حسن يوسف.. يفتح خزائن أسراره (3/5): دخل مجال الإخراج للابتعاد عن التكرار.. و«رحلة حب» أشعل الحب مع شمس البارودي

الولد الشقي يخص («الشرق الأوسط») بمذكراته الشخصية

مع سعاد حسني في «الزواج على الطريقة الحديثة»
مع سعاد حسني في «الزواج على الطريقة الحديثة»
TT

حسن يوسف.. يفتح خزائن أسراره (3/5): دخل مجال الإخراج للابتعاد عن التكرار.. و«رحلة حب» أشعل الحب مع شمس البارودي

مع سعاد حسني في «الزواج على الطريقة الحديثة»
مع سعاد حسني في «الزواج على الطريقة الحديثة»

نجم يمتلك صكوك النجاح والبقاء. ارتدى في مشواره الفني الصعب عشرات الشخصيات بإبداع وإتقان واحتراف. دخل قلوب المشاهدين بخفة دمه وشقاوته. يؤمن بأن حب الناس هو كل رصيده. يعرف ما يريده لنفسه وما يؤجله أو يعتذر عنه في اختياراته. مع كل نجاح يحققه يشعر بالرهبة لأنه يؤمن بأن الحفاظ على القمة أصعب من تسلقها. فنان من جيل أثرى السينما المصرية. كان في شبابه «الدنجوان» الذي تعشقه البنات، والذي تمنى كل شاب أن يكون مثله في خفة دمه وأناقته، لقب بـ«الولد الشقي» في فترة الستينات والسبعينات والثمانينات نظرا لتأكيد النقاد أنه أفضل من جسد هذا الدور في السينما مع الفنان الراحل «أحمد رمزي» ولقب أيضا بـ«جاك ليمون العرب» لاعتماده على كوميديا الموقف.
إنه نجم السينما المصرية والدراما التلفزيونية الفنان الكبير حسن يوسف، الذي بدأ حياته لاعبا لكرة القدم في نادي الزمالك ووصل لفريق تحت 21 سنة، حيث كان يسكن في حي السيدة زينب، وربطت أسرته بحكم الجيرة بعلاقات قوية مع الكابتن حنفي بسطان أحد أبرز نجوم الكرة المصرية في الأربعينات والخمسينات، ومنه تعلم حسن يوسف كرة القدم، حتى إنه تقدم لاختبارات الناشئين بنادي الزمالك واجتازها بنجاح، وكان من الممكن أن يصبح أحد نجوم جيل الستينات في فريق الكرة بالنادي لولا التحاقه بمعهد التمثيل ودخوله لعالم الفن، حيث كان ملتزما بالتمثيل على المسرح حتى الثانية صباحا، فلم يستطع المواصلة في تدريبات الكرة في التاسعة صباحا من كل يوم.
النجم حسن يوسف انتهى مؤخرا من كتابة مذكراته الشخصية التي يرصد فيها أهم محطات حياته الفنية والشخصية والعائلية وأيضا السياسية. ورغم تكتمه الشديد على خزينة أسراره فإنه سمح لـ«الشرق الأوسط» بتفقد بعض أوراقها ليختصها دون غيرها من وسائل الإعلام الأخرى المقروءة والمرئية بأجزاء من هذه المذكرات ننشرها في خمس حلقات مع أبرز محطات حياة «الولد الشقي». ويتم النشر بالتعاون مع «وكالة الأهرام للصحافة».
نواصل المسيرة والسيرة الذاتية لنجم من طراز خاص؛ دبلوماسي في التعامل مع من حوله، ولكن هناك شروط لمن يريد الاقتراب من عالمه؛ أهمها أن يبتعد عن أساليب المناورة واللف والدوران والغمز واللمز، لأنه إنسان بسيط وصريح ومباشر. تربع على عرش النجومية في السينما المصرية منذ الستينات، واستمر بطلها المتميز في السبعينات، وأستاذها و«حكيمها» في الثمانينات، دون أن يتخلى عن حيوية الفتى الشقي ليواصل عمله الذي جند نفسه له في معترك التمثيل بالقدر نفسه من الإبداع والتلقائية والجدية على امتداد أكثر من 50 عاما.
نجم المراهقات وحلم البنات، الفنان المتألق دائما «حسن يوسف» عاش مع زوجته الأولي الفنانة لبلبة 9 سنوات من السعادة، كانا متفاهمين خلالها على كل الأمور ما عدا موضوع واحد هو عملها في السينما. حيث كان حسن يريد أن يقتصر نشاطها الفني على الحفلات الموسمية والتلفزيون فقط، مفضلا أن تستقر في المنزل لتنجب وتربي الأولاد سعيا لحياة أكثر استقرارا، بينما كانت لبلبة ترى أن الوقت قد حان لتفجير طاقاتها الفنية، لا سيما أن الشاشة السينمائية باتت تدعوها للعودة والتمثيل من جديد، ووفق عروض قد تحملها إلى مكانة هي تطمح لها، بالإضافة إلى أنها لم تكن لديها رغبة في الإنجاب في هذه السن المبكرة. كان يحز في نفسها أن تحرم من تحقيق تلك الأحلام، ومع هذا استسلمت للأمر الواقع مرددة: ما دمت سعيدة بحياتي الزوجية فسأكتفي بالنجاح الذي يحققه زوجي وأسعد به مكتفية بالعمل التلفزيوني والحفلات بين وقت وآخر. والحقيقة أن لبلبة كانت وش السعد على حسن يوسف خلال فترة زواجهما، حيث انهالت العروض الفنية عليه، وقدم مجموعة من أروع أفلامه، لعل أبرزها: «للرجال فقط»، و«حكاية جواز»، و«العزاب الثلاثة»، و«آخر شقاوة»، و«الشياطين الثلاثة»، التي قدمها في عام 1964م. وللفيلم الأخير ذكرى طريفة مع يوسف لا يستطيع نسيانها.

سرقة على الطريق الزراعي

اكتشف هو والفنان الراحل محمد عوض بعد تمثيلهما بعض لقطات الفيلم في الطريق الزراعي عند مدينة قليوب شمال القاهرة، اختفاء حقيبة كل منهما التي تضم أوراقا شخصية ونصوص روايات وسيناريوهات من سيارة عوض، فقاما بتحرير محضر في قسم الشرطة، ووعدا من يعيد إليهما الأوراق بمكافأة مالية كبيرة، ولكن يبدو أنهما من فاز بالمكافأة! ليستمر حسن بعد عرض الفيلم في التنوع والعودة إلى الإضحاك والحكايات الشبابية؛ إن جاز التعبير، ويتجسد كل هذا في أفلام: «مطلوب أرملة»، و«الثلاثة يحبونها»، و«المغامرون الثلاثة»، و«الشقيقان»، التي قدمها في عام 1965م. وللفيلم الأخير أيضا موقف طريف لا يستطيع حسن نسيانه، فأثناء تصوير المشاهد الخارجية للفيلم بمطار القاهرة الدولي ضبط رجال جمارك المطار عملية حقيقية لتهريب 2.5 كيلوغرام من الهيروين مع راكب فرنسي، وكان الفيلم يدور حول تجارة المخدرات، وكان حسن يجسد فيه دور ضابط في مكافحة المخدرات مما يضطره إلى التنكر في عدة شخصيات تطابقت واحدة منها مع الفيلم المذكور فكانت مصادفة غريبة.
كما قدم حسن أيضا في عام 1966م، مجموعة متميزة من الأفلام لعل أبرزها، «تفاحة آدم»، و«الحياة حلوة»، و«إجازة صيف»، و«خان الخليلي» الذي قال عنه حسن يوسف لنا: «الحقيقة أني اعتبر دور (رشدي عاكف) الذي جسدته في الفيلم نقطة تحول في حياتي الفنية، حيث استطعت عن طريقه أن أضع خطا أحمر تحت طاقتي الفنية، ولا أستطيع أن أنسى إشادة بطلة الفيلم النجمة سميرة أحمد بأدائي، خصوصا في أداء مشاهد مرضي، حيث كانت تصفق لي إلى جانب بكائها».
وقدم حسن يوسف كذلك فيلم «شاطئ المرح» مع النجمة المطربة نجاة الصغيرة، إضافة إلى أفلام «شقة الطلبة»، و«اللقاء الثاني» في عام 1967م، و«الزواج على الطريقة الحديثة»، و«7 أيام في الجنة»، و«السيرك»، و«شهر عسل بدون إزعاج»، و«نساء بلا غد» في عام 1968م.

تمرد وتغيير

ومنذ ذلك العام، وعلى مدى 3 سنوات تقريبا، بدأ المخرجون في إعطاء حسن يوسف أدوارا مكررة، فإذا بهم يطلبونه للدور نفسه في كل مرة، لدرجة أغاظته، لأنهم يتناولونه فنيا من الزاوية نفسها دون أي تحرك لاكتشاف أي زوايا أو طاقات فنية أخرى فيه، فقرر في عام 1970م، أن يخرج لنفسه فيلما ذا لون جديد كليا بالنسبة له، وكان حسن قد ربط بينه وبين الإخراج علاقة قوية نشأت منذ اليوم الأول لدراسته في المعهد العالي للفنون المسرحية، فقد وقع في حب الإخراج، كما يقولون، من أول نظرة، والعلاقة كما يقول حسن بين الممثل والمخرج كالعلاقة بين العازف والمايسترو، دائما ما يتمني كل عازف أن يكون مايسترو، وذلك لا يتحقق إلا بالدراسة النظرية والعملية.
ولذا فقد عمل على أن يتوفر له ذلك، كما عمل على أن يجعل المتفرج يرى نفسه على الشاشة، وألا يجد في أفلامه أثرا للتكلف أو الافتعال، وحاول أن يكون أسلوبه في الإخراج امتدادا لأسلوبه الطبيعي في التمثيل الذي تميز به طوال مشواره الفني. فعرض الفيلم على كثير من المنتجين، ولكنه قوبل بالرفض لسببين: أولهما، أنهم وجدوا تغييرا فيما يقوم به حسن يوسف في الدور الجديد بالفيلم. والثاني، أن الفيلم كان سيجري تصويره في 5 دول أوروبية هي ألمانيا وفرنسا والنمسا واليونان وإيطاليا، فخاف المنتجون من تكاليفه. فقرر حسن أن ينتج بنفسه الفيلم ويخرجه ويمثل دور البطولة أيضا، وقد كان فيلم «ولد وبنت والشيطان»، الذي شاركه بطولته نور الشريف وصلاح قابيل ونجلاء فتحي وفنانة ألمانية تدعى بريجيت هاربز. وكان الفيلم بداية تغيير في حياة حسن يوسف الفنية، لأنه حقق نجاحا كبيرا سواء على المستوى الفني أو المستوى التجاري، وهذا ما دعاه لاتخاذ قرار بأن يعيد التجربة مرة أخري.
ويقول حسن يوسف في مذكراته عن تلك المرحلة إنه بعد انتهاء الفيلم وجهت له بريجيت هاربز الدعوة هي وزوجها للعمل معهما في ألمانيا، ولكنه رفض، لأن موقع السينما الألمانية على الخريطة لا ينافس مستوى السينما العالمية الأميركية أو الإيطالية.
وتمر الأيام بحسن يوسف ويشعر برغبة قوية في تحقيق استقرار أكبر فيلح على لبلبة في اعتزال العمل الفني تماما وبشكل نهائي، هذا الإلحاح جعلها تتساءل عن سبب التغيير، خاصة أن الموضوع قد انتهى النقاش فيه سابقا وتم التفاهم، كما أبدت دهشتها من طلبه، فهو يعلم بأنها تساعد بعض ذويها وأهلها من المال الذي تكسبه، وحين صعب التفاهم بينهما كان الطلاق هو الحل الأخير. وانفصلا بعد 9 سنوات من الزواج. والحقيقة أن طلاقهما كان أهدأ طلاق، فلم ينشر أحدهما للناس أسباب الطلاق، أو يلجأ كما يحدث دائما إلى المحاكم، حيث انفصلا صديقين.

محاولات فاشلة

وحاول بعض الفنانين أن يعيدهما معا، إلا أن كل المحاولات كانت تفشل بسبب والدة لبلبة التي كانت ضد العودة إلا حسب شروطها هي التي كانت صعبة على الاثنين. كما حاول أيضا المنتج سمير خفاجي أن يعيد لم شملهما مرة أخرى، فطلب من حسن يوسف المشاركة في مسرحية «الحي الغربي»، دون أن يخبره بوجود لبلبة في المسرحية، ولم يخبر لبلبة أيضا بأن حسن يوسف وافق على العمل في المسرحية، وكان هناك كثير من مشاهد المسرحية تجمع حسن ولبلبة في مواقف حب، بل كان هناك مشهد زفاف تمثيلي، وكان الجمهور كلما جاء المشهد يصيحون مطالبين أن يكون المشهد حقيقيا ويتزوج الاثنان مرة أخرى. وكان بالإمكان أن يعود الاثنان لبعضهما بسهولة لولا وقوف والدة لبلبة خلف الكواليس لتضمن حماية ابنتها من سحر حسن يوسف بعد انتهاء المشهد. فحاول الجميع جمع شملهما في جلسة بعيدة عن والدة لبلبة التي كانت ترافقها مثل ظلها، فقرر الفنان الراحل فريد شوقي أن يقيم حفلا في منزله ويدعو فيه الجميع محققا بذلك فرصة لقاء حسن بلبلة، وتبرع البعض للقيام بمهمة إقناع والدة لبلبة بعدم ضرورة حضورها للحفل وأنه من الأفضل لصحتها أن تستريح في بيتها تلك الليلة، وأن سمير خفاجي سيقوم بنفسه بتوصيل ابنتها لبلبة إلى البيت بعد انتهاء الحفل آمنة وسليمة، إلا أنها رفضت رفضا باتا، خاصة بعد أن علمت من مصادرها الخاصة سبب الحفلة وغضبت من سمير خفاجي وتشاجرت معه لاعتقادها أنه يدبر من وراء ظهرها خطة إعادة بنتها لزوجها السابق، وهو أمر ترفضه رفضا قاطعا. فقامت مجموعة من الأصدقاء المشتركين بإقناعها بعدم رفض الدعوة لأن فريد شوقي هو صاحبها، ولكنه لا يقصد معاندتها، وأن المسؤول عن الخطة هو سمير خفاجي، وأقنعوها أيضا إن لم تكن تريد حضور الحفلة لا هي ولا لبلبة فلتذهب وتعتذر لفريد شوقي وينتهي الأمر بسلام، وفعلا ذهبت والدة لبلبة إلى منزل الفنان الراحل فريد شوقي، بينما ظلت لبلبة في السيارة، واعتذرت الأم عن الحفل ولم يلتق الحبيبان.
يذكر أن حسن كان قد اشترك مع لبلبة في فيلم «رحلة شهر العسل»، ومثلا فيه دوريهما في الحياة وقتئذ كزوجين في رحلة شهر العسل في دوري «رشدي» و«ألفت».

إعجاب وغضب

ومرت أيام وسافر حسن يوسف في رحلة قصيرة إلى بيروت ثم عاد ليتفرغ لعمله الفني، حتى وقع في حب شمس البارودي التي تزوجها عام 1972م، وهنا يقول حسن يوسف: «كنت أعرف شمس كزميلة وكفنانة متميزة، ورغم أن لقاءاتنا كانت مقصورة على المناسبات الفنية فقط، إلا أنني كنت معجبا جدا بها وبمواقفها الإنسانية مع الكثيرين من زملائنا الفنانين، والتي تدل على أصالة معدنها وطيبة قلبها، حتى شاء القدر وجمعت بيننا بعض الأعمال الفنية، كان أولها فيلم (آخر العنقود) وكانت شمس وقتها في المرحلة الثانوية‏، وأتذكر أنه حدثت بيني وبينها مشادة حادة، حيث تأخرتْ جدا في أحد أيام التصوير مما أغضبني وجعلني أطلبها في البيت بصفتي بطل العمل لأعرف سبب تعطيل التصوير، وعندما سألتها قالت لي: (انت مالك، انت مش المخرج ولا المنتج وليس من حقك تسألني، ولعلمك أنا لن أستكمل هذا الفيلم، وأنا حرة).‏ وأغلقت السماعة في وجهي. ورفضت فعلا استكمال التصوير واضطر المخرج للاستعانة ببطلة أخرى. وبعد ذلك التقينا في فيلم (حكاية 3 بنات) وكانت شمس وقتها في المعهد‏، وكنا نصور في أحد فنادق الإسكندرية وكان والدها معها‏، وأثناء الغداء طلبت مكرونة، فقلت لها ساخرا: (انت ناقصة معكرونة)، لأنها كانت ممتلئة وقتها، فنظرت إلى بغضب شديد، وأخذت مني موقفا إلى أن انتهينا من تصوير الفيلم».

حب وزواج

«..ومرت الأيام حتى علمت بأنها ستكون البطلة أمامي في فيلم (رحلة حب)، فقلت في نفسي: (ربنا يعديها على خير)، وسافرنا إلى سوريا لتصوير الفيلم، وهناك وأثناء التصوير تعرفت على شقيقها وأولاد أعمامها وبعض أقاربها الذين كانوا يلازمونها في التصوير، وبدأت أقترب منهم‏، وبدأ قلبي ينبض حبا لشمس، وأصبحت أجلس أراقبها في كل تحركاتها وسكناتها، وكانت هي تشعر بذلك‏، إلى أن انتهزت فرصة يوما وأثناء تحضير مشهد للتصوير‏، صرحت لها بحبي، فارتبكت ولم ترد علي، وتوالت محاولاتي برقة وأدب وصدق طوال أيام تصوير الفيلم ولمدة شهرين‏‏، وانتهى التصوير وعدنا للقاهرة‏.
وبعد عودتي، قمت بالاتصال بها في التليفون في بيت أسرتها، وتحدثنا طويلا وطلبت مقابلتها‏، فالتقت بي، ولكن برفقة صديقتيها منذ الطفولة د‏.‏ هناء كريم، وسوزان أنور، وعندما جاءت قلت لها: (انت جايباهم يعملوا لي كشف هيئة؟)، فردت علي هناء: (أصل يا حسن شمس غالية علينا، وانت شقي جدا).‏ فقلت: (والله شمس دي حلم حياتي)‏.‏ فابتسمت شمس ولمعت عيناها ونظرت إلى بخجل وكأنها تريد أن تقول لي: (وأنا أيضا). وبعد أن شعرت بصدق مشاعري تجاهها وافقت أن أتقدم لوالدها‏.، فذهبت إليه في البيت، وكان ذلك في شهر رمضان، وقلت له: أنا ذاهب إلى الحج وسأدعو لكما وعندما أعود ربنا يوفق لما فيه الخير‏.‏ ووقتها أصر أهلها على أن أتناول الإفطار معهم، وبالفعل أفطرت معهم صينية بطاطس كانت شمس قد صنعتها بيديها، (يضحك)، أعتقد أنني قد تزوجتها من شدة حلاوة طعمها. وبعد عودتي من الحج نزلت أنا وشمس واشترينا الشبكة‏، وقمت بتجهيز البيت في ثلاثة أشهر‏، وعقدنا القران بمهر قدره 25 قرشا، لنبدأ حياة زوجية سعيدة لم ينقطع عنها الحب والاحترام والإخلاص حتى الآن، وأنجبنا أولادنا محمود وناريمان وعمر وعبد الله. وكنت قد اشترطت على شمس ألا تمثل أمام أحد آخر غيري بعد الزواج، وكان شرطي هذا نابعا من الغيرة الشديدة عليها، فلم أكن أقبل أن تمثل زوجتي مشاهد الحب مع رجل آخر حتى لو كان تمثيلا».

دويتو

«..وقد قدمنا بعد الزواج عدة أفلام ناجحة، وشكلنا ثنائيا محبوبا ومختلفا على الشاشة، ومن هذه الأفلام على سبيل المثال: (الجبان والحب)، و(كفاني يا قلب)، و(دموع بلا خطايا)، و(مراهقة من الأرياف)، و(القطط السمان)، و(الطيور المهاجرة)، و(واحدة بعد واحدة ونصف)، و(حب على شاطئ ميامي)، و(الشياطين والكرة)، و(المجرم)، و(الزواج السعيد). حتى آخر فيلم قدمته قبل اعتزالها الفن وارتدائها الحجاب وهو (اثنان على الطريق)، الذي استثنيته من شرطي ورشحت عادل إمام للبطولة أمامه، ولم أشعر بالغيرة لأنني كنت المخرج وكنت أتحكم في المشاهد كلها، فلم أسمح بأي مشهد يؤذي مشاعري».

شائعة هددت حياته مع شمس

«..وأتذكر أني فوجئت ذات يوم بزوجتي شمس تنظر لي وهي غاضبة وتسألني عن اسم الممثلة الجديدة التي شاهدها الناس معي عدة مرات، وأن هواة الإشاعات والصيد في الماء العكر يؤكدون أن زواجي من هذه الممثلة سيتم قريبا بعد أن أطلق شمس البارودي لأتفرغ لحياتي الزوجية الجديدة، ولكنني أقسمت لها أن هذه الإشاعة غير صحيحة بالمرة، وأنني لم ألتق بهذه الفتاة ولا أعرفها، وتأكدت شمس من هذا التكذيب بعد أن سألت بعض صديقاتها في الوسط الفني اللاتي يصارحنها بالحقيقة دائما. ولا أنكر أن أكبر مكسب أدبي وفني حققته هو زواجي من شمس البارودي، التي كانت وش السعد علي، حيث أصبحت حياتي الفنية مليئة بالأعمال الفنية الناجحة، ولا أكاد أنتهي من فيلم، إلا وأجد نفسي مشغولا بالاستعداد لفيلم آخر، ولا أنتهي من مسرحية، إلا وأستعد لمسرحية أخرى».
* ينشر بترتيب مع «وكالة الأهرام للصحافة»
حسن يوسف.. يفتح خزائن أسراره (1/5)
حسن يوسف.. يفتح خزائن أسراره (2/5)

 



«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.


رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».


ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».