ماغي جيلنهال: لست خجولة من تجربتي الأولى في الإخراج

«يوميات مهرجان فينيسيا» : الفيلم تحدٍ لممثلة تريد أن تترك أثراً

ماغي جيلنهال
ماغي جيلنهال
TT

ماغي جيلنهال: لست خجولة من تجربتي الأولى في الإخراج

ماغي جيلنهال
ماغي جيلنهال

في فيلم ماغي جيلنهال الأول كمخرجة، تحدٍ واضح لما تستطيع تحقيقه في عملها الأول كمخرجة.
جيلنهال كانت دوماً ممثلة بارعة في قدرتها على تشخيص الأدوار المختلفة. هذا اتضح جلياً قبل تسع عشرة سنة في ثلاثة أفلام متعاقبة مثلتها في عام 2002، وهي «سكرتيرة» لستيفن شايبيرغ، و«اعترافات عقل خطير» لجورج كلوني، و«اقتباس» لسبايك جونز. وبينما لم يستطع أي ممثل في تاريخ هوليوود أن يحافظ على اختياراته من الأدوار طوال الوقت، باستثناء قلة آثرت النوعية على المادية، استطاعت ماجي متابعة منوالها من الاختيارات.
لا يعني ذلك أن الأفلام التي اشتركت في تحقيقها كانت دوماً ذات نتائج فنية جيدة، لكن أدوارها كانت كثيراً ما تشي لا بموهبتها المتوارية وغير الاستعراضية فحسب، بل ما يتبدى اليوم، وهي تنجز فيلمها الأول، إدمانها في البحث عن جوانب بالشخصيات التي تؤديها لافتة ومميزة بأسلوبها في الأداء والتعبير.
قبل يومين قدمت شاشة مهرجان فينيسيا فيلم جيلنهال الأول كمخرجة وعنوانه «الابنة الضائعة»: دراما مشغولة بطبقات من الاهتمام بالفرد في حكاية تشمل شخصيات عديدة. الخيوط التي بين هذه الشخصيات واضحة على السطح وشديدة التعقيد تحته. في البطولة أوليفيا كولمن وجسيكا بكلي وداكوتا جونسان في صف الممثلات، وإد هاريس وبيتر سارسغارد وبول مسكال في صف الممثلين.

امرأة في دوامة
ليدا (كولمن) مدرسة في الأدب الإيطالي وزوجة مطلقة تجاوزت الأربعين من العمر تصل إلى البيت الذي استأجرته لتمضية عطلة على شاطئ جزيرة يونانية. ككثيرات ممن يبلغن هذا السن، لدى ليدا الرغبة في التعامل مع كل شيء من منطلق أنها تعرف كل شيء، وفي المقابل ذلك الفضول الخفي الذي يدفعها لمعرفة إضافية. فيلم جيلنهال يتعثر في شرح ذلك، لكنها عثرة من تلك التي بالإمكان التغافل عنها لأن ما يرد تبعاً للتناقض بين المعرفة المنغلقة وتلك المنفتحة أهم من البحث طويلاً في الأسباب.
ليدا ليست إنسانة اجتماعية نموذجية. حين تلتقي بالموظف المسؤول عن رعاية الشقق السياحية (إد هاريس) تبدي قدراً من الاعتقاد بأنها ما زالت تملك الجاذية الأنثوية التي تجذب إليها الجنس الآخر. والموقف ذاته عندما تتعرف على عامل الحانة (زوج جيلنهال في الواقع بيتر سارسغارد) الأصغر سناً من ذلك الموظف وليدا تومئ صوبه بنصف رغبة مكبوتة. كل هذا داخل في عداد التناقض المبطن لشخصية تنتقل لاحقاً إلى موقف عدائي حيال أسرة حلت في شقة مجاورة وشغلت الشاطئ نفسه.
ليندا لا تبدي أي تعاطف مع تلك الأسرة، وحين تتقدم منها إحدى بنات الأسرة طالبة منها ترك الموقع المفضل لها على الشاطئ لإفساح المجال للأسرة ترفض الاستجابة. ما يحدث بعد ذلك هو تحليل نص أدبي (الرواية في الأصل إيطالية وضعتها إيلينا فيرانتي سنة 2006) عبر دفع ذلك التناقض المذكور أعلاه فليدا غير الودودة لا تمانع في أن تكون فضولية ترقب العائلة الأخرى بعين باحثة دون أن ندري في مطلع الأمر أن بحثها هذا سيعود إلى تاريخها الخاص.
هي كانت ذات يوم زوجة والمراقبة تفتح لها باب الذكريات وتلهب بعض خطوط المقارنات بين ما ترصده الآن وبين حياتها الشخصية. وعندما تختفي الفتاة الصغيرة في ظرف غامض، ستجري ليدا مقارنة (ولو غامضة) بين هذا الاختفاء ومصير علاقتها بابنتها. كل هذا بعوامل من الشعور بالذنب والقنوت والرفض مجبولة معاً.

نافذة موازية
الفيلم هو تحدٍ من باب أول لممثلة تريد أن تترك أثراً في السينما كمخرجة يوازي ذلك الذي تركته كممثلة أو يتجاوزه. بعض النقلات من الحاضر إلى الماضي والعكس (في مشاهد استرجاعية) توسع من الطرح دون أن تضيف الكثير على ما سبق إضافته. كذلك فإن ملامح العمل الأول بعيدة عن أن تترك أثراً فنياً بارزاً. التمثيل جيد والقصة مثيرة للاهتمام وإخراج المشاهد (من مشهد لآخر) مقبول على نحو عام، لكن ليس هناك - تكملة لما سبق - ذلك السعي لتوفير أسلوب عمل ينتمي إلى فن الفيلم وليس سرده فقط.
ماغي جيلنهال ما زالت (بعد 15 سنة على لقاء أول) امرأة هادئة ومبتسمة وتحب الحديث (ولو بوجود ملحق صحافي ينظر إلى ساعته طوال الوقت لكي يتأكد من أنني لم أتجاوز بلحظة الدقائق الخمس عشرة الممنوحة لي).
> لا بد لي. أساساً، سؤالك عن السبب الذي دفعك للإخراج؟ هل كان هذا تأكيداً لرغبة قديمة؟
- عدة أسباب أجدها حفزتني لمثل هذه الخطوة. إحدى هذه الخطوات هي ما ذكرت، منذ سنين وأنا أفكر جدياً بإخراج فيلم. لا أعني أن أتحول كلياً من التمثيل إلى الإخراج، بقدر ما أعني فتح نافذة موازية لمهنتي الأولى أدخل منها إلى العالم نفسه إنما من زاوية أخرى.
أيضاً هناك الرواية التي قرأت ترجمتها قبل سنوات قليلة. وجدت أنني إذا ما أردت تحقيق فيلم فإني أريد تصوير هذه القصة تحديداً.
> ما الذي عنته هذه الرواية ما دفعك لاختيارها تحديداً؟
- في البداية قرأتها لأني أهوى القراءة، وبعد ذلك عدت إليها عندما أخذت أبحث عن رواية أريد نقلها على الشاشة الكبيرة كفيلم أول لي. وجدتها رواية ممتعة بأحداثها لكن ما جذبني إليها نجاح (الكاتبة) فرانتي في بعث الحس بالغموض والإثارة على صعيدين، صعيد ليدا وتاريخها الذي يظهر لها فجأة من خلال مراقبة عائلة أخرى مجاورة وصعيد اختفاء الابنة والبحث عنها.
* هل ربما أن الرواية من تأليف امرأة ومن بطولة امرأة هو أيضاً سبب إضافي؟
- تسألني سؤالاً صعباً لكنه واقعي في الوقت ذاته. لم أنظر إلى جنس الكاتبة وبطلتها على أنهما امرأتان وأنا امرأة… هل هذا ما تقصده؟
* نعم
- قرأت الرواية باهتمام بصرف النظر عن جنس الكاتبة، لكن حين قررت أن أحقق فيلمي عن الرواية وذلك بعد فترة وجيزة بالفعل بين قراءتي الأولى لها، اهتممت كثيراً بواقع أن المؤلفة أنثى وكتبت روايتها حولها.
*… ثم هناك حقيقة أنك اخترت مديرة تصوير فرنسية للمهمة. كيف كان ذلك مقصوداً؟
- أعتقد أن اختيار هيلين لوفار يكمل الدائرة. لست خجولة من أن يكون فيلمي الأول معتمداً على العناصر النسائية، لكني لا أود أن يُنظر إليه كفيلم نسائي. هو في رأيي أبعد من ذلك.

أثر لاحق
> الإخراج ليس المهنة الوحيدة التي أضفتها إلى التمثيل. أنت تشاركين في الإنتاج وسبق لك أن مثلت وأنتجت فيلم «معلمة أطفال». في هوليوود اليوم ينحاز الكثير من الممثلين إلى العمل خارج نطاق التمثيل أيضاً. ما رأيك في هذه الخطوة؟
- التمثيل والإنتاج معاً ليس جديداً حسب علمي. لكن ما أظن أنه جديد هو الوسائط المختلفة التي تتيح لكل ممثل أن يتجه إلى حيث يريد بمهنته أو بمهنته الإضافية كمنتج أو كمخرج.
هناك فرص عمل كثيرة وكنت أنظر إلى الموضوع على أساس أن الممثل المتحول إلى الإنتاج إنما يرغب في ضمان تحقيق الفيلم الذي يريد، لكني وجدت أنه في حالات عديدة بات الإنتاج ضرورة تفرضها العلاقة الوثيقة بين الممثلين وشركات الإنتاج. في معظم الحالات هي علاقة وثيقة قد تستمر طويلاً.
> هل لديك مشروع جاهز آخر لإخراجه؟
- ليس حالياً. سيساعدني كثيراً التعرف على ما سيحققه الفيلم من تقدير ونجاح. لا أقصد أنه إذا فشل في ترك أثر إيجابي سأتوقف، لكن النتيجة، إذا كانت إيجابية أو سلبية، سيكون لها أثر على أي مشروع آخر في البال.
> وماذا عن التمثيل؟
- ليس عندي حالياً ما أعمل عليه. هذا الفيلم تطلب مني أكثر من سنة وعدة أشهر من التحضير ومن التصوير ولست مستعجلة الآن لاتخاذ قرارات. لكن في هذه الفترة قرأت سيناريوهات أُرسلت إلي ولم أجد نفسي منجذبة إليها.
> ما الذي يجذبك إلى دور ما؟
- حبي له. إذا لم أهتم به حين أقرأه فسيكون من الصعب تنفيذه. هذا لا يعني دوماً أنني لن أقوم به لكنها هي حالات قليلة تلك التي قبلت تمثيل دور لأجل التمثيل وحده.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».