حذرت دراسة لرابطة مكافحة السرطان من أن مشاهد الممثلين وهم يدخنون ما زالت موجودة في 90 في المائة من الأفلام الفرنسية، رغم الحملات المتتالية للتوعية بأضرارها على المشاهدين. وحسب الرابطة، فإن تبعات التدخين هي السبب الأول للوفيات، حيث يودي سرطان الرئة بنحو من 75 ألف مريض كل عام. وأخضعت الدراسة للفحص كافة إنتاجات السينما الفرنسية في السنوات الأخيرة. وكانت النتيجة أن 150 فيلماً تم إنتاجها بين عامي 2014 و2019 احتوت على لقطات لمنافض أو أعقاب سجائر أو أشخاص يرمون بسجائرهم أو يسحقونها بأحذيتهم، وهي مشاهد تتضمن تحايلاً على توصيات منع التدخين على الشاشة.
كان قانون قد صدر في عام 1991 منع إعلانات الترويج للسجائر في التلفزيون والصحف والسينما، أسوة بإعلانات الترويج للمشروبات الكحولية والأدوية. وتبعاً لذلك جرى التلاعب بعدد من ملصقات الأفلام القديمة لحذف السيجارة من يد البطل أو من فم البطلة. كما أقر البرلمان الفرنسي في عام 2016 قانوناً يمنع الإعلان عن السجائر الإلكترونية. وهناك إحصائية تؤكد أن الممثل توماس شيلبي، قام بتدخين 3 آلاف سيجارة من نوع «غولواز» في حلقات مسلسل «الأقنعة الهزيلة» البوليسي البريطاني الذي بدأ عرضه عام 2013.
لم تعد الصحف تعيد نشر لقطات تاريخية لألان ديلون ورومي شنايدر وجان بول بلموندو وجان غابان وهم يمتصون أنفاس سجائرهم. وشمل الحظر صور المغني والملحن سيرج غانزبور الذي لم تكن السيجارة تفارق فمه. وامتدت الظاهرة إلى الإعلانات الانتخابية لمشاهير السياسيين، حيث اختفت السيجارة من صورة معروفة للرئيس الأسبق جاك شيراك.
وفي حين تراجعت معدلات التدخين في الحياة اليومية، لا سيما بعد التزايد المستمر في أسعارها، فإن السينما الفرنسية ما زالت تدخن. ولاحظت الدراسة أن التدخين تراجع بنسبة 65 في المائة في الواقع، لكنه لم يتراجع سوى بنسبة 25 في المائة على الشاشة. هذا مع العلم أن التدخين بكل أشكاله ممنوع في الأماكن العامة. لكن لا أحد يعرف الاتفاقات السرية التي تعقد بين شركات الإنتاج وكارتلات صناعة السجائر. وكانت وزيرة الصحة السابقة أنييس بوزين، قد حذرت من أن السينما تشجع الشبيبة على تجربة السجائر، وتتحايل على التعليمات لكي تعرض مشاهد وحوارات تشير إلى التدخين.
بالمقابل، فإن ظاهرة تدخين المقدمين والضيوف في التلفزيون اختفت من الشاشة الصغيرة تماماً. كما تراجعت كثيراً مشاهد احتساء المشروبات الكحولية أثناء البرامج. وفي عام 2011 وجهت لجنة مراقبة المواد السمعية والبصرية تحذيراً شديداً لبرنامج «النشرة الصغيرة» الذي كان يبث من «كانال بلوس»، لأنه سمح بظهور مقدم البرنامج وهو يشعل سيجارة لنجمة السينما كاترين دينوف أثناء استضافته لها.
وكانت اللجنة قد أوصت بمنع مشاهد التدخين في الأماكن العامة من المسلسلات، دون أن تحظرها تماماً من اللقطات التي يفترض أنها تجري في البيوت الخاصة. وتعرض المنع لإشكالات كثيرة عند محاولة تطبيقه على الأفلام والتقارير الوثائقية، حين يقوم أحد الظاهرين فيها بالتدخين وفق عادته. وفي الفيلم الوثائقي عن الفنان سيرج غانزبور، الذي جرى إنتاجه بعد وفاته، لوحظ حضور السيجارة فيما مجموعه 43 دقيقة من مدة الفيلم. وحين أدت الممثلة أودري تاتو شخصية مصممة الأزياء كوكو شانيل التي اشتهرت بأنها كانت مدخنة كبيرة، فقد كان من غير الواقعي تقديم البطلة بدون سيجارتها الشهيرة بين أناملها.
هل تنصاع السينما الفرنسية وتمتنع عن التدخين؟
هل تنصاع السينما الفرنسية وتمتنع عن التدخين؟
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة