خلاف بين وزارة الاقتصاد وأصحاب الأفران يهدد بأزمة رغيف

TT

خلاف بين وزارة الاقتصاد وأصحاب الأفران يهدد بأزمة رغيف

دخل وزير الاقتصاد في حكومة تصريف الأعمال راوول نعمة، في خلاف جديد مع نقابة أصحاب الأفران الذين رفضوا قراراً منه يحظر على المطاحن، اعتبارا من 8 سبتمبر (أيلول) 2021 تسليم أي نوع من دقيق القمح للأفران التي لم تلتزم بتنفيذ قرار أصدره مطلع الأسبوع ويقضي بتبليغ الوزارة أسبوعياً، بأسماء موزعي ربطات الخبز المعتمدين.
وقال نعمة إن قراره يهدف إلى تعزيز مكافحة التهريب والاحتكار والسوق السوداء للطحين والخبز اللبناني، وحدد القرار سعر ووزن الخبز اللبناني الأبيض، في الأفران والمتاجر على الأراضي اللبنانية كافة، وذلك استناداً إلى سعر القمح في البورصة العالمية، واستناداً إلى سعر صرف الدولار وسعر المحروقات، واستناداً لدراسة علمية لتحديد كمية المكونات المطلوبة لإنتاج أفضل نوعية من الخبز اللبناني للمستهلك، واستناداً إلى موافقة مصرف لبنان على دعم استيراد القمح بنسبة 100% بدلاً من 85% بناءً على طلب وزارة الاقتصاد والتجارة حفاظاً على الأمن الغذائي.
لكنّ نقيب أصحاب الأفران في لبنان علي إبراهيم رأى أن «الدراسة التي أعدها نعمة بالنسبة إلى سعر ربطة الخبز وخفضها عند هبوط سعر صرف الدولار مجحفة بحق الأفران»، معتبراً أنه «من المفروض أن يتغير السعر حسب سعر المازوت».
ولفت إبراهيم إلى أن «الوزير نعمة طلب أسماء الموزعين المعتمدين للخبز وكمية الخبز التي يوزعونها، ويقول إننا وزعنا 50% من الكمية، هذا الأمر صحيح لكنّ المازوت غير متوافر».
وإذ استغرب تبليغ نعمة المطاحن بعدم تسليم الطحين للأفران، مؤكداً أن هذا الأمر «سيسبب أزمة خبز»، لفت إلى أن «مخزون الطحين في الأفران ينفد اليوم»، محمّلاً نعمة مسؤولية هذا الأمر.
ويأتي ذلك غداة إعلان تجمّع المطاحن في لبنان عن فقدان مادة المازوت، والتي بدأت تهدد المطاحن بالتوقف القسري عن الإنتاج. وقال ‏رئيس نقابة صناعة ‎الخبز في لبنان أنطوان سيف في تصريح، إن «الاتصالات التي أُجريت أدّت إلى حلّ أزمة المازوت للمطاحن، لكنها لم تحلّ بالنسبة إلى الأفران، ولم تتضح الآلية بعد». وشكا سيف من «غياب أي برنامج واضح أو آلية لكيفية تسليم الأفران المازوت»، وقال: «إن المعنيين لم يتصلوا بالأفران ولم يتم إبلاغهم بأي قرار بما خصّ أزمة المازوت».
وقال إن «الأفران تعاني من نقص المازوت، والبعض يشتري المازوت بالسعر غير المدعوم. وإذا تم رفع الدعم يتأمن الخبز بشكل طبيعي وتُحل المشكلة بين المطاحن والأفران».
وفي سياق متصل، جدد رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع أمس (الأربعاء)، دعوة الرئيس اللبناني ميشال عون، ورئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب، إلى تحرير الأسواق في لبنان وإصدار البطاقة التمويلية «فوراً»، في خضمّ الأزمات الاقتصادية والمالية التي تضرب البلاد وتشل القطاعات كافة، وكان آخرها الخلاف الحاصل في موضوع الطحين الذي يهدد رغيف الخبز.
وفي حين بقي مشهد طوابير السيارات التي تمدد لكيلومترات أمام محطات الوقود، توجه جعجع إلى رئيس الجمهورية ورئيس حكومة تصريف الأعمال بالقول: «إن سياستكم الحكيمة في موضوع المحروقات أدّت إلى زيادة التهريب وزيادة التخزين وزيادة الاحتكار وطوابير ذلّ لا تنتهي أمام المحطات من أقصى لبنان إلى أقصاه»، متسائلاً: «إلى متى؟»، وقال إن «المؤسف حقاً أن كل هذا يحدث والحلّ معروف وبسيط»، هو «تحرير الأسواق فوراً وإصدار البطاقة التمويلية»، وإلا «تكونون عن قصد أو عن غير قصد، تشجّعون التهريب والتخزين والاحتكار وإذلال الناس».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم