متحف أحياء مائية بالغردقة يخطف الاهتمام في مصر

«غراند أكواريوم»... ضمن أفضل 10 أماكن جذباً للسياحة بالعالم

متحف أحياء مائية بالغردقة يخطف الاهتمام في مصر
TT

متحف أحياء مائية بالغردقة يخطف الاهتمام في مصر

متحف أحياء مائية بالغردقة يخطف الاهتمام في مصر

خطف متحف «غراند أكواريوم» للأحياء المائية في مدينة الغردقة، المطلة على ساحل البحر الأحمر (جنوب شرقي القاهرة)، الاهتمام في مصر أخيراً، وذلك بعد اختياره من قبل منصة السياحة والسفر العالمية «تريب أدفايزر» ضمن أفضل 10 أماكن وعوامل للجذب السياحي في العالم لعام 2021، لا سيما أنه يعد واحداً من المتاحف الفريدة في العالم والشرق الأوسط، وإبراز الخبر في وسائل الإعلام المحلية والعربية، وتداول صوره بشكل موسع عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
ويعد المتحف الخاص الذي يعمل وفق بروتوكول تعاون بين محافظة البحر الأحمر ووزارة السياحة والآثار ووزارة البيئة من أبرز المواقع الجاذبة للسياح في المحافظة، لا سيما أنه يضم مجموعة كبيرة من كائنات البحر الأحمر.
ويبلغ سعر تذكرة المتحف للمصريين 275 جنيهاً مصرياً (أي ما يعادل نحو 17 دولاراً أميركياً) للفرد، وللعرب 23 دولاراً للفرد، وللأجانب 28.5 دولار للفرد، لكن مدير المتحف، علي عبد الرازق، قال إنه ستكون هناك خصومات تصل إلى 20 في المائة على أسعار الدخول احتفالاً بتصنيف المتحف عالمياً.
ويتمكن زوار المتحف من التواصل مع الكائنات البحرية والتعرف عليها من قرب، عبر 22 حوضاً من أكبر أحواض الأسماك في العالم من حيث الحجم، وتبلغ مساحة المبنى 22 ألف متر، بالإضافة إلى الاستمتاع بقسم الحيوانات البرية الموجود بالمتحف.
ويضم متحف «غراند أكواريوم» للأحياء المائية في مدينة الغردقة الذي افتتح عام 2015 نحو ألف نوع من الكائنات البحرية وأسماك البحر الأحمر المعروفة والنادرة، على غرار القروش الضخمة، وأسماك «ألمانتا» الكبيرة، وسلاحف البحر الخضراء، والثعابين، وقرش الغيتار ذي الأنف المجوفة، فضلاً عن أنواع عدة من الأسماك الملونة.
ووفق مسؤولي المتحف، فإنه يصنف السابع عالمياً من حيث مساحة وكميات غالونات المياه بداخله (نحو مليون غالون مياه مالحة)، بعد «أكواريوم جورجيا» في أميركا، واليابان، وسنغافورة، وإيطاليا، وإسبانيا، ودبي.
ويقول علي عبد الرازق، مدير المتحف، لـ«الشرق الأوسط» إنه «كان من المفترض افتتاح المرحلة الثانية والثالثة من مشروع تطوير المتحف التي كانت تقضي بزيادة مساحته، ليصل إلى 8.8 مليون غالون من المياه المالحة، لكن جائحة (كورونا) تسببت في توقف عمل الشركات المصنعة لـ(الأكريلك)، وهو زجاج مصنع بمواصفات خاصة تقاوم الرطوبة، يتراوح سُمكه بين 5 سم إلى 25 سم»، إلى جانب أنظمة الإضاءة الحديثة التي توفر أجواء إضاءة الشمس الطبيعية.
ويؤكد عبد الرازق أن «عملية تشغيل المتحف معقدة، وهي تخضع لحسابات دقيقة من أجل الحفاظ على حياة الكائنات البحرية، ومحاكاة ظروف بقائها في البحر»، موضحاً أن «المتحف الذي يعمل به نحو مائة فرد كان يستقبل قبل جائحة كورونا نحو ألف سائح يومياً، لكن حالياً يستقبل عدداً أقل، يتراوح بين 500 و700 زائر، خصوصاً مع استئناف النشاط السياحي في المدينة بعد إغلاق كورونا».
ويستعد المتحف لإطلاق 6 مواليد جدد من أسماك القرش، بعد انتهاء فترة حجرهم الصحي. ويؤكد عبد الرازق أنّ «هذا الأمر كان من بين أسباب ارتفاع تصنيف المتحف عالمياً، لا سيما أنه يشرف عليه 40 منظمة بيئية عالمية».
وتعد منصة «تريب أدفايزر» إحدى أكبر منصات الخدمات السياحية والسفر في العالم، إذ تجمع التعليقات والآراء من مجتمع المسافرين حول أماكن الإقامة وتجارب المطاعم وشركات الطيران والرحلات البحرية في جميع أنحاء العالم.
ويتنافس «غراند أكواريوم» في مدينة الغردقة مع 300 أكواريوم حول العالم لاجتذاب السياح، لكنه يتميز بعرض عدد كبير من كائنات البحر الأحمر النادرة ذات الألوان المميزة، وفق عبد الرازق.
واستقبلت الغردقة في التاسع من شهر أغسطس (آب) الحالي، أول رحلة سياحية قادمة من روسيا، بعد 6 سنوات من الانقطاع إثر توقف الطيران المباشر بين مصر وروسيا في خريف 2015، عقب عمل إرهابي تسبب في سقوط طائرة ركاب روسية كانت تقلع من مدينة شرم الشيخ، ما أسفر عن مقتل جميع ركابها وطاقمها.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».