيش الإسرائيلي، في بيان، أنه «بعد انطلاق صفارات الإنذار في تلمي اليعازر، جرى اعتراض صاروخ أُطلق من اليمن قبل عبوره إلى المناطق الإسرائيلية».

ويوم الجمعة الماضي، كان الجيش الإسرائيلي قد أفاد، في بيان، بأنه اعترض صاروخاً حوثياً وطائرة مُسيّرة أطلقتها الجماعة دون تسجيل أي أضرار، باستثناء ما أعلنت خدمة الإسعاف الإسرائيلية من تقديم المساعدة لبعض الأشخاص الذين أصيبوا بشكل طفيف خلال هروعهم نحو الملاجئ المحصَّنة.

وجاءت عملية تبنِّي إطلاق الصاروخ وإعلان اعتراضه، عقب اعتراف الجماعة الحوثية باستقبال ثلاث غارات وصفتها بـ«الأميركية البريطانية»، قالت إنها استهدفت موقعاً شرق مدينة صعدة، دون إيراد أي تفاصيل بخصوص نوعية المكان المستهدَف أو الأضرار الناجمة عن الضربات.

مقاتلة أميركية على متن حاملة طائرات في البحر الأحمر (أ.ب)

وإذ لم يُعلق الجيش الأميركي على الفور، بخصوص هذه الضربات، التي تُعد الأولى في السنة الجديدة، كان قد ختتم السنة المنصرمة في 31 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، باستهداف منشآت عسكرية خاضعة للحوثيين في صنعاء بـ12 ضربة.

وذكرت وسائل الإعلام الحوثية حينها أن الضربات استهدفت «مجمع العرضي»؛ حيث مباني وزارة الدفاع اليمنية الخاضعة للجماعة في صنعاء، و«مجمع 22 مايو» العسكري؛ والمعروف شعبياً بـ«معسكر الصيانة».

106 قتلى

مع ادعاء الجماعة الحوثية أنها تشن هجماتها ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، في سياق مناصرتها للفلسطينيين في غزة، كان زعيمها عبد الملك الحوثي قد اعترف، في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وأن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

وكانت الولايات المتحدة قد أنشأت، في ديسمبر 2023، تحالفاً سمّته «حارس الازدهار»؛ ردّاً على هجمات الحوثيين ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، قبل أن تشنّ ضرباتها الجوية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، بمشاركة بريطانيا في بعض المرات؛ أملاً في إضعاف قدرات الجماعة الهجومية.

دخان يتصاعد من موقع عسكري في صنعاء خاضع للحوثيين على أثر ضربة أميركية (أ.ف.ب)

واستهدفت الضربات مواقع في صنعاء وصعدة وإب وتعز وذمار، في حين استأثرت الحديدة الساحلية بأغلبية الضربات، كما لجأت واشنطن إلى استخدام القاذفات الشبحية، لأول مرة، لاستهداف المواقع الحوثية المحصَّنة، غير أن كل ذلك لم يمنع تصاعد عمليات الجماعة التي تبنّت مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ نوفمبر 2023.

وأدّت هجمات الحوثيين إلى إصابة عشرات السفن بأضرار، وغرق سفينتين، وقرصنة ثالثة، ومقتل 3 بحارة، فضلاً عن تقديرات بتراجع مرور السفن التجارية عبر باب المندب، بنسبة أعلى من 50 في المائة.

4 ضربات إسرائيلية

رداً على تصعيد الحوثيين، الذين شنوا مئات الهجمات بالصواريخ والطائرات المُسيرة باتجاه إسرائيل، ردّت الأخيرة بأربع موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة الحوثية بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

كذلك تضررت مدرسة إسرائيلية بشكل كبير، جراء انفجار رأس صاروخ، في 19 ديسمبر الماضي، وإصابة نحو 23 شخصاً جراء صاروخ آخر انفجر في 21 من الشهر نفسه.

زجاج متناثر في مطار صنعاء الدولي بعد الغارات الجوية الإسرائيلية (أ.ب)

واستدعت هذه الهجمات الحوثية من إسرائيل الرد، في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وفي 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، قصفت إسرائيل مستودعات للوقود في كل من الحديدة وميناء رأس عيسى، كما استهدفت محطتيْ توليد كهرباء في الحديدة، إضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات، وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً.

وتكررت الضربات، في 19 ديسمبر الماضي؛ إذ شنّ الطيران الإسرائيلي نحو 14 غارة على مواني الحديدة الثلاثة، الخاضعة للحوثيين غرب اليمن، وعلى محطتين لتوليد الكهرباء في صنعاء؛ ما أدى إلى مقتل 9 أشخاص، وإصابة 3 آخرين.

وفي المرة الرابعة من الضربات الانتقامية في 26 ديسمبر الماضي، استهدفت تل أبيب، لأول مرة، مطار صنعاء، وضربت في المدينة محطة كهرباء للمرة الثانية، كما استهدفت محطة كهرباء في الحديدة وميناء رأس عيسى النفطي، وهي الضربات التي أدت إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة أكثر من 40، وفق ما اعترفت به السلطات الصحية الخاضعة للجماعة.