مطالبة أممية بتأمين «طوق نجاة» للشعب الأفغاني

«الغذاء العالمي» يحذّر من «كارثة غير مسبوقة»

الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش ومنسق الشؤون الإنسانية في المنظمة الدولية مارتن غريفيث في جنيف أمس (أ.ف.ب)
الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش ومنسق الشؤون الإنسانية في المنظمة الدولية مارتن غريفيث في جنيف أمس (أ.ف.ب)
TT

مطالبة أممية بتأمين «طوق نجاة» للشعب الأفغاني

الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش ومنسق الشؤون الإنسانية في المنظمة الدولية مارتن غريفيث في جنيف أمس (أ.ف.ب)
الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش ومنسق الشؤون الإنسانية في المنظمة الدولية مارتن غريفيث في جنيف أمس (أ.ف.ب)

شدد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، أمس، على ضرورة تأمين «طوق نجاة» للشعب الأفغاني الذي يواجه أزمة إنسانية كبرى، داعياً إلى تأمين الاحتياجات التمويلية العاجلة للمنظمة الدولية ووكالات الإغاثة في أفغانستان والمقدرة بما يزيد على 600 مليون دولار من الآن حتى منتصف العام المقبل.
وأعلن غوتيريش بعد ظهر أمس أن مؤتمراً وزارياً للمانحين انعقد في مقر الأمم المتحدة بجنيف جمع أكثر من مليار دولار لأفغانستان.
وكان الأمين العام للأمم المتحدة قال لدى افتتاحه المؤتمر الوزاري في جنيف إن المنظمة الدولية ما زالت ملتزمة بتقديم المساعدة الإنسانية المحايدة لحماية وإنقاذ ملايين الأفغان الذين يحتاجون إلى معونة غذائية وصحية أساسية. وتابع أنه لا بد من وضع خطة طويلة الأمد للحفاظ على المكاسب الإنمائية التي تحققت في السنوات الأخيرة، التي تشكل أساس الاستقرار في أفغانستان على الأمدين المتوسط والطويل. وشدد على ضرورة احترام حقوق النساء والبنات وضمان أمنهن وسلامتهن.
وقال غوتيريش، أمام الوزراء المشاركين في مؤتمر المانحين، إن «الشعب الأفغاني يحتاج إلى طوق نجاة»، بحسب ما نقلت عنه وكالة الصحافة الفرنسية. وأضاف: «بعد عقود من الحرب والمعاناة وانعدام الأمن، قد يكونون أمام اللحظة الأكثر خطورة» الآن. وتابع: «فلنكن واضحين. لا يرتبط هذا المؤتمر بكل بساطة بما سنعطيه للشعب الأفغاني فحسب، بل إنه مرتبط بما ندين لهم به».
من جهته، قال وزير خارجية باكستان مخدوم شاه محمود قرشي إن بلاده تتحمل العبء الأكبر من الأزمة الأفغانية باستضافتها 3.5 مليون لاجئ أفغاني منذ سنوات، وتعهد بمواصلة تقديم المساعدة الإنسانية واللوجستية لهم تحت عباءة الأمم المتحدة.
وتحدث من روما عبر تقنية الفيديو المدير التنفيذي لبرنامج الغذاء العالمي ديفيد بيزلي، الذي عاد أول من أمس من أفغانستان، وقال إن المنظمة في سباق مع الوقت والثلوج من أجل إيصال المساعدات الغذائية إلى السكان الأكثر احتياجاً، راسماً مشهداً مأساوياً بقوله «إننا نتسول ونلجأ إلى الاستدانة لمنع نفاد الأغذية من مخازننا في هذه الفترة الحرجة». وأضاف بيزلي أن برنامج الغذاء، الذي يشكل الذراع الإنسانية واللوجستية الطولى للأمم المتحدة، يتولى نقل المساعدات الطبية التي تقدمها منظمة الصحة العالمية وتوزيعها على جميع المحافظات الأفغانية. وتابع أن البرنامج أجرى استطلاعاً، الأسبوع الماضي، بين 1500 مواطن أفغاني، بيّن أن 93 في المائة منهم لا يستهلكون ما يكفي من غذاء بسبب عدم توفر النقود لشرائه. وكان المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، تيدروس أدهانوم غيبريسوس، قد حذر من أن مئات المرافق الصحية على وشك الإقفال في أفغانستان إذا لم تصل إليها الإمدادات قريباً.
وفي كلمته، أمام المؤتمر، قال رئيس اللجنة الدولية للصليب الأحمر بيتر ماورير، الذي عاد هو أيضاً أمس من أفغانستان، إن المواطنين الذين تحدث إليهم هناك أعربوا له عن شعورهم بالخيبة والخيانة من لدن الأسرة الدولية التي تركتهم وحدهم أمام مصيرهم بلا حماية ومن غير ضمانات، ودعا إلى التحرك بسرعة لتقديم المساعدة كي لا يتعمق هذا الشعور ويتسع بين الأفغان. كما حذر ماورير الذي قدر الاحتياجات العاجلة لمنظمته بنحو 150 مليون دولار، من ربط المساعدات الإنسانية بشرط احترام حقوق الإنسان «لأن ذلك من شأنه تقويض القاعدة الأساسية التي يقوم عليها العمل الإنساني».
ومع انقضاء شهر على خروج آخر الجنود الأميركيين، ومعهم جميع القوات الغربية من العاصمة الأفغانية، رسم برنامج الغذاء العالمي مشهداً قاتماً جداً للوضع الإنساني والصحي في أفغانستان، وحذر من «كارثة غير مسبوقة لن تلبث تداعياتها أن تؤثر على بلدان الجوار وأبعد منها بكثير».
وفي تقرير داخلي وضعته بعثة البرنامج الذي ينشط منذ أربعة عقود لتقديم المساعدات الغذائية والإنسانية في أفغانستان، وحصلت عليه «الشرق الأوسط»، تقول المنظمة التي تعد الذراع الإنسانية الرئيسية للأمم المتحدة في العالم، إنه «بعيداً عن المشاهد الصاعقة التي كانت وسائل الإعلام تبثها من مطار كابل في الأسابيع الأخيرة الماضية، فإن ثمة الملايين خارج العاصمة وبعيداً عنها في حال من الخوف والجوع والتخلي على شفا كارثة إنسانية غير مسبوقة».
ويشير التقرير إلى أن الوضع في أفغانستان قبل بداية انسحاب القوات الغربية كان مأساوياً على جميع الأصعدة الإنسانية والاقتصادية والأمنية نتيجة عقود متواصلة من النزاعات وانهيار جميع المنظومات الصحية والاجتماعية، فضلاً عن فترات متكررة من الجفاف وتداعيات جائحة «كوفيد – 19»، وأن أحداث الأسابيع الأخيرة جاءت لتفاجئ الجميع وتدفع الوضع العام بسرعة نحو الكارثة المعلنة.
ويذكر التقرير أن الأشهر الأولى من هذا العام شهدت ارتفاعاً غير مسبوق في أعمال العنف والدمار التي أصابت معظم المواقع والمنشآت الاستراتيجية والبنى التحتية المدنية من طرق وجسور وسدود ومناطق زراعية، ما أدى إلى نزوح أكثر من مليون شخص، بعضهم نزح مرتين أو ثلاثاً أو أربعاً. يضاف إلى ذلك أن هذه السنة كانت الأكثر جفافاً منذ ثلاثة عقود، وأن محاصيل الحبوب تدنت بنسبة 40 في المائة فيما انخفض مخزون المياه الجوفية إلى النصف.
وتفيد بيانات المنظمة بأن 14 مليون أفغاني، أي ثلث السكان، يعانون من أعلى مستويات انعدام الأمن الغذائي ويقفون على أبواب مجاعة شبه مؤكدة، فيما يتعرض أكثر من مليوني طفل من نقص حاد في التغذية. يضاف إلى ذلك أن معدلات سوء التغذية في معظم الولايات (27 من أصل 34) يتجاوز مستوى الطوارئ بنسبة 15 في المائة، ويصل إلى 26 في المائة في المناطق التي ضربها الجفاف.
ويشير التقرير إلى أنه منذ منتصف الشهر الماضي توقفت المساعدات المالية الخارجية التي تشكل 40 في المائة من إجمالي الناتج المحلي، و75 في المائة من الإنفاق العام، كما جُمّدت أصول المصرف المركزي بحيث توقفت الدولة عن دفع رواتب موظفي القطاع العام الذين تواجه أسر العديد منهم خطر الوقوع فريسة الفقر والجوع، في الوقت الذي توشك الخدمات الصحية الأساسية على الانقطاع. كما تسجل أسعار الوقود والمواد الغذائية ارتفاعاً مطرداً منذ أسابيع، فيما ازداد سعر القمح بنسبة 70 في المائة، علماً بأن 76 في المائة من السكان الأفغان يعيشون بأقل من دولارين في اليوم.
وتقول ماري هيلين ماكغرورتي، مديرة برنامج الأغذية في أفغانستان، إن موظفي البرنامج الذين يزيدون على 440 يعيشون منذ منتصف الشهر الماضي ظروفاً قاسية جداً في أجواء من الخوف والقلق، وإن ثمة حاجة ملحة لتوفير الحماية والضمانات لهم ولعائلاتهم.
ويقدر البرنامج احتياجاته المالية في أفغانستان حتى نهاية السنة الجارية بنحو 200 مليون دولار، إضافة إلى 190 ألف طن من الأغذية التي يجب إيصالها إلى المناطق الجبلية النائية قبل هطول الثلوج التي تعزلها عن بقية البلاد.
وإذ يشير التقرير إلى مخاوف البرنامج من مخاطر محاولات تسييس المساعدات الإنسانية التي يقدمها وتحويلها لأغراض أخرى، ينبه إلى أن آلاف الأفغان الذين غادروا البلاد بواسطة الجسر الجوي، الشهر الماضي، حملوا معهم نسبة عالية من المعارف والكفاءات التي تحتاج إليها أفغانستان لبناء مستقبلها.
ويحذر البرنامج من أن الوضع الإنساني قد يتفاقم ويزيد في حال اتساع دائرة الاحتجاجات الشعبية التي تشهدها بعض المناطق، خاصة العاصمة كابل والمناطق المحيطة بها، ضد الحكومة الجديدة التي يمكن أن تقع شيئاً فشيئاً تحت سيطرة عناصر من الجناح المتطرف في «طالبان».



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».