جهات أمنية إسرائيلية: إذا اهتديتم للأسرى الفارين لا تقتلوهم

مخاوف من اشتعال انتفاضة ثالثة في الضفة

فلسطينيون أمام معبر مقيبلة وجنود إسرائيليون على طول السياج المؤدي إلى الضفة بحثاً عن الفلسطينيين الستة (رويترز)
فلسطينيون أمام معبر مقيبلة وجنود إسرائيليون على طول السياج المؤدي إلى الضفة بحثاً عن الفلسطينيين الستة (رويترز)
TT

جهات أمنية إسرائيلية: إذا اهتديتم للأسرى الفارين لا تقتلوهم

فلسطينيون أمام معبر مقيبلة وجنود إسرائيليون على طول السياج المؤدي إلى الضفة بحثاً عن الفلسطينيين الستة (رويترز)
فلسطينيون أمام معبر مقيبلة وجنود إسرائيليون على طول السياج المؤدي إلى الضفة بحثاً عن الفلسطينيين الستة (رويترز)

انضمت جهات في قيادة الأجهزة الأمنية الإسرائيلية إلى التحذيرات التي أطلقها «الجهاد الإسلامي» وغيره من التنظيمات الفلسطينية، أنه في حال الاهتداء إلى مكان اختباء الأسرى الستة الفارين من السجن الإسرائيلي، يجب الحذر والانتباه إلى إبقائهم أحياء، فقتلهم سيشعل الضفة الغربية، وربما قطاع غزة، في انتفاضة ثالثة تكون أقسى من الأولى والثانية.
وقال أحد كبار الضباط الإسرائيليين إن «الأسرى الستة تحولوا إلى أبطال في نظر الفلسطينيين، وهم يحظون بالتمجيد. وحسب الشبكات الاجتماعية، فإن الناس يحيطونهم بهالة من القدسية. وعلى إسرائيل أن تحكم العقل ولا تتصرف بالعواطف».
جاء هذا الموقف على إثر صدور الدعوات من نواب في الكنيست ووزراء سابقين، تحدثوا صراحة عن «ضرورة تصفيتهم». وخرجت حركة «بوحريم بحييم»، وهي منظمة يمينية تضم عدداً من العائلات اليهودية التي ثكلت أحد أبنائها، بحملة تطالب بإعدام الأسرى في حال العثور عليهم. وقال شوئيل إشري، الذي فقد شقيقه في عملية فلسطينية عام 2006: «إنني واثق من أن قوات الأمن تبذل كل جهد في سبيل إلقاء القبض على من قتل شقيقي، وخلال المطاردة ستنفذ فيه حكم الإعدام الذي يستحقه». وقد حظيت هذه التصريحات بتأييد واسع في الشبكات الاجتماعية، وبين السياسيين في المعارضة اليمينية.
وكانت القوات الإسرائيلية قد واصلت، أمس (الخميس)، لليوم الرابع على التوالي، التفتيش عن الأسرى الستة في جميع أنحاء البلاد، ونصبت الكمائن والحواجز وداهمت البلدات الفلسطينية في إسرائيل والضفة الغربية، وانتشرت على الحدود، لمنعهم من الهرب إلى الخارج. وكثّفت قوات الجيش ووحدات الكوماندوز والمستعربين، أمس، من وجودها العسكري في محيط البلدات والقرى المحاذية لجدار العزل، على طول الحدود مع الضفة الغربية وفي منطقة جنين بشكل خاص. وأفاد شهود عيان بأن جنود الاحتلال يختبئون خلف الأشجار في محيط الفتحات والشريط الفاصل غرب جنين.
وأجرى رئيس الوزراء، نفتالي بنيت، جلسة لقادة الأجهزة الأمنية لتقييم الوضع، وقرر تشديد الحصار والإغلاق على الضفة الغربية وتعزيز قوات الجيش الإسرائيلي في الضفة. وقال بنيت أن الأحداث يمكن أن تتدهور إلى اشتعال صدامات تشارك فيها كل أجهزة الأمن الإسرائيلية، مشدداً على أن «إسرائيل مستعدة لأي سيناريو». وقد فسر تصريحه هذا على أنه إشارة إلى خطر وقوع حرب أو عمليات حربية واسعة.
ونقلت وسائل الإعلام الإسرائيلية عن طاقم التحقيق في الهروب، أن هناك قناعة تامة بوجود من ساعد الأسرى على الهرب، ووفّر لهم آلة حفر تم العثور عليها في النفق الذي حفروه. وأكد مصدر أمني أن مثل هذه الآلة لا يمكن أن تدخل إلى السجن، ولا بد أن سجاناً أو موظفاً مسؤولاً أدخلها. وقال إن الطاقم حقق مع 14 عنصراً من السجانين، وأن اثنين منهم على الأقل سيجري التحقيق معهما تحت التحذير، ما يعني أن هناك ما يكفي من أدلة لجعلهما مشبوهين. وأكد الطاقم أن التقديرات الإسرائيلية تشير إلى أن الأسرى، على الغالب، ما زالوا في تخوم إسرائيل، ولم يغادروا للخارج أو إلى الضفة الغربية.
وفي أعقاب هذه الجلسة، أعلن وزير الأمن الداخلي، عومر بارليف، أمس، عن نيته العمل على تشكيل لجنة تحقيق رسمية في القضية، وأن الاقتراح مقبول من غالبية الوزراء. وقال إنه قرر تشكيل لجنة فحص حكومية حول ظروف نجاح الأسرى الفلسطينيين الستة في الفرار من سجن «جلبوع» شديد التحصين، فجر الاثنين الماضي. وقال إن اللجنة ستُمنح صلاحيات لجنة تحقيق رسمية، وإن من يرأسها سيكون قاضياً متقاعداً. وذكر موقع صحيفة «يسرائيل هيوم» الإلكتروني، الخميس، أنه إضافة إلى السجانة التي غطت بالنوم في برج مراقبة في السجن يطل على فتحة النفق الذي فرّ منه الأسرى، فإن هناك برج مراقبة آخر، توجد تحته غرفة مراقبة تحتوي على 9 شاشات تراقب جدران السجن. هو أيضاً لم يكتشف عملية الفرار. وأضافت الصحيفة أن سجانا ًوُجد في هذه الغرفة «ولسبب ليس واضحاً لم يشاهد الشاشات، ويبدو أنه بذلك، مرّت 21 دقيقة منذ دخول الأسير الأول إلى النفق الذي هرب منه الأسرى حتى خروجهم جميعاً منه».
في هذه الأثناء، نشر شريط في الشبكات الاجتماعية لم يتم التأكد من صحته، يظهر فيه أحد الأسرى الفارين، وهو أيهم فؤاد كممجي (35 عاماً)، يلقي قصيدة تمجد عملية الهرب ومدينة جنين ومخيمها، ويقول إن الفرار هو انتصار على إرادة السجان ودليل على أن الظلم لا يدوم.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.