ذوو معتقلين من «فلسطينيي 48» يحتجون على تعذيب أبنائهم

مظاهرة التضامن مع معتقلين من عرب إسرائيل أمام سجن مجدو (الشرق الأوسط)
مظاهرة التضامن مع معتقلين من عرب إسرائيل أمام سجن مجدو (الشرق الأوسط)
TT

ذوو معتقلين من «فلسطينيي 48» يحتجون على تعذيب أبنائهم

مظاهرة التضامن مع معتقلين من عرب إسرائيل أمام سجن مجدو (الشرق الأوسط)
مظاهرة التضامن مع معتقلين من عرب إسرائيل أمام سجن مجدو (الشرق الأوسط)

شارك المئات من أهالي المعتقلين الشباب من فلسطينيي 48، أمام معتقل مجدو، أمس الأحد، احتجاجاً على ممارسات التعذيب التي يتعرض لها أبناؤهم منذ اعتقالهم قبل أكثر من شهرين، على خلفية الحرب الإسرائيلية على غزة.
وقد دعت إلى هذه المظاهرة لجنة الحريات المنبثقة عن لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية في البلاد، التي أطلقت عليها «الوقفة الإسنادية لمعتقلي هبة الكرامة»، وأكدت على «ضرورة مساندة المعتقلين وأهاليهم وعدم تركهم وحدهم في صراعهم مع السلطات الإسرائيلية».
المعروف أن هناك أكثر من 30 معتقلاً عربياً متهمين بالاعتداء على يهود. وقد تم وضع بنود اتهام أمنية ضدهم، وبذلك تم منعهم من التقاء أهاليهم طيلة شهر ونصف الشهر، وعندما أتيحت لهم الزيارة، تبين أنهم تعرضوا للتعذيب. وقام رئيس لجنة المتابعة، محمد بركة، بزيارة إلى بيت عائلة الشهيد موسى حسونة، الذي قتل بأيدي مستوطن يهودي، والتقى هناك مع أمهات المعتقلين محمد شهاب حسونة وأيوب مالك حسونة وعبد الحميد حسونة وموسى عبود حسونة ومحمد المصري، ومع زوجة المعتقل الإداري عيد حسونة، وجميعهم ما زالوا رهن الاعتقال منذ الهبة الشعبية التي انطلقت في البلدات العربية في إسرائيل، بعد الاعتداءات على المسجد الأقصى ونشوب الحرب الأخيرة على غزة في مطلع شهر مايو (أيار) الماضي.
وجاء هذا اللقاء في أعقاب تسرب الأنباء من داخل السجون الإسرائيلية عما تعرض له المعتقلون من اعتداءات وتعذيب شديدين، خصوصاً في سجن مجدو. وروت الأمهات كيف قام السجانون بضرب عدد منهم بشكل مبرح بينما كان الشباب مكبلين. وأكدت بعضهن أنهن رأين آثار التعذيب واضحة على أجساد أبنائهن في الزيارة الأخيرة. وأكدت أخريات أنهن لم يتعرفن على أبنائهن من شدة الأذى الذي ألحقه بهم المحققون والسجانون.
يذكر أن أبناء مدينة اللد ما زالوا رهن الاعتقال بانتظار محاكمتهم بعد انتهاء التحقيق وتقديم لوائح اتهام ضدهم، الأمر الذي يعني أن التعذيب لم يجرِ بهدف انتزاع اعترافات منهم، إنما بهدف الضرب من أجل الضرب ومن أجل الانتقام من الشباب المعتقلين. وفي الوقت الذي يقبع فيه الشباب العرب في المعتقل، ما زالت المؤسسة الإسرائيلية تستصدر أوامر بعدم النشر وفرض السرية على هوية المستوطن الذي ارتكب جريمة قتل الشهيد موسى حسونة.
من جهة ثانية هناك مجموعة من المعتقلين من البلدات الأخرى. وقد دعت اللجنة الشبابية لمتابعة معتقلي عكا، الجمهور الواسع في خيمة الاعتصام التي أقامتها في المدينة لدعم المعتقلين. وقال بركة، خلال المظاهرة، أمس، إن لجنة المتابعة تتعقب منذ أشهر ملف معتقلي هبة الكرامة، سواء المعتقلين من مدن الساحل أو سائر البلدات في الداخل، وتهيب بأبناء مجتمعنا أن يلتفوا حول هذه القضية ويتكاتفوا ويبذلوا كل الإمكانات والجهود الشعبية والقانونية، وغيرها، من أجل إطلاق سراح جميع المعتقلين وعودتهم إلى أهليهم وأسرهم رافعي الرؤوس، معززين، مكرمين. وتابع، أنه «لقد بلغ الأمر مع الشرطة وسائر الأجهزة الأمنية الإسرائيلية أنها لم تكتف بالاعتقال الظالم لأبناء مجتمعنا، بل إنها تواصل منذ اعتقالهم عمليات التنكيل والتعذيب ضدهم، في محاولة لإرهابهم وتوجيه رسالة إلى أبناء شعبنا بأن هذا هو مصير من يخرج دفاعاً عن حريته، بل دفاعاً عن حياته».
وأكد رئيس لجنة المتابعة أنه أوعز إلى عدد من المحامين أن يلاحقوا موضوع التعذيب، وتقديم شكاوى ضد السجانين المعتدين بأسمائهم. وقال إنه يتصل بمنظمات حقوق الإنسان في البلاد والخارج، للاهتمام بالقضية وحتى زيارة المعتقلين وأخذ شهاداتهم مباشرة. وقال: «واجبنا إسناد معتقلينا ودعمهم. وسنبقى مقصرين تجاههم. وما هذه الوقفات إلا أضعف الإيمان».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».