إسبانيا تلتزم برفع الحد الأدنى للأجور لتقليل فجوة الثروة

وسط أسرع تسارع في معدلات التضخم

الاقتصاد الإسباني انكمش بنسبة 11 في المائة العام الماضي (أ.ب.أ)
الاقتصاد الإسباني انكمش بنسبة 11 في المائة العام الماضي (أ.ب.أ)
TT

إسبانيا تلتزم برفع الحد الأدنى للأجور لتقليل فجوة الثروة

الاقتصاد الإسباني انكمش بنسبة 11 في المائة العام الماضي (أ.ب.أ)
الاقتصاد الإسباني انكمش بنسبة 11 في المائة العام الماضي (أ.ب.أ)

قالت ناديا كالفينو وزيرة الاقتصاد الإسبانية، إن بلادها ملتزمة باستراتيجيتها الخاصة برفع الحد الأدنى للأجور لمعالجة فجوة الثروة المزدادة في البلاد، وسط أسرع تسارع في معدلات التضخم منذ ما يقرب من عقد من الزمان.
وقالت كالفينو، التي تشغل أيضاً منصب نائب رئيس الوزراء، في مقابلة مع تلفزيون «بلومبرغ» أمس (السبت): «هذه هي أداة مهمة للحد من عدم المساواة، الذي تصاعد في بلادنا بالسنوات الماضية، منذ أن وصلنا إلى السلطة قبل 3 أعوام، كانت زيادة الحد الأدنى للأجور أحد عناصر أولويات سياستنا».
وجاءت تعليقات الوزيرة في منتدى أمبروسيتي في سيرنوبيو شمال إيطاليا، في حين تشهد إسبانيا وإيطاليا انتعاشاً قوياً، حيث من المقرر أن تنمو اقتصاداتهما بأسرع وتيرة لها منذ السبعينات بعد أن أضر بها وباء كورونا. وكان الاقتصاد الإسباني قد انكمش بنسبة 11 في المائة تقريباً العام الماضي، حيث شهدت إسبانيا أكبر ركود اقتصادي في منطقة اليورو.
وأعلن رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز عن خطط لزيادة الحد الأدنى للأجور البالغ 950 يورو (1123 دولاراً) هذا العام لحماية القوة الشرائية للعمالة مع توسع الاقتصاد وارتفاع تكلفة المعيشة. كما ارتفعت أسعار المستهلك في إسبانيا بسبب ارتفاع أسعار الطاقة الذي غذى التضخم في جميع أنحاء المنطقة.
وأشارت كالفينو إلى أن القفزة في التضخم لا ينبغي أن تكون مفاجئة بسبب سنوات من التضخم المنخفض واستقرار الأسعار وسط الوباء، ووصفت الزيادة الأخيرة بأنها «عرض مؤقت».
وقالت: «علينا أن نتجنب أن يصبح الأمر هيكلياً، لكنه سمة طبيعية للتعافي القوي للغاية الذي نشهده، وهذا ليس مصدر قلق».
وكان سانشيز قال في وقت سابق في مؤتمر عقد بمدينة مدريد الإسبانية: «لن يكون هناك انتعاش اقتصادي، إذا لم يكن هناك انتعاش عادل، أي إذا لم يصل إلى جميع مستويات المجتمع».
ويبلغ الحد الأدنى للأجور حالياً 950 يورو (1123 دولاراً)، ومن المقرر أن تكون إسبانيا، التي تعرضت العام الماضي، لأكبر انكماش في منطقة اليورو، واحدة من كبرى الدول الحاصلة على أموال من صندوق التعافي التابع للاتحاد الأوروبي.
ويهدف المال إلى مساعدة البلاد في تحقيق انتعاش وإغلاق بعض من الفجوات الاقتصادية، المستمرة منذ فترة طويلة مع جيرانها الشماليين الأكثر ثراء. وحتى قبل الجائحة، سجلت إسبانيا أحد أعلى معدلات البطالة في الدول المتقدمة. وتتوقع الحكومة أن يصل معدل البطالة في إسبانيا إلى 15.2 في المائة بنهاية العام، طبقاً لما ذكرته وزيرة الاقتصاد، ناديا كالفينو في 27 يوليو (تموز) الماضي.
وتعتزم حكومة سانشيز تعيين 30.445 ألف موظف جديد في القطاع العام خلال العام الحالي، بزيادة نسبتها 8.5 في المائة على العام الماضي، وتتوقع أن يصل النمو الاقتصادي إلى 7 في المائة في عام 2022، مقارنة بـ6.5 في المائة هذا العام.



تقلبات اليورو تهدد الاستقرار العالمي

مسؤول في البنك المركزي النمساوي يتسلم أوراقاً نقدية جديدة من فئة 200 يورو (رويترز)
مسؤول في البنك المركزي النمساوي يتسلم أوراقاً نقدية جديدة من فئة 200 يورو (رويترز)
TT

تقلبات اليورو تهدد الاستقرار العالمي

مسؤول في البنك المركزي النمساوي يتسلم أوراقاً نقدية جديدة من فئة 200 يورو (رويترز)
مسؤول في البنك المركزي النمساوي يتسلم أوراقاً نقدية جديدة من فئة 200 يورو (رويترز)

مع اقتراب اليورو من أسوأ شهر له منذ أوائل 2022، يحذر المحللون من أن التقلبات الحادة في العملة قد تصبح المصدر القادم لعدم الاستقرار في الأسواق العالمية، خاصة بعد أن أحدثت تقلبات الين الياباني، في أغسطس (آب) الماضي، اضطرابات عبر الأصول المختلفة.

وانخفض اليورو بنحو 3.8 في المائة أمام الدولار، في نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، وهو الآن يقترب من مستوى 1 دولار الرئيسي، تحت ضغط عدة عوامل تشمل خطط الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب لفرض تعريفات تجارية، وضعف الاقتصاد في منطقة اليورو، وتصاعد النزاع بين روسيا وأوكرانيا. وفي الوقت نفسه، تسهم رهانات النمو الأميركي في تقوية الدولار والأسواق الأميركية، وفق «رويترز».

ورغم ذلك، يبقى المستثمرون والمتداولون في العملات منقسمين حول المسار القادم للعملة الأوروبية، حيث يُعدّ الدولار نفسه مهدَّداً بتداعيات التضخم الناجم عن التعريفات وزيادة الديون الحكومية التي قد تُزعزع الثقة في الأسواق والاقتصاد الأميركي.

وقد تتصاعد حالة عدم اليقين إذا استمر اليورو في التراجع، مما يزيد من احتمالية حدوث تحولات مفاجئة قد تؤدي إلى تأثيرات غير متوقعة على الاستراتيجيات الاستثمارية المرتبطة بسياسات ترمب، مثل تلك التي تراهن على انخفاض اليورو وارتفاع الأسهم الأميركية، وفقاً لما أشار إليه المحللون.

في هذا السياق، قال كيت جاكس، رئيس استراتيجية العملات الأجنبية في «سوسيتيه جنرال»: «نحن نشهد تقلبات هائلة، حيث بدأ المتداولون التساؤل: هل نتجاوز سعر صرف اليورو مقابل الدولار أم يعود إلى مستوياته السابقة؟». وأضاف: «الخلاصة هي أننا سنرى مزيداً من المناقشات الساخنة في كلا الاتجاهين بشأن اليورو، وأنا شخصياً لا أعتقد أن هذه الارتباطات العالية بين الأصول سوف تستمر».

وبدأت أزمة السوق، في أغسطس، بتقلبات الين مقابل الدولار، والتي فاجأت صناديق التحوط التي كانت تراهن ضد العملة اليابانية، وتحولت إلى بيع الأسهم لتمويل طلبات الهامش.

وحذّرت الجهات التنظيمية من أن الأسواق قد تصبح عرضة لمثل هذه الأحداث، عندما تتغير الروايات الاقتصادية بسرعة، وخاصة في ضوء المستويات العالية من الاستدانة في النظام.

وأضاف جاكس: «إذا تجاوزنا نقطة تكافؤ اليورو مع الدولار، فسنبدأ مواجهة المخاوف التي شهدناها من قبل في الأسواق».

التداعيات المحتملة

يُعد زوج اليورو/الدولار الأميركي هو الزوج الأكثر تداولاً في الأسواق العالمية. والتغيرات السريعة في سعر صرفه يمكن أن تعطل أرباح الشركات المتعددة الجنسيات، فضلاً عن التأثير على آفاق النمو والتضخم في البلدان التي تعتمد على استيراد أو تصدير السلع بالدولار.

وقال ثيموس فيوتاكيس، رئيس استراتيجية النقد الأجنبي في «باركليز»، إن «اليورو هو معيار رئيسي»، مما يعني أن الدول الحساسة للتجارة مثل الصين وكوريا الجنوبية وسويسرا قد تسمح لعملاتها بالضعف مقابل الدولار، إذا استمر اليورو في الانخفاض؛ من أجل الحفاظ على قدرة صادراتها على المنافسة مقابل منتجات منطقة اليورو.

وأشار فيوتاكيس إلى أن الجنيه البريطاني، الذي انخفض بنحو 2 في المائة أمام الدولار في نوفمبر ليصل إلى نحو 1.26 دولار، سيكون حساساً جداً تجاه أي تقلبات في تحركات اليورو.

وأصبحت الأسواق أيضاً أكثر حساسية لتحركات اليورو/الدولار، بعد أن لاحظ خبراء استراتيجيات العملة تدفقاً من المتداولين على عقود الخيارات التي تجمع الرهانات على النتائج المرتبطة بسياسات ترمب، مثل ضعف اليورو، وارتفاع مؤشر «ستاندرد آند بورز».

وقال فيوتاكيس: «لقد رأينا كثيراً من المستثمرين يحاولون الاستثمار في هذه النتائج المشروطة»، منوهاً بالارتباطات بين تحركات العملة والأسواق الأوسع.

انقسام الآراء بشأن المستقبل

في الوقت نفسه، يبدو أن مديري الأصول على المدى الطويل منقسمون بشكل كبير بشأن الاتجاه المستقبلي لليورو والدولار، مما يشير إلى أن هذا الزوج من العملات قد يشهد تقلبات ملحوظة في الأشهر المقبلة.

وقال ويليم سيلز، كبير مسؤولي الاستثمار في وحدة الخدمات المصرفية الخاصة والثروات ببنك «إتش إس بي سي»: «نتوقع أن يهبط اليورو إلى 99 سنتاً، بحلول منتصف العام المقبل».

في المقابل، اقترح كبير مسؤولي الاستثمار في «أموندي»، أكبر مدير للأصول في أوروبا، فينسنت مورتييه، أن انخفاض أسعار الفائدة في منطقة اليورو قد يعزز النشاط الاقتصادي والإنفاق الاستهلاكي، وهو ما قد يساعد في رفع اليورو إلى 1.16 دولار، بحلول أواخر عام 2025.

وفي سوق خيارات العملة السريعة، كان المتداولون في أواخر يوم الثلاثاء يقدّرون احتمالات بنسبة 56 في المائة بأن ينتهي العام باستعادة اليورو بعض الأرض فوق مستواه الحالي عند نحو 1.047 دولار، على الرغم من أن البنوك الكبرى، مثل «جيه بي مورغان»، و«دويتشه بنك»، قالت إن التحرك إلى دولار واحد قد يحدث، خاصة إذا كان مرتبطاً بمزيد من التعريفات الجمركية.

وقد أدى ازدياد الرهانات على أن البنك المركزي الأوروبي سيخفض أسعار الفائدة بنصف نقطة مئوية إلى 2.75 في المائة، الشهر المقبل، إلى إضعاف اليورو بشكل كبير.

لكن الرواية السائدة بأن سياسات ترمب الاقتصادية، مثل ارتفاع التضخم الناجم عن الرسوم الجمركية، سوف تُبقي أسعار الفائدة مرتفعة والدولار قوياً، بدأت تتعرض لبعض الضغوط.

في هذا السياق، قال ستيفن جين، الرئيس التنفيذي لشركة «يوريزون إس جيه إل كابيتال»، إن الولايات المتحدة قد تواجه ما يسمى «لحظة يقظة السندات»، إذا قام المقرضون في سوق سندات الخزانة الأميركية التي تبلغ قيمتها 27 تريليون دولار، برفع تكلفة الديون؛ في محاولة للحد من التخفيضات الضريبية المموَّلة بالديون المفرطة. وأضاف: «من المحتمل أن يسمح هذا بالتيسير المالي، مما يسمح بهبوط هادئ للاقتصاد الأميركي، وخفض أسعار الفائدة طويلة الأجل، ومن ثم جعل الدولار مُبالغاً في قيمته».