«فريدة»... رحلة مسرحية مصرية مفعمة بالشجن لعالم الأضواء

الفنانة عايدة فهمي في مسرحية «فريدة» (المركز الإعلامي للبيت الفني للمسرح)
الفنانة عايدة فهمي في مسرحية «فريدة» (المركز الإعلامي للبيت الفني للمسرح)
TT

«فريدة»... رحلة مسرحية مصرية مفعمة بالشجن لعالم الأضواء

الفنانة عايدة فهمي في مسرحية «فريدة» (المركز الإعلامي للبيت الفني للمسرح)
الفنانة عايدة فهمي في مسرحية «فريدة» (المركز الإعلامي للبيت الفني للمسرح)

ضحكات ساخرة تطلقها الممثلة الشهيرة «فريدة حلمي» بين الحين والآخر وسط مؤثرات صوتية معبرة عن الحالة «الفريدة» والمثيرة للشفقة، التي وصلت لها وهي تبكي على حالها بعد سنوات من النجومية.
الفنانة الشهيرة أطلت عبر مكالمة هاتفية مع صديقتها المقربة «إلهام» أثناء استعدادها لتقديم دور جديد على خشبة المسرح، برغم أنها ليست في كامل لياقتها ولباقتها وطريقة أدائها كالمعتاد، حيث ظهرت منحنية الظهر بملامح كساها الشيب وتجاعيد وجه تنم عن حزن شديد.
لقد كانت هذه أبرز ملامح العرض المسرحي «فريدة» المأخوذ عن قصة «أغنية البجعة» للكاتب الروسي الراحل أنطون تشيخوف التي بدأ عرضها على مسرح الطليعة بالبيت الفني للمسرح مؤخراً والتي من المقرر أن يستمر عرضها بقاعة صلاح عبد الصبور بمسرح الطليعة يومياً عدا الثلاثاء. العرض يتمحور حول ممثلة تتذكر رحلتها الفنية، وما وصلت إليه من نجاح وفشل خلال حياتها.‎ «فريدة» من بطولة عايدة فهمي، وتصميم ديكور وإضاءة عمرو عبد الله، موسيقى محمد حمدي رؤوف، تصميم ملابس شيماء عبد العزيز، ماكياج روبي مهاب، ومن كتابة وإخراج أكرم مصطفى.
وقد قدمت الفنانة عايدة فهمي العرض بعمق فني كبير وتقول لـ«الشرق الأوسط»: «عشت لحظات قلق وقت تحضيرات العرض ولكن بالبروفات والمذاكرة أصبحت التجربة ممتعة واستحواذي على المسرح لم يقلقني لأنني أمتلك أدوات فنية مسرحية تؤهلني لذلك، فأنا ابنة المسرح التي لا تهابه». على حد تعبيرها.
وتابعت الفنانة المصرية: «هذا النص له معي ذكريات كثيرة وقت دراستي بالمعهد، فالقصة واقعية بدرجة كبيرة على مر العصور ليس فقط على مستوى الوسط الفني ولكن تتجسد من حولنا بعدة أشكال، خاصة هذه الفترة فوجدت أن بلورتها في معالجة جديدة أمراً جيداً، بالإضافة إلى أن العمق في النص يحمل معاني أخرى عن حرية الاختيار وتحمل العواقب مهما كانت كما أن رؤية أكرم مصطفى كانت واعية لأنه ممثل بالأساس.
وسط إبهار مسرحي كبير وإضاءة خافتة قدمت الفنانة المصرية عايدة فهمي بطلة العرض قرابة 50 دقيقة بعد أن انفردت بالمسرح بلا منازع وجسدت الدور باقتدار... تتحدث «فريدة» مع صديقتها وكأنها مرآتها ليطلع المشاهد على مدى أهميتها كفنانة لها وزنها ومن خلال نبرة صوتها تراها تحاول استعادة أمجادها التي فقدتها بعد تقدمها في السن وابتعاد الأضواء عنها وعدم اعترافها بذلك، فلم يعد يهتم بها أحد، بل ويسخر منها البعض خلال تجسيدها لشخصياتها.
لم تخرج «فريدة» من منزلها قرابة 37 يوماً خوفاً من تعرضها للنقد بعد أن ابتعدت الأضواء من حولها تتذكر حياتها وكيف مرت بشهرة عريضة، ولكن سرعان ما شعرت بأن النجومية مضت سريعاً وسط ندمها على عدم الزواج والإنجاب بعد أن قضت عمرها بأكمله في الفن، في الوقت نفسه تتذكر الماضي وكيف كان يتم استقبالها في جميع أنحاء العالم بحرارة وأنها كانت حلماً للكثيرين.
يوشك العرض على الانتهاء وتلملم فريدة أغراضها وأحزانها لتعلن وداعها للمسرح بعد الاعتراض على وجودها على خشبته في وقت متأخر، وتبكي حزناً على حالها في لحظات مزجتها بالضحك بعد أن تذكرت أحد أدوارها الكوميدية، مما أضفى على العرض ضحكات ساخرة من حال البطلة التي نالت إعجاب الحاضرين.
وعن كتابة العمل بمعالجة جديدة، يقول الكاتب والمخرج أكرم مصطفى في تصريح خاص لـ«الشرق الأوسط»: «تظل الثيمة الأساسية واحدة ما بين (فريدة) والنص الأصلي لتشيخوف. ولكن هناك أنواع كثيرة من معالجة النصوص وكيفية تناول معالم النص الأصلي باقتباس جديد وتعديل النص الأصلي لم يختلف كثيراً ولم نبتعد عن صلبها، بل قدمنا رؤية جديدة تطلبت تفكيك عناصر الدراما وإعادتها بمنظور جديد... بالنص الأصلي ديودراما تناول ممثل كبير السن وملقن جمعهما المسرح ليتذكرا نجاحاتهما سوياً. من خلال عرض (أغنية البجعة)، بينما (فريدة) اقتباس مصري حتى الاسم تم استلهامه من حياتي، لا سيما أن الاسم يرجع لوالدتي وابنتي كما أنني وجدت أن البطلة لها قيمة كبيرة في مجالها والاسم يليق بها».
وأضاف مصطفى أن الفنانة عايدة فهمي بطلة العرض هي صاحبة الفكرة وهي من عرضت كتابة النص المستوحى بسبب إعجابها به وبالفعل وجدت بأن «فريدة» تجربة نوعية مسرحية هدفها المتعة الفنية في تقديم تجارب مكثفة ورسائل وقيم كبرى.


مقالات ذات صلة

«الماعز» على مسرح لندن تُواجه عبثية الحرب وتُسقط أقنعة

يوميات الشرق تملك المسرحية «اللؤم» المطلوب لتُباشر التعرية المُلحَّة للواقع المسكوت عنه (البوستر الرسمي)

«الماعز» على مسرح لندن تُواجه عبثية الحرب وتُسقط أقنعة

تملك المسرحية «اللؤم» المطلوب لتُباشر التعرية المُلحَّة للواقع المسكوت عنه. وظيفتها تتجاوز الجمالية الفنية لتُلقي «خطاباً» جديداً.

فاطمة عبد الله (بيروت)
ثقافة وفنون مجلة «المسرح» الإماراتية: مهرجان الشارقة للمسرح الصحراوي

مجلة «المسرح» الإماراتية: مهرجان الشارقة للمسرح الصحراوي

صدر حديثاً عن دائرة الثقافة في الشارقة العدد 62 لشهر نوفمبر (تشرين الثاني) 2024 من مجلة «المسرح»، وضمَّ مجموعة من المقالات والحوارات والمتابعات حول الشأن المسرح

«الشرق الأوسط» (الشارقة)
يوميات الشرق برنامج «حركة ونغم» يهدف لتمكين الموهوبين في مجال الرقص المسرحي (هيئة المسرح والفنون الأدائية)

«حركة ونغم» يعود بالتعاون مع «كركلا» لتطوير الرقص المسرحي بجدة

أطلقت هيئة المسرح والفنون الأدائية برنامج «حركة ونغم» بنسخته الثانية بالتعاون مع معهد «كركلا» الشهير في المسرح الغنائي الراقص في مدينة جدة.

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق أشرف عبد الباقي خلال عرض مسرحيته «البنك سرقوه» ضمن مهرجان العلمين (فيسبوك)

«سوكسيه»... مشروع مسرحي مصري في حضرة نجيب الريحاني

يستهد المشروع دعم الفرق المستقلّة والمواهب الشابة من خلال إعادة تقديم عروضهم التي حقّقت نجاحاً في السابق، ليُشاهدها قطاع أكبر من الجمهور على مسرح نجيب الريحاني.

انتصار دردير (القاهرة )
الاقتصاد أمسية اقتصاد المسرح شهدت مشاركة واسعة لمهتمين بقطاع المسرح في السعودية (الشرق الأوسط)

الأنشطة الثقافية والترفيهية بالسعودية تسهم بنسبة 5 % من ناتجها غير النفطي

تشير التقديرات إلى أن الأنشطة الثقافية والفنية، بما فيها المسرح والفنون الأدائية، تسهم بنسبة تتراوح بين 3 و5 في المائة من الناتج المحلي غير النفطي بالسعودية.

أسماء الغابري (جدة)

إشادة بانفتاح السعودية على تقديم الفن الراقي

نجوم حفل روائع الموجي في ضيافة المستشار تركي آل الشيخ «فيسبوك»
نجوم حفل روائع الموجي في ضيافة المستشار تركي آل الشيخ «فيسبوك»
TT

إشادة بانفتاح السعودية على تقديم الفن الراقي

نجوم حفل روائع الموجي في ضيافة المستشار تركي آل الشيخ «فيسبوك»
نجوم حفل روائع الموجي في ضيافة المستشار تركي آل الشيخ «فيسبوك»

شهدت الرياض وجدة فعاليات مسرحية وغنائية عقب انتهاء شهر رمضان، انطلقت مع عيد الفطر واستقطبت مشاركات مصرية لافتة، منها مسرحية «حتى لا يطير الدكان»، من بطولة الفنانَيْن أكرم حسني ودرة، في موسمها الثاني على مسرح «سيتي ووك جدة»؛ إلى عرض ستاند أب كوميدي «ذا إيليت» المقام على «مسرح محمد العلي» بالرياض، بينما شاركت الفنانة المصرية أنغام بحفلات «عيد القصيم»، والفنان عمرو دياب بحفلات «عيد جدة».
وتشهد العاصمة السعودية حفل «روائع الموجي»، الذي تحييه نخبة من نجوم الغناء، بينهم من مصر، أنغام وشيرين عبد الوهاب ومي فاروق، بالإضافة إلى نجوم الخليج ماجد المهندس وعبادي الجوهر وزينة عماد، مع صابر الرباعي ووائل جسار، بقيادة المايسترو وليد فايد وإشراف فني يحيى الموجي، ومشاركة الموسيقار رمزي يسى.
عن هذا الحفل، يعلّق الناقد الفني المصري طارق الشناوي لـ«الشرق الأوسط»: «نشجّع تكريس الكلمة الرائعة والنغم الأصيل، فحضور نجوم مصر في فعاليات المملكة العربية السعودية، يشكل حالة تكامل من الإبداع»، معرباً عن غبطته بمشهدية الزخم الفني، التي يواكبها في الرياض وجدة.
ووفق «جمعية المؤلفين والملحنين الرسمية» في مصر، ورصيد محمد الموجي، صاحب مقولة «أنا لا أعمل كالآلة تضع فيها شيئاً فتخرج لحناً؛ إنها مشاعر وأحاسيس تحتاج إلى وقت ليخرج اللحن إلى النور»، قد وصل إلى 1800 لحن، ليعلّق رئيسها مدحت العدل لـ«الشرق الأوسط» بالتأكيد على أنّ «الاحتفاء بالرموز الفنية من (الهيئة العامة للترفيه)، كاحتفالية الموجي، أمر غاية في الرقي ويدعو للفخر»، موجهاً التقدير للجميع في المملكة على النهضة الفنية الكبيرة.
واستكمالاً لسلسلة الفعاليات الفنية، فإنّ مدينة جدة على موعد مع حفلين للفنان تامر عاشور يومي 5 و6 مايو (أيار) الحالي، بجانب حفل الفنانَيْن محمد فؤاد وأحمد سعد نهاية الشهر عينه. وعن المشاركات المصرية في الفعاليات السعودية، يشير الناقد الموسيقي المصري محمد شميس، إلى أنّ «القائمين على مواسم المملكة المختلفة يحرصون طوال العام على تقديم وجبات فنية ممتعة ومتنوعة تلائم جميع الأذواق»، مؤكداً أنّ «ما يحدث عموماً في السعودية يفتح المجال بغزارة لحضور الفنانين والعازفين والفرق الموسيقية التي ترافق النجوم من مصر والعالم العربي». ويلفت شميس لـ«الشرق الأوسط» إلى أنّ «هذا التنوع من شأنه أيضاً إتاحة مجال أوسع للمبدعين العرب في مختلف الجوانب، التي تخصّ هذه الحفلات، وفرصة لاستقطاب الجمهور للاستمتاع بها بشكل مباشر أو عبر إذاعتها في القنوات الفضائية أو المنصات الإلكترونية»، معبّراً عن سعادته بـ«الحراك الفني الدائم، الذي تشهده المملكة، بخاصة في الفن والثقافة وتكريم الرموز الفنية والاحتفاء بهم».
وشهد «مسرح أبو بكر سالم» في الرياض قبيل رمضان، الحفل الغنائي «ليلة صوت مصر»، من تنظيم «الهيئة العامة للترفيه»، احتفالاً بأنغام، إلى تكريم الموسيقار المصري هاني شنودة في حفل بعنوان «ذكريات»، شارك في إحيائه عمرو دياب وأنغام، بحضور نخبة من نجوم مصر، كما أعلن منذ أيام عن إقامة حفل للفنانة شيرين عبد الوهاب بعنوان «صوت إحساس مصر».
مسرحياً، يستعد الفنان المصري أحمد عز لعرض مسرحيته «هادي فالنتين» في موسمها الثاني، ضمن فعاليات «تقويم جدة» على مسرح «سيتي ووك‬» بين 3 و6 مايو (أيار) الحالي. وعنه كان قد قال في حوار سابق مع «الشرق الأوسط»، إنّ «الحراك الثقافي الذي تشهده المملكة يفتح آفاقاً وفرصاً متنوعة للجميع لتقديم المزيد من الفن الراقي».