معرض «المغرب الوسيط» في الرباط يختصر 4 قرون من حكم المرابطين والموحدين والمرينيين

220 تحفة فنية تبرز أصالة وإشعاع «إمبراطورية من أفريقيا إلى إسبانيا»

جانب من المعروضات التي يقترحها معرض «المغرب الوسيط - إمبراطورية من أفريقيا إلى إسبانيا» بـ«متحف محمد السادس للفن الحديث والمعاصر» بالرباط (المؤسسة الوطنية للمتاحف)
جانب من المعروضات التي يقترحها معرض «المغرب الوسيط - إمبراطورية من أفريقيا إلى إسبانيا» بـ«متحف محمد السادس للفن الحديث والمعاصر» بالرباط (المؤسسة الوطنية للمتاحف)
TT

معرض «المغرب الوسيط» في الرباط يختصر 4 قرون من حكم المرابطين والموحدين والمرينيين

جانب من المعروضات التي يقترحها معرض «المغرب الوسيط - إمبراطورية من أفريقيا إلى إسبانيا» بـ«متحف محمد السادس للفن الحديث والمعاصر» بالرباط (المؤسسة الوطنية للمتاحف)
جانب من المعروضات التي يقترحها معرض «المغرب الوسيط - إمبراطورية من أفريقيا إلى إسبانيا» بـ«متحف محمد السادس للفن الحديث والمعاصر» بالرباط (المؤسسة الوطنية للمتاحف)

بعد نجاح مرحلته الأولى، التي احتضنها متحف «اللوفر» في باريس، ما بين 17 أكتوبر (تشرين الأول) و19 يناير (كانون الثاني) الماضي، حط معرض «المغرب الوسيط - إمبراطورية من أفريقيا إلى إسبانيا» رحاله بـ«متحف محمد السادس للفن الحديث والمعاصر»، بالرباط.
ويشكل هذا المعرض المتنقل، المنظم من طرف المؤسسة الوطنية للمتاحف بتعاون مع متحف «اللوفر»، والذي سيتواصل في محطة الرباط، إلى غاية ثالث يونيو (حزيران) المقبل، مناسبة لـ«تسليط الضوء على أصالة المغرب واستمرارية وحدته وإشعاعه الحضاري وحفاظه على جميع مكونات هويته عبر العصور».
ويتيح هذا المعرض، الذي ترأس حفل تدشينه الأمير مولاي رشيد، شقيق العاهل المغربي الملك محمد السادس، إعادة قراءة مرحلة زمنية ممتدة من القرن الحادي عشر إلى القرن الخامس عشر الميلاديين، التي تعاقب على الحكم خلالها كل من المرابطين (1049 - 1147) والموحدين (1147 - 1269) والمرينيين (1269 - 1465)، الذين تمكنوا من تحقيق وحدة سياسية بمجال شاسع ضم أجزاء ترابية من شمال أفريقيا وأفريقيا جنوب الصحراء وبلاد الأندلس.
ونقرأ في «الموسوعة الحرة» (ويكيبيديا) أن دولة المرابطين «امتدت على مستوى منطقة تسيطر جغرافيا من المحيط الأطلسي غربا وبلاد شنقيط وحوض نهر السنغال جنوبا، وهو مكان مخاض ميلاد الحركة، إلى الامتدادات الشرقية محاذية إمبراطورية كانم ومزاحمة إياها على بحيرة تشاد في الصحراء الكبرى. وامتد هذا المجال في الشمال مخترقا جبال الأطلس بتلالها وكبيرها ومتوسطها وصغيرها، وامتد إلى أن وصل إلى البحر الأبيض المتوسط مخترقا مياهه ودخل شبه الجزيرة الأيبيرية، وسيطر على الأندلس. وعرفت أوج امتدادها في عهد أمير المسلمين يوسف بن تاشفين الذي أسس مراكش واتخذها عاصمة للدولة، ودخل الأندلس وأخضعها لسلطته بعد معركة الزلاقة. وكانت تجاور سلطانه في الشمال كل من مملكة قشتالة ومملكة نافارا ومملكة أراغون، وفي الشرق بنو زيري وبنو حماد، وفي جنوب الصحراء، بحكم الأمر الواقع، كل من ممالك بامبوك، وبوري، ولوبي وإمبراطوريتي مالي وغانا. كما نقرأ في الموسوعة نفسها أن «الدولة الموحدية إمبراطورية إسلامية أسسها الموحدون وهم من سلالة أمازيغية حكمت بلاد المغرب (المغرب، الجزائر، تونس، ليبيا) والأندلس سنوات 1121م - 1269م، أسسها أتباع حركة المهدي بن تومرت، واستطاع عبد المؤمن بن علي الكومي (1130م - 1133م - 1163م) أن يستحوذ على المغرب الأقصى (سقوط مراكش عام 1147م) والمغرب الأوسط ومن ثم على كامل أفريقية (حتى تونس وليبيا عام 1160م) والأندلس (1146م - 1154م). عاصمتها مراكش. وكانت إشبيلية مقر الوالي الموحدي على الأندلس». فيما تقدم لنا الموسوعة نفسها المرينيين بوصفهم «سلالة حكمت بلاد المغرب الأقصى من القرن الثالث عشر إلى القرن الخامس عشر الميلاديين، وتوسعت حدود دولتهم خارج نطاق المغرب في عهد السلطان أبي سعيد الأول، ويوسف بن يعقوب، وخاصة أيام أبي الحسن المريني، الذي ضَم لدولته المغرب الأوسط والأدنى فوحد المغرب الكبير تحت رايته، مسيطرا على بلاد السوس ومعاقل الصحراء جنوبا إلى مصراتة قرب الحدود المصرية شرقا، ورندة بالأندلس شمالا. وبنى المرينيون مدنا جديدة كفاس الجديد وتطاوين والمنصورة بالمغرب والبُنيَة بالأندلس، كما اهتموا ببناء المدارس والمارستانات والمساجد والأربطة والمؤسسات الوقفية المختلفة. واستحدث المرينيون نظما إدارية وعسكرية، كمشيخة الغزاة، وبرز في عصرهم كبار الرحالة أمثال ابن بطوطة، وابن رشيد السبتي، والعبدري، والتجيبِي، والبلوي وأحمد زروق، حيث حرص المرينيون على تمتين الوحدة الإسلامية مع المشرق عن طريق هذه الرحلات. واحتضنت عاصمتهم فاس كبار المؤرخين والأدباء والعلماء أمثال لسان الدين بن الخطيب وابن خلدون وابن البناء المراكشي».
ويشتمل معرض «المغرب الوسيط» على نحو 220 تحفة فنية، تبرز الحس الفني الرفيع الذي طوره المغرب إبان عهد المرابطين والموحدين والمرينيين، فيما تعكس ما جرى تحقيقه من منجزات خلال هذا العصر في مجال الهندسة المعمارية والخزف والمنسوجات وفن الخط والنقش على الخشب وصناعة الكتاب من توريق وتنميق وتزويق وتسفير، والأعمال الإبداعية في مختلف العلوم العقلية والنقلية؛ كما يضم المعرض تحفا فنية ذات رمزية دينية عالية، كثريا القرويين ومنابر لمساجد جامعة وعناصر معمارية كالأبواب وتيجان المسلات والأعمدة ولوحات من الزليج وأوانٍ خزفية وأثواب حريرية ومخطوطات نادرة مكتوبة بالخط العربي، وزخرفات معمارية، وأدوات ذات صلة بالحياة اليومية، كالصحون والجرار وصناديق حفظ الأثواب والقناديل وغيرها، فضلا عن أدوات تتعلق بتقنيات استنباط المياه، ومصاحف ومخطوطات مختلفة في موضوعات فقهية وعلمية وأدبية.
وقد جرى استقدام أهم معروضاته من المتاحف المغربية والبرتغالية والفرنسية والإيطالية والإسبانية: «مناسبة للتعريف بالمآثر العمرانية وتقديم صورة مشرقة عن أصالة المغرب واستمرارية وحدته وإشعاع حضارته، وإبراز الروافد الثقافية التي نهلت منها الحضارة المغربية ومواطن التأثير والتأثر بينها وبين محيطها الإقليمي والدولي». ويعكس تنظيم المعرض، حسب المنظمين، «عزم المملكة على مشاطرة موروثها التاريخي والعلمي والثقافي والديني والمعماري الغني مع الجميع. وهو تراث استطاع المغرب بناءه في استقلالية تامة عن المشرق، لا سيما عبر اعتماد إسلام معتدل قائم على المذهب المالكي والفكر الصوفي، الخيارين اللذين يشكلان حتى اليوم الهوية السياسية والروحية للبلاد».
وقال المهدي القطبي، رئيس المؤسسة الوطنية للمتاحف، إن «تنظيم المعرض يأتي في زمن يحرص فيه المغرب على العناية بثقافته وفنونه وفق تصور جديد، ويعمل على توسيع مجال الاهتمام بها»، مبرزا أن الحدث «يعكس صورة مشرقة عن الإسلام المعتدل والمتسامح الذي طالما طبع تاريخ المملكة المغربية».
ورأى القطبي في تنظيم المعرض «تكريما لبلد ظل عبر التاريخ فضاء للحوار والتبادل والتسامح»، و«دليلا على خصوصية المغرب التي تتميز بالانفتاح واحترام الآخر».
من جهتها، أوضحت بهيجة سيمو، مديرة الوثائق الملكية، أن المعرض يسلط الضوء على «أصالة الدولة المغربية، ووحدتها الترابية، وكذا الروافد المتعددة من عربية وأمازيغية وعبرية وأندلسية، التي أغنت حضارتها»، فيما «يتيح إعادة قراءة الفترة التي تمتد من القرن الحادي عشر إلى القرن الخامس عشر، والتي تعد بمثابة العصر الذهبي للحضارة الإسلامية في الغرب الإسلامي في عهود الدول المرابطية والموحدية والمرينية».
وأشارت سيمو إلى أن «المعرض يمنح الزائر فرصة التعرف على الحضارة المغربية في العصر الوسيط والنفاذ إلى أسرارها من خلال رؤية نابعة من الضفة الجنوبية لحوض البحر الأبيض المتوسط، كما يسمح باستعراض محطات من هذه المرحلة التاريخية التي عرف فيها الغرب الإسلامي أوج ازدهاره في المجالات الثقافية والمعمارية والفنية، بالإضافة إلى ما يتيحه هذا المعرض من تتبع لنشأة الدولة المغربية وما عرفته من تطورات خلال 4 قرون، والتعرف على مرتكزاتها وأسباب استمراريتها ورصد إشعاعها الحضاري على مدى ألف سنة».
ولاحظت سيمو أن «المتتبع لتاريخ المغرب يخلص إلى أن هذا التاريخ محكوم في حركيته وصيرورته بقيم موروثة ترجع لآلاف السنين، وهي قيم تتجلى في التناسق بين رغبتين تتعلق أولاهما بالوحدة، أي وحدة الهوية والمحافظة على الموروث وإعادة استنطاق الذاكرة، والثانية بقبول الاختلاف الذي يشجع على الانفتاح والانخراط الإيجابي في مسار حركية التاريخ، وهاتان الرغبتان هما اللتان ساهمتا في تكوين نموذج مغربي خاص يقوم على الاندماج والانفتاح على الآخر وليس على الإقصاء والانغلاق على النفس». ورأت سيمو أن المعرض بقدر ما يبرز الموقع الجغرافي المتميز للمغرب، باعتباره جسرا للتواصل بين القارتين الأوروبية والأفريقية وملتقى للحضارات وأرضا للقاء والحوار والتسامح والتعايش، يمثل مناسبة لإعادة التفكير في التراث المغربي الوسيط وتثمينه.
واتفق القطبي وسيمو على دعوة المغاربة، أفرادا وعائلات، لزيارة المعرض لكي يطلعوا على تاريخ بلدهم، مشددين على الحاجة إلى التأمل في التراث المغربي وإيلاء العناية القصوى لترميمه وصيانته، بما يحفز على الانخراط الناجع في مجال التحافة وتربية الجيل الناشئ على تذوق فنونها، حفظا للذاكرة التاريخية وصونا للهوية الوطنية.



هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
TT

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز

يعتمد الموسيقار المصري هشام خرما طريقة موحّدة لتأليف موسيقاه، تقتضي البحث في تفاصيل الموضوعات للخروج بـ«ثيمات» موسيقية مميزة. وهو يعتزّ بكونه أول موسيقار عربي يضع موسيقى خاصة لبطولة العالم للجمباز، حيث عُزفت مقطوعاته في حفل الافتتاح في القاهرة أخيراً.
يكشف خرما تفاصيل تأليف مقطوعاته الموسيقية التي عُزفت في البطولة، إلى جانب الموسيقى التصويرية لفيلم «يوم 13» المعروض حالياً في الصالات المصرية، فيعبّر عن فخره لاختياره تمثيل مصر بتقديم موسيقى حفلِ بطولة تشارك فيها 40 دولة من العالم، ويوضح: «أمر ممتع أن تقدّم موسيقى بشكل إبداعي في مجالات أخرى غير المتعارف عليها، وشعور جديد حين تجد متلقين جدداً يستمعون لموسيقاك».
ويشير الموسيقار المصري إلى أنه وضع «ثيمة» خاصة تتماشى مع روح لعبة الجمباز: «أردتها ممزوجة بموسيقى حماسية تُظهر بصمتنا المصرية. عُزفت هذه الموسيقى في بداية العرض ونهايته، مع تغييرات في توزيعها».
ويؤكد أنّ «العمل على تأليف موسيقى خاصة للعبة الجمباز كان مثيراً، إذ تعرّفتُ على تفاصيل اللعبة لأستلهم المقطوعات المناسبة، على غرار ما يحدث في الدراما، حيث أشاهد مشهداً درامياً لتأليف موسيقاه».
ويتابع أنّ هناك فارقاً بين وضع موسيقى تصويرية لعمل درامي وموسيقى للعبة رياضية، إذ لا بدّ أن تتضمن الأخيرة، «مقطوعات موسيقية حماسية، وهنا أيضاً تجب مشاهدة الألعاب وتأليف الموسيقى في أثناء مشاهدتها».
وفي إطار الدراما، يعرب عن اعتزازه بالمشاركة في وضع موسيقى أول فيلم رعب مجسم في السينما المصرية، فيقول: «خلال العمل على الفيلم، أيقنتُ أنّ الموسيقى لا بد أن تكون مجسمة مثل الصورة، لذلك قدّمناها بتقنية (Dolby Atmos) لمنح المُشاهد تجربة محيطية مجسمة داخل الصالات تجعله يشعر بأنه يعيش مع الأبطال داخل القصر، حيث جرى التصوير. استعنتُ بالآلات الوترية، خصوصاً الكمان والتشيللو، وأضفتُ البيانو، مع مؤثرات صوتية لجعل الموسيقى تواكب الأحداث وتخلق التوتر المطلوب في كل مشهد».
يشرح خرما طريقته في التأليف الموسيقي الخاص بالأعمال الدرامية: «أعقدُ جلسة مبدئية مع المخرج قبل بدء العمل على أي مشروع درامي؛ لأفهم رؤيته الإخراجية والخطوط العريضة لاتجاهات الموسيقى داخل عمله، فأوازن بين الأشكال التي سيمر بها العمل من أكشن ورومانسي وكوميدي. عقب ذلك أضع استراتيجية خاصة بي من خلال اختيار الأصوات والآلات الموسيقية والتوزيعات. مع الانتهاء المبدئي من (الثيمة) الموسيقية، أعقد جلسة عمل أخرى مع المخرج نناقش فيها ما توصلت إليه».
ويرى أنّ الجمهور المصري والعربي أصبح متعطشاً للاستمتاع وحضور حفلات موسيقية: «قبل بدء تقديمي الحفلات الموسيقية، كنت أخشى ضعف الحضور الجماهيري، لكنني لمستُ التعطّش لها، خصوصاً أن هناك فئة عريضة من الجمهور تحب الموسيقى الحية وتعيشها. وبما أننا في عصر سريع ومزدحم، باتت الساعات التي يقضيها الجمهور في حفلات الموسيقى بمثابة راحة يبتعد فيها عن الصخب».
وأبدى خرما إعجابه بالموسيقى التصويرية لمسلسلَي «الهرشة السابعة» لخالد الكمار، و«جعفر العمدة» لخالد حماد، اللذين عُرضا أخيراً في رمضان.