اتفاق ليبي ـ سوداني ـ تشادي على تأمين الحدود

الوفد الليبي خلال زيارته تشاد لبحث أمن الحدود (المجلس الرئاسي)
الوفد الليبي خلال زيارته تشاد لبحث أمن الحدود (المجلس الرئاسي)
TT

اتفاق ليبي ـ سوداني ـ تشادي على تأمين الحدود

الوفد الليبي خلال زيارته تشاد لبحث أمن الحدود (المجلس الرئاسي)
الوفد الليبي خلال زيارته تشاد لبحث أمن الحدود (المجلس الرئاسي)

توافقت كل من ليبيا والسودان وتشاد على ضرورة بذل مزيد من الجهود لتأمين الحدود المشتركة بقصد ضبط الخروقات الأمنية، ومنع تسرب «الجماعات الإرهابية»، والعصابات المسلحة وعصابات تهريب البشر.
وقال موسى الكوني، نائب رئيس المجلس الرئاسي الليبي، أمس، في ختام جولة أفريقية، شملت السودان وتشاد، إنه بحث مع كبار المسؤولين هناك جميع الملفات المتعلقة بالحدود المشتركة، مضيفاً أن الفريق عبد الفتاح البرهان، رئيس مجلس السيادة الانتقالي السوداني، وباقي الوزراء والمسؤولين المختصين «أبدوا رغبتهم في حل ملفات الهجرة غير النظامية، وأمن الحدود ومحاربة المجموعات المسلحة الخارجة عن القانونين السوداني والليبي».
وتابع الكوني في مؤتمر صحافي عقده أمس، فور وصوله إلى العاصمة طرابلس: «اتفقنا على وضع خريطة طريق عملية للحد من الخروقات الأمنية، والأعمال الإجرامية».
ومن وقت لآخر تعلن الأجهزة الأمنية في البلدين عن ضبط مسلحين يحاولون التسرب عبر الحدود، كما تسجل السلطات في ليبيا نشاطاً ملحوظاً لعصابات تهريب البشر إلى وسط البلاد، بقصد الهجرة غير المشروعة إلى أوروبا.
وتطرق الكوني إلى مباحثاته مع رئيس المجلس العسكري الحاكم في تشاد، محمد إدريس ديبي، وقال إنها تمحورت حول ضرورة وضع حد لعبور «المتمردين التشاديين» إلى داخل ليبيا، وذلك على خلفية التطورات الأمنية التي أدت إلى اغتيال والده الرئيس السابق إدريس ديبي، على يد متمردين انطلقوا من ليبيا.
وتحدث الكوني، الذي أبدى اعتزامه لزيارة مالي والنيجر قريباً، عن رغبة المسؤولين التشاديين في التعاون مع الجانب الليبي «لوضع حد للتجاوزات التي ترتكب على حدود البلدين».
وفيما نقلت وكالة «الأنباء الليبية» عن الكوني أنه اتفق مع ديبي على ضرورة إخراج الفصائل المسلحة التشادية من الأراضي الليبية، أكد نائب رئيس المجلس الرئاسي على أنه ناقش مع الجانب التشادي «عودة الأمانة العامة لتجمع دول الساحل والصحراء»، الذي تترأسه تشاد حالياً، إلى مقره السابق في طرابلس، والعمل على دعوة وزراء خارجية دول التجمع للاجتماع لمناقشة تفعيل هذا «الاتحاد المهم» في القارة الأفريقية.
واقترح ديبي «إعادة إحياء الاتفاق الرباعي بين ليبيا والسودان والنيجر وتشاد»، من خلال تشكيل قوة عسكرية مشتركة على الحدود مع ليبيا لمنع توغل «الجماعات المتمردة».
وكانت الدول الأربع قد وقعت في 2018 اتفاقية تعاون أمني لمكافحة الإرهاب والاتجار بالبشر، لكن هذا الاتفاق لم يمنع انتشار قوات شبه عسكرية في جنوب ليبيا، وتوغل متمردين تشاديين من الدولة العربية الغارقة منذ 10 سنوات في الحرب والفوضى، وتقدمهم باتجاه العاصمة نجامينا.
وقال ديبي خلال لقائه نائب رئيس المجلس الرئاسي الليبي في نجامينا، بحسب وكالة «الصحافة الفرنسية»، إن «تشاد تؤيد مبادرة إعادة إحياء الاتفاق الرباعي بين ليبيا والسودان والنيجر وتشاد، وذلك من خلال تشكيل قوة مشتركة على طول حدودها»؛ مستكملاً: «بلادنا ملتزمة بقوة أداء دورها في مساعدة الشعب الليبي، لكن في المقابل فإن تشاد تأمل بقوة أن لا يزعزع المرتزقة والعصابات المسلحة التي تجوب ليبيا استقرار الدول المجاورة لها».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم