«إفتاء مصر»: فهم الدين الصحيح من واجبات المرحلة الحالية

TT

«إفتاء مصر»: فهم الدين الصحيح من واجبات المرحلة الحالية

أكدت دار الإفتاء في مصر أن «بناء الوعي الرشيد وفهم الدين الصحيح من واجبات الوقت التي تقتضيها المرحلة الحالية لمواجهة (المتشددين)»، فيما دعت إلى «تحصين الشباب لمواجهة (الأفكار المتطرفة)». وقال مستشار مفتي مصر، الأمين العام لدور وهيئات الإفتاء في العالم، إبراهيم نجم، أمس، إن «دار الإفتاء لم تَغفل عن قضية بناء الوعي المجتمعي خصوصاً للشباب، الذين هم أكثر استهدافاً من (جماعات العنف) التي تسعى إلى نشر الإشاعات وتزييف الوعي من أجل إثارة الاضطرابات في المجتمع، فعملت الدار على تصحيح الكثير من (المفاهيم المغلوطة) التي شوهتها (الجماعات المتطرفة)»، لافتاً إلى أن «الدار سعت إلى ذلك من خلال عدة وسائل وآليات متنوعة، من بينها الفضاء الإلكتروني، عبر حساباتها الرسمية على مواقع التواصل الاجتماعي». ووجه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أول من أمس إلى «تكثيف البرامج التدريبية العلمية والثقافية عالية المستوى الموجهة للأئمة تعزيزاً لاستراتيجية الدولة المصرية لنشر الفكر الوسطي الرشيد و(تصحيح المفاهيم الخاطئة)، من خلال تكوين جيل متميز من الأئمة والدعاة المستنيرين، الذين يستطيعون صياغة رأي عام ديني (منضبط)، على نحو يراعي المستجدات وينتهج فقه الواقع، دون الإخلال بالحفاظ على ثوابت الشرع الحنيف».
وقال مستشار مفتى مصر في بيان أمس إن «إعداد جيل جديد من المفتين على قدر كبير من التأهيل والفهم للنصوص الشرعية والقدرة على إنزالها على الواقع يأتي على رأس أولويات دار الإفتاء المصرية منذ سنوات، إيماناً منها بأن التأهيل والتدريب وربط العلوم الشرعية بالعلوم الحديثة وفهم الواقع فهماً رشيداً، هو السبيل الأمثل لـ(ضبط) الخطاب الإفتائي وتجديده بما يتماشى مع الواقع المعاصر؛ مما يدعم استقرار المجتمعات»، مضيفاً أن «الدار حملت أمانة (تجديد الخطاب الديني) والإفتائي و(ضبط بوصلته) منذ أن دعا الرئيس السيسي إلى ضرورة (تجديد الخطاب الديني)، وذلك من خلال العديد من المشروعات والمبادرات المهمة التي نفّذتها وكان لها الأثر الواضح، ليس فقط على المستوى المحلي؛ لكن على المستوى الدولي كذلك».
وأشار مستشار مفتي مصر إلى أن الدار «اهتمت منذ سنوات بتدريب وتأهيل المفتين، سواء في مصر أو خارجها، وذلك لخلق جيل جديد من المفتين قادر على إدراك الواقع وفهم النصوص الشرعية فهماً رشيداً ومستنيراً لإصدار الحكم الشرعي الصحيح، خصوصاً في النوازل والمستجدات التي نواجهها الآن، حيث تخرج عشرات المفتين، بعضهم تولى مناصب إفتائية رسمية في بلادهم»، لافتاً إلى أن «الدار أنشأت الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم التي تعد كياناً دولياً ومظلة جامعة لأكثر من 65 دولة من مختلف أرجاء العالم، من أجل توحيد الجهود والاجتهادات حول القضايا العالمية المهمة، وتبادل الخبرات، وأيضاً تدريب المفتين من مختلف دول العالم، وكان آخرهم تخريج دفعة من أئمة روسيا أوائل الشهر الجاري، وكذا تخريج أئمة من بريطانيا وأفريقيا وجنوب شرقي آسيا».



أحياء منكوبة بلا مياه وكهرباء بسبب القصف الإسرائيلي في مدينة صور الساحلية

جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
TT

أحياء منكوبة بلا مياه وكهرباء بسبب القصف الإسرائيلي في مدينة صور الساحلية

جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)

قرب ركام مبنى ما زال الدخان يتصاعد منه في مدينة صور، تحمل عائلة حقائب وتصعد على سلم مظلم إلى شقة خُلعت أبوابها ونوافذها، ولا يوجد فيها ماء ولا كهرباء، بعد أن استهدف القصف الإسرائيلي البنى التحتية والطرق، إضافة إلى الأبنية والمنازل.

في اليوم الثاني من سريان وقف إطلاق النار بين «حزب الله» وإسرائيل، كانت مئات العائلات صباح الخميس تتفقّد منازلها في أحياء استهدفتها الغارات الإسرائيلية، وحوّلتها إلى منطقة منكوبة.

لم تسلم سوى غرفة الجلوس في شقة عائلة نجدة. تقول ربّة المنزل دنيا نجدة (33 عاماً)، وهي أم لطفلين، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، بينما تقف على شرفتها المطلة على دمار واسع: «لم نتوقّع دماراً إلى هذا الحدّ. رأينا الصور لكن وجدنا الواقع مغايراً وصعباً».

وغطّى الزجاج أسرّة أطفالها وألعابهم، في حين تناثرت قطع من إطارات النوافذ الحديدية في كل مكان. وتضيف دنيا نجدة: «عندما وصلنا، وجدنا الدخان يتصاعد من المكان، وبالكاد استطعنا معاينة المنزل».

على الشرفة ذاتها، يقف والد زوجها سليمان نجدة (60 عاماً)، ويقول: «نشكو من انقطاع المياه والكهرباء... حتى المولدات الخاصة لا تعمل بعد انقطاع خطوط الشبكات».

ويقول الرجل، الذي يملك استراحة على شاطئ صور، الوجهة السياحية التي تجذب السكان والأجانب: «صور ولبنان لا يستحقان ما حصل... لكن الله سيعوضنا، وستعود المدينة أفضل مما كانت عليه».

وتعرّضت صور خلال الشهرين الماضيين لضربات عدّة؛ دمّرت أو ألحقت أضراراً بمئات الوحدات السكنية والبنى التحتية، وقطعت أوصال المدينة.

وأنذرت إسرائيل، خلال الأسابيع القليلة الماضية، مراراً سكان أحياء بأكملها بإخلائها، ما أثار الرعب وجعل المدينة تفرغ من قاطنيها، الذين كان عددهم يتجاوز 120 ألفاً.

لن يحصل بنقرة

خلال جولة في المدينة؛ حيث تعمل آليات على رفع الردم من الطرق الرئيسة، يحصي رئيس بلدية صور واتحاد بلدياتها، حسن دبوق لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «أكثر من 50 مبنى، مؤلفة من 3 إلى 12 طابقاً دُمّرت كلياً جراء الغارات الإسرائيلية»، غير تضرّر عشرات الأبنية في محيطها، بنسبة تصل إلى 60 في المائة. ويضيف: «يمكن القول إنه يكاد لم يبقَ أي منزل بمنأى عن الضرر».

وشهدت شوارع المدينة زحمة سير مع عودة المئات من السكان إلى أحيائهم، في حين أبقت المؤسسات والمحال التجارية والمطاعم أبوابها موصدة.

ويوضح دبوق: «يتفقّد السكان منازلهم خلال النهار، ثم يغادرون ليلاً بسبب انقطاع الماء عن أنحاء المدينة والكهرباء عن الأحياء التي تعرّضت لضربات إسرائيلية قاسية».

ويقول إن الأولوية اليوم «للإسراع في إعادة الخدمات إلى المدينة، وتأمين سُبل الحياة للمواطنين»، مقرّاً بأن ذلك «لن يحصل بنقرة، ويحتاج إلى تعاون» بين المؤسسات المعنية.

ويضيف: «من المهم أيضاً إزالة الردم لفتح الشوارع حتى يتمكّن الناس من العودة».

واستهدفت غارة إسرائيلية في 18 نوفمبر (تشرين الثاني) شركة مياه صور، ما أسفر عن تدميرها، ومقتل موظفيْن، وانقطاع المياه عن 30 ألف مشترك في المدينة ومحيطها، وفق ما قال رئيس مصلحة مياه صور وليد بركات.

ودمّرت الغارة مضخّات المياه وشبكة الأنابيب المتفرّعة منها، وفق ما شاهد مراسلو «وكالة الصحافة الفرنسية»، الخميس، في إطار جولة نظمها «حزب الله» للصحافيين في عدد من أحياء المدينة.

وتحتاج إعادة بنائها إلى فترة تتراوح بين 3 و6 أشهر، وفق بركات، الذي قال إن العمل جارٍ لتوفير خيار مؤقت يزوّد السكان العائدين بالمياه.

ويقول بركات: «لا صواريخ هنا، ولا منصات لإطلاقها، إنها منشأة عامة حيوية استهدفها العدوان الإسرائيلي».

قهر ومسكّنات

بحزن شديد، يعاين أنس مدللي (40 عاماً)، الخيّاط السوري المُقيم في صور منذ 10 سنوات، الأضرار التي لحقت بمنزله جراء استهداف مبنى مجاور قبل ساعة من بدء سريان وقف إطلاق النار. كانت أكوام من الركام تقفل مدخل المبنى الذي تقع فيه الشقة.

ويقول بأسى: «بكيت من القهر... منذ يوم أمس، وأنا أتناول المسكنات جراء الصدمة. أنظر إلى ألعاب أولادي والدمار وأبكي».

وغابت الزحمة، الخميس، عن سوق السمك في ميناء المدينة القديمة، الذي كان يعجّ بالزبائن قبل الحرب، بينما المراكب راسية في المكان منذ أكثر من شهرين، وينتظر الصيادون معجزة تعيدهم إلى البحر لتوفير قوتهم.

بين هؤلاء مهدي إسطنبولي (37 عاماً)، الذي يروي أنه ورفاقه لم يبحروا للصيد منذ أن حظر الجيش اللبناني في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) حركة القوارب في المنطقة البحرية جنوب لبنان.

ويقول: «لم يسمح الجيش لنا بعد بالخروج إلى البحر حفاظاً على سلامتنا» باعتبار المنطقة «حدودية» مع إسرائيل.

ويقول إسطنبولي: «نراقب الوضع... وننتظر»، مضيفاً: «نحن خرجنا من أزمة، لكن الناس سيعانون الآن من أزمات نفسية» بعد توقف الحرب.

ويقول أب لأربعة أطفال: «أحياناً وأنا أجلس عند البحر، أسمع صوت الموج وأجفل... يتهيّأ لي أن الطيران يقصف. نعاني من الصدمة».