إنقاذ معصرة زيتون مصرية أثرية قبل بيعها

تعود إلى العصر الروماني

معصرة الزيتون الأثرية التي تم ضبطها ببني سويف (صفحة وزارة الداخلية المصرية على فيسيوك)
معصرة الزيتون الأثرية التي تم ضبطها ببني سويف (صفحة وزارة الداخلية المصرية على فيسيوك)
TT

إنقاذ معصرة زيتون مصرية أثرية قبل بيعها

معصرة الزيتون الأثرية التي تم ضبطها ببني سويف (صفحة وزارة الداخلية المصرية على فيسيوك)
معصرة الزيتون الأثرية التي تم ضبطها ببني سويف (صفحة وزارة الداخلية المصرية على فيسيوك)

تمكنت السلطات المصرية من إنقاذ معصرة زيتون أثرية تعود للعصر الروماني قبل بيعها بشكل غير شرعي، بعدما تم العثور عليها عبر الحفر خلسة في محافظة بني سويف (جنوب القاهرة)، وأوقفت الشرطة شقيقين بتهمة التنقيب عن الآثار، وصادرت الأدوات المستخدمة في التنقيب، وخلال مداهمة الموقع تم ضبط قطعة يشتبه في أثريتها هي معصرة زيتون من الحجر الرملي بطول 110×40 سم تقريبا، وبعرضها على مفتش آثار المنطقة، أفاد بأثريتها مؤكدا أنها ترجع للعصر الروماني.
وقالت وزارة الداخلية المصرية في بيان لها عبر صفحتها الرسمية على «فيسبوك» مساء أول من أمس: «اعترف المتهمان بالحفر والتنقيب عن الآثار باستخدام الأدوات المضبوطة، وأنهما يسعيان لبيع القطعة بقصد التربح، وأحيل المتهمان إلى النيابة التي أمرت بحبسهما، وتحريز القطعة المضبوطة بمعرفة مسؤولي الآثار على ذمة القضية».
ويقول الدكتور حسين عبد البصير مدير متحف مكتبة الإسكندرية لـ«الشرق الأوسط»: إن «وجود معاصر الزيتون في منطقة مصر الوسطى حيث محافظة بني سويف، كان أمراً شائعاً خلال العصور الإسلامية، واليونانية والرومانية، حيث كانت تنتشر زراعة الزيتون في منطقة بني سويف والواحات البحرية والفيوم (جنوب القاهرة)، مشيراً إلى أن زراعة الزيتون خلال العصور القديمة في مصر كان له دلالات دينية، ودنيوية».
ورغم إلقاء القبض على الكثير من عصابات تنقيب وتهريب الآثار في محافظات مصرية مختلفة بالآونة الأخيرة، فإن ذلك لم يردع المنقبين خلسة، ففي الأسبوع الماضي، ألقت أجهزة الأمن القبض على 9 مسجلين خطر من محافظتي سوهاج وأسيوط (صعيد مصر)، بعد مشاركتهم في عمليات الحفر والتنقيب عن الآثار، وضبطت معهم نحو 100 قطعة أثرية تعود للعصور الفرعونية والرومانية واليونانية.
وفي شهر يونيو (حزيران) الماضي، أعلنت وزارة الداخلية المصرية القبض على برلماني مصري سابق، بتهمة التنقيب والاتجار في الآثار وبحوزته نحو 201 قطعة أثرية.
وضبطت أجهزة الأمن بحوزة البرلماني السابق نحو 201 قطعة أثرية متنوعة من أبرزها لوحان خشبيان لتابوت منقوش باللغة المصرية القديمة، و36 تمثالاً مختلف الأطوال من 6 سم إلى 13 سم، و4 تماثيل أوشابتي، وتمثال خشبي طوله 40 سم على الهيئة الأوزيرية، وتمثال أوشابتي من المرمر، و52 عملة مختلفة الأشكال من البرونز والنحاس، وتمثال حجري منقسم لجزأين، ورأس تمثال لمهرج، يرجح أنه يعود للعصر اليوناني، ومائدة قرابين حجرية.
وفي بداية عام 2019 اكتشفت بعثة أثرية مصرية جزءا من معصرة نبيذ ووحدات تخزين منتجاتها إضافة إلى سور كبير من الطوب اللبن ومبنى سكني متاخم للمعصرة وملحقاتها، في منطقة تل آثار «كوم تروجي» بمحافظة البحيرة (دلتا مصر) تعود للعصرين اليوناني والروماني.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».