الطاقة البديلة هي الطاقة التي تتولد بطرق أخرى غير عملية احتراق الوقود الأحفوري، أي وقود باطن الأرض، مثل النفط ومشتقاته والغاز والفحم. وتساعد الطاقات البديلة على الحد من الانبعاثات الناتجة عن احتراق الوقود الضارة ببيئة الأرض مثل ثاني أكسيد الكربون المؤدي إلى ظاهرة الاحتباس الحراري. وتشمل الطاقات البديلة الطاقات المتجددة، إضافة إلى أنواع الطاقة الأخرى مثل الطاقة النووية.
والطاقة المتجددة هي الطاقة المستمدة من الموارد الطبيعية التي لا تنفد وتتجدد باستمرار مثل طاقة الرياح والمياه والشمس المتوفرة في معظم دول العالم، كما يمكن إنتاجها من حركة الأمواج والمد والجزر أو من طاقة حرارية من الأرض. كما يعتبر الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة الوقود الحيوي لتوليد الطاقة من مواد نباتية، طاقة مستدامة ومتجددة رغم أن مخلفاتها تزيد الاحتباس الحراري.
ولا يدخل استخدام الوقود النووي ضمن جدول الطاقات المتجددة لأنه يولد مخلفات ذرية ضارة ناتجة عن المفاعلات النووية.
جدة: «الشرق الأوسط»
تتطلع المملكة العربية السعودية إلى الاستفادة القصوى من طاقة الرياح، وتركيب شبكات توليد طاقة رياح تصل سعتها إلى 16غيغاواط بحلول عام 2030، الأمر الذي يتطلَّب توقعات موثوقة للتغيّرات المحتملة لسرعة الرياح واتجاهها زمنياً ومكانياً، وهو الحلم الذي أسهم باحثون بجامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (كاوست) في تحقيقه، بعد أن ابتكروا نموذجاً إحصائياً يُوفِّر أفضل التوقعات لحالة الرياح قبل هبوبها بعدة ساعات، في أقل زمن حسابي.
تنويع مصادر الطاقة
تقول الدكتورة أماندا لينزي، الباحثة السابقة لما بعد مرحلة الدكتوراه في «كاوست»: «تسعى المملكة إلى تنويع مصادر توليد الطاقة لديها وذلك في إطار توجهات (رؤية المملكة 2030)، وقد وضعت أهدافاً لتحقيق زيادة كمية الطاقة المتجددة بدايةً بطاقة الرياح والطاقة الشمسية. ولكي تحقق المملكة هذا الهدف كان من الضروري إعداد نماذج ومنهجيات توقّع متقدمة بشأن حالة الرياح في جميع أرجاء البلاد. وسيساعد هذا على تعزيز الثقة في الاستثمار وضمان كفاءة دمج طاقة الرياح لتصبح جزءاً من شبكة الطاقة الحالية».
واعتماداً على عمليات رصد على مدار الساعة، أُجريت في 28 محطة للرياح في أرجاء المملكة، شرعت لينزي وقائد المجموعة البروفسور مارك جينتون، الأستاذ المتميز في علوم الرياضيات التطبيقية في «كاوست» في ابتكار نموذج توقع موثوق به لحالة الرياح، باستخدام أساليب إحصائية متطورة للتعامل مع البيانات البيئية.
توضح لينزي: «ابتكارنا الرئيسي تمثل في تصميم نموذج يجمع بين السرعة والاتجاه معاً، إذ عادةً ما يجري التعامل مع كلٍّ منهما على نحوٍ مستقل. ويُظهر هذا النهج أداءً متطوراً للتنبؤ عبر فترات زمنية تتراوح بين بضع دقائق وحتى ساعات مقبلة، ومن موقع محدد إلى منطقة قارية كاملة استناداً إلى بياناتٍ لم يُسجلها سوى بضعُ محطاتٍ لرصد الرياح».
وتجدر الإشارة إلى أنه من المتعارف عليه أن الرياح مُتغيرة بطبيعتها، لكن الرياح الأقوى غالباً ما تهب من اتجاهات محددة. لذا فإن الاعتماد على سرعة الرياح وحدها من شأنه أن يؤدي إلى خطأ منهجي في توقعات الطاقة الناتجة عنها الرياح. وقد تغلب كل من لينزي وجينتون على هذه المشكلة بإعداد نموذج زماني مكاني لسرعة الرياح باستخدام مكونات اتجاهات «الغرب – الشرق»، و«الشمال – الجنوب» إلى جانب الاستعانة بتمثيلٍ فعَّال للإحصائيات المختلفة بتباين الزمان والمكان لجعل النموذج أكثر كفاءة من الناحية الحسابية.
خرائط دقيقة مسبقة
وتوضح لينزي: «باتباع هذا النهج، يُمكننا أن نحسب توزيعاً كاملاً للتوقعات استناداً إلى بيانات مُستقاة من عددٍ قليلٍ من مواقع الرصد، كما يُمكننا تصميم خرائط تُبيِّن سرعة الرياح في المملكة العربية السعودية بالكامل بدقة مكانية عالية، وقبل هبوبها بمدة تصل إلى عدّة ساعات في أقل زمن حسابي. كما يوفِّر النموذج مقياساً لعدم الدقة في هذه التوقعات؛ وهو ما يتطلبه التخطيطُ لإنشاء مزارع رياح تعمل بكفاءة عالية».
ويتوقَّع الفريق البحثي أن يلعب هذا النموذج الذي أعدّ للعمل وفقاً لأحدث بيانات الرياح، دوراً مهماً في الاستفادة المثلى من طاقة الرياح بالمملكة العربية السعودية.
تجدر الإشارة إلى أن «كاوست» كانت قد قدمت مخططاً للنهوض بمستقبل طاقة الرياح في السعودية كنموذج يُحتذى في تطوير الطاقة البديلة في الشرق الأوسط وذلك بعد دراسة دامت خمس سنوات عن إمكانات طاقة الرياح في البلاد. فمن خلال منهجية جديدة وعمليات محاكاة حاسوبية مخصصة، تم تحديد كمي دقيق لموارد طاقة الرياح في المملكة، وقدمت خطة مفصلة للتنفيذ الفعال من حيث التكلفة؛ من أجل بلوغ هدف الحكومة المتمثل في تركيب معدات توليد طاقة الرياح بقدرة 16 غيغاواط بحلول عام 2030.