طلبة من جامعة عجمان يفوزون بـ«جيمس دايسون» 2021

لاختراعهن جهازاً لحماية الأطفال من الاستغلال

يقف وراء اختراع جهاز «الدرع» طلبة من جامعة عجمان
يقف وراء اختراع جهاز «الدرع» طلبة من جامعة عجمان
TT

طلبة من جامعة عجمان يفوزون بـ«جيمس دايسون» 2021

يقف وراء اختراع جهاز «الدرع» طلبة من جامعة عجمان
يقف وراء اختراع جهاز «الدرع» طلبة من جامعة عجمان

وفق منظمة «يونيسف»، تتعرض نحو 120 مليون فتاة حول العالم لشكل من أشكال التحرش الجنسي قبل بلوغهن سن العشرين بينما تقول منظمة الصحة العالمية إنّ ما يصل إلى مليار طفل تتراوح أعمارهم بين 2 - 17 سنة، قد تعرضوا للعنف الجسدي أو الجنسي أو العاطفي في العام الماضي على مستوى العالم.
هذه الأرقام وغيرها دعت مجموعة من الطالبات المميزات من جامعة عجمان لاختراع جهاز سموه «الدرع Shield»، وهو عبارة عن نظام ذكي يمكن ارتداؤه للكشف عن حالات تعرض الأطفال للإيذاء الجسدي أو العاطفي، مع إصدار تنبيهات لأولياء أمورهم تلقائياً. ومع تفاقم مشكلة التنمر التي تشمل التسلط عبر الإنترنت، واحتمال تعرض طفل واحد من كل 10 أطفال للاعتداء الجنسي قبل بلوغه سن 18 عاماً، فقد أصبحت الحاجة إلى اتخاذ تدابير وقائية أكثر أهمية في عصرنا الحالي أكثر من أي وقت مضى، لا سيما أنّ آثار إساءة معاملة الأطفال طويلة الأمد، وتؤثر على الصحة العقلية للضحية.
يشتمل الدرع على ثلاثة عناصر رئيسية: الساعة الذكية ومجسات الاستجابة الجلدية وبرامج أخرى. وعن طريق الاستفادة من إمكانات نظام تحديد المواقع العالمي GPS والبلوتوث الموجودين في الساعات الذكية الشائعة على نطاق واسع، يصدر النظام تنبيهاً إلى جانب التقاط صورة للمعتدي في نفس الوقت. وبعدها، يرسل النظام تلقائياً الصورة مع موقع وجود الطفل إلى الأجهزة المحمولة للوالدين أو الأشخاص المسؤولين عن رعايتهم.
هذا الاختراع استحق الفوز بجائزة «جيمس دايسون» الوطنية لهذا العام في الإمارات العربية المتحدة، التي بدورها ستضخ مبلغ 10 آلاف درهم في نظام «الدرع»، لتمكين المخترعات من مواصلة تحسين المجسات وإعادة تصميم الجهاز حتى يكون أكثر تميزاً، وتقديم نظام مثالي للمستخدم.
وقالت الدكتورة سعاد الشامسي، عضو الهيئة التحكيمية للمسابقة: «لقد أظهر الفريق الفائز درجة مذهلة من الإبداع والتفاني في طريقة تعاملهم مع هذه المشكلة المنتشرة عالمياً، وتصميمهم على إيجاد حل لها. ويوظف هذا الاختراع آخر ما توصلت إليه التكنولوجيا الحالية لاكتشاف ممارسات سوء استغلال الأطفال، ومن ثم ردعها، إلى جانب توفير فرصة للاستجابة السريعة من ذويهم عند الحاجة. إنّ الجهاز يعدّ بحق أداة فعالة للآباء حول العالم، خصوصاً أولئك الذين يتطلعون لتوفير أفضل مستويات الحماية لأطفالهم وضمان سلامتهم ورفاهيتهم وسعادتهم».
ويستند هذا الاختراع في جوهره إلى خوارزمية مدروسة تأخذ في الحسبان معدل ضربات القلب ودرجة الحرارة واستجابة الجلد للشخص الذي يعاني سوء المعاملة. وبذلك يقدم «الدرع» حلاً بسيطاً، ولكنه يتصف بالذكاء لقدرته على حماية مرتديه بشكل منفصل، على عكس الأجهزة الأخرى الموجودة في السوق التي تركز على جمع أدلة الطب الشرعي وتحديد هوية الشخص المعتدي. ويهدف «الدرع» إلى الحيلولة دون حدوث أي شكل من أشكال سوء المعاملة، لا سيما أنه تم تصميمه ليكون نظاماً يمكن الوصول إليه، في حين يستطيع الطفل ارتداءه يومياً.
يقف وراء اختراع جهاز «الدرع» خمس طالبات من جامعة عجمان، هن: شما العرياني وسمية سمرة ووسام شهيب ومروة الشولي وبشاير العصفور. وحظيت المخترعات بالتشجيع على المشاركة في الجائزة، عندما أدركن مدى أهمية نشر الوعي بين الناس بخصوص هذا الموضوع.
وقالت المخترعة شما العرياني: «يحدونا جميعاً إيمان راسخ بضرورة الاستفادة من تعليمنا الأكاديمي لإحداث فارق حقيقي في حياة الآخرين. وعندما كنا نبحث عن أفكار مؤثرة، كانت دهشتنا عظيمة عندما اكتشفنا كمية الأخبار المتعلقة بإساءة معاملة الأطفال، وواصلنا التفكير بهذا الموضوع، وألهمتنا الفكرة بضرورة حماية من نحبهم، لبذل كل جهد ممكن بعزيمة وتصميم من أجل التوصل إلى حل يحمي الأطفال، للشعور بالراحة عند الحديث عن هذا الأمر».
وبالإضافة إلى حساسية هذا الموضوع بين عامة الناس، واجهت مجموعة المخترعات أيضاً تحديات تتعلق بالتعاون بسبب القيود المرتبطة بالوباء. ولم تقتصر المسألة على التحديات المعتادة التي يواجهها المصممون عند وضع النماذج الأولية، مثل إعادة صياغة التصميمات لتناسب المكونات القياسية في الصناعة، بل كان يتعين عليهن أيضاً التعامل مع الصعوبات الناجمة عن الإغلاق والقيود المفروضة على السفر. وأدى ذلك إلى فرض مصاعب خاصة، عندما اضطر بعضهن للانتقال إلى إمارات أخرى، وتزايد الإحباط من التعلم عن بُعد، حيث تعرضت الوحدات المختلفة للفشل، وتطلبت من الفريق بدء العمل على النماذج الأولية من البداية.
أما بالنسبة إلى المخترعة مروة الشولي، فقد ساعدها العمل في هذا المشروع على تحسين مهارات التفكير النقدي لديها. وتقول في هذا الشأن: «غالباً ما تتضمن دراسة الهندسة البحث في مشكلة، وإيجاد حل عملي لها. لقد واجهتنا تحديات عديدة في أثناء تطوير (الدرع)، لكننا تعلمنا الكثير بخصوص طرق التفكير وحل المشكلات. وكانت هناك عملية أيضاً لمحاولة معرفة عدد النماذج الأولية التي ينبغي تصميمها قبل التوصل إلى حل عملي».
وقالت زميلتها المخترعة سمية سمرة: «بدأنا العمل على النظام في سبتمبر (أيلول) 2020، وكنا نقضي 5 ساعات يومياً في البحث وتطوير النماذج الأولية، ونجحنا بتحسين التصميم والوزن تدريجياً مع كل إصدار. ونأمل قريباً في تطبيق الذكاء الصناعي والتعلم العميق للبرنامج لتعزيز دقته واستجابته».



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».