وزيرة إسرائيلية تهدد بإسقاط الحكومة إذا فُتح ملف «حل الدولتين»

خوفاً من ضغوط أميركية عشية سفر بنيت إلى واشنطن

بنيت ونائبته شاكيد عند تشكيل الائتلاف في يونيو الماضي (غيتي)
بنيت ونائبته شاكيد عند تشكيل الائتلاف في يونيو الماضي (غيتي)
TT

وزيرة إسرائيلية تهدد بإسقاط الحكومة إذا فُتح ملف «حل الدولتين»

بنيت ونائبته شاكيد عند تشكيل الائتلاف في يونيو الماضي (غيتي)
بنيت ونائبته شاكيد عند تشكيل الائتلاف في يونيو الماضي (غيتي)

عشية سفر رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بنيت، إلى واشنطن، وتسريب أنباء عن احتمال تعرضه لضغوط من الرئيس جو بايدن، كي يتواصل مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس، ويبدأ مفاوضات لتغيير حالة الجمود بينهما، خرجت وزيرة الداخلية أييلت شكيد، أمس الأحد، بتهديد بإسقاط الحكومة في حال توجهها لمفاوضات حول «تسوية سياسية تشمل إقامة دولة فلسطينية».
وقالت شكيد، التي تعد القائد الثاني بعد بنيت في حزبهما «يمينا»، خلال مقابلة مع الإذاعة الرسمية «كان»، إن الأحاديث عن حل الدولتين غير واقعية في هذه الحكومة، إذ إنها وبنيت وكل عناصر اليمين في الحكومة يرفضون إقامة دولة فلسطينية، ولم يتغير شيء عليهم في هذا الموقف. ورداً على سؤال حول ما سيجيب عليه بنيت في لقائه مع الرئيس الأميركي جو بايدن، حال طرح الأمر، أوضحت شاكيد: «سيجيب بأنه ضد حل الدولتين، موقفنا معروف لقد تقرر تشكيل هذه الحكومة (الائتلافية)، بعد التعهد من جميع مكوناتها بألا يتم التعامل مع هذه القضية».
وكان شريك بنيت في الحكومة، رئيس الوزراء البديل ووزير الخارجية يائير لبيد، قد تحدث بلهجة أخرى في هذا الموضوع، وأثار بذلك حفيظة حلفائه من اليمين. فقد صرح، خلال مقابلة يوم الخميس الماضي، بأنه كان ولا يزال يدعم حل الدولتين، ولم يستبعد احتمال التفاوض بهذا الشأن، عندما يتم تطبيق اتفاق التناوب مع بنيت، ويصبح هو (أي لبيد) رئيساً للوزراء. وقال لبيد إنه لا يوجد توافق في الحكومة الحالية حيال القضية الفلسطينية، ولكن هذا الوضع قد يتغير عندما يصبح هو رئيساً للحكومة.
وردت شكيد على ذلك بالقول: «في حكومة نحن أعضاء فيها لن تقوم دولة فلسطينية، وهذا معروف لدى لبيد وأعضاء اليسار، وكان واضحاً أنهم في هذه الحكومة لا يتعاملون مع قضايا خلافية. فإذا تجاهل الاتفاقيات بيننا وتوجه إلى مفاوضات كهذه فإنه ببساطة لن تكون له حكومة».
يذكر أن الإدارة الأميركية تدير حواراً مع حكومة بنيت لتغيير الواقع السلبي للعلاقات بين الحكومة الإسرائيلية والسلطة الفلسطينية. ومع أنها قبلت مبدئياً بفكرة أن الحكومة لن تستطيع اتخاذ قرارات بشأن التسوية النهائية، بسبب تركيبتها الاستثنائية، إلا أنها تطلب أن تقدم على خطوات كبيرة لتسهيل حياة الفلسطينيين وانفراج أوضاعهم الاقتصادية. وهي تنتقد القطيعة التي يفرضها قطبا الحكومة، بنيت ولبيد، على عباس وحكومته. فهما، لم يبادرا إلى الحديث مع عباس، أو مع رئيس حكومته، منذ تأليف الحكومة قبل شهرين. وتركا هذه المهمة للرئيس الفخري يتسحاق هرتسوغ، ووزير الدفاع بيني غانتس، اللذين هاتفا عباس مرتين بمعرفة وموافقة بنيت ولبيد.
وقد سئل لبيد عن ذلك فأجاب: «معظم العمل مع أبو مازن هو في المجال الأمني، وليس في مجال وزارة الخارجية، وليس ملحاً بالنسبة لي أن أهاتف أبو مازن». ويرى الأميركيون أنه في الوقت الذي تسعى فيه إسرائيل لتسوية مع «حماس» لتهدئة طويلة، إلا أنها يجب أن تعمل على تقوية السلة الفلسطينية في رام الله.
ويقولون إن الأحداث على الساحة الإسرائيلية - الفلسطينية، التي انفجرت منذ مطلع السنة حتى بلغت الحرب في شهر مايو (أيار)، تؤكد أنه لا جدوى من الجمود السياسي، ويجب العمل على تحريك الوضع وإعادة الأمل إلى المواطنين. وحسب مصادر في تل أبيب مطلعة على هذا الحوار مع واشنطن، فإن الأميركيين يريدون خطوات فعلية تساهم في تعزيز السلطة الفلسطينية وتحقيق الاستقرار في الضفة الغربية، كشريك في تسوية مستقبلية، مع الحفاظ على حوار سياسي رفيع المستوى وتعميق التنسيق الأمني.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».