المرشح للخارجية الإيرانية يتعهد العمل على مساري «الدبلوماسية والميدان»

مرشح الحكومة الإيرانية لحقيبة الخارجية أمير عبد اللهيان يشرح برامجه أمام المشرعين الإيرانيين أمس (خانه ملت)
مرشح الحكومة الإيرانية لحقيبة الخارجية أمير عبد اللهيان يشرح برامجه أمام المشرعين الإيرانيين أمس (خانه ملت)
TT

المرشح للخارجية الإيرانية يتعهد العمل على مساري «الدبلوماسية والميدان»

مرشح الحكومة الإيرانية لحقيبة الخارجية أمير عبد اللهيان يشرح برامجه أمام المشرعين الإيرانيين أمس (خانه ملت)
مرشح الحكومة الإيرانية لحقيبة الخارجية أمير عبد اللهيان يشرح برامجه أمام المشرعين الإيرانيين أمس (خانه ملت)

لليوم الثاني على التوالي، تناوب أمس المرشحون للدخول إلى تشكيلة الحكومة الإيرانية إبراهيم رئيسي، لشرح أجندتهم أمام المشرعين الإيرانيين، رغم التوقعات بحصول حكومة إبراهيم رئيسي على ثقة البرلمان في التصويت المقرر الثلاثاء.
ووقف مرشح الوزارة الخارجية، أمير عبد اللهيان، لعرض استراتيجية لإدارة الجهاز الدبلوماسي، وتولي المنصب خلفاً للوزير الحالي محمد جواد ظـريف. وقال إنه سيتقدم بـ«الدبلوماسية والميدان» على حد سواء.
ووجه عدة طعنات ضمنية إلى ظريف الذي انتقد في تسجيل صوتي، مسرب في أبريل (نيسان) الماضي، عدم وجود دور متوازن بين الجهاز الدبلوماسي والميدان، في إشارة ضمنية إلى الأنشطة الإقليمية لـ«الحرس الثوري». وقال عبد اللهيان إن «القوة الميدانية ستكون سنداً قوياً للدبلوماسية».
واستخدم عبد اللهيان مصطلحات يرددها معارضو الاتفاق الموقع في 2015، عندما قال: «وزارتنا الخارجية لن تكون وزارة الاتفاق النووي»، موضحاً: «نعتبر التفاوض من أدوات الدبلوماسية، ولن نعرف من طاولة مفاوضات منطقية، تتمتع بالقوة، والحكمة»، لكنه أضاف: «لن نرهن الوزارة الخارجية بالاتفاق النووي»، وتابع: «نحن نبذل كل جهدنا لإجهاض العقوبات، لكننا سننخرط في مفاوضات لن تكون استنزافية، وتوفر حقوقنا ومصالحنا».
ولم يبتعد عبد اللهيان كثيراً من موقف رئيسي حول أفق المفاوضات الرامية لإحياء الاتفاق النووي وتوقف في فيينا في 20 من يونيو (حزيران) دون تقدم يذكر. ونوه عبد اللهيان إلى أن «التفاوض أداة الدبلوماسية، ولكن ليس في ظل التهديدات والمماطلة والتفاوض من أجل التفاوض».
وكان عبد اللهيان أبرز المستبعدين من فريق الخارجية بعد دخول الاتفاق النووي حيز التنفيذ، ورفض تولي منصب السفير الإيراني لدى عمان بسبب «المشكلات الأسرية»، وانتقل إلى البرلمان ليشغل منصب مساعد رئيس البرلمان للشؤون الدولية.
وقال عبد اللهيان الذي يحظى بدعم التيارات المتشددة، للنواب أمس: «سنسعى إلى أن تكون لدينا سياسة خارجية متوازنة ونشطة وذكية...». وقدم شرحا مطولا، لتفسير قصده من «السياسة المتوازنة»، وقال: «في النظام الدولي، أن تؤخذ بعين الاعتبار، أولويات السياسة الخارجية التي تتحول حول سياسة الجوار وآسيا، وأن نقوم بخطوات تضمن المصالح الوطنية». وتعهد الجمع بين شقين، الشق الأول في «غرب آسيا» التسمية التي تعتمدها إيران في تسمية العراق وبلاد الشام. وقال في هذا الصدد: «نسعى إلى تكريس الإنجازات الميدانية للمقاومة».
وأشار إلى العلاقات التي تربطه بقيادة جماعات موالية لإيران. وتفاخر بتقديم الدعم لحلفاء بلاده، وزعم أنها «تساعد على توفير أقصى الأمن للمنطقة»، وأضاف في السياق نفسه أن «الجمهورية الإسلامية عامل استقرار وأمن في المنطقة ولا أحد يشك في ذلك». وقال أيضاً: «بصفتي شخصاً التقى جميع القادة في المنطقة، أود أن أقول إنه إذا أبعدت التدخلات الأجنبية من المنطقة، فإن أصدقاءنا في المنطقة سيؤمنون بأن الجمهورية الإسلامية توفر الأمن» وأضاف: «مقاربة تحسين العلاقات مع الجيران أمر استراتيجي وليس تكتيكيا».
وأضاف الدبلوماسي المعروف بدفاعه عن الأنشطة الإقليمية لـ«فيلق القدس» الذراع الخارجية لعمليات «الحرس الثوري» إنه بلاده «تمد يد الصداقة والأخوة لجميع الدول في المنطقة بما فيها 15 دولة جارة» وقال: «نعتقد أنه يمكننا أن نتوصل لمنطقة أكثر أماناً وتنمية».
في الشق الثاني، أشار إلى ضرورة توثيق العلاقات التجارية والاقتصادية مع شرق آسيا وشبه القارة الهندية، ودول آسيا الوسطى التي فضل تسميتها بـ«محيط الحضارة الإيرانية». وقال إنها «قوى اقتصادية صاعدة تساعد على ارتقاء الوضع المعيشي للناس والتجارة الدولية».
وقال إن «السياسة الخارجية تعني أن سياستنا لا تتركز على نقطة واحدة، ولا نعتبر عدداً من الدول أولوية سياستنا الخارجية في مختلف المجالات العالمية» وأضاف: «سنتقدم وفق برنامج وجدول زمني في سياق الأهداف الأخرى»، وأضاف: «المقاربة سيكون محورها الاقتصاد».
ووعد عبد اللهيان بأن يشكل الاقتصاد والتجارة نحو 40 في المائة من برنامجه للسياسة الخارجية. وقال: «لدينا مشكلة في الوزارة الخارجية، وهي المقاربة الخاطئة التي لم يكن فيها الاقتصاد محوراً» وتعهد بمقاربة سيكون محورها الاقتصاد، وقال إن تركيز وزارته سيكون على «الصادرات غير النفطية، والسياحة، والأمن الغذائي، والمساعدة في توفير العملة»، مشيراً في الوقت نفسه إلى برامج لتنشيط المجالات الدبلوماسية الأخرى مثل دبلوماسية الطاقة والمياه والسياحة.
وقبل أن يلقي عبد اللهيان خطابه، أعلنت لجنة السياسة الخارجية والأمن القومي موافقتها على توليه المنصب. وقال المتحدث باسم اللجنة محمود عباس زاده مشكيني للنواب إن عبد اللهيان يحمل في سجله تولي مناصب مختلفة في الخارجية، وأشار تحديداً إلى «تعاون وثيق»، بين عبد اللهيان، وقائد «فيلق القدس» قاسم سليماني الذي قضى بضربة أميركية في بغداد مطلع العام الماضي.
وقال المتحدث إن الوزير عرض خارطة طريق «تستند إلى قدرات الدولة كافة لتعزيز والعلاقات»، لافتاً إلى أنه «تعطى الأولوية للدول التي تؤمن بالاحترام المتبادل والمصالح المشتركة».
ومن بين الوعود التي أشار إليها مشكيني، يبرز تفعيل الدبلوماسية من أجل استيراد اللقاح الأجنبي، وكذلك الامتثال للسياسات العامة التي يرسمها المرشد علي خامنئي مثل «الخطوة الثانية للثورة» التي تشدد على ضرورة تبني «نهج ثوري في التعامل مع السياسة الداخلية والخارجية».
وقال عضو لجنة الأمن القومي، أبو الفضل عمويي في دفاعه عن تولي عبد اللهيان إن لديه «معرفة كافية» بالمفاوضات الإقليمية والدولية.



«هدنة غزة»: مساعٍ للوسطاء لإنجاز اتفاق في ظل «ضغوط وعراقيل»

فلسطينيون يتفقّدون مدرسة تؤوي النازحين بعد أن تعرضت لضربة إسرائيلية في النصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)
فلسطينيون يتفقّدون مدرسة تؤوي النازحين بعد أن تعرضت لضربة إسرائيلية في النصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)
TT

«هدنة غزة»: مساعٍ للوسطاء لإنجاز اتفاق في ظل «ضغوط وعراقيل»

فلسطينيون يتفقّدون مدرسة تؤوي النازحين بعد أن تعرضت لضربة إسرائيلية في النصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)
فلسطينيون يتفقّدون مدرسة تؤوي النازحين بعد أن تعرضت لضربة إسرائيلية في النصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)

مساعٍ تتوالى للوسطاء بشأن إبرام هدنة في قطاع غزة، كان أحدثها في القاهرة، وهو ما يفتح تكهنات عديدة بشأن مستقبل الاتفاق المنتظر منذ نحو عام عبر جولات سابقة عادة «ما تعثرت في محطاتها الأخيرة».

«حماس» بالمقابل تتحدث عن سعيها لـ«اتفاق حقيقي»، عقب تأكيد أميركي رسمي عن «مؤشرات مشجعة»، وسط ما يتردد «عن ضغوط وعراقيل»، وهي أحاديث ينقسم إزاءها خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» بشأن مستقبل الاتفاق بغزة، بين من يرى أن «الصفقة باتت وشيكة لأسباب عديدة، بينها الموقف الأميركي، حيث دعا الرئيس المنتخب دونالد ترمب للإفراج عن الرهائن في 20 يناير (كانون أول) المقبل»، وآخرين يتحدثون بحذر عن إمكانية التوصل للهدنة في «ظل شروط إسرائيلية بشأن الأسرى الفلسطينيين، وعدم الانسحاب من القطاع، قد تعرقل الاتفاق لفترة».

وفي ثالث محطة بعد إسرائيل، الخميس، وقطر، الجمعة، بحث مستشار الأمن القومي الأميركي، جيك سوليفان، السبت، في القاهرة، مع الرئيس عبد الفتاح السيسي، «جهود الجانبين للتوصل إلى اتفاق لوقف لإطلاق النار وتبادل المحتجزين في غزة»، وسط تأكيد مصري على «أهمية التحرك العاجل لإنفاذ المساعدات الإنسانية إلى القطاع، و(حل الدولتين) باعتباره الضمان الأساسي لتحقيق السلام والاستقرار في الشرق الأوسط»، وفق بيان صحافي للرئاسة المصرية.

سوليفان، بحث الجمعة، في قطر، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، مستجدات الأوضاع في غزة، حسب بيان صحافي لـ«الخارجية القطرية»، عقب زيارته إسرائيل، وتأكيده في تصريحات، الخميس، أنه «يزور مصر وقطر؛ لضمان سد ثغرات نهائية قبل التوصل إلى صفقة تبادل»، لافتاً إلى أن «وقف إطلاق النار واتفاق الرهائن من شأنهما أن يؤديا إلى تحرير المحتجزين وزيادة المساعدات المقدمة إلى غزة كثيراً».

عبد الفتاح السيسي خلال استقبال جيك سوليفان في القاهرة (الرئاسة المصرية)

وبالتزامن أجرى وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، الجمعة، محادثات في أنقرة مع الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، ونظيره هاكان فيدان، وأكد وجود «مؤشرات مشجعة»، وطالب بـ«ضرورة أن توافق (حماس) على اتفاق ممكن لوقف إطلاق النار»، مطالباً أنقرة باستخدام «نفوذها» عليها للموافقة.

الخبير في الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية»، الدكتور سعيد عكاشة، يرى أن «المساعي لا بد أن تكون موجودةً عادة باعتبار أنها تحول بين حدوث انفجار أو تحتويه، وليس بالضرورة يعني هذا الحراك الدبلوماسي التوصل لشيء؛ إلا في ضوء شروط معينة تلزم الطرفين بتقديم تنازلات».

ووفق عكاشة، فإن هناك طرفاً إسرائيلياً يشعر حالياً وسط المفاوضات بأنه يتحدث من مركز قوة بعد تدمير نحو 90 في المائة من قدرات «حماس»، ويتمسك بشروط «مستحيل أن تقبلها الحركة»، منها عدم خروج أسماء كبيرة في المفرج عنهم في الأسرى الفلسطينيين، ويضع مطالب بشأن الانسحاب من القطاع.

بالمقابل يرى المحلل السياسي الفلسطيني، عبد المهدي مطاوع، أن ثمة اختلافاً تشهده المحادثات الحالية، خصوصاً في ظل مساعٍ مكثفة من الوسطاء وإصرار الإدارة الأميركية حالياً على بذل جهود كبيرة للضغط على «حماس» وإسرائيل ليسجل أن الصفقة أبرمت في عهد الرئيس جو بايدن، فضلاً عن وجود مهلة من ترمب لإتمام الهدنة.

ويعتقد أن نتنياهو قد يناور خلال الأسبوعين الحاليين من أجل تحصيل مكاسب أكبر، وقد يزيد من الضربات بالقطاع، ويمد المفاوضات إلى بداية العام المقبل لتدخل المرحلة الأولى من الهدنة قبل موعد تنصيب ترمب، كما اشترط سابقاً.

إخلاء سكان مخيمي النصيرات والبريج للاجئين خلال العمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة (إ.ب.أ)

وأفادت «القناة الـ13» الإسرائيلية، الجمعة، بأن الحكومة كشفت عدم حدوث أي اختراق جدي في مسألة إبرام صفقة تبادل أسرى مع «حماس»، مؤكدة وجود كثير من الخلافات، لافتة إلى أنه تم إبلاغ وزراء المجلس الوزاري المصغر (الكابينت) قبل أيام بأن الحركة معنية بالوقت الحالي بإبرام صفقة، وأن هناك تغييراً في موقفها.

أما «حماس»، فأصدرت بياناً، السبت، في ذكرى تأسيسها الـ37، يتحدث عن استمرار «حرب إبادة جماعية متكاملة الأركان، وتطهير عرقي وتهجير قسري وتجويع وتعطيش، لم يشهد لها التاريخ الحديث مثيلاً»، مؤكدة انفتاحها على «أيّ مبادرات جادة وحقيقية لوقف العدوان وجرائم الاحتلال، مع تمسّكها الرَّاسخ بحقوق شعبنا وثوابته وتطلعاته، والتمسك بعودة النازحين وانسحاب الاحتلال وإغاثة شعبنا وإعمار ما دمَّره الاحتلال وإنجاز صفقة جادة لتبادل الأسرى».

رد فعل امرأة فلسطينية على مقتل أحد أقاربها في غارة إسرائيلية بدير البلح بوسط قطاع غزة (رويترز)

وباعتقاد مطاوع، فإن «مجزرة النصيرات وغيرها من المجازر التي قد تزيد كلما اقتربنا من اتفاق تستخدم ورقة ضغط إسرائيلية على (حماس)، ليعزز نتنياهو مكاسبه بتلك العراقيل والضغوط»، فيما يرى عكاشة أن الحركة في ظل «عراقيل إسرائيل» لن تغامر بالمتبقي من شعبيتها وتقدم تنازلات دون أي مقابل حقيقي.

ولا يحمل الأفق «احتمال إبرام اتفاق قريب إذا استمرت تلك الشروط أو العراقيل الإسرائيلية، ولو ضغطت واشنطن»، وفق تقدير عكاشة، لافتاً إلى أن «بايدن تحدث أكثر من مرة سابقاً عن اقترب الاتفاق من الإنجاز ولم يحدث شيء».

وبرأي عكاشة، فإنه يجب أن يكون لدينا حذر من الحديث عن أن المساعي الحالية قد توصلنا لاتفاق قريب، ولا يجب أن يكون لدينا تفاؤل حذر أيضاً، لكن علينا أن ننتظر ونرى مدى جدية إسرائيل في إبرام الاتفاق المطروح حالياً أم لا كعادتها.

غير أن مطاوع يرى أن المؤشرات والتسريبات الإعلامية كبيرة وكثيرة عن قرب التوصل لاتفاق، وهناك عوامل كثيرة تقول إنها باتت قريبة، موضحاً: «لكن لن تحدث الأسبوع المقبل، خصوصاً مع مناورة نتنياهو، فقد نصل للعام الجديد ونرى اتفاقاً جزئياً قبل تنصيب ترمب».