أفغانستان ليست العراق أو سوريا

سوري قرب عربة أميركية شرق الفرات أول من أمس (أ.ف.ب)
سوري قرب عربة أميركية شرق الفرات أول من أمس (أ.ف.ب)
TT

أفغانستان ليست العراق أو سوريا

سوري قرب عربة أميركية شرق الفرات أول من أمس (أ.ف.ب)
سوري قرب عربة أميركية شرق الفرات أول من أمس (أ.ف.ب)

يتساءل بعض المراقبين ما إذا كانت أفغانستان تعد نموذجاً لسياسة بايدن في الشرق الأوسط، أم لا. نُشر في مقال بموقع «فورين بوليسي» في 19 أغسطس (آب) أن العراقيين يشعرون بالقلق من أن بايدن قد يتخلى عن العراق أيضاً. كما طرح مقال نُشر بتاريخ 29 أغسطس في موقع «ناشيونال نيوز» الإماراتية التساؤل نفسه. وإنني أحث القراء على تجنب المقارنات البسيطة وتذكّر السبب الرئيسي الذي غادر بايدن لأجله أفغانستان، ولماذا العراق قضية مختلفة.
أوضح بايدن أسباب مغادرته لأفغانستان في تصريحات بالبيت الأبيض في 16 أغسطس. كان أمام إدارة بايدن الجديدة خياران واقعيان فقط لسياستها في أفغانستان في الربيع الماضي. تعلق أحد الخيارات بإلغاء اتفاقية الانسحاب التي أبرمها دونالد ترمب مع «طالبان» عام 2020، ما يعني انتهاء حالة وقف إطلاق النار بين القوات الأميركية وحركة «طالبان»، مع استئناف القتال العنيف مجدداً. وعندما غادر ترمب البيت الأبيض، لم يكن الجنود الأميركيون الموجودون في أفغانستان، والبالغ عددهم 3500 جندي، يكْفون لاحتواء هجوم جديد لـ«طالبان». وقد رأينا تواً مدى قوة حركة «طالبان».
إذا كان بايدن قد ألغى اتفاق ترمب، لَكان لزاماً عليه إرسال آلاف الجنود الأميركيين الإضافيين إلى أفغانستان. ولم يكن هناك سوى قليل من الدعم لدى الشعب الأميركي لقبول تصعيد كبير وجديد. يملك بايدن خبرة طويلة من العمل بالكونغرس، ومن توليه منصب نائب الرئيس ومعرفته بخطط الجنرالات الأميركيين. وشكك في أن التصعيد الذي وافق عليه أوباما عام 2009 سوف ينجح في إرساء السلام بأفغانستان، ونعلم من التاريخ أن بايدن كان مُحقاً. وقد رفض بايدن أي تصعيد، واختار بدلاً منه الانسحاب الكامل. والتركيز على التهديدات الناشئة من الصين وروسيا جعل قراره بتجنب التصعيد في أفغانستان أيسر كثيراً.
وعلى النقيض من أفغانستان، لا يواجه بايدن أي حاجة إلى تصعيد كبير في العراق وسوريا. «طالبان» خصم أكثر قوة وخطورة من شراذم «داعش» أو الميليشيات العراقية الموالية لإيران. بالإضافة إلى ذلك، وفي عهد بايدن، لدى المهمة العسكرية الأميركية في العراق وسوريا هدف محدد بمساعدة القوات المحلية على محاربة «داعش»، ليس أكثر. حتى إن أحد كبار المسؤولين في وزارة الخارجية الأميركية صرح في مقابلة أُجريت معه في يوليو (تموز) بأن الولايات المتحدة ليست في «حرب مفتوحة» مع الميليشيات الموالية لإيران بالعراق. وهذه رسالة مختلفة تماماً عن نوعية رسائل الحرب الأميركية ضد «طالبان» لما يقرب من 19 عاماً. وتأمل واشنطن في أن ينجح رئيس الوزراء الكاظمي في تعزيز قوة الحكومة ببغداد، وهي مستعدة لدعمه، لكنها لا تتوقع إرسال قوات قتالية كبيرة للدفاع عن بغداد ضد «داعش» أو ضد الميليشيات الموالية لإيران.
ويتعين علينا تذكر أنه من دون الوجود العسكري الأميركي في العراق لا يمكن أن يكون هناك وجود عسكري أميركي في شرق سوريا، إذ إن جميع الإمدادات تأتي من كردستان العراق. والهدف العسكري الأميركي في شرق سوريا أقل وضوحاً منه في العراق، لأن هناك هدفاً أمنياً مباشراً بهزيمة «داعش»، وهدفاً جيو - استراتيجياً أكثر غموضاً يتمثل في منع إيران وروسيا من السيطرة على شرق سوريا. على العكس من أفغانستان، فإن الوضع في شرق سوريا مستقر نسبياً من الناحية العسكرية، ولا يجد بايدن ضرورة للتصعيد. ومن المحتمل ارتفاع ضغوط الميليشيات الموالية لإيران في العراق أو سوريا بمرور الوقت، ولكن حتى الآن، لا تزال المخاطر على الجنود الأميركيين طفيفة.
وأخيراً، فإن السياسة في واشنطن، على النقيض من أفغانستان، تقف بقوة ضد الانسحاب من العراق وسوريا. أولاً، وافق الحزب الجمهوري مع ترمب على اتفاق عام 2020 بشأن الانسحاب من أفغانستان، وبالتالي امتلك بايدن الغطاء السياسي المطلوب. (إذا راقبت انتقادات سياسة بايدن في أفغانستان داخل الولايات المتحدة، فإن كثيراً من الجمهوريين والديمقراطيين ينتقدون التخطيط السيئ الذي أدى إلى انسحاب غير منظم، لكنهم يتفقون على أن الولايات المتحدة كان يلزمها الانسحاب إن عاجلاً أو آجلاً). وبالمقارنة، يعتقد معظم المراقبين في واشنطن أن الانسحاب الأميركي من العراق، خصوصاً سوريا، سيكون مكسباً استراتيجياً لإيران وروسيا، وسيرفع من حدة الانتقادات ضد بايدن للغاية، خصوصاً بعد أزمة أفغانستان. والقلق الإسرائيلي من الوجود الإيراني في سوريا له ثقله السياسي أيضاً في واشنطن.
بالإضافة إلى ذلك، تزداد المخاوف من صعود جديد في الجماعات الإرهابية بعد الانسحاب من أفغانستان، وانسحاب بايدن من العراق وسوريا سوف يعزز التصورات بأن إدارة بايدن تتجاهل خطر الإرهاب. وأخيراً، وهذا جديد ومهم، هناك لوبي الآن في واشنطن يدعم الأكراد ويؤيد مطالبهم بحقوق الإنسان والحريات الأساسية. وقوبل قرار ترمب بالانسحاب من سوريا عام 2019 بانتقادات شديدة من الجمهوريين والديمقراطيين على حد سواء، وإذا أعلن بايدن عن قرار مماثل، خصوصاً بعد أفغانستان، فإن الانتقادات ستكون أكبر. فعلى المستوى السياسي، وعلى النقيض من أفغانستان، فمن الأكثر أماناً بالنسبة لبايدن أن يحافظ على الوجود الأميركي الحالي في العراق وسوريا، وأن يُحيل بايدن هذه الحروب الصغيرة إلى الإدارة الأميركية المقبلة.

- خاص بـ«الشرق الأوسط»



ميركل تعرب عن حزنها لعودة ترمب إلى الرئاسة الأميركية

الرئيس الأميركي دونالد ترمب يتحدث خلال اجتماع ثنائي مع المستشارة الألمانية آنذاك أنجيلا ميركل على هامش قمة حلف شمال الأطلسي في واتفورد ببريطانيا... 4 ديسمبر 2019 (رويترز)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب يتحدث خلال اجتماع ثنائي مع المستشارة الألمانية آنذاك أنجيلا ميركل على هامش قمة حلف شمال الأطلسي في واتفورد ببريطانيا... 4 ديسمبر 2019 (رويترز)
TT

ميركل تعرب عن حزنها لعودة ترمب إلى الرئاسة الأميركية

الرئيس الأميركي دونالد ترمب يتحدث خلال اجتماع ثنائي مع المستشارة الألمانية آنذاك أنجيلا ميركل على هامش قمة حلف شمال الأطلسي في واتفورد ببريطانيا... 4 ديسمبر 2019 (رويترز)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب يتحدث خلال اجتماع ثنائي مع المستشارة الألمانية آنذاك أنجيلا ميركل على هامش قمة حلف شمال الأطلسي في واتفورد ببريطانيا... 4 ديسمبر 2019 (رويترز)

أعربت المستشارة الألمانية السابقة أنجيلا ميركل عن «حزنها» لعودة دونالد ترمب إلى السلطة وتذكرت أن كل اجتماع معه كان بمثابة «منافسة: أنت أو أنا».

وفي مقابلة مع مجلة «دير شبيغل» الألمانية الأسبوعية، نشرتها اليوم الجمعة، قالت ميركل إن ترمب «تحد للعالم، خاصة للتعددية».

وقالت: «في الحقيقة، الذي ينتظرنا الآن ليس سهلا»، لأن «أقوى اقتصاد في العالم يقف خلف هذا الرئيس»، حيث إن الدولار عملة مهيمنة، وفق ما نقلته وكالة «أسوشييتد برس».

وعملت ميركل مع أربعة رؤساء أميركيين عندما كانت تشغل منصب مستشار ألمانيا. وكانت في السلطة طوال ولاية ترمب الأولى، والتي كانت بسهولة أكثر فترة متوترة للعلاقات الألمانية الأمريكية خلال 16 عاما، قضتها في المنصب، والتي انتهت أواخر 2021.

وتذكرت ميركل لحظة «غريبة» عندما التقت ترمب للمرة الأولى، في البيت الأبيض خلال شهر مارس (آذار) 2017، وردد المصورون: «مصافحة»، وسألت ميركل ترمب بهدوء: «هل تريد أن نتصافح؟» ولكنه لم يرد وكان ينظر إلى الأمام وهو مشبك اليدين.

الرئيس الأميركي دونالد ترمب والمستشارة الألمانية آنذاك أنجيلا ميركل يحضران حلقة نقاشية في اليوم الثاني من قمة مجموعة العشرين في هامبورغ بألمانيا... 8 يوليو 2017 (أ.ف.ب)

ونقلت المجلة عن ميركل القول: «حاولت إقناعه بالمصافحة بناء على طلب من المصورين لأنني اعتقدت أنه ربما لم يلحظ أنهم يريدون التقاط مثل تلك الصورة... بالطبع، رفضه كان محسوبا».

ولكن الاثنان تصافحا في لقاءات أخرى خلال الزيارة.

ولدى سؤالها ما الذي يجب أن يعرفه أي مستشار ألماني بشأن التعامل مع ترمب، قالت ميركل إنه كان فضوليا للغاية وأراد معرفة التفاصيل، «ولكن فقط لقراءتها وإيجاد الحجج التي تقويه وتضعف الآخرين».

وأضافت: «كلما كان هناك أشخاص في الغرفة، زاد دافعه في أن يكون الفائز... لا يمكنك الدردشة معه. كان كل اجتماع بمثابة منافسة: أنت أو أنا».

وقالت ميركل إنها «حزينة» لفوز ترمب على كامالا هاريس في الانتخابات الرئاسية التي أجريت في الخامس من نوفمبر (تشرين الثاني). وقالت: «لقد كانت خيبة أمل لي بالفعل لعدم فوز هيلاري كلينتون في 2016. كنت سأفضل نتيجة مختلفة».