لبنان يناشد الجهات المانحة «إنقاذ» قطاع التعليم

وزير التربية: الوضع حرج جداً هذا العام

الرئيس ميشال عون مستقبلاً وزير التربية أمس (دالاتي ونهرا)
الرئيس ميشال عون مستقبلاً وزير التربية أمس (دالاتي ونهرا)
TT

لبنان يناشد الجهات المانحة «إنقاذ» قطاع التعليم

الرئيس ميشال عون مستقبلاً وزير التربية أمس (دالاتي ونهرا)
الرئيس ميشال عون مستقبلاً وزير التربية أمس (دالاتي ونهرا)

ناشدت السلطات اللبنانية المقتدرين والجهات الدولية المانحة إعطاء الأولوية في خططهم للمساعدة لدعم القطاع التربوي في ظل الأزمات التي تعصف بالقطاع وتهدد عودة الطلاب إلى المدارس.
وقال وزير التربية في حكومة تصريف الأعمال طارق المجذوب، بعد لقائه الرئيس ميشال عون، إن «معظم المشكلات العالقة هي مشكلات تقنية، وهي بحاجة إلى إرادة جماعية، ونحن بحاجة إلى دعم الجهات المانحة للأساتذة في القطاعين العام والخاص، وبالإصرار والتعاون معاً ننقذ العام الدراسي».
وقال: «وضع القطاع التربوي حرج جداً هذا العام، ولكن لا يمكن للبنان أن يتحمل سنة دراسية استثنائية للسنة الثالثة على التوالي».
وأعلنت وزارة التربية اللبنانية (الاثنين)، عزمها فتح المدارس الرسمية اعتباراً من الشهر المقبل. وللتخفيف من الأعباء، قال المجذوب (الاثنين) إنه «سيتمّ اعتماد التعليم لأربعة أيام في الأسبوع» في القطاع الرسمي، وترك اليوم الخامس «لمتابعة التلامذة عبر التعلم عن بُعد».
لكنّ رئيسة «اللجنة الفاعلة للأستاذة المتقاعدين في التعليم الأساسي» نسرين شاهين، سألت في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «هل الأساتذة والتلاميذ بمقدورهم الوصول إلى المدارس؟»، موضحةً أن المشكلة ليست بعدد الأسابيع وأيام الحضور التي تحدث عنها الوزير.
وقالت شاهين: «لم تؤمّن المواصلات لطلابنا في المدارس الرسمية، كذلك 70% من الكادر التعليمي في المدارس الرسمية من المتعاقدين، ومعدل ما يتقاضونه في اليوم لا يكفي ثمن بنزين، لذلك اتخذنا القرار في المدارس الرسمية بالإضراب وعدم بدء العام الدراسي قبل تأمين غلاء معيشي وبدل نقل».
وبسبب أزمة المحروقات وارتفاع الأسعار، رأت أن «طلاب المدارس الرسمية أمام مجزرة تربوية إذا جاز التعبير»، مشيرة إلى أن «تخفيف الوزير الأيام الدراسية لأربعة أيام في الأسبوع ويوم تعلم عن بُعد لا يحل المشكلة». وأضافت: «انقطاع الكهرباء وخدمة الإنترنت السيئة سيحولان دون تمكن الطالب من متابعة الصفوف عن بُعد، كما أن الأزمة المعيشية وغلاء البنزين سيحولان دون تمكنه من الذهاب إلى المدرسة».
وترفع قطاعات تربوية عدة صرختها من عدم قدرتها على تحمل تكاليف تشغيل المدارس ودفع رواتب المدرسين على وقع تدهور سعر الصرف وفقدان عشرات آلاف السكان وظائفهم أو جزءاً من رواتبهم.
ودعت روابط التعليم في لبنان، في بيان أمس، إلى التحرك سواء على شكل اعتصام أو مظاهرة وصولاً لاستخدام كل الخيارات التي كفلها الدستور ضمن إطار الحركة النقابية، أمام وزارة التربية والتعليم العالي يوم 7 سبتمبر (أيلول) المقبل بالتزامن مع انطلاق خطة العودة إلى المدارس، وذلك تعبيراً عن رفضها لتطبيق الخطة في ظل تجاهل فاضح لمقومات العودة السليمة، لا سيما مع انهيار القيمة الشرائية للرواتب، وشبه انعدام مادة البنزين وصعوبة الحصول عليها إلى جانب ارتفاع تكلفتها. فضلاً عن غياب مستلزمات تحقيق الأمن الاجتماعي من طبابة واستشفاء وتقديمات اجتماعية أخرى.
وكان المجذوب قد أشار إلى أنه تم «تأمين ما يلزم من قرطاسية، وفي شكل مجاني، لتلامذة الحلقتين الأولى والثانية للتعليم الرسمي، في كل لبنان، بالإضافة إلى لوازم غرف الصف، وتركيب طاقة شمسية، وتأمين أموال من الجهات المانحة للمصاريف التشغيلية للمدارس والثانويات والمعاهد الرسمية.
وعن تلك التقديمات، أشارت شاهين إلى أن «الوزير وعد الطلاب العام الماضي بتقديمات منها مليون ليرة لبنانية لكل طالب بالمدرسة الرسمية ولم يفِ بالوعود، واليوم نتخوف من أن تلاقي وعود هذا العام مصير العام الماضي». وقالت إن «الحل لإنقاذ العام الدراسي هو تأمين غلاء معيشة للأساتذة وتأمين مواصلات للأساتذة والطلاب، وتأمين التيار الكهربائي في المدارس الرسمية والمستلزمات والكتب المدرسية».
ويُتوقّع أن يزداد عدد الوافدين إلى قطاع التعليم الرسمي هذا العام، مع عدم قدرة فئات واسعة على توفير أقساط التعليم الخاص. وقالت شاهين خلال استماعها إلى آراء أهالي طلاب المدارس الخاصة، إنهم «يواجهون صعوبة في تأمين المواصلات لإرسال أولادهم إلى المدارس، وأيضاً يعانون من ساعات التقنين الطويلة وبالتالي خيار التعلم عن بُعد شبه مستحيل، كما يتخوفون من نقل أولادهم إلى المدارس الرسمية التي توعدت بالإضراب وبالتالي يخشون أن يذهب العام الدراسي سدى».
وتابعت: «القطاع التعليمي هو أكثر قطاع يحتاج إلى خطة طوارئ لإنقاذ العام الدراسي، وإلا فالعام الدراسي سينتهي قبل أن يبدأ. نحن اليوم أمام أزمة كبيرة في المدارس الخاصة والرسمية وسنسمع الصرخة مع بدء العام الدراسي».



3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
TT

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)

على الرغم من مرور ستة عقود على قيام النظام الجمهوري في اليمن، وإنهاء نظام حكم الإمامة الذي كان يقوم على التمايز الطبقي، فإن نحو 3.5 مليون شخص من المهمشين لا يزالون من دون مستندات هوية وطنية حتى اليوم، وفق ما أفاد به تقرير دولي.

يأتي هذا فيما كشف برنامج الأغذية العالمي أنه طلب أكبر تمويل لعملياته الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل من بين 86 دولة تواجه انعدام الأمن الغذائي.

لا يزال اليمن من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية في العالم (إعلام محلي)

وذكر المجلس النرويجي للاجئين في تقرير حديث أن عناصر المجتمع المهمش في اليمن يشكلون 10 في المائة من السكان (نحو 3.5 مليون شخص)، وأنه رغم أن لهم جذوراً تاريخية في البلاد، لكن معظمهم يفتقرون إلى أي شكل من أشكال الهوية القانونية أو إثبات جنسيتهم الوطنية، مع أنهم عاشوا في اليمن لأجيال عدة.

ويؤكد المجلس النرويجي أنه ومن دون الوثائق الأساسية، يُحرم هؤلاء من الوصول إلى الخدمات الأساسية، بما في ذلك الصحة، والتعليم، والمساعدات الحكومية، والمساعدات الإنسانية. ويواجهون تحديات في التحرك بحرية عبر نقاط التفتيش، ولا يمكنهم ممارسة الحقوق المدنية الأخرى، بما في ذلك تسجيل أعمالهم، وشراء وبيع وتأجير الممتلكات، والوصول إلى الأنظمة المالية والحوالات.

ووفق هذه البيانات، فقد أفاد 78 في المائة من المهمشين الذين شملهم استطلاع أجراه المجلس النرويجي للاجئين بأنهم لا يمتلكون بطاقة هوية وطنية، في حين يفتقر 42 في المائة من أطفال المهمشين إلى شهادة ميلاد.

ويصف المجلس الافتقار إلى المعلومات، وتكلفة الوثائق، والتمييز الاجتماعي بأنها العقبات الرئيسة التي تواجه هذه الفئة الاجتماعية، رغم عدم وجود أي قوانين تمييزية ضدهم أو معارضة الحكومة لدمجهم في المجتمع.

وقال إنه يدعم «الحصول على الهوية القانونية والوثائق المدنية بين المهمشين» في اليمن، بما يمكنهم من الحصول على أوراق الهوية، والحد من مخاطر الحماية، والمطالبة بفرص حياة مهمة في البلاد.

أكبر تمويل

طلبت الأمم المتحدة أعلى تمويل لعملياتها الإنسانية للعام المقبل لتغطية الاحتياجات الإنسانية لأكثر من 17 مليون شخص في اليمن يواجهون انعدام الأمن الغذائي الحاد، بمبلغ قدره مليار ونصف المليار دولار.

وأفاد برنامج الأغذية العالمي في أحدث تقرير له بأن التمويل المطلوب لليمن هو الأعلى على الإطلاق من بين 86 بلداً حول العالم، كما يُعادل نحو 31 في المائة من إجمالي المبلغ المطلوب لعمليات برنامج الغذاء العالمي في 15 بلداً ضمن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وشرق أوروبا، والبالغ 4.9 مليار دولار، خلال العام المقبل.

الحوثيون تسببوا في نزوح 4.5 مليون يمني (إعلام محلي)

وأكد البرنامج أنه سيخصص هذا التمويل لتقديم المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة في اليمن، حيث خلّف الصراع المستمر والأزمات المتعددة والمتداخلة الناشئة عنه، إضافة إلى الصدمات المناخية، 17.1 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد.

وأشار البرنامج إلى وجود 343 مليون شخص حول العالم يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد، بزيادة قدرها 10 في المائة عن العام الماضي، وأقل بقليل من الرقم القياسي الذي سجل أثناء وباء «كورونا»، ومن بين هؤلاء «نحو 1.9 مليون شخص على شفا المجاعة، خصوصاً في غزة والسودان، وبعض الجيوب في جنوب السودان وهايتي ومالي».

أزمة مستمرة

أكدت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن اليمن لا يزال واحداً من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية على مستوى العالم، حيث خلقت عشر سنوات من الصراع تقريباً نقاط ضعف، وزادت من تفاقمها، وتآكلت القدرة على الصمود والتكيف مع ذلك.

وذكرت المفوضية الأممية في تقرير حديث أن اليمن موطن لنحو 4.5 مليون نازح داخلياً، وأكثر من 60 ألف لاجئ وطالب لجوء. وهؤلاء الأفراد والأسر المتضررة من النزوح معرضون للخطر بشكل خاص، مع انخفاض القدرة على الوصول إلى الخدمات الأساسية وسبل العيش، ويواجهون كثيراً من مخاطر الحماية، غالباً يومياً.

التغيرات المناخية في اليمن ضاعفت من أزمة انعدام الأمن الغذائي (إعلام محلي)

ونبّه التقرير الأممي إلى أن كثيرين يلجأون إلى آليات التكيف الضارة للعيش، بما في ذلك تخطي الوجبات، والانقطاع عن الدراسة، وعمل الأطفال، والحصول على القروض، والانتقال إلى مأوى أقل جودة، والزواج المبكر.

وبيّنت المفوضية أن المساعدات النقدية هي من أكثر الطرق سرعة وكفاءة وفاعلية لدعم الأشخاص الضعفاء الذين أجبروا على الفرار من ديارهم وفي ظروف صعبة، لأنها تحترم استقلال الشخص وكرامته من خلال توفير شعور بالطبيعية والملكية، مما يسمح للأفراد والأسر المتضررة بتحديد ما يحتاجون إليه أكثر في ظروفهم.

وذكر التقرير أن أكثر من 90 في المائة من المستفيدين أكدوا أنهم يفضلون الدعم بالكامل أو جزئياً من خلال النقد، لأنه ومن خلال ذلك تستطيع الأسر شراء السلع والخدمات من الشركات المحلية، مما يعزز الاقتصاد المحلي.