الرئيس التونسي يشدد لوفد أميركي على شرعية التدابير

سعيد لدى استقباله الوفد الأميركي في قصر قرطاج (الرئاسة التونسية)
سعيد لدى استقباله الوفد الأميركي في قصر قرطاج (الرئاسة التونسية)
TT

الرئيس التونسي يشدد لوفد أميركي على شرعية التدابير

سعيد لدى استقباله الوفد الأميركي في قصر قرطاج (الرئاسة التونسية)
سعيد لدى استقباله الوفد الأميركي في قصر قرطاج (الرئاسة التونسية)

دافع الرئيس التونسي قيس سعيد عن قراره باللجوء إلى التدابير الاستثنائية، لدى استقباله وفداً من مجلس الشيوخ الأميركي ضم السيناتور كريس مورفي والسيناتور جون أوسوف، مشدداً على شرعية الخطوات التي اتخذها «لحماية الدولة».
وخاطب الرئيس سعيد الوفد بلغة القانون والدستور، وهو ما كشف للساحة السياسية التونسية أنه ماض في تنفيذ «الإصلاحات الدستورية» التي أعلن عنها على غرار توقيف العمل بالدستور الحالي ومراجعة منظومة الحكم وإقرار نظام سياسي مختلف، وهذا لن يتم إلا من خلال الاستغناء عن البرلمان الحالي والتوجه نحو انتخابات برلمانية سابقة لأوانها.
واستناداً إلى ما سربته رئاسة الجمهورية حول هذا اللقاء، أكد سعيد أن التدابير الاستثنائية التي اتخذها في 25 يوليو (تموز) الماضي «تندرج في إطار الاحترام التام للدستور، وذلك خلافاً لما يروج له من ادعاءات مغلوطة وافتراءات كاذبة»، وهو الموقف نفسه الذي عبر عنه خلال اللقاء الأول مع وفد أميركي ترأسه مساعد مستشار الأمن القومي جوناثان فاينر في 13 أغسطس (آب) الماضي. وشدد سعيد أيضاً على أن التدابير الاستثنائية تعكس «إرادة شعبية واسعة» وتهدف إلى «حماية الدولة التونسية من كل محاولات العبث بها».
وحسب مقطع فيديو نشرته رئاسة الجمهورية التونسية حول ما دار في المقابلة مع الوفد الأميركي، قال سعيد إن «ما حصل في تونس يوم 25 يوليو لم يكن إطلاقاً انقلاباً» كما يروج له البعض، لأن «الانقلاب هو خروج عن الشرعية»، مضيفاً أنه «لا يمكن الحديث عن قانون دستوري لا يحقق الحرية».
ووجه كلامه إلى الوفد الأميركي قائلاً: «أرجو من أصدقائنا الأميركيين الاستماع إلى نبض الشارع بعد إزاحة كابوس كان جاثماً فوق صدور التونسيين». وانتقد «لجوء البعض إلى الخارج لتشويه صورة تونس وصورة رئيسها»، مشدداً في حديثه مع أعضاء الكونغرس الأميركي على أن «تونس دولة ذات سيادة، والسيادة هي للشعب التونسي». وتطرق سعيد في حديثه مع المسؤولين الأميركيين إلى الأسباب التي دفعته إلى إعلان تلك التدابير الاستثنائية وفق الفصل 80 من الدستور التونسي، قائلاً: «استعملت نصاً دستورياً للحفاظ على الدولة التونسية من الخطر الداهم والجاثم على البلاد». وذكّر بالوضع الصحي الذي كانت تمر به تونس خلال الأشهر الماضية وارتفاع عدد الوفيات جراء «كورونا» والنقص الحاد في الأكسجين، موجهاً سهام النقد لخصومه السياسيين بقوله: «لقد اعتبروا الدولة غنيمة وهي بدأت في التهاوي... لأنهم قسموها».
ولم يصدر عن الجانب الأميركي أي تعليق عما نظمه من لقاءات مع رئيس الدولة ومع ممثلي الأحزاب السياسية بما في ذلك «حركة النهضة». ويرى مراقبون أن الوفد الأميركي سيدرس الوضع في تونس بتأنٍ قبل اتخاذ مواقف.
وكان الرئيس التونسي قد التقى الشهر الماضي وفداً رسمياً أميركياً ترأسه مساعد مستشار الأمن القومي الذي كان محملاً برسالة خطية من الرئيس الأميركي جو بايدن تضمنت دعوة لتفسير ما يجري في تونس ودعوة «ملحة» لتسريع «العودة إلى الديمقراطية البرلمانية، وتشكيل حكومة ذات خلفية اقتصادية قادرة على حل المعضلات الاقتصادية والاجتماعية، وكشف الغموض السياسي الذي تواصل بعد اتخاذ القرار بتنفيذ التدابير الاستثنائية». ويتولى الرئيس سعيد السلطة التنفيذية والنيابة العامة منذ قراراته التي تضمنت إعفاء رئيس الحكومة، وتجميد عمل واختصاصات مجلس نواب الشعب (البرلمان)، ورفع الحصانة عن أعضاء البرلمان كافة.
من جهة أخرى، أودع المرشح السابق للانتخابات الرئاسية التونسية نبيل القروي وشقيقه النائب في البرلمان المجمد الحبس المؤقت في الجزائر بتهمة «اجتياز الحدود بطريقة غير شرعية»، وذلك بعد توقيفهما نهاية الشهر الماضي.
وقالت صحيفة «النهار» الجزائرية إن رئيس حزب «قلب تونس» وشقيقه غازي القروي أودعا السبت الحبس المؤقت بعدما استمع إليهما قاضي التحقيق بالقطب القضائي الجزائي المتخصص بقسنطينة (شمال شرق). وأضافت أنهما ملاحقان بتهمة ارتكاب جنحة «اجتياز الحدود بطريقة غير شرعية».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.