استعراض البقر يعود إلى نيويورك مع تدابير لمنع السرقة

TT

استعراض البقر يعود إلى نيويورك مع تدابير لمنع السرقة

- وعادت الأبقار!
قبل 21 عاماً، تم توزيع نحو 500 بقرة مصنوعة من الألياف الزجاجية - زيّنها الفنانون والمشاهير وأطفال المدارس - في جميع أنحاء مدينة نيويورك. كانت الأبقار ذات الألوان الزاهية تُشاهد في الحدائق وعلى الأرصفة، حيث يلتقط السياح الصور، ويصطف الأطفال لتسلقها، ويراقبها اللصوص بغية سرقتها.
لكن الآن، الأبقار أقل شبهاً بقطيع بري يشيع الفوضى عبر الأحياء الخمسة، وأكثر شبهاً بمجموعة النخبة من الأبقار المدللة التي يتم عرضها في معرض المقاطعة.
في الأسبوع الماضي، تم توزيع 78 بقرة من الألياف الزجاجية في ثمانية مواقع في المدينة، يمكن أن يراقبها حراس الأمن أو الكاميرات. وفي ساحات هدسون، تقف 22 بقرة داخل وخارج مجمع التسوق الفاخر، وتوجد أسفل السلالم المتحركة، أو تطل على شرفة زجاجية في اتجاه «كيت سبايد أند كوتش» (حيث يمكن لحقائب اليد المصنوعة من جلدها أن تجلب مئات الدولارات).
لم ترغب الشركة المسؤولة عن معرض الفنون العامة «كاو – باريد» في تكرار أحداث عام 2000 عندما شوّهت الأبقار بالكتابات على عليها، أو قطعت آذانها أو اختفت من منصاتها. (في إحدى الحالات، كان شابان على وشك تحميل بقرة ملونة إلى سيارتهما الجيب في غرب شارع هيوستن عندما وصلت الشرطة).
قال جيروم إلباوم، مؤسس «كاو – باريد» (81 عاماً): «كان هذا الحدث اختباراً تعليمياً رائعاً بالنسبة إلينا. لقد كنا ساذجين جداً في تلك الأيام».
في سنة 1998، كان إلباوم محامياً يعيش في وست هارتفورد، كونكتيكت، من دون أي دور في عالم الفن، عندما عثر على زوجين من بقر الألياف الزجاجية في فندق في رحلة عمل إلى زيورخ. كان إلباوم مغرماً بالأبقار، وكذلك كان رجل الأعمال بيتر هانيغ من شيكاغو، وكان تواقاً إلى إعادة الفكرة إلى مدينته.
ساعد إلباوم في جلب الفكرة إلى الغرب الأوسط، وبدأ يسمع من الناس في نيويورك الذين يريدون قطيعاً خاصاً بهم. حظيت الفكرة بدعم حماسي من قبل العمدة رودي جولياني، الذي أقام حدثاً عاماً جنباً إلى جنب مع بقرة رسمت لتبدو وكأنها سيارة أجرة صفراء. ولقد جذب المشروع عدداً كبيراً من الشركات الراعية (بما في ذلك صحيفة نيويورك تايمز)، وفي وقت المزاد، اجتذب كوكبة من المشترين المتحمسين الذين تذهب أموالهم إلى الجمعيات الخيرية.
كان معرض البقر الأول في نيويورك ناجحاً من الناحية السياحية، فضلاً عن كونه سلسلة من المغامرات السيئة.
شُحنت الخمسون بقرة الأولى من سويسرا إلى نيويورك ليرسم عليها تلاميذ المدارس الحكومية، ولكن عندما كُسرت قطعة من الألياف الزجاجية من إحدى الأبقار وتعرضت للهب كاختبار، خرج السخام الأسود «مشتعلاً ومنطفئاً في لحظات»، كما قالت صحيفة «التايمز». فأُعيدت الأبقار، ووجد إلباوم مورداً جديداً، هي شركة في كاليفورنيا تصنع تماثيل عرض الأزياء لمتاجر البيع.
قال إلباوم إنه كانت هناك مشكلة أخرى في معرض البقر في نيويورك، أن بعض الأبقار لم تكن جيدة. وأضاف: «تساءل النقاد عما إذا كان هذا فناً حقاً لأن الكثير منه كان غير محترف تماماً».
بالنسبة لهذا المعرض، الذي تأجل سنة بسبب الجائحة، كانت الفكرة هي التركيز على عدد أقل من الأبقار وعلى مهارة فنية أفضل. بدلاً من الدعوة المفتوحة إلى التصميم، قامت الجهة المستفيدة من مزاد الأبقار لهذا العام، جمعية خيرية باسم «محبة الرب للجميع»، التي تطبخ وتقدم وجبات مصممة طبياً للأشخاص الذين يعانون من مرض خطير، باختيار الفنانين.
هناك بقرة مغطاة بلمحات من ضربات الفرشاة الملونة بواسطة رسام تجريدي محلي، وبقرة بوجه فريدا كاهلو ممتد عبر الجسم، وبقرة لفنان رسوم الغرافيتي من مواليد الإكوادور، كان يرسم عربات مترو أنفاق نيويورك في ثمانينات القرن العشرين، وبقرة مغطاة بمصابيح تسمى «بقرة أديسون»، وبقرة ذات توهج أخضر وأزرق مصنوع من بلاستيك حمض البولي - لاتيك، المستمد من المصادر المتجددة.
قال إلباوم: «إن الفن، دون استثناء، هو أفضل ما أنتجناه على الإطلاق».
ثم هناك الأبقار التي صممت بوضوح لتكون إعلانات، مثل البقرة المغطاة بـ5 نجوم حمراء في متجر ماسيز بشارع 34، والبقرة الفضية المتلألئة التي يرعاها متجر «بكاراه» لمنتجات الكريستال الراقية.
ولن تكون الفرصة كبيرة هذه المرة لسرقة الأبقار. لقد وضعت الأبقار عمداً في مواقع بارزة الرؤية، حيث يمكن مراقبتها، هذا ما قاله رون فوكس، نائب رئيس فعالية «كاو – باريد» وصهر إلباوم. ولكل منطقة قطيع واحد على الأقل: في ساحات هدسون في مانهاتن، والمدينة الصناعية في بروكلين، وكلية برونكس المجتمعية في برونكس، وقاعة نيويورك للعلوم في كوينز، ومتحف المنارة الوطني في جزيرة ستاتن.
تغيير آخر لهذا العام: سوف يُعقد المزاد بالكامل على الإنترنت خلال شهر سبتمبر (أيلول) في عام 2000، جمع المزاد 1.35 مليون دولار لصالح 6 جمعيات خيرية، بما في ذلك جمعية «محبة الرب للجميع»، في حفل أقيم في شارع سيبرياني 42، حيث أنفقت أوبرا وينفري أكثر من 100 ألف دولار على ثلاثة أبقار.
- خدمة «نيويورك تايمز»



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».