في مسرحية «العودة إلى المستقبل» الموسيقية... السيارة هي نجم العرض

أولي دوبسون في دور مارتي ماكفلي وروجر بارت في دور دوك براون  في المسرحية الموسيقية «العودة إلى المستقبل» في مسرح أديلفي في لندن
أولي دوبسون في دور مارتي ماكفلي وروجر بارت في دور دوك براون في المسرحية الموسيقية «العودة إلى المستقبل» في مسرح أديلفي في لندن
TT

في مسرحية «العودة إلى المستقبل» الموسيقية... السيارة هي نجم العرض

أولي دوبسون في دور مارتي ماكفلي وروجر بارت في دور دوك براون  في المسرحية الموسيقية «العودة إلى المستقبل» في مسرح أديلفي في لندن
أولي دوبسون في دور مارتي ماكفلي وروجر بارت في دور دوك براون في المسرحية الموسيقية «العودة إلى المستقبل» في مسرح أديلفي في لندن

في أثناء عرض حديث لمسرحية «العودة إلى المستقبل» الموسيقية، في مسرح أدلفي بلندن، لم يتوقف الجمهور عن الصياح والهتاف.
لقد رحبوا بإعلان يسبق العرض يطلب من الحضور إغلاق هواتفهم المحمولة «لأنها لم تُخترع في عام 1985»، العام الذي شهد إنتاج الفيلم الأصلي. ثم هتفوا عندما تزلج «مارتي ماكفلاي» -الشخصية الرئيسية في البرنامج (التي يقوم بلعبها أولي دوبسون)- على خشبة المسرح في سترة برتقالية لامعة. وهتفوا مرة أخرى عندما بدأ بالغناء محاطاً بالراقصين وفتيات الأيروبكس لاستكمال أجواء الثمانينيات.
لكن التصفيق الحار جاء بعد نحو 20 دقيقة، إثر 3 انفجارات مدوية ووميض براق من الضوء، إذ ظهرت سيارة ديلورين بشكل سحري في منتصف خشبة المسرح، مع أضواء بارزة تنعكس على الهيكل الفولاذي وأبوابها على طراز أجنحة النورس؛ لقد أصيب الجمهور عندئذ بالجموح.
قال بوب غيل، وهو الذي شارك في كتابة الفيلم الأصلي مع روبرت زيميكس وألف النوتة الموسيقية، في مقابلة هاتفية، إنه أدرك دائماً أن السيارة ستكون حيوية لنجاح العرض، موضحاً: «عرفنا أنه إذا نجحنا، فإن ذلك سيجعل الحضور يصاب بالجنون». وأضاف أنه يعمل على تحقيق ذلك منذ أكثر من 15 عاماً، متذكراً أن روبرت زيميكس اصطحب زوجته ليسلي عام 2005 لمشاهدة العرض المسرحي الموسيقي «ذا بروديوسرز» (المنتجون) في «برودواي»، وهو تعديل موسيقي آخر لفيلم درامي. وعندما غادر الزوجان المسرح، سألت عما إذا كان قد فكر يوماً في تقديم مسرحية موسيقية بعنوان «العودة إلى المستقبل»؛ لا يملك غيل أو زيميكس أي خبرة مهنية في المسرح، لكنهما قررا منح الأمر فرصة، بيد أن العثور على منتج يأخذ المشروع -بحسب شروطهما- استغرق الجزء الأفضل من عقد من الزمان، كما قال غيل.
لم يستغرق الحصول على السيارة وقتاً طويلاً، لكن سايمون مارلو، مدير إنتاج البرنامج، قال إنها لا تزال عملية تستغرق وقتاً طويلاً. وكان هناك تحديان: تحقيق انطباع الحركة والسرعة على مساحة المسرح الضيقة، والتأكد من أن كل تفصيل من السيارة على المسرح سيطابق ديلورين في الفيلم. يقول مارلو: «إن قاعدة معجبي (العودة إلى المستقبل) ضخمة، وهم متحذلقون للغاية».
صُنعت نحو 9 آلاف سيارة من الفولاذ المقاوم للصدأ في مصنع بآيرلندا الشمالية قبل إفلاس الشركة عام 1982 (خضع جون ز. ديلورين، مؤسس الشركة، للمحاكمة، وتمت تبرأته من تهمة الاتجار بالكوكايين لدعم مالية شركته). لذا، تواصل فريق مارلو مع ستيفن ويكندين، أحد كبار المعجبين بفيلم «العودة إلى المستقبل»، وهو يعيش في بلدة ديل الساحلية بإنجلترا، ويمتلك نسخة طبق الأصل من سيارة فيلم ديلورين التي تظهر بانتظام في فعاليات المعجبين.
وقال ويكندين (49 عاماً)، في حديث هاتفي، إنه يحب ديلورين منذ مشاهدة أفلام «العودة إلى المستقبل» على شرائط الفيديو في أثناء فترة المراهقة، وأوضح: «لقد كان لطيفاً جداً ومستقبلياً». وأضاف أنه في عقد الثمانينيات، كان بقال محلي وطبيب أسنان يمتلكان سيارة ديلورين، ثم قال: «بقدر اهتمامي بالأمر، كانت لدينا آلتان زمنيتان تتجولان في أنحاء المدينة كافة».
وعندما كان يبلغ 21 من عمره، سافر ويكندين إلى «يونيفرسال ستوديوز» في فلوريدا، ليرى إحدى السيارات الأصلية للفيلم. وفي النهاية، اشترت له زوجته سيارته الخاصة هدية في عيد ميلاده الأربعين.
وقال ويكندين إنه فوجئ باتصال المنتجين الموسيقيين معه، ووضع السيارة على شاحنة لأن الأميال المسموح بها محدودة للغاية بموجب شروط التأمين على «السيارة الكلاسيكية». وأخذها إلى «سوفينير سينيك ستوديوز»، وهي إحدى شركات صناعة الدعامات في لندن، حيث استخدم «6 أو 7 أشخاص الماسحات الضوئية ثلاثية الأبعاد وصوروا آلاف الصور، لالتقاط شكل السيارة من الداخل والخارج، لاستخدامها أساساً لنسخة خشبة المسرح»، ثم اتصلوا به لاحقاً لمعرفة بعض التفاصيل، مثل العلامة الأصلية للإطارات، كما أفاد.
وقال مارلو بعد صنع النموذج، كان على فريق العرض أن «يقوموه بالهندسة»، بما في ذلك جهاز يسمح له بالدوران على محوره (بحيث يبدو أنه يقوم بالدوران المحوري)، ومعدات هوائية تمكنه من الميل في الهواء (عندما يصطدم بحظيرة المزارعين). كما تساعد الإسقاطات على خلق أوهام الحركة.
وأضاف مارلو: «إننا ندفع بالتكنولوجيا إلى أقصى حد»، مؤكداً أن نحو 20 شخصاً عملوا على تطوير سيارة الإنتاج، وما يرتبط بها من مؤثرات بصرية.
وعلى الرغم من أن ديلورين أحد أكثر الملامح التي لا تنسى في كل من الفيلم والمسرحية الموسيقية، قال غيل إنه لم يكن جزءاً من المفهوم الأصلي. في النص الأول الذي كتبه في الثمانينيات، صعد مارتي مكفلاي إلى ثلاجة للتنقل عبر الزمن، ثم استبدل الثلاجة بسيارة عندما كان الفيلم في مرحلة ما قبل الإنتاج.
وفي مسرح أدلفي، بدا أن كل العمل الشاق في السيارة يؤتي ثماره. وقال عشرة من الحضور، كان كثير منهم يرتدون ملابس شخصيات «العودة إلى المستقبل» أو يرتدون قمصان ديلورين، إن السيارة كانت بارزة للغاية. وأكد ستيفن سلون (43 سنة): «ذرفت الدموع أول مرة رأيت فيها ديلورين تظهر أمامي؛ لقد كان نجاحاً باهراً للغاية». وبالنسبة إلى عناية كل أعضاء الفريق بأدق التفاصيل، قال روي سوانسبورو (44 عاماً) إنه لاحظ بعض الفروق بين سيارات المسرح وسيارات السينما، موضحاً: «تختلف عجلة القيادة قليلاً». لكن زوجته بيفيرلي قالت إنه ناقد متحذلق للغاية، وأضافت: «إذا كنت لا تنظر بانتباه شديد، يمكنك أن تقول: أوه، الأمر أشبه بمشاهدة الفيلم».
اللحظة الوحيدة من العرض عندما بدأ الممثلون يتألقون في سيارة ديلورين جاءت في النهاية. وقد حضر الفريق بالكامل إلى المسرح لمشاهدة الأغنية والرقصة الأخيرة، واستغرق كل لاعب لحظته لينال حظه من التصفيق. لكن السيارة لم تحصل على شيء لنفسها. فعلى الرغم من كل البراعة التقنية، فإن الشيء الوحيد الذي لا يمكنها فعله هو الانحناء لتحية الجمهور.
* خدمة «نيويورك تايمز»



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».