خصلة من شعر نابليون في مزاد مخصص للإمبراطور

دبوس زينة على شكل  زهرة بداخلها خصلة  من شعر نابليون  (المصدر: دار سوذبيز)
دبوس زينة على شكل زهرة بداخلها خصلة من شعر نابليون (المصدر: دار سوذبيز)
TT

خصلة من شعر نابليون في مزاد مخصص للإمبراطور

دبوس زينة على شكل  زهرة بداخلها خصلة  من شعر نابليون  (المصدر: دار سوذبيز)
دبوس زينة على شكل زهرة بداخلها خصلة من شعر نابليون (المصدر: دار سوذبيز)

ستحتفي دار «سوذبيز» للمزادات خلال شهر سبتمبر (أيلول) الحالي بالذكرى المئوية الثانية لوفاة نابليون بونابرت، من خلال تنظيم مزاد خاص بمقتنيات الإمبراطور الذي لا يزال قدره الاستثنائي يثير العجب والدهشة في كل قارة بعد مائتي عام من وفاته. وسيقدم العرض نظرة عامة شاملة من خلال أعمال تمتد على مدى قرنين من تاريخ الفن وكل المجالات من فن القرن التاسع عشر حتى الفن المعاصر، فضلاً عن أعمال النحت، والآنية الفضية، والأثاث، والبورسلين، والمجوهرات والحلي والصور الفوتوغرافية، إلى جانب تذكارات الإمبراطور ومحبوباته.
وقد كُشف عن محتويات المزاد بالكامل قبيل موعد عقده المقرر أن يكون عبر الإنترنت في 15 سبتمبر. إلى جانب قبعة الإمبراطور الشهيرة ذات القرنين، وقناع الموت القائم على القالب الأصلي الذي صُنع في جزيرة سانت هيلينا، كما يوجد كنز من المؤثرات الشخصية الإضافية التي كشف عنها، ومن بينها دبوس زينة من المينا على شكل زهرة تحتوي بداخلها على خصلة من شعر نابليون (تُقدر قيمتها بين خمسة آلاف وسبعة آلاف جنيه إسترليني). وخصلة أخرى من شعره داخل إطار (وتقدر قيمتها بين ستة آلاف وثمانية آلاف جنيه إسترليني)، وكانت من بين الهدايا التي قُدّمت إلى ويليام بوبليتون، ضابط خدمة في منزل لونغوود، الذي كان مقر إقامة نابليون في منفاه، كتعبير عن رضاه عن أدائه وخدمته. كذلك حصل بوبليتون على صندوق النشوق الخاص بالإمبراطور (تُقدر قيمته بين 12 ألف و15 ألف جنيه إسترليني)، فضلاً عن حلي وهدايا لزوجته. وقد طلب بوبليتون أن تُنقش على قبره عبارة «تشرف باحترام وحظوة نابليون الذي كان تحت مسؤوليته الشخصية لمدة عامين في سانت هيلينا». وبعد وفاته ظلت تلك المقتنيات الفنية ضمن ملكية عائلته حتى هذه اللحظة.
وستُقدّم خصلة أخرى من شعر نابليون داخل ميدالية على شكل نجمة عشارية، كانت في السابق ضمن مجموعة مملوكة لجان بابتيست دي نومبر دي شامباني، رجل دولة ودبلوماسي فرنسي عمل بصفة وزير للخارجية خلال فترة حكم نابليون الأول، ودوقاً لكادوري (تُقدر قيمتها بين 12 ألف و20 ألف جنيه إسترليني).

نقاط تحت الضوء
ومن بين الأغراض الأكثر إثارة وجمالاً، القبعة ذات القرنين الشهيرة، التي أصبحت مرتبطة بشكل وثيق بصورة نابليون. وهناك اعتقاد بأنّ هذه القبعة تحديداً قد رافقت نابليون في حملته التي انتهت بالنصر عام 1807. وأنّه قد ارتداها أثناء توقيع معاهدات تيليست التي بمقتضاها قُسّمت أوروبا إلى مناطق مختلفة تخضع للنفوذ الفرنسي والروسي. وكان السياسي سير مايكل شو ستيوارت قد اشترى القبعة عام 1814. وأُعيدت إلى أردغوان في أسكوتلندا، وانتقلت ملكيتها عبر الأجيال (تقدر قيمتها بين 400 ألف و600 ألف جنيه إسترليني).
ويضم المزاد قناع الموت القائم على قالب أصلي صُنع في 7 مايو (أيار) عام 1821 من جانب الطبيبين أرنوت وأنتومارشي في جزيرة سانت هيلينا. (تقدر قيمته بين 10 آلاف و15 ألف جنيه إسترليني).

فنون جميلة
يضم المزاد أيضاً لوحة كبيرة لجيمس إنسور بعنوان «لي ريمورد دي لوغر دي كورس»، ويعود تاريخها إلى 1890 أو 1891. وتعد واحدة من عدة أعمال للفنان تصور معركة واترلو. ومن أجل إبداع تلك اللوحة يصور الفنان لقطة تهكمية لتوديع نابليون لقواته. كذلك يصور الفنان إمبراطوراً مهزوماً في إضاءة غير فاتنة وهو يمر على جنود أنظارهم شاخصة نحو الأفق. وفي الخلفية يوجد علم يحمل تفاصيل إخفاقاته (تُقدر قيمتها بين 300 ألف و500 ألف جنيه إسترليني). من بين الأعمال الفنية المعاصرة هناك صورتان فوتوغرافيتان بعدسة يان مورفان من سلسلة «تشامبس دي باتيل»، وهي نتاج جهد عشر سنوات من التصوير والبحث التاريخي الأثري فيما يتعلق بأهم معارك العالم بكاميرا ذات طراز عتيق. وتظهر في إحدى الصورتين منطقة أوسترليتز، في حين تظهر في الثانية بيريزينا، وهما الموقعان اللذان شهدا معارك عظيمة لنابليون (تُقدر قيمة كل منهما بين أربعة آلاف وستة آلاف جنيه إسترليني).
يضم المزاد أيضاً تمثالاً لجان ليون جيروم بعنوان «بونابرت إنترا لأو كير» (بونابرت يدخل القاهرة) عام 1900 تقريباً (تُقدر قيمته بين 30 ألف و40 ألف جنيه إسترليني). وكان جيروم قد نحت التمثال الأول ضمن سلسلة من الشخصيات التاريخية من الفرسان في نهاية تسعينات القرن التاسع عشر، وقُدّمت هذه القطعة للمرة الأولى في صالون عام 1897. ولاقى النموذج، الذي يبلغ طوله 53 سم، نجاحاً كبيراً وشهرة واسعة مما كان يشير إلى عودة الاهتمام بشخصية نابليون بين أفراد الطبقة البرجوازية الفرنسية.

فنون للديكور
ومن أهم قطع الآنية الفضية زوج كبير من الشمعدانات الفضية الخماسية يحمل شعار جيروم بونابرت، ملك وستفاليا، وكان من صنع بينيه في باريس، وهو حداد الإمبراطور، بمناسبة زفافه على كاثرين دي فورتمبيرغ في 22 أبريل (نيسان) 1897 (تقدر قيمته بين 80 ألف و120 ألف جنيه إسترليني). هناك أيضاً إناء قهوة فضي كبير لجان بابتيست كلود أوديوت يحمل شعار ليتيزيا بونابرت والدة الإمبراطور. وكانت والدة الإمبراطور، التي كانت من محبي المشغولات الذهبية، جامعة شغوفة للأدوات والآنية الفضية أيضاً، وطوال فترة حكم ابنها كانت تطلب أعمالاً خاصة متفردة من أوديوت (تُقدر قيمتها بين 15 و20 ألف جنيه إسترليني).
وفي المزاد محبرة فضية أهداها البابا بيوس السابع إلى بارون دي جيراندو، ومن المرجح أنها استخدمت لتوقيع اتفاقية «كونكوردات» عام 1801. وظلت المحبرة ضمن مقتنيات عائلته حتى يومنا هذا (تُقدر قيمتها بين 4 آلاف و6 آلاف جنيه إسترليني).



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».