خطط عراقية لتأمين «المناطق الفاصلة»... ومقتل قيادي في «الحشد»

TT

خطط عراقية لتأمين «المناطق الفاصلة»... ومقتل قيادي في «الحشد»

فيما كشف الناطق باسم القائد العام للقوات المسلحة اللواء يحيى رسول عن خطط استراتيجية لتأمين المناطق الفاصلة بين ثلاث محافظات، غداة الخرق الأمني في كركوك الذي حققه تنظيم «داعش»، دانت وزارة البيشمركة الكردية اتهامات المتحدث باسم ميليشيا «كتائب حزب الله» بشأن بتسهيل القوات الكردية حركة وعمل مسلحي تنظيم «داعش» في البلاد. في غضون ذلك، نعت هيئة «الحشد الشعبي» معاون قائد عمليات الجزيرة حسن كريم حسن بعد مقتله، مساء الأحد، إثر انفجار عبوة ناسفة في منطقة جرف الصخر شمال محافظة بابل، وأدّى الحادث أيضاً إلى إصابة اثنين من مرافقيه.
وتواصلت، أمس، التصريحات العسكرية والأمنية بشأن الخرق الأمني في كركوك، أول من أمس، وتمكن خلاله تنظيم «داعش» من قتل 13 عنصراً من الشرطة خلال هجوم شنه على نقطة تفتيش للشرطة الاتحادية في محافظة كركوك. وأثار الهجوم الأخير موجة جديدة من المخاوف بشأن إمكانية التنظيم الإرهابي شنّ المزيد من الهجمات في المرحلة المقبلة.
وتعليقاً على أحداث كركوك، قال المتحدث باسم القائد العام للقوات المسلحة اللواء يحيى رسول، أمس، إن «القائد العام للقوات المسلحة وجّه بالقيام بعمليات نوعية لملاحقة بقايا (داعش)». وأكد رسول «إعداد خطط استراتيجية لتأمين المناطق الفاصلة بين كركوك وديالى وصلاح الدين».
وغالباً ما تحدث الخبراء في المجال العسكري عن «النهايات السائبة» ويقصدون بها المناطق التي لا تصل إليها القوات الأمنية التابعة لقيادات العمليات في تلك المحافظات، وغالباً ما يستغلها تنظيم «داعش» في نشاطاته وهجماته الإرهابية.
ويرى رسول أن «المعركة مع بقايا (داعش) استخبارية وقواتنا قادرة على استئصالها» ولوّح بـ«الضرب بيد من حديد على تلك الفلول والخلايا، ولن تمر هذه العملية الغادرة من دون عقاب».
بدورها، أعلنت قيادة العمليات المشتركة، أمس (الاثنين)، مواصلة العمليات العسكرية ضد بقايا تنظيم «داعش» في محافظتي كركوك وديالى. وقال المتحدث باسمها اللواء تحسين الخفاجي إن «بقايا (داعش) تختنق وأوشكت على الانتهاء».
وكان رئيس مجلس الوزراء القائد العام للقوات المسلحة مصطفى الكاظمي، ترأس اجتماعاً طارئاً لمجلس الأمن الوطني، أول من أمس، وشدد على تشكيل لجنة تحقيق في الخروقات الأمنية في كركوك ووضع «آليات فاعلة» لمنع تكرارها. وأشار إلى أن «سوء الإدارة والتقصير أحياناً في عمل القيادات العسكرية يؤديان لحصول بعض الخروقات». ويبدو أن الخرق الأمني في كركوك أثار صراعات أمنية ظلت مشتعلة «تحت الرماد» بين بعض فصائل «الحشد الشعبي» وقوات البيشمركة الكردية. حيث دانت وزارة البيشمركة، أمس، التصريحات التي أدلى بها المسؤول الأمني في «كتائب حزب الله» العراقي عبد الله العسكري، واتهم فيها قوات البيشمركة بـ«تسهيل حركة وعمل مسلحي تنظيم (داعش) في البلاد».
وقال مدير عام الإعلام والتوعية الوطنية في وزارة البيشمركة، العميد عثمان محمد، لشبكة «رووداو» الإعلامية: «نستنكر تصريحات المسؤول الأمني في كتائب حزب الله وندينها بشدة»، مضيفاً أن «هذا اتهام وإجحاف بحق قوات البيشمركة». واعتبر العميد محمد أن «هذه التصريحات لا تخدم وحدة الصف والتلاحم بين قوات البيشمركة والقوات العراقية، ووزارة البيشمركة تنفي وتدين ما يقال عن تقديم قواتها تسهيلات لداعش».
وكان رئيس «هيئة الحشد الشعبي» فالح الفياض، أكد خلال زيارة إلى مدينة الموصل نهاية أغسطس (آب) الماضي، وجود «لقاءات خاصة بين البيشمركة والحشد الشعبي لخلق تنسيق أمني لمسك المناطق الفاصلة التي تعتبر مناطق رخوة».
من جانبه، أكد قائد البيشمركة في محور جنوب كركوك نوري حمه علي، أمس، أن «الهجمات الأخيرة لداعش في كركوك لم تكن طبيعية أو اعتيادية، بل هي نتيجة تخطيط للتنظيم واستغلاله للفراغات الأمنية بين البيشمركة والقوات الاتحادية وتحركه بسهولة في تلك المناطق».
وأضاف في تصريحات أن «الوضع خطير جداً إذا لم يتم التحرك والتنسيق المشترك بين بغداد وأربيل ونشر قوة مشتركة من الطرفين لمنع تزايد المخاطر».


مقالات ذات صلة

في شمال العراق... تحديات كثيرة تواجه النازحين العائدين إلى ديارهم

المشرق العربي نازحون في مخيم حسن شام على بعد نحو 40 كيلومتراً غرب أربيل (أ.ف.ب)

في شمال العراق... تحديات كثيرة تواجه النازحين العائدين إلى ديارهم

تعلن السلطات العراقية بانتظام عن عمليات مغادرة جماعية لمئات النازحين من المخيمات بعدما خصصت مبالغ مالية لكلّ عائلة عائدة إلى قريتها.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
العالم العربي تنظيم «داعش» يتبنّى عملية استهداف حاجز لـ«قسد» في ريف دير الزور الشرقي (مواقع تواصل)

حملات التمشيط العسكري لم تمنع انتعاش «داعش» في سوريا

على رغم أن القوات الحكومية السورية تشن حملات تمشيط متكررة في البادية السورية لملاحقة خلايا تنظيم «داعش» فإن ذلك لم يمنع انتعاش التنظيم.

المشرق العربي قوة مشتركة من الجيش العراقي و«الحشد الشعبي» بحثاً عن عناصر من تنظيم «داعش» في محافظة نينوى (أ.ف.ب)

«داعش» يعلن مسؤوليته عن هجوم أدى لمقتل 3 جنود في العراق

قالت مصادر أمنية وطبية في العراق إن قنبلة زرعت على جانب طريق استهدفت مركبة للجيش العراقي أسفرت عن مقتل 3 جنود في شمال العراق.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي «قوات سوريا الديمقراطية» خلال عرض عسكري في ريف دير الزور (الشرق الأوسط)

أكراد سوريا يتحسبون لتمدد الحرب نحو «إدارتهم الذاتية»

ألقت نتائج الانتخابات الأميركية بظلالها على أكراد سوريا ومصير «إدارتهم الذاتية» بعدما جدد الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، التهديد بشن عملية عسكرية.

كمال شيخو (القامشلي)
شؤون إقليمية عناصر من الجيش الوطني السوري الموالي لتركيا في شمال سوريا (إعلام تركي)

العملية العسكرية التركية في شمال سوريا تواجه رفضاً روسياً وغموضاً أميركياً

تصاعدت التصريحات التركية في الفترة الأخيرة حول إمكانية شن عملية عسكرية جديدة تستهدف مواقع «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) في شمال سوريا.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.