السودانيون يحيون ذكرى «القدال» شاعر العامية الراحل

سالت دموعهم وعلت هتافاتهم بـ«عشان عيون أولادنا ما تعرف هزيمة»

فرق بيت العود في إحياء ذكرى القدال
فرق بيت العود في إحياء ذكرى القدال
TT

السودانيون يحيون ذكرى «القدال» شاعر العامية الراحل

فرق بيت العود في إحياء ذكرى القدال
فرق بيت العود في إحياء ذكرى القدال

مضت 40 يوماً على رحيل «القدال»، فاجتمع محبوه وعشاق شعره، لقيموا له تأبيناً يليق بمقام شعره ومقام ثوريته، شارك فيه فنانون ومطربون وساسة ولجان مقاومة شعبية، وبادرت به جماعة أصدقاء المطرب الراحل «مصطفى سيد أحمد»، وازدانت قاعة الصداقة بشعار التأبين المنتزع من قصيدته الشهيرة «عشان عيون أولادنا ما تدوق الهزيمة».
وأسلم الروح شاعر الثورة «محمد طه القدال» وحاديها، وأحد أعلى الأصوات الشعرية السودانية، في العاصمة القطرية الدوحة 4 يوليو (تموز) الماضي، بعد معاناة مع المرض، و70 عاماً من مكابدة الثورة والشعر، وهجر من أجلهما دراسة الطب، ليدون اسمه بين أصوات الشعر الشاهقة، مما جعل شاعر العامية المصري الراحل عبد الرحمن الأبنودي يصفه بأنه «واحد من أفضل الشعراء العرب».
و«القدال» الاسم ليس بعيداً عن صفات الراحل، فقد «قدل» - سار متباهياً - بين شعراء العامية، كتب أشعاراً للثورة وللناس، ودون اسمه بين أنصع أصوات الشعراء الذين شكلوا الوجدان السوداني الثوري، وهو ما دفع عشاق الشعر وذواقته للاحتفاء بذكرى الأربعين لرحيل شاعرهم، أقاموا احتفالاً ألقى خلاله الشعراء وغنى الفنانون والمطربون قصائده، وبين الطرب والوفاء، سالت دموع الحاضرين مدرارة، وعلت هتافاتهم تذكر الناس بفرقة «عقد الجلاد» في قصيدته الشهيرة: «لو صحيح غنينا بالدمعة الحميمة... ولو دموع الفرحة ما لاقت غنانا... بكرة نرجع تاني للكلمة الرحيمة... شان هنانا شان منانا... شان عيون أطفالنا ما تدوق الهزيمة».
وقالت الروائية ومقرر لجنة تخليد الراحل «استيلا قايتانو» إن الاحتفاء بذكرى القدال، والذي استمر اليومين الماضيين، امتزج فيه الاحتفاء الرسمي بالشعبي، حيث شارك فيه وكيل وزارة الثقافة والإعلام الرشيد سعيد، ومستشار رئيس الوزراء فيصل محمد صالح، وتضمن قراءات شعرية وجلسات نقد، ومعرض كتاب، ومواكب ثورية من لجان المقاومة الشعبية، التي أظهرت الروح في شعر القدال، وكرست رمزيته الوطنية، وذكرت دور أشعاره في إلهاب الثورة.
وقال رئيس لجنة الاحتفاء ورفيق دربه الشاعر أزهري، إن ذكرى شاعر السودان العظيم محمد طه القدال، انطلقت من مشروعه الثقافي والاجتماعي ومشروعة الإنساني المنفتح على القاع الاجتماعي، والمدرك لرسالة الشعر بالعامية السودانية، وأضاف: «احتفلنا بالمشروع بقراءة الشعر، وإحياء سنة القراءة بمعرض كتاب، وجلسات نقد، وغناء لأشعاره من عدة فرق غنائية».
ويرى المعني بإعلام الحفل يشير محمد إبراهيم الحاج، إن المناسبة هدفت لتكون ذكرى تخليد وليس تأبين، لـ«أن الراحل نفسه كان يدعو للحياة، وليس البكاء، لذلك جاءت الأنشطة في شكل دعوة للفرح، شاركت فيه عدد من الفرق الغنائية والشعراء والفنانين».
فيما قالت التشكيلية أماني جعفر: «برغم حزن يوم التأبين، لكنا نحس بطعم التغيير والانتصار، الذي أسهم القدال في زرعة في وجدان الناس بأشعاره»، فيما توقف عضو لجان المقاومة لمنطقة جنوب الحزام - جنوب الخرطوم - باسل مرسي عند دور القدال في تشكيل الشخصية السودانية الثورية، وقال: «نحن في لجان المقاومة والأجسام الثورية التي شاركت في ثورة ديسمبر (كانون الأول) المجيدة، لامست أشعار القدال كل أشواقنا الثورية، مثل قصائده (طواقي الخوف، وأمونة)».
وأشار مرسي إلى ما أطلق عليه رؤية الراحل المختلفة عن السياسيين، واستذكر قوله في جلسة عن المؤتمر الدستوري: «كان صنع القرار محصوراً بين العسكر والساسة، وآن الأوان للفنان صاحب الحق الأصيل في رسم مستقبل البلاد وتحديد مساراتها».
وقال ممثل أسرة الراحل دفع الله القدال، إن ارتباط القدال وشعره بقضايا الإنسان والحرية والكرامة، وحبه لتراب بلاده ومسقط رأسه بلدة «حليوة»، هو سر محبته عند الناس، فيما ردد ممثل أسرة الشاعر الراحل «محمد الحسن حميد» - والقدال وحميد هم أشعر شعراء العامية في السودان - قصائد القدال، وقال إنه يمثل تاريخاً طويلاً من النضال ضد الظلم بشعره وبمواقفه الحياتية.
وشارك في الاحتفاء العواد العراقي الشهير «نصير شمة»، وقال: «السودان فقد شاعراً أثرى الحياة الثقافية»، فيما شاركت فرقة بيت العود التي أسسها بالخرطوم ضمن سلسلة بيت العود بمعزوفات خلدت ذكرى الراحل، إلى جانب فرقة «عقد الجلاد» التي تغنت بأشعار الراحل المناوئة للظلم والاستبداد، ومثلما كان القدال يسهم في الغناء فقد أسهم رحيله في جمع شمل الفرقة الشهيرة بعد أن انفرط عقدها سنوات طويلة.
تميز القدال بقدرته الفائقة على توظيف المفردة العامية في الشعر والمشاعر، وتميز بمهارة جعلت شاعر العامية المصرية الشهير الراحل عبد الرحمن الأبنودي يقول: «يدهشني بقصائده يعني شيء عجيب وجميل»، وهو الأمر الذي مهد لعلاقة أبوة بين عملاقي شعر العامية.
ولد القدال في 12 ديسمبر (كانون الأول) 1951. بقرية «حليوة» بولاية الجزيرة وسط السودان، وبرز كشاعر ثوري أواخر عهد حكم الرئيس الأسبق جعفر النميري، الذي ناهضة بالشعر والمواقف، ثم ناهض ديكتاتورية الرئيس السابق عمر البشير الإسلاموية، طوال ثلاثين عاماً، وتحول ملهماً للثوار ليشهد معهم سقوط الديكتاتورية فينام قرير العين، تاركاً خلفه أطفالاً وشباباً «لا تعرف عيونهم الهزيمة».



هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
TT

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز

يعتمد الموسيقار المصري هشام خرما طريقة موحّدة لتأليف موسيقاه، تقتضي البحث في تفاصيل الموضوعات للخروج بـ«ثيمات» موسيقية مميزة. وهو يعتزّ بكونه أول موسيقار عربي يضع موسيقى خاصة لبطولة العالم للجمباز، حيث عُزفت مقطوعاته في حفل الافتتاح في القاهرة أخيراً.
يكشف خرما تفاصيل تأليف مقطوعاته الموسيقية التي عُزفت في البطولة، إلى جانب الموسيقى التصويرية لفيلم «يوم 13» المعروض حالياً في الصالات المصرية، فيعبّر عن فخره لاختياره تمثيل مصر بتقديم موسيقى حفلِ بطولة تشارك فيها 40 دولة من العالم، ويوضح: «أمر ممتع أن تقدّم موسيقى بشكل إبداعي في مجالات أخرى غير المتعارف عليها، وشعور جديد حين تجد متلقين جدداً يستمعون لموسيقاك».
ويشير الموسيقار المصري إلى أنه وضع «ثيمة» خاصة تتماشى مع روح لعبة الجمباز: «أردتها ممزوجة بموسيقى حماسية تُظهر بصمتنا المصرية. عُزفت هذه الموسيقى في بداية العرض ونهايته، مع تغييرات في توزيعها».
ويؤكد أنّ «العمل على تأليف موسيقى خاصة للعبة الجمباز كان مثيراً، إذ تعرّفتُ على تفاصيل اللعبة لأستلهم المقطوعات المناسبة، على غرار ما يحدث في الدراما، حيث أشاهد مشهداً درامياً لتأليف موسيقاه».
ويتابع أنّ هناك فارقاً بين وضع موسيقى تصويرية لعمل درامي وموسيقى للعبة رياضية، إذ لا بدّ أن تتضمن الأخيرة، «مقطوعات موسيقية حماسية، وهنا أيضاً تجب مشاهدة الألعاب وتأليف الموسيقى في أثناء مشاهدتها».
وفي إطار الدراما، يعرب عن اعتزازه بالمشاركة في وضع موسيقى أول فيلم رعب مجسم في السينما المصرية، فيقول: «خلال العمل على الفيلم، أيقنتُ أنّ الموسيقى لا بد أن تكون مجسمة مثل الصورة، لذلك قدّمناها بتقنية (Dolby Atmos) لمنح المُشاهد تجربة محيطية مجسمة داخل الصالات تجعله يشعر بأنه يعيش مع الأبطال داخل القصر، حيث جرى التصوير. استعنتُ بالآلات الوترية، خصوصاً الكمان والتشيللو، وأضفتُ البيانو، مع مؤثرات صوتية لجعل الموسيقى تواكب الأحداث وتخلق التوتر المطلوب في كل مشهد».
يشرح خرما طريقته في التأليف الموسيقي الخاص بالأعمال الدرامية: «أعقدُ جلسة مبدئية مع المخرج قبل بدء العمل على أي مشروع درامي؛ لأفهم رؤيته الإخراجية والخطوط العريضة لاتجاهات الموسيقى داخل عمله، فأوازن بين الأشكال التي سيمر بها العمل من أكشن ورومانسي وكوميدي. عقب ذلك أضع استراتيجية خاصة بي من خلال اختيار الأصوات والآلات الموسيقية والتوزيعات. مع الانتهاء المبدئي من (الثيمة) الموسيقية، أعقد جلسة عمل أخرى مع المخرج نناقش فيها ما توصلت إليه».
ويرى أنّ الجمهور المصري والعربي أصبح متعطشاً للاستمتاع وحضور حفلات موسيقية: «قبل بدء تقديمي الحفلات الموسيقية، كنت أخشى ضعف الحضور الجماهيري، لكنني لمستُ التعطّش لها، خصوصاً أن هناك فئة عريضة من الجمهور تحب الموسيقى الحية وتعيشها. وبما أننا في عصر سريع ومزدحم، باتت الساعات التي يقضيها الجمهور في حفلات الموسيقى بمثابة راحة يبتعد فيها عن الصخب».
وأبدى خرما إعجابه بالموسيقى التصويرية لمسلسلَي «الهرشة السابعة» لخالد الكمار، و«جعفر العمدة» لخالد حماد، اللذين عُرضا أخيراً في رمضان.