بيدرسن يحض على «خطوات متبادلة» لتخفيف معاناة السوريين

TT

بيدرسن يحض على «خطوات متبادلة» لتخفيف معاناة السوريين

حض المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا غير بيدرسن، على الاسترشاد بالتوافق بين الدول الرئيسية، منها الولايات المتحدة وروسيا، على القرار 2585 الإنساني قبل أكثر من شهر، والبناء عليه من أجل اتخاذ «خطوات متبادلة» للمساعدة في تخفيف معاناة السوريين وتعزيز الاستقرار الإقليمي ومواصلة تنفيذ القرار 2254.
وخلال إحاطة قدمها إلى أعضاء مجلس الأمن حول الأوضاع في سوريا، عبر بيدرسن عن «الأسف الشديد» للتصعيد أخيراً في أجزاء كثيرة من سوريا، موضحاً أن الجنوب الغربي، خصوصاً في محافظة درعا، «شهدنا انتشاراً كبيراً» للوحدات المقاتلة، بالإضافة إلى «القصف العنيف والاشتباكات البرية». ولفت إلى أنه اتصل بكل أطراف القتال من أجل «إنهاء العنف على الفور والوفاء بالتزاماتها بموجب العمل الإنساني الدولي وقانون لحماية المدنيين والبنية التحتية المدنية». ودعا إلى وصول «فوري وآمن وبدون عوائق» للمساعدات الإنسانية إلى كل المناطق والمجتمعات المتضررة. وحض على «اتفاق مستدام يمهد الطريق لاستعادة بيئة آمنة ومأمونة، وتخفيف المخاوف ومظالم السكان المحليين، وتلبية الحاجات الاجتماعية والإنسانية والاقتصادية، وتفادي أي نزوح والسماح لسكان درعا بالعودة إلى ديارهم بسلامة وكرامة».
وكذلك تحدث عن التوترات الشديدة في شمال غربي سوريا، بما في ذلك إدلب وشمال اللاذقية وحلب، وكذلك غرب حماة، لافتاً إلى أن الأشهر الماضية شهدت تكثيفاً للضربات الجوية والقصف المدفعي مما أدى إلى سقوط عشرات القتلى المدنيين بينهم نساء وأطفال. وأضاف أن المناطق الشمالية الشرقية من الرقة والحسكة شهدت المزيد من أعمال العنف. وذكر بالانفجار الذي وقع في حافلة عسكرية في دمشق أخيراً، فضلاً عن تعرض سوريا لهجمات من جماعات إرهابية مدرجة على لوائح مجلس الأمن، مشيراً إلى التقارير عن غارات جوية كبيرة منسوبة إلى إسرائيل في الأسابيع الأخيرة، مما يؤكد أن سيادة سوريا ووحدتها واستقلالها وسلامة أراضيها «لا تزال معرضة للخطر» وأن «الصراع في سوريا لم ينته بعد».
وتحدث بيدرسن عن جهوده لتيسير عقد جولة سادسة للهيئة المصغرة للجنة الدستورية، موضحاً أنه التقى في الأسابيع الأخيرة مع الرئيس المشارك من هيئة المفاوضات السورية هادي البحرة، والرئيس المشارك من الحكومة السورية أحمد الكزبري. وأفاد بأنه ناشد الطرفين إظهار «مرونة» بغية «الخروج من المأزق وعقد جلسة جديدة في أسرع وقت ممكن».
ونبه إلى أن «القضايا التي تواجه السوريين بعيدة كل البعد عن كونها في أيدي السوريين وحدهم»، مشدداً على «الحاجة إلى دبلوماسية دولية بناءة». ورأى أن اعتماد مجلس الأمن القرار 2585 في يوليو (تموز) الماضي «كان تدبيراً إنسانياً مهماً»، معتبراً أنه «وجه رسالة مفادها بأن الدول الرئيسية - لا سيما روسيا والولايات المتحدة - يمكن أن تتعاون في شأن سوريا خارج المسار الإنساني». وطلب من «الدول الرئيسية أن تعمل معي في مناقشات استكشافية حول حزمة ملموسة، خطوات متبادلة تحدد بواقعية ودقة (...) للمساعدة في صون حياة السوريين، وتخفيف المعاناة، وتعزيز الاستقرار الإقليمي ومواصلة تنفيذ القرار 2254».
وكذلك قدم وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية منسق المعونة الطارئة مارتن غريفيث، إحاطة ركز فيها على الأزمات التي تواجه السوريين بعد عشر سنوات من النزاع، مؤكداً أن المدنيين «لا يزالون يعانون مصاعب جسيمة استمرت لفترة طويلة للغاية». ولفت إلى ما «تعانيه النساء والأطفال بشكل هائل من الصدمات الجسدية والنفسية طوال سنوات الصراع»، مشيراً إلى تقارير عن «عائلات تلجأ بشكل متزايد إلى الزواج المبكر كوسيلة لإعالة بناتهم بسبب عدم اليقين». وإذ ردد النداءات من أجل «وقف إطلاق النار الفوري»، حض كل الأطراف على «إنهاء العنف فوراً من دون شروط مسبقة». وطالب الطرفين بـ«تيسير وصول المساعدات الإنسانية بسرعة ودون عوائق إلى كل المجتمعات المتضررة، بما في ذلك في درعا البلد، والسماح بمرور آمن للمدنيين الراغبين في المغادرة».
وتكلم عن آثار الأزمة الاقتصادية الطاحنة التي تمر فيها البلاد، في ظل شح إمدادات المياه وانقطاع التيار الكهربائي عن مناطق واسعة، فضلاً عن تفشي فيروس «كوفيد - 19». وشدد على أن «الحاجات تفوق الاستجابة إلى حد بعيد، وهناك حاجة إلى مزيد من الدعم للتخفيف من حدة المعاناة في سوريا». وأعلن أنه يخطط للسفر إلى سوريا ولبنان وتركيا في الفترة المقبلة «لاكتساب فهم أعمق لتعقيدات الأزمة الإنسانية في سوريا، وكذلك التحديات والفرص خلال الأشهر المقبلة».



إعادة افتتاح 4 أسواق في مدينة حلب القديمة بعد إنهاء ترميمها (صور)

سنعيد إعمار المدينة بأيدينا... وستعود أفضل مما كانت (إ.ب.أ)
سنعيد إعمار المدينة بأيدينا... وستعود أفضل مما كانت (إ.ب.أ)
TT

إعادة افتتاح 4 أسواق في مدينة حلب القديمة بعد إنهاء ترميمها (صور)

سنعيد إعمار المدينة بأيدينا... وستعود أفضل مما كانت (إ.ب.أ)
سنعيد إعمار المدينة بأيدينا... وستعود أفضل مما كانت (إ.ب.أ)

أعادت 4 أسواق في حلب القديمة بشمال سوريا فتح أبوابها، بعد إنهاء أعمال ترميمها من أضرار لحقت بها خلال معارك عصفت بالمدينة، منذ اندلاع النزاع قبل أكثر من 13 عاماً.

وشكّلت مدينة حلب، إحدى خطوط المواجهة الرئيسية بين القوات الحكومية وفصائل معارضة من صيف العام 2012 حتى نهاية 2016، تاريخ استعادة دمشق -بدعم روسي- سيطرتها على كامل المدينة. وبعد سنوات، لا تزال المدينة القديمة والأحياء الشرقية التي كانت تحت سيطرة الفصائل ترزح تحت دمار كبير.

وأعيد، مساء الأربعاء، وفق مصور «وكالة الصحافة الفرنسية»، افتتاح 4 أسواق في المدينة القديمة التي استقطبت قبل اندلاع النزاع آلاف التجار والسياح، بحضور مسؤولين وفاعليات محلية وممثلين عن منظمات غير حكومية.

إحدى أسواق حلب القديمة بعد الترميم (إ.ب.أ)

وانضمت الأسواق الـ4 التي أعيد ترميمها بشراكة بين مؤسسة مدعومة من السلطات ومنظمات غير حكومية، إلى 3 أسواق أخرى جرى افتتاحها سابقاً، من إجمالي 37 سوقاً تحيط بقلعة حلب الأثرية.

في سوق السقطية 2، أعاد عمر الرواس (45 عاماً) افتتاح ورشته ذات الجدران المبنية من الحجر، والتي ورثها ومهنة رتي السجاد عن والده.

ويقول لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، في حين تحيط به سجادات معلقة على الجدران: «عندما دخلت إلى المحل، وبدأت دق المسامير لتعليق السجاد والبسط... ووضعت الطاولة والإبرة، شعرت كأنني عدت 35 عاماً إلى الوراء، وكأن المكان استعاد روحه».

وبعدما خسر زبائنه ومحله خلال سنوات الحرب، يقول الرواس: «إن الوضع بدأ يتحسن تباعاً منذ توقف المعارك». ويشرح: «اليوم، يأتي المغتربون ويفتحون منازلهم، ليجدوا أنّ العثّ قد ضرب سجاداتهم، فيقدمون على إصلاحها، خصوصاً أن بعضها قد يكون ذكرى وبعضها له قيمته».

الوضع بدأ يتحسن تباعاً منذ توقف المعارك (إ.ب.أ)

ولطالما اشتهرت حلب، التي شكّلت العاصمة الاقتصادية لسوريا، بأسواقها التجارية القديمة التي تمتد على طول نحو 100 متر في المدينة القديمة، المدرجة على قائمة منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (يونسكو) للتراث المهدد بالخطر جراء الأضرار والدمار والنيران التي لحقت بها.

واحترقت الأسواق في سبتمبر (أيلول) 2012، أثناء معارك ضارية شهدتها المدينة. وتقدر منظمة الـ«يونسكو» أن نحو 60 في المائة من المدينة القديمة تضرر بشدة، في حين تدمر 30 في المائة منها بشكل كامل.

اشتهرت حلب بأسواقها التجارية القديمة المدرجة على قائمة الـ«يونسكو» للتراث المهدد بالخطر (إ.ب.أ)

ورغم سيطرة الجيش السوري على كامل المدينة عام 2016، بعد سنوات من القصف والحصار وإجلاء عشرات الآلاف من المقاتلين والمدنيين بموجب اتفاق رعته كل من إيران وروسيا، الداعمتين لدمشق، وتركيا الداعمة للفصائل، لا يزال هناك دمار هائل يلف المدينة القديمة وأسواقها. وفاقم الزلزال المدمر الذي ضرب سوريا وتركيا المجاورة العام الماضي، الوضع سوءاً في حلب.

ودفع القتال خلال المعارك، ثم الظروف الاقتصادية والأمنية لاحقاً، مئات التجار المتمولين ورجال الأعمال للهجرة، وتأسيس أعمال ومصانع، خصوصاً في مصر والعراق وتركيا.

لا يزال الدمار يلف المدينة القديمة وأسواقها وفاقم الزلزال المدمر الذي ضرب سوريا العام الماضي الوضع سوءاً (إ.ب.أ)

وداخل الأسواق، تستمر أعمال الترميم ببطء، في وقت تحد الأزمة الاقتصادية التي تعصف بسوريا، بعد 13 عاماً من الحرب، من قدرة السلطات على إطلاق مرحلة إعادة الإعمار.

ويقول عبد الله شوا (49 عاماً) الذي يبيع أنواعاً عدة من الصابون، فخر الصناعة في المدينة: «تركنا المصلحة وتعذبنا كثيراً خلال أيام الحرب، لكن الحمد لله استعدنا الروح».

ويضيف: «سنعيد إعمار المدينة بأيدينا... وستعود أفضل مما كانت».