- The Third Man
- (1949)
- الرجل الذي ادّعى موته
«الرجل الثالث» هو أفضل ما حققه الممثل- المخرج كارول ريد من أفلام وأحد تلك التي يضعها النقاد العالميون في لوائح أفضل ما شاهدوه. فيلم ذو مدارات عدّة: هو فيلم تشويقي في الأساس قائم على البحث حول شخص وتاريخ وحقيقة.
كاتب روايات شعبية أميركي اسمه هولي (جوزيف كوتُن) يصل إلى فيينا بعد الحرب العالمية الثانية بحثاً عن صديق قديم انقطعت أخباره اسمه هاري (أورسن ولز). حين وصوله يتناهى إليه أن هاري قد مات. يحضر جنازته حزيناً ويتعرّف هناك على من يؤكد له أن هاري ليس كما اعتقد هولي بل كان قاتلاً ولصاً حقيراً.
يحاول هولي الدفاع عن سمعة صديقه لكنه سيكتشف أن ما سمعه من البعض كان على صواب. سيكتشف أيضاً بعدما أخذت الشكوك تزداد فيه أن هاري لا يزال حيّاً يرزق وأن الجثة التي في التابوت ليست له. سيدفعه ذلك للمزيد من البحث وسيصل إلى حقيقة أن هاري لا يزال بالفعل حياً افتعل وفاته لكي يهرب من مسؤوليات أفعاله.
سيقع اللقاء بين هولي وهاري الأول من لقاءين والمخرج كارول ريد يختار للقاء الأول شارعاً ليلياً يغوص في ظلام داكن. هاري يقف بعيداً تحت قبّة مدخل لبناية غير ظاهر للعيان (طريقة تصوير مارلون براندو في «سفر الرؤيا... الآن» مثلاً) قبل أن يُظهره المخرج بالتدرج. قطّة تموء. غطاء مزبلة يقع على الأرض. جوزيف كوتُن يتحدّث بصوت عال. أحد السكان يستيقظ من نومه في المبنى المظلم أمامه ويصيح بهما طالباً الهدوء.
يستغل هاري تلك اللحظة ويختفي.
اللقاء الثاني بينهما يقع في الفصل النهائي وسيتحول إلى بداية منازلة يحاول فيها هاري قتله ثم الهرب من رجال البوليس في مجاري المدينة. هذا فصل مشاهد يبقى في البال بسبب اختيار المجاري كمواقع أحداث والإيحاء بتحوّل هاري إلى جرذ هارب. وهو يحمل المفادات ذاتها التي عمد إليها المخرج (غير المعروف كفاية) ألفرد وركر في فيلم ينتهي كذلك بمطاردة مجاري عنوانه «سار ليلاً» (He Walked by Night) وذلك سنة 1948. حقيقة أن كارول ريد صوّر «الرجل الثالث» في فيينا مباشرة بعد انتهاء الحرب جعل الفيلم أحد تلك الأعمال القليلة التي تؤرخ للمدينة في فترة تشابه في دكانتها اختيار المخرج لنوعية التصوير وسوداوية الشخصيات والأماكن. قد صوّر الفيلم بالأبيض والأسود مدير التصوير الأسترالي روبرت كراسكر الذي صوّر أعمالاً مشهودة في تلك الحقبة من بينها «لقاء موجز» لديفيد لين (1945) و«روميو وجولييت» لريناتو كاستيلاني (1954).
القصّة المقتبسة عن رواية غراهام غرين (أحد روّاد الرواية الجاسوسية في تلك الفترة وبعدها)، تتعامل وعالم التجسس في بلد يخرج من الحرب إلى مستقبل غامض. وقد اختار ريد أن يعكس الوضع السياسي الراهن آنذاك وضعف القراءة المستقبلية لما سيحدث بعد أن وضعت الحرب أوزارها عن طريق استخدام لقطات من كاميرا مائلة كما لو كان ميلها تعبيراً عن ذلك القدر من اللا استقرار الذي يحيط بالواقع آنذاك٠
بقي أن أذكر أن الاستعانة بالممثلين جوزيف كوتُن وأورسن وَلز كان بغية تكرار لقائهما السابق في Citizen Kane سنة 1941 الذي أخرجه وَلز كأول أفلامه.
سنوات السينما
سنوات السينما
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة