انقسام في السويداء بعد استضافتها مؤتمراً سياسياً... وترقب في درعا لجهود التسوية

مؤتمر سياسي في السويداء بمشاركة شخصيات محلية (شبكة السويداء)
مؤتمر سياسي في السويداء بمشاركة شخصيات محلية (شبكة السويداء)
TT

انقسام في السويداء بعد استضافتها مؤتمراً سياسياً... وترقب في درعا لجهود التسوية

مؤتمر سياسي في السويداء بمشاركة شخصيات محلية (شبكة السويداء)
مؤتمر سياسي في السويداء بمشاركة شخصيات محلية (شبكة السويداء)

تحت عنوان «الجنوب السوري ورؤية الحل السياسي القادم لسوريا»، وبدعوة من «حزب اللواء السوري» المشكل حديثاً في السويداء، عقدت شخصيات سياسية ومدنية في السويداء، اجتماعاً لبحث أوضاع المنطقة الجنوبية في محافظة درعا والسويداء، ومستقبل العملية السياسية في سوريا، معتبرين أنه «المؤتمر السوري الأول في السويداء الذي يعقد داخل سوريا ويتحدث عن رحيل السلطة وتطبيق القرار 2254». وقالت «شبكة السويداء» على «فيسبوك» أول من أمس، إن المشاركين «ناقشوا الواقع المعيشي في محافظة السويداء والفلتان الأمني»، محملين السلطة السورية «المسؤولية الكاملة على الواقع الذي تشهده السويداء وعموم المحافظات السورية من تردٍ للأوضاع المعيشية والخدمية». وأكدوا أن سوريا «أصبحت لقمة سائغة للدول الأخرى، حيث لا تملك السلطة السورية سوى ١٧٪ من الساحل والقسم المتبقي بيع إلى روسيا وإيران، وأن إيران قامت بشراء العديد من الأراضي في السويداء كمنطقة الدياثة وأراضٍ في قرية رشيدة ومطار خلخلة وأراضٍ كثيرة غيرها فضلاً عن الأبراج التي أُقيمت وسط المدينة من أموال السفارة الإيرانية».
وأكد الحضور، حسب بيان، رفضهم «القصف المستمر والحصار من قبل الميليشيات الإيرانية لمحافظة درعا»، وأكدوا أنه «في حال تم اقتحام واحتلال درعا البلد من قبل الإيرانيين فإن السويداء ستكون الخطوة التالية لهم، وأن درعا والسويداء في خندق واحد ضد عدو واحد». كما بحثوا الحلول التي يمكن العمل عليها للانتقال بالحكم في سوريا بطرق سلمية، برحيل السلطة وتطبيق القرار 2254 والانتقال السلمي للسلطة، وإنهاء حالة الحرب الدائرة في البلاد.
وعقب الإعلامي مقداد الجبل المتحدر من السويداء على المؤتمر قائلاً: «انتشرت صورة تضم ما لا يزيد على 12 شخصاً في أحد المضافات يضم بعضاً من مؤيدي حزب اللواء السوري الذي ظهر خلال الشهرين الماضيين على ساحة السويداء مع جناحه العسكري المسمى بقوة مكافحة الإرهاب، وتم نشر خبر في المنصة التابعة للحزب بأن هذا المؤتمر الوطني هو الأول من نوعه في السويداء، ولاحظنا عدم وجود أي ممثل عن أي قوة وطنية تنشط في السويداء».
وأضاف أن أول مؤتمر تم عقده منذ شهرين في محافظة السويداء، «حضره نحو 70 شخصاً ممثلين عن المبادرة الوطنية، والهيئة الاجتماعية للعمل الوطني، وتجمع القوى الوطني، وإعلان دمشق، الجبهة الوطنية الديمقراطية، ومنهم ناصريون/اتحاد اشتراكي، ومنظمة عربية لحقوق الإنسان، وأطباء ومهندسون وصحافيون ورجال دين»، معتبراً أن الحل في السويداء، يكون بمشاركة جميع المعنيين على اختلاف انتماءاتهم وتوجهاتهم. ورغم توجيه دعوات للصحافيين والإعلاميين في السويداء من «حزب اللواء السوري لحضور الاجتماع والوقوف على مجرياته ومخرجاته، فإن الغالبية اعتذروا عن الحضور، لأسباب قالوا إنها خاصة، تتعلق أغلبها بأجندة المشروع على حد تعبيرهم».
واعتبر الكاتب والباحث جمال الشوفي من السويداء في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن الآراء في السويداء «انقسمت حول الاجتماع الذي عقد بدعوة من حزب اللواء السوري. فالاجتماع لاقى تعليقات إيجابية تدعو إلى خطوات جدية لهذه الأفكار، وآخرون اعتبروا أن الخلاف ليس على المخرجات أو الأفكار التي طرحها وناقشها المجتمعون فالمضمون يوافق عليه معظم الفئات المعارضة في السويداء، ولكنهم يرفضون أجندة المشروع والشخصيات التي تروج له، خصوصاً أنهم يعتبرون أنه مشروع مبهم وغير واضح حتى الآن». وزاد: «الانقسام جاء على خلفية حزب اللواء السوري والدعم الخارجي الذي أعلن عنه وقبوله فكرة الإدارة الذاتية في مراحل مستقبلية وهذا مرفوض لنسبة كبيرة من السويداء، ولكن تجد آخرين يشجعون هذه الفكرة تحت عنوان الخلاص ما لم يكن على المستوى السوري عامة فليكن خلاصاً خاصاً على مستوى السويداء»، مشيراً إلى أنه لغاية اليوم لم تتضح خطوات عملية وفعلية لمشروع جدي على أرض الواقع سوى حالة إعلامية وبعض البيانات التي لم توضح أهدافه الحقيقية وطرق عمله وأدواته والنتائج التي يسعى إلى تحقيقها.
ولاقى حزب اللواء السوري منذ الإعلان عن تأسيسه قبل شهرين مع جناح مسلح، انتقادات كثيرة، خصوصاً في السويداء، بعد أن أعلن القائمون عليه عن مبادئه وخطوات العمل، التي تتلاقى مع النظرة المعارضة في سوريا، إلا أن جدلاً واسعاً دار حول تأسيسه حتى من المعارضين هناك، عندما أكد القائمون على الحزب تواصلهم مع جهات دولية وإقليمية من أجل الوصول بالسويداء إلى موقف سياسي تاريخي، لكن جهات عديدة انتقدت الفكرة، ولا تزال تطالب بتوضيح ماهية التواصل الدولي والإقليمي الذي تحدث عنه مؤسسو الحزب، ورغم توضيح ذلك من القائمين عليه بالتنسيق مع الولايات المتحدة الأميركية، فإن اتهامات وجهت لهم بالتواصل مع دول أخرى منها فرنسا وإسرائيل، ومن منطلق رفض تدخل أي دولة خارجية في السويداء سواء كانت حليفة للنظام السوري أم رافضة له، لا يزال الكثيرون في السويداء ينظرون إلى الحل «السوري السوري» دون أجندة خارجية، وهذا ما تؤكده دائماً بيانات صادرة عن مشيخة طائفة الموحدين الدروز في السويداء. تزامن المؤتمر مع اجتماع آخر عقد في جنيف بمشاركة عشرات الشخصيات المعارضة أسفر عن تشكيل لجنة لبحث وثائق مشتركة. وحصل جدل إزاء رفع علم المعارضة في المؤتمر وأسئلة حول بعض المشاركين.
وشهدت مدينة درعا البلد عودة القصف والاشتباكات يوم الاثنين، بعد هدوء حذر ليومين ماضيين، حيث توقف القصف المكثف على الأحياء السكنية ومحاولات الاقتحام، مع استمرار حصار المدينة وتطويقها من قبل قوات الفرقة الرابعة ومنع دخول وخروج الأهالي وسط حالة إنسانية متردية وانقطاع كافة سبل الحياة. وقالت مصادر عن وجود حل يلوح بالأفق بتنسيق مع الفيلق الخامس في درعا المدعوم من روسيا، وسط مخاوف من إصرار الفرقة الرابعة التي استقدمت مؤخراً تعزيزات عسكرية محملة بأسلحة ثقيلة إلى أطراف درعا البلد ونقاط لها على الأوتوستراد الدولي دمشق - عمان.



سكان في غرب اليمن يكابدون للحصول على المياه النظيفة

انخفاض خصوبة التربة وزيادة الملوحة في اليمن أدى إلى تهديد الزراعة (الأمم المتحدة)
انخفاض خصوبة التربة وزيادة الملوحة في اليمن أدى إلى تهديد الزراعة (الأمم المتحدة)
TT

سكان في غرب اليمن يكابدون للحصول على المياه النظيفة

انخفاض خصوبة التربة وزيادة الملوحة في اليمن أدى إلى تهديد الزراعة (الأمم المتحدة)
انخفاض خصوبة التربة وزيادة الملوحة في اليمن أدى إلى تهديد الزراعة (الأمم المتحدة)

مع دخول الحرب التي أشعلها الحوثيون عامها العاشر، لا يزال ملايين من النازحين يعانون جراء غياب الخدمات ويعيشون في تجمعات تفتقر لأبسط مقومات الحياة، حيث تشكل أزمة المياه النظيفة في مناطق الساحل الغربي لليمن واحدة من صور المعاناة التي يعيشها النازحون بسبب الحرب.

يقول حسن، وهو أب لأربعة أطفال وصل إلى منطقة «يختل» قبل خمس سنوات، إنهم يسيرون لساعات من أجل جلب بضعة صفائح من الماء، وفي بعض الأيام، يعود وأطفاله خالي الوفاض، حيث يبدو أن المياه تفرّ بعيداً عن متناول اليد.

الصراع من أجل المياه في اليمن تفاقم بسبب سنوات الحرب (الأمم المتحدة)

ولأن الحرب أجبرت أكثر من 4.5 مليون يمني على ترك منازلهم، فقد لجأ الكثير منهم إلى قرى ريفية مثل «يختل» القريبة من ميناء المخا على ساحل البحر الأحمر، ومع وصول المزيد من الأسر النازحة، وغالباً لا يحملون سوى الملابس على ظهورهم، زاد الضغط على الموارد الشحيحة بالفعل.

وفي ظل هذه الظروف، يتنافس السكان المتزايدون على الوصول إلى المياه والمأوى والخدمات الأساسية؛ مما يؤدي إلى تفاقم التحديات التي يواجهها كل من النازحين والسكان المحليين. كما أدى انخفاض خصوبة التربة وزيادة ملوحة مصادر المياه وارتفاع مستويات سطح البحر إلى تهديد الزراعة على طول الساحل الغربي، خصوصاً في هذه المنطقة.

لهذا؛ يجد سكان المنطقة، الذين اعتمدوا في السابق على الزراعة على نطاق صغير لإعالة أسرهم، أنه من المستحيل تقريباً زراعة المحاصيل أو إطعام مواشيهم، حيث أصبح المناخ معادياً بشكل متزايد لأساليب الزراعة التقليدية.

كما أن صيد الأسماك على نطاق صغير، الذي كان أيضاً شريان حياة للاقتصاد المحلي، في انحدار. ومع فشل المحاصيل وتناقص مخزون الأسماك، أصبح لدى السكان خيارات أقل.

مهمة صعبة

يقرّ محمد علي، وهو أحد سكان «يختل» بالصعوبة، حيث يستيقظ كل يوم قبل الفجر للبحث عن الماء، وهي مهمة تستهلك صباحاته وتستنزف طاقته، كما أن رحلاته اليومية إلى نقاط المياه المشتركة محفوفة بعدم اليقين، هل سيجد ما يكفي من المياه لأسرته أم لا.

وفق المنظمة الدولية للهجرة، تفاقم الصراع من أجل المياه بسبب سنوات الحرب التي دمَّرت البنية الأساسية التي كانت ذات يوم حيوية للبقاء؛ لأن نظام المياه، الذي تم بناؤه في الأصل لخدمة 200 منزل، أصبح الآن ممتداً إلى ما هو أبعد من حدوده، في محاولة لتلبية احتياجات أكثر من 1500 أسرة، بما في ذلك مئات النازحين الذين هربوا من العنف في مناطق خطوط التماس بين القوات الحكومية والحوثيين.

البحث اليومي عن المياه يستهلك وقت الأسر وطاقتها لفترة طويلة (الأمم المتحدة)

من خلال إعادة تأهيل خطوط الأنابيب وبناء نقاط مياه جديدة، ساعدت تدخلات المنظمة الأممية في تخفيف العبء على الأسر وتخفيف الصراع على الموارد. كما يعالج المشروع المخاطر الصحية من خلال ضمان حصول كل من المجتمعات المضيفة والأسر النازحة على وصول موثوق به إلى المياه النظيفة.

وجزءاً من هذه الجهود في منطقة «يختل»، يتم توسيع شبكة توزيع المياه. ويشمل ذلك تركيب أنابيب أكبر وبناء مرافق تخزين مياه إضافية، وضمان توزيع العرض المحدود بكفاءة عبر المجتمع.

وبحسب المنظمة الأممية، تم إدخال أنظمة ضخ المياه بالطاقة الشمسية؛ مما يوفر مصدر طاقة مستداماً يقلل من الاعتماد على الوقود الباهظ الثمن وغير المتاح في كثير من الأحيان، ومساعدة المجتمعات على تحمل التقلبات الجوية المتطرفة مثل الفيضانات بشكل أفضل.

مساعدة على الصمود

تتضمن جهود منظمة الهجرة الدولية ترقية نظام المياه لتحسين قدرته على الصمود في مواجهة الفيضانات، والتخطيط بعناية لتجنب المناطق المعرضة للفيضانات وإنشاء تدابير وقائية، بالإضافة إلى ذلك، سيتم تركيب أجهزة تعقيم المياه بالكلور الأوتوماتيكية لتطهير المياه.

وبينما يتم إحراز تقدم في منطقة «يختل»، تستمر صراعات مماثلة في أجزاء أخرى من الساحل الغربي اليمني وفقاً للمجتمع الإغاثي، ففي مخيم للنازحين في حيس، يشارك سامي، وهو أب لاثني عشر طفلاً، قصة مألوفة عن المشقة، ويذكر أن معظم الأشخاص الذين يذهبون لجلب المياه هم من الأطفال؛ فهم لا يذهبون إلى المدرسة لأنهم مضطرون إلى المساعدة.

الجفاف يهدد مناطق واسعة باليمن مما يتسبب في شح المياه (إ.ب.أ)

تؤكد المنظمات الإغاثية أن عدم القدرة على الحصول على المياه النظيفة أدى إلى حرمان أطفاله من التعليم؛ مما أجبرهم على القيام بدورة من الأعمال المنزلية اليومية.

وبغرض معالجة النقص الحاد في المياه، تشرف منظمة الهجرة الدولية على بناء بئر جديدة من شأنها أن توفر مياه نظيفة وموثوقة لآلاف الأسر النازحة والمجتمعات المضيفة.

تجزم المنظمات الإغاثية أنه ومن خلال توفير هذا المصدر الثابت للمياه، سيتم تخفيف العبء المادي على الأسر وتقليل المخاطر الصحية المرتبطة بالمياه الملوثة، لكن رغم ذلك، تظل التحديات هائلة، حيث يستمر تغير المناخ والأحداث الجوية المتطرفة في جميع أنحاء اليمن في تضخيم أزمة المياه؛ مما يزيد من ضغوط الصراع والنزوح.